أجرى موقعنا تحالف الدفاع من أجل حقوق الكُرد (KR) حوارًا مع سوريّ كرديّ من حلب، لمعرفة المزيد حول مدى مشاركة الكُرد في الانتفاضة السّورية عبر شهادة أحد المشاركين من مكان الحدث.

يحكي “ريبر،” الذي فضّل استخدام اسم مستعار إيثارًا لسلامته الشخصية، في هذا الحوار حول رأيه في الاحتجاجات التي شهدتها مدن كُردية دعمًا للانتفاضة السّورية منذ بدايتها، تحديدًا تظاهرات “جمعة الحرية” في 20 مايو/آيار 2011، موضحًا السبب وراء تجاهل الكُرد المشاركين في هذه الاحتجاجات استخدام أيّ شعارات قومية، وأسباب تردد بعض الكُرد تجاه فكرة الاحتجاجات برمّتها، وجدوى المشاركة فيها.


KurdishRights.org: عرّف نفسك لقرائنا في البداية!

ريبر: أنا سوريّ كُرديّ، أعيش في حلب. وأفضّل ألا أُعلن عن هويتي؛ لأن هذا قد يؤدي للقبض عليّ من قِبل الاستخبارات السورية، وقد يشكّل تهديدًا خطيرًا على حياتي… أنا أحبّ سوريا، وأخاف عليها!

KR: هل من الممكن أن تخبرنا عن احتجاجات حلب، وعن مشاركة الكُرد تحديدًا فيها؟!

ريبر: لم تكن احتجاجات حلب الأضخم من حيث المشاركة، بيد أن مشاركة الكُرد فيها كانت ملحوظة، خصيصًا في كوباني، وهي منطقة كُردية في حلب، واسمها الرسميّ هو “عين العرب.” وامتدت مشاركة الكُرد لمناطق عربية، منها سيف الدولة، شارع النيل، باب الحديد، وسكن الطلبة الجامعيين. على مدار الثلاثة عقود الماضية، كانت قبضة الأمن الحديدية في حلب ضارية ومتوحشّة، وهذا هو ما رسّب حالة الخوف المزمنة من السلطات في نفوس أهل حلب. الخوف المتجّر من السلطات هو التحدي الأكبر لدى حلب خاصةً، وسوريا عامةً، وهو الحدّ الذي يفصلنا عن ثورة ضخمة تُطيح برأس النظام السّوري.

KR: ما هي المُدُن الكُردية التي شهدت احتجاجات واسعة منذ اندلاع الانتفاضة السورية في آواخر يناير/كانون الثاني 2011؟

ريبر: أبرز المدن كانت قامشلو، حيث شارك حوالي عشرة آلاف متظاهر يوم الجمعة 20 مايو/آيار 2011. سُمّي هذا اليوم بجمعة آزادي، وآزادي هي كلمة كُردية، وتُعني الحرية. أمّا في عامودا، فقد شارك حوالي ثمانية آلاف متظاهر في نفس اليوم. وفي كوباني بحلب، شارك حوالي خمسة آلاف متظاهر. وفي سري كانيه (رأس العين) والدّرباسية، تظاهر حوالي ثلاثة آلاف شخص. وفي عفرين تجمّع مائة وخمسين متظاهر، قبل أن يحوّطهم رجال الأمن ويجهضوا التظاهرة الصغيرة، حيث تم القبض على إثنى عشر متظاهرًا.

KR: هل تعتقد أن كُرد سوريا قرروا مساندة الانتفاضة السّورية بكل ما أوتوا، أم انتظروا أولًا لمتابعة التطورات عن كثب؟

ريبر: أعتقد أن أغلب الكُرد ينتظرون لمعرفة مآل الأمور. ولكن أودّ الإشارة إلى الأسباب وراء عدم استخدام القوات السّورية للرصاص الحيّ ضد الاحتجاجات الكُردية حتى الآن:

1 – حيّز پروپاجندا النظام السّوري، خاصةً التي تبرر قمع الاحتجاجات لتواجد الأصوليين، لا يشمل الكُرد.

2 – يعاني النظام السّوري من اضطرابات كثيرة، ومن البديهي عدم رغبته في إضافة عدو جديد إلى القائمة.

3 – هناك ملايين من الكُرد خارج سوريا، وتحديدًا جنوبيّ تركيا، وهي المناطق التي تشترك حدوديًا مع مناطق سورية عدّة، غير الكُرد المقيمين في آروپا. والنظام لن يصمد طويلًا أمام ضغوطات خارجية إضافية، إذا اشترك كُرد الخارج في خلق الضغط.

4 – يشترك العديد من الكُرد في أحزاب كُردية، مما يسهّل عليهم الدعوة والإعداد وتنظيم التظاهرات حاشدة.

KR: ماذا تعتقد، في رأيك، السبب وراد تردد الكُرد حول جدوى المشاركة في الانتفاضة؟

ريبر: أعتقد أن الثورة لا تملك أي رؤية مستقبلية واضحة. فعلى الأقل، نريد أن نعرف ماذا يجري وماذا سوف يحدث في أعقاب هذه الثورة. إسقاط النظام ليس هدفًا في حد ذاته، بالنسبة لنا. فالثورة يجب أن تكون محددة الأهداف، ويجب أن يُوضّع مشروع برنامج وطني وديمقراطي يدمج جميع أطياف المجتمع السّوري. شخصيًا، لا أتمنى أن تغدو سوريا دولة أصولية؛ فأنا لا أريد أن نصبح مرآة إيران.

KR: لماذا، في اعتقادك، أصرّ الكُرد على مواصلة الاحتجاجات، بالرغم من صدور المرسوم الرئاسي الذي وعد بتجنيس الكُرد “الأجانب” عديمي الجنسي؟

ريبر: رُفعت الجنسية السوّرية عن الكُرد “الأجانب” في عام 1962. أمّا مرسوم الأسد المُشار إليه، فهو لا يسترجع الجنسية السورية للكُرد عديمي الجنسية، ولكنه يمنحهم إياها، كأنهم فعلًا أجانب عن سوريا. هذا بالإضافة لوجود حوالي ستين ألف كُردي ممن لم يسجلوا أسمائهم ككُرد أجانب، وبالرغم من ذلك، تم رفع الجنسية عنهم. ويُطلق عليهم اسم “مكتومي القيد.” الكُرد هم ضحايا اتفاقية سايكس بيكو، والتي قسّمت كُردستان لأربعة أجزاء. نحن لسنا إذن غرباء عن هذه الأرض، فهنا منشأنا وبلادنا. هل يُعقل ألا يُسمح للكُرد في سوريا بتعلُّم اللغة الكُردية في المدارس؟! إن كُرد سوريا محرومين من حقوقهم الثقافية، الاجتماعية، والسياسية.

KR: أثار استخدام الكُرد للشعارات القومية السّورية؛ ومنها العلم السوري، وأيضًا التغنّي بحياة سوريا، والتضحية من أجلها… إلخ في التظاهرات الجارية، العديد من التساؤلات حول السبب وراء ذلك كله. رجّح بعض المراقبين إلى أن الكُرد السّوريين يعتبرون أنفسهم سوريين في المقام الأول، ويرجع ذلك إلى رغبتهم في البقاء ضمن الكيان السّوري، بينما بعض التكهنّات الأخرى توقعت أن هذا الاستخدام لا يخلو من معنى، ولا يعدو كونه تكتيك لتفويت الفرصة على النظام السّوري الذي يطمح لإشاعة الفُرقة بين المتظاهرين عبر التلويح بأن التظاهرات انفصالية. وسواء هذا أو ذاك، فإن الكُرد يستميلون السوريين الآخرين على كل حال، ويوجهون لهم رسالة مفادها، “أننا ندعمكم في هذه الانتفاضة، وننتظر دعمكم في المقابل.” منذ ست سنوات فقط، وأثناء احتجاجات في قامشلو، كان من الاعتيادي أن يستخدم الكُرد ألوانهم الوطنية وشعاراتهم القومية. ماذا تعتقد السبب وراء هذا التغيير؟

ريبر: علّمتنا احتجاجات قامشلو 2004 أن مشكلتنا تكمن في دمشق، ولن تُحلّ إلا في دمشق؛ لأن الدستور هو الوحيد القادر على فضّ النزاع. فنحن في سوريا، ولسنا في كُردستان. ومعضلتنا ذات طابع سوري في الأساس.

KR: إلى أيّ مدى تعوّل على الاحتجاجات الراهنة؟ وهل تدعمها؟ وهل تعتقد أنها راكمت قوة الدفع الكافية للإطاحة بنظام الأسد؟

ريبر: الاحتجاجات هي وسيلة سلمية للتعبير عن الرأي. ودائمًا ما أدعم أيّ حركات سياسية ديمقراطية سلمية لحقوق الإنسان. هذه نقطة توضيحية عامة، أمّا بخصوص احتجاجات سوريا، فأنا لا أشارك فيها، لأنها تُسحق من قوات الأمن، والمئات يُقتلون، والآلاف يُحتجزون على يد السلطات، البلطجية، ومؤيدي النظام. إن النظام السّوري يقف خلف طبقتيّ حائط صدّ ضخم مكوّن من قوات الأمن والجيش. والنظام على أتمّ استعداد لارتكاب أبشع المجازر للبقاء، وعدم التعرّض للمسائلة، حتى لو كان على حساب ارتكاب إبادة جماعية!

KR: إذا تمّ الإطاحة بالأسد، كيف تتمنى أن ترى سوريا؟ وما الحقوق التي تطالب منحها لكُرد سوريا تحديدًا؟

ريبر: أريد حكومة مُنتخبة ديمقراطية أولًا؛ أريد دستورًا يعترف بوجود كُرد في سوريا؛ دستور يمنح الكُرد حقوقهم الثقافية، الاجتماعية، والسياسية. ونريد أيضًا إعلامًا حرّ ونزيه. وحماية المواطنين السوريين يجب أن تكون على أولويات الحكومة، قبل كل شيء.

يمكنكم متابعة ريبر على تويتر من هنا.

تُرجم هذا الحوار من اللغة الإنكليزية. للإطلاع على الحوار الأصلي، إضغط هنا.

تابع صوتيّ احتجاجات سوريا وحقوق الكُرد في الشرق الأوسط حصريًا على كراود ڤويس لمتابعة الأخبار والتحديثات لحظة بلحظة.