ولد الإنسان البيلوجي الأول في الطبيعة وتفكر منذ نشأته في ظواهرها المختلفة التي كانت قد وجدت قبله … فالحيوانات بفطرتها كانت معلمه الأول وعقله و فؤاده كانا يجولان في فضاءات البحث عن سر وجودة وحقيقة تميزه عن غيره من مخلوقات في هذا الكون , إن فهم الإنسان لنفسه ورحلته في اكتشاف خفايا ذاته رحلة طويلة أخذت منه سنين طويلة ليفهم الة الجسد و فضاء الفكر و محيط الروح متشعبا بين ثنايا النفس وما تحتويها من غرائز وشهوات و خفايا الذات التي تتوق للتوحد مع سر وجودها ومعدن كينونتها , ولكن الإنسانية لم تسر على نهج الإنسان الأول فاضاعت الطريق مرات عديدة كان ينقذها في كل مرة معلم حكيم أو نبي عليم , تعاقبوا على الإنسانية بأديان و شرائع تفرقت مفرقة معها شعوب و أمم دخلت في لعبة أزلية يعتقد كل فريق منهم أنه خيار الله الأوحد فالجنة لهم والنار لغيرهم , فتوالت الحروب و تحولت الأديان إلى سياسات تضع السلاسل في أعناق الملايين فانخفض صوت العقل و قتل الإبداع .
لقد ولدت جميع الأديان في مجتمع وصل الجهل فيه الذروة , و كلنا يعرف أين ولدت المسيحية واليهودية والإسلام … لقد ولدت في مجتمع قمعي لم يعتد تنوع المظاهر و الأنماط الإنسانية وبالرغم من ذلك نجح الأنبياء في تقويم بعض المفاهيم وحل الكثير من المشاكل الإنسانية ولكنهم تهربوا من إيجاد حل للأنماط و النشاطات و الجنسية المختلفة التي وجدت في مجتمعاتهم التي اعتادت على احتقار الجنس و النظرة إليه نظرة دونية وبالرغم من محاولتهم الجادة في تحرير العقول من هذه البرمجة التي ورثوها عن المجتمع إلا أنهم بالمجمل لم ينجحوا في ذلك …
المسيح الذي جاء برسالة الحب و الفرح و السلام تحولت المسيحية بعد ذهابه إلى سجن كبير يحتل فيه من احتقر الجنس من رهبان وراهبات الدرجة الأولى فكلنا ولدنا بالخطيئة العظيمة التي هي الجنس !!
في حين نجح محمد بصورة استثنائية في تحرير عقول من حوله من فكرة احتقار الجنس بل جعل منه نصف الدين فقد فهم أهمية الجنس في النضوج الروحي والفكري للفرد حتى محمد نفسه كان له عدة زوجات ومنهن من وهبت نفسها له بصراحة وأمام مجتمع لم يكن يتقبل هكذا انفتاح , لكن ماذا حصل بعد ذهاب محمد ؟ لقد جعل من جاء بعده الجنس أكبر الذنوب و تفننوا في إبجاد العقائد والقيود التي تكبت الفرد وتقيده في مذاهب ومدارس مختلفة أعادت المجتمع العربي إلى عصر الجاهلية الأول .
لم يتقبل المجتمع العربي في عصر محمد الأنماط الجنسية المختلفة التي ظهرت في تجمعات أنسانية أخرى وربما يفسر لنا خوف عمر بن الخطاب عندما هرع إلى محمد قائلا له أنه ” قد حول رحله مع زوجته “ خوفا من التشبه بنمط جنسي يهودي !
لقد ذهب محمد ومن قبله المسيح تاركين ورائهم مشكلات بدون حل , ومن بينها مايسمى بالمثلية الجنسية فلم تحظى بحلول واضحة وصريحة وفي حين التزم المسيح الصمت أمام هذه الظاهرة تحيّر محمد في حلها بين مجتمه الذي اعتاد على وصم المثلي بالجنس بالعار و بين توضيح سببها فاختار مجبرا معاقبة صاحبها بالقتل مما أراحه من فتح حوار عن هذه الظاهرة التي لم يعتد عليها مجتمعه .
إن فتح القضايا الجنسية يحتاج إلى شجاعة و جرأة فمحمد الذي نفض الغبار عن القضايا الجنسية بطريقة فريدة من نوعها لم يسلم هو نفسه من ألسن مدعي الفضيلة الذين لم يتوقفوا حتى اليوم في تشويه مضامين ثورته الجنسية .
وحتى الان ما زالت هذه الظواهر الجنسية الغير مناقشة فيما سبق تطفو بتشعباتها الكبيرة في المجتمعات الإنسانية كلما سمحت الفرصة لذلك والان قد لاحظت اهتماما مبررا من موقع شباب الشرق الأوسط في طرح ومناقشة المواضيع الجنسية وخوصا المثلية و إن كانت أحيانا مشحونة بعواطف التضامن و الدعم .
إننا بحاجة لفهم أعمق للجنس فالانسانية التي عاشت لقرون طويلة لم تعرف القلق الجنسي الذي نعيشه اليوم , الجنس بأعلى مراحله وأكثرها تطورا وصال قوي مع الكون فهو لقاء بين الذكر والانثى … بين الجبال والوديان … بين الليل والنهار … هو لقاء لكل الثنائيات بقدسية و احترام … لكن ماذا حصل اليوم لقد أضعنا الجنس المقدس و سعينا وراء الدنس الذي تسوقه لنا شركات الدعارة العالمية التي ترعى كل حركة تحرر جنسي في العالم بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
فالمثلية اليوم في الغرب تقترب ليكون لها احزابها الخاصة وتكتلاتها التي دفعت الكثير للحصول عليها ولعل هذا التجمع ليس بجديد فالقران و باقي الكتب السماوية ربطت المثلية الجنسية بزمان تميز بالعنصرية و مكان هو سدوم وعمورة معطيا إشارة واضحة لأن مثل هذا التجمع يتجاوز حده في النشاط الجنسي إلى ارتباط نفسي عنصري … فالرغبة بالتميز عن الاخرين وخلق صورة فردية مميزة هي غذاء عاطفي لكثير من المثليين في العالم !
فهل سنضع يدنا على جذور هذه الظواهر أم أننا سننتظر نشوء أحزاب ومن بعدها مجمعات عنصرية تستسقي من عذاب الاخر وقمعه لها واقع لخلق مجمع خاص بها قائم على أساس التصنيف الجنسي …إن تكرار خطأ تاريخي كهذا لا يحل المشكلة بل يكرسها بمزيد من الصراع و التوتر …
من قلب إنسان
ح م ي د
7 تعليقات على الدين جنس
أنا لا أستطيع أن أرى أيّ مشكلة حقيقة! أنت الذي اخترعت “وولّفت” هذه المشكلة!
أيّ مشكلة تتحدث عنها سيد حميد؟!! أليس الجنس حرية شخصية، وأنا الذي رأيتك شغوفًا بالحرية الشخصية وبالتحرر من ثقافة القطيع التي تقتل المختلفين عنها؟
أراك في هذه التدوينة “تدعم” ضمنيًا قتل المثليين، وتصم المثلية “بالمشكلة،” بل وتقول عن الشبكة أننا منحازون للمثليين، وكأنها أصبحت جريمة أو تهمة مثلًا أن ننحاز للحرية الفردية… نحن، يا سيدي، منحازون دائمًا للحرية الفردية أي كان مردودها طالما لم تتعدّ حدود حرية الآخرين!
أنت حر حرية كاملة لنقد نشاطات شبكة شباب الشرق الأوسط، بل نحن نتيح لك هذه المساحة، لأنه لا قيود هنا على النشر، إلا التدوينات التي تتعدى حدود حرية الآخرين، أو التي تحرّض على الآخر.
أريد أن أسألك سؤالًا واضحًا وصريحًا لأنه سيتوقّف على إجابتك عنه أشياء كثيرة؟ هل قصدت، من خلال تدوينتك هذه، الدعم الضمني لإقصاء المثليين، أو عقابهم، أو تقويمهم، أو قتلهم؟ (علمًا على أننا تعاملنا مع تدوينتك بحسن نيّة، معتبرينها رأيك الشخصي، ولم تقصد أن تحرض بأي شكل من الأشكال ضد الآخر – بالإضافة إلى أن تدوينتك الأولى التي تحدثت فيها عن “التعايش السلمي” لا تتوافق ورأيك في هذه التدوينة إطلاقًا).
استغرب كيف يمكن تحويل مسار المقال إلى تحريض على إقصاء المثليين !
لقد حاولت طرح عدة نقاط هي مفاتيح لمقالات ثانية … إني لا اعترف بمشكلة اسمها المثلية الجنسية بل اعتبرها نشاط جنسي ينبغي تأهيل المجتمع لتقبله فأي نشاط جنسي بالنهاية هو حرية شخصية لكن ربط ذلك بتمثيل اجتماعي أراه يخلق مجتمع قائم على أساس التصنيف الجنسي … وهذا خطأ تاريخي _مثلما بينت في المقال _ إن تكرر لن نستفد شئ سوى زيادة تصنيف اجتماعي جديد إضافة عن الفرز الديني والمذهبي الذي لم نستطع التخلص منه حتى الان .
عزيزي أحمد إننا عندما نعالج موضوع مشحون بعاطفية بمزيد من العاطفة نكون قد دعمنا نزعة التميز الفردية (وهنا أنا لا أدعي أن هذا سمة لموقعنا ) فنحن بحاجة اليوم لفتح حوار جنسي بناء .
تسعدني مساحة الحرية في الموقع و إني أعبر بالنهاية عن رأيي الشخصي ولكم كامل الحق في حذف المقال أو إهماله .
لك مني كل شكر و أتمنى لك صباح جميل
دمت بخير
ح
يا سيدي الفاضل، بالطبع أنت لك حرية كاملة غير منقوصة طالما لم تخالف شروط الاستخدام التي لا تخرج خارج دائرة الإساءة للغير أو التحريض!
لقد فهمت من مقالتك شبء آخر، ويكفيني ردّك!
تفهمت الآن أنك تريد “الفرد” فقط بلا أي أوسمة أخرى قد تزيد الأمور تعقيدًا! هذه نظرة عامة حسنة النيّة، فالعالم ليس مثاليا يا صديقي… هنالك بعض المشاكل يجب التصدي لها وحلها بعيدًا عن هذه النظرة، ببساطة لوجودها! ومنها وصم المثليين بأقذع الصفات!
إن سلكنا طريقك هذا، فسوف لن تجد هذه القضية أحدًا للحديث عنها وأخذ بيد المجتمع، أو على الأقل الشريحة المتعلمة منه، لتقبلها. التجاهل ليس حلًا على الإطلاق!
تحياتي ومودتي
ما عرفناك يا شيخ مسلم ولا مسيحي ولا علماني ما تركت حدا ما انتقدته
تتكلم عن المسيح ومحمد بدون أي احترام وعندما تصل للمثلية تخترع اسباب وتربط بطريقة غريبة جدا
يعني ضد المسيحية
ضد محمد
ضد التحرر الجنسي اللي هو سمة علمانية
؟
والله غريب
أرجو التوضيح
تدوينة جميلة عندما ارسلت لي رابط هذه التدوينة وفتحت الموقع شدني بتميزه و تنوع مواضيعه
كعادتك تعالج المواضيع بعمق شديد ( أحيانا تبالغ في ربط المواضيع ببعضها ) لكن في هذا الموضوع بالتحديد لا يمكن حله دون الرجوع الى جذور الرفض لدى المجتمع الذي هو الدين فكيف يمكن أن تجعل الناس يتقبلون فكرة قد حرمها نبيهم بل أمر بقتل صاحبها ؟ أمر مستحيل
شكرا جزيلا لموقع الشرق الأوسط على هذا تنوع مواضيعه
و أود السؤال لماذا لا يوجد كتب الكترونية على الموقع
تدوينة رائعة لكن لم أفهم مالمشكلة في نشوء أحزاب في هذا السياق اذا كانت تنادي للخلاص من حالة القمع في حق الاخرين
شكرا تدوينة رائعة لكن أود ان أسأل ماذا تقصد بأن الجنس هو وصال كوني مع الله ؟
ماذا يمكنني ان أقرأ عن هذا