لعل المترقب لاحداث الكون من الأزل يدرك أن ما بدى ظهوره في العالم ليس مجرد تغيير عادي انه حراك شعبي عادة ما يرتبط بانقلاب كوني فهذه الأحداث التي نعيشها اليوم وتتسارع اكثر فاكثر ترسم صورة يرسمها البشر ويسجلها الكون في صفحاته الخالدة للانسانية التي تعود جذورها لالاف السنين … فالفكرة القديمة التي جعلت من الشمس هي التي تدور حول الأرض خلقت فكرة الفرد الواحد المقدس الذي يدور الكل في فلكه مسبحين لكن ما ان سقطت هذه الفكرة حتى سقط معها الحاكم الواحد الذي يخضع الجميع …

إننا إذ اضعنا فهم الكون والمكّون تهنا في التاريخ واصبحنا خاضعين لعبودية لا تنقطع لكن نحن اليوم على أبواب تغيير شامل بدأ في االشرق وسينتهي بالغرب … إننا نشهد ولادة عصر جديد … ولادة إنسان جديد لن يقبل الكون سواه ليكون صورة له .

لقد انقضى عصر الخوف … عصر الظلم الذي قضى على عقول البشر لسنوات طويلة …إن الخوف يقضي على 80 % من امكانيات العقل البشري … ولعل صحة هذه المعلومة تلتمس من الواقع الذي نعيشه … لقد قضى الخوف على عقول شريحة واسعة من البشر إلا من تمتع بذلك الذكاء الفطري وقرر الخروج عن نهج القطيع والعبيد … واليوم بعدما يأس السائل صلاح المسؤول ثار عن خوفه و انطلق بصوته الفطري ينادي بما سلبته أياه مافيا العقول التي كرست أمنها على خوفه و سعادتها على تعاسته و غناها على فقره … فسقط المسؤول وعاش السائل …

بدأت شرارة التغيير من تونس وانطلقت للعالم العربي كله … ان ما يحصل للشعب العربي ليس رفض للمفاهيم والنظم السياسية التي اثبتت فشلها بجدارة بل هو رفض لما هو أبعد من ذلك من صفات نفسية حاولت الحكومات العربية زرعها في العقول على مبدأ أنا الراعي وانتم الحملان طامسين بذلك مبادئ الكون و المكون ففي حين ينص جوهر الأديان كلها على الخروج من عبادة العباد لعبادة رب العباد ترجعنا الحكومات العربية إلى أيام فرعون الذي طغى في البلاد…

وفي حين قامت الأديان وحركات التنوير كثورات لتحريك الوعي و تحرير العبيد تكرس الحكومات في العالم التخلف و الاستعباد لاستبعاد الشعب عن حلاوة الحرية الذي ما إن ذاقه لن يقبلها بسواها … إن مفاهيم أساسية ينبغي علينا فهمها لتكريس مانطلبه .

أولا . مبدأ تغيير النفس أساسي لتغيير المجتمع وهذا ما نصت عليه الأديان عندما قالت لا يغير الله ما بقوم حتى يغيرو ما بأنفسهم … وبذلك وضعت أساس أي طلب للتغيير … أبدأ بنفسك ثم انطلق خارجا .

ثانيا . مبدأ كلمة السواء كأساس لتحقيق العدل الاجتماعي و هذا يعني أني أضع بيني وبينك إشارة ( = ) اعطيك ما اعطي نفسي وامنع عنك ما لا أرضاه لي وبذلك نخرج من اللعبة القذرة التي توجب علينا لعبها … لعبة الغالب و المغلوب والقاهر والمقهور .

ثالثا . مبدأ اللاعنف في التغير نقطة قوة ومرتكز إنساني اثبت نجاحه في الأحداث التاريخية الأكثر أهمية .

لقد تدهور الوضع الإنساني لدرجة أن هذه المفاهيم ضاعت مخلفة ورائها كوارث لا يبررها التاريخ إلا بغياب الوعي و تغييب التنوير فلنبدأ ثورة الثورات …

ثورة تغيير النفس

من قلب إنسان

حمبد