في البداية أطلب من القارئ مطالعة مقالي في الرد على أي إتهام مزيف ضد كمال أتاتورك .

مقدمة:

في تاريخ الشعوب القديمة و الجديدة دوماً يبرز رجال يقودون أمتهم للنصر و الكرامة سواء في تحرير الوطن أو إعادة بنائه من جديد ، كان لدينا في مصر سعد زغلول كرمز وطني و في جنوب إفريقيا مانديلا و في الهند غاندي و في كل بلد قائد أو رمز و من تلك البلاد تركيا حيث رمزها و قائدها كمال أتاتورك و تحل علينا في أيامنا هذه ذكرى ميلاده و كذلك ذكرى وطنية جبارة في 1919/5/19 و هي ذكرى هبوط مصطفى كمال في ميناء سامسون معلناً بداية المقاومة و حرب الاستقلال التركية 1922/1919 و اتي حررت تركيا بمعجزة و بطولة غير مسبوقة بالشرق .

كمال أتاتورك :

وُلد مصطفى علي رضا في مايو 1881 بميناء تسالونيكي العثماني لعائلة تركية مسلمة تحيا في الحي التركي بالمرفأ الهام ، في وسط عائلة متوسطة نشأ مصطفى متخبطاً في حياته البائسة وسط وفاة الأب المتنور و تربية الأم الصوفية المتدينة و بين مدارس دينية و مدنية و رعاية الماشية في قرية لازسان التي إنتقل اليها مع أمه و أخته بعد وفاة والده ، إنتقل مصطفى الغير الى المدرسة العسكرية في تسالونيكي ثم المدرسة التحضيرية بموناستير حاصلاً على لقب كمال لتفوقه و كماله في سنه الصغيرة هذه  ليلتحق بعدها الى إسطنبول حيث الكلية الحربية العثمانية متخرجاً منها كضابط متمرد على قيادة البلاد الفاسدة في عهد عبد الحميد الثاني ، منفياً إلى الشام ترك مصطفى كمال أوروبا مُعاقباً على نشاطه السياسي و على جمعيته السرية التي إنكشفت ليعود بعدها إلى أوروبا حيث ينضم إلى الإتحاد و الترقي أقوى التنظيمات ضد حكم المستبد العثماني عبد الحميد الثاني.

في 1908 يثور الاتحاديون ضد السلطان دون أن يشارك كمال معهم ثم يكون أساسياً في الإطاحة الكاملة به بالعام 1909 مع عزيز المصري و غيره من الثوريين الاتحاديين العثمانيين ، مع اختلافه الجذري تجاه سياسات الاتحاديين و عدائه لهم انتقل إلى عدة مناصب بالكلية العسكرية و مناورات بيكاردي في فرنسا ، بالعام 1911 كان مصطفى كمال المتردد تجاه ما يحدث و خائفاً من احتلال أوروبا العثمانية ينتقل (متطوعاً) إلى ليبيا المتعرضة لعدوان إيطاليا محققاً مجداً هناك ثم ينتقل على عجل و قد تحققت مخاوفه تجاه أوروبا العثمانية التى إحتلتها دول اليونان و صربيا و بلغاريا و تقدمت الأخيرة إلى إسطنبول فهرع لبلاده و دافع طيلة إسبوعين عن إسطنبول معجزاً جنرالات الحرب البلغاريين عن دخولها.

متنقلاً بين مناصب عدة كان آخرها ملحق ثقافي في صوفيا عاصمة بلغاريا واجه مصطفى كمال خبر إندلاع الحرب بإنقباض متوقعاً دخول بلاده الحرب و تحقق الأمر على رفضه لها و صريح معارضته ، متولياً منصب الدفاع في جاليبولي و متدرجاً في المناصب المختلفة أثناء القتال حتى تولى القيادة العامة حقق مصطفى الكمال النصر الكامل على قوات بريطانيا مطيحاً بقرابة الربع مليون منهم و مدمراً لقوات العدو حاصلاً على لقب منقذ إسطنبول و بطل الدردنيل في العام 1915 و متوجاً حياته في بدايتها بنصره في حملة الدردنيل ، تنوعت معارك مصطفى كمال بين القتال في القوقاز و الشام ضد العدو حتى إنتهت الحرب بهزيمة منكرة للدولة العثمانية و إعلانها الاستسلام بينما هو ينسحب ببقايا الجيش السابع من رصاص العرب الإنجليزي ململماً بقايا قواته و عائداً لبلاده غاضبا من سقوطها.

في 1919/5/19 هبط مصطفى كمال في سامسون مكلفاً بإخماد الثورات الصغيرة في الأناضول من قبل السلطان وفي نيته إعلان الثورة ، و مع استقراره أعلن الثورة على الاحتلال مرسلاً الدعوة لكل ضباط الجيش للإنضمام اليه و تقبلوها ملبيين الدعوة و تأسست جبهة الثوريين الأتراك بادئةً القتال ضد جيش الخلافة الذي أرسله السلطان لقمع مصطفى كمال حيث تحالف السلطان مع الاحتلال و كذلك مجابهاً قوات الأرمن و الفرنسيين و الايطاليين و الانجليز ليأتي العام 1921 و كل تلك القوى مُجبرة على التصالح معه لتأتي اليونان في هجومها الشرس منذ مارس 1921 على أراضي تركيا بعد أن كانت ثابته في إزمير منذ 1919 لتبدأ أشرس مراحل الحرب التركية و هي الحرب اليونانية التركية و التي توجها مصطفى كمال برجاله و قيادته في معارك إينونو الأولى و الثانية ثم السخاريا و دوملوبونار ليتحقق النصر و تتحرر تركيا.

في الأعوام التالية و عبر الغاء السلطنة و الخلافة و تأسيس الجمهورية حققت تركيا بقيادة كمال أتاتورك أول لمحات التقدم في مجالات العلم و التنمية البشرية و الاقتصادية و كذلك سجلت نفسها كأمة مترابطة قادرة على النهوض و التحرير لتهد تركيا نهضة مبهرة جعلت كمال اتاتورك مثالاً لكل الحكام في عهده بالشرق مثل مصطفى النحاس و الملك أمان الله و الشاة محمد رضا و غيرهم و رجلا يُحترم بالغرب حتى من قبل أعدائه التاريخيين .

اليوم:

إلى اليوم لا يزال مصطفى كمال أتاتورك بكل الدردنيل و منقذ إسطنبول و محرر تركيا رمزاً للأمة التركية و رجلاً قُدر للأتراك النهوض به و مثالاً للقائد الذي يظهر في اللحظات الفاصلة و يحيي بلادهم إحياءً جديداً ، كان كمال و لا يزال و سيظل رمزاً لأمة قاتلت و انتصرت و تحررت ثم بنت نفسها..و ستظل تركيا للأبد خاصة أتاتورك و إبنته الغالية.