لم تكد مصر تتراجع من واجهة الأحداث بعد الأطاحة بمبارك وأنشغال الأعلام بما يجري في ليبيا حتى عاد الشأن المصري مجددا الى الواجهة من بوابة الأشتباكات الطائفية التي تجري في الأيام الأخيرة بين المسلمين والأقباط.
فالقتلى سقطوا من الجانبين بالإضافة الى خسائر في الممتلكات وأحراق كنيسة في أحدى القرى..هذا فضلا عن الضرر المعنوي الذي يلحق بالعلاقة بين الطرفين في كل مناسبة يتجدد فيها العنف الطائفي.
الجديد في هذه الأشتباكات هي أنها الأولى من نوعها بعد زوال سلطة مبارك وبعد أدخال تعديلات على الدستور طالب خلالها الأقباط وكثير من المفكرين والمثقفين المصريين بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي إعتبروها مضرة بحقوق الأقباط وتسئ للمساواة بين المصريين.
هذه الأضطرابات تأتي متزامنة مع توترات سياسية في البحرين أرادت الحكومة على مايبدو طبعها بصيغة طائفية من خلال تأجيج مواجهات هنا وهناك قبل بضعة أيام بين السنة والشيعة وتبعتها بالأستعانة بقوات سعودية وأماراتية..كما تأتي متزامنة مع أقتتال قبلي في جنوب السودان.
المشكلة إذن ليست فردية وليست نتيجة الأسباب التافهة التي تسبب هذه التوترات كل مرة.. هي ليست مسألة مشادة بين شبان كما جرى قبل أيام في البحرين وليست علاقة حب بين مسيحي ومسلمة أججت الوضع في مصر..كما إنها بكل تأكيد ليست مؤامرة لنشر الفساد وضرب الدين في السعودية.
المشكلة أعمق من ذلك بكثير..ورغم أن الجميع يدرك هذه المشكلة ويطالب بحلها إلا أن الجميع لايحرك ساكنا من أجل الحل.. المشكلة تظل دوما مشكلة التمييز وتهميش فئات بعينها من الشعب وحرمانها من حقوقها.. فعلى مر السنوات لم ينل شيعة البحرين والسعودية أيا من حقوقهم الأساسية ولازال التمييز ضدهم يمارس في التعيين في الأجهزة الأمنية وفي المواقع الحساسة ولازالت أحياؤهم تعاني من الأهمال وسوء الخدمات,,ولازال السنة في أيران يعيشون الأضطهاد (الحكومي) منذ قيام الثورة الأسلامية وحتى الآن وحال الأقليات القومية ليس بأفضل حالا من حال السنة في أيران.. ولازال الكرد يعانون التمييز في سوريا كما عانوا منه (بل ومن الإبادة أيضا) في العراق أيام البعث.. وليس حال الأقباط في مصر أو الأمازيغ في الجزائر أو حتى أهل جنوب السودان (قبل الأستفتاء) بإحسن حالا.
كما أن مهزلة البدون في الكويت والتي مضى عليها عقود من دون حل يمكن أيضا أن تدرج في ذات السياق… الحجة الدائمة لتهميش تلك الفئات هو التشكيك الممنهج لولائها للوطن وتبعيتها لجهات خارجية تتآمر على البلد. فشيعة الخليج أتباع لأيران وكرد سوريا والعراق وأيران أنفصاليون ومتآمرون وأقباط مصر طابور خامس للغرب وسنة أيران أرهابيون والغريب أن الرأي العام في كثير من تلك البلدان يوافق على سياسات حكوماته.. لنفترض أن هذا صحيح…فهل يعقل أن هؤلاء جبلوا على التآمر والخيانة منذ طفولتهم أم أن هناك ما دعاهم لذلك؟؟
هل عاملتهم أوطانهم كمواطنين حقيقيين وأعطتهم مايستحقون من حقوق كي تطلب منهم اليوم تأدية واجباتهم تجاهها؟؟
لماذا لم نسمع يوما عن توجه أنفصالي لدى الكرد الساكنين في الولايات المتحدة؟؟
لماذا لم يتهم الشيعة العرب في بريطانيا بالتبعية لأيران؟؟
ببساطة لأن هؤلاء نالوا حقوقهم (وزيادة) في تلك البلدان..وحتى لو نادى شخص أو أثنين من أجل مطالب كهذه فهو سيلاقي الرفض من الآخرين إذ لامبرر لديهم للأحتجاج..
ما الفرق إذن بين الكردي في بلاده وبين الكردي في الغرب؟؟
ما الفرق بين القبطي في مصر وبين القبطي في اوربا؟؟
ما الفرق بين الشيعة هنا والشيعة هناك؟؟
ما الفرق بين السني في أيران وشقيقه في الدنمارك؟؟
لا فرق بكل تأكيد..الفرق في الأنظمة التي تحكم والفرق في القوانين السائدة.. هناك لايوجد دين للدولة وهنا دولتنا مؤمنة رغم عهر ساستها وفسادهم…
هناك تضمن الدولة لجميع مواطنيها فرصا متساوية في التعليم والعمل والضمان الأجتماعي وهي تساوي حتى أبن البلد الأصلي بمن لم يمض سنة على أكتسابه للجنسية..وهنا الناس طبقات.. هناك تعامل كافة المدن بتساوي بغض النظر عن طبيعتها الديمغرافية…أما هنا فحتى مشاريعنا يتدخل فيها الدين والطائفة والعرقية.
على الحكومات إذن أن تعي أن التخلص من مشكلة الأقليات لايتم بتهميشها وأهمالها بل بأعطائها حقوقها ومساواتها بفئات الشعب الأخرى…حينها حتى وأن وجد مروجو فتن فلن يستمع اليهم أحد ولن يرفع شعاراتهم أحد لأن المواطن يعيش في دولة تعطيه كل حقوقه…وحدها المساواة تحقق ذلك..
إذن فالحل يبدء من الحجر الأساس للدولة…من دستورها.
الحل يبدء بأزالة كل نص دستوري من شأنه أن يزرع التفرقة واللامساواة بين الشعب وبالطبع أول تلك النصوص النصوص التي تشير الى ديانة الدولة والقوانين التي تشرع أعتمادا على مدارس فقهية لطوائف معينة أيا كانت تلك الطوائف… والحل يجب أن يتضمن أعطاء فرص متساوية لكل فئات الشعب لا أن يحرم فلان من منصب رفيع لأنه من القومية س ولايحرم آخر من تبوء منصب أمني حساس لأنه من الطائفة ص.. الحل سادتي يكمن في نظام ديمقراطي لبيرالي يضمن لكل الشعب المساواة…. حينها فقط لن يستطيع أكبر مروجي والفتن وأمهرهم من أثارة الفتنة..
5 تعليقات على التخوين .. وأزمة الهوية
تحليل لطيف سيد كلكامش، ولكن ليس الفرق في الأنظمة المستبدة فقط، وإن كان عاملًا هامًا، ولكن الفرق كذلك في درجة الوعي والثقافة لدى الأمم.
تحياتي
عزيزي احمد والسيد كلكامش ,جميل ان نجد كتاب عراقيين يقدمون مقالات في موقع متميز ,لكن مع احترامي الشديد للأراء المقدمه للسيد كلكامش في مقاليه على موقع والذي اجد نفسي متحفظ على احدهما الى درجه عدم التعليق لألتزامي بسياسه خاصه لتقيم ماحدث في العراق في 2003 ومايسميه البعض بتحرير ويراه الاخرون احتلال
لكن مقال التالي رغم نواياه الطيبه في دعم الاقليات ,يستفز عندما يرسم صورة للطوائف خارج بلدانها وكأنها معتدله او تجاوزت مشاكلها الطائفيه ,الحقيقه ان الاقليات والاغلبيات الخارجه من منطقه الشرق الاوسط والعراقيه بشكل خاص مع تأكيدي على انطباق الموضوع على باقي الجنسيات بسبب تعاملي معهم حقيقتهم انهم لو كانوا متطرفين داخل بلدانهم ومتعنصرين فهم خارجها يستغلون جو الحريه لاخراج اسخف وابشع مافيهم , هناك تعنصر بشع واضطهاد للاخر على اساس الدين والقوميه ,وهناك محاولات مريره من قبلهم لفصل مفهوم المواطنه والجنسيه من خلال اصرارهم على التميز والتفريق واول عباره تسئل عليها لو تعرف عليك اي مواطن مغترب هو دينك طائفتك قوميتك , الشعيه والسنه في اوربا من العرب وغير العرب مخجلين بتطرفهم بل انني متأكد ان ملالي ايران وسلفي تورابورا ستدمع اعينهم من شده الفخر ,توجد نماذج تبث سموم في الغرب وافكار منحطه ادنى من افكار سيافي الطرق السريعه وصكاكاه منطقه السده في بغداد , والاخوه الاكراد يقدمون نماذج هش مقارنه بالفكر الذي يتحرك منه كردي الداخل ,ولا اريد ان اتطرق للفتحاويه والغزاويه ,او للسورين وصراع القوميات والاديان ,اما المصرين فاحتكاكي بعده اصدقاء قدم صور مغايره للصورة الورديه عن اقباط او مسلمي اوربا , ان الفكر المتخلف والطائفي المزروع في عقليه الانسان الشرق الاوسطي والذي تبنته سنوات من الاقلام والافكار الطائفيه الماجورة للقوى المحيطه التي تستثمر قوتها من الصراع يبقى ويستمر ويزدهر ويتألق في جو الحريه الغربيه ويجد الفرصه لبث سموم واوساخ والبسبورات الغربيه وجنسياتهم لم تقطع اصور التبعيه والولاء للمنضر الاكبر وتراهم بالعكس اكثر دعما واقداما لخدمه مصالحهم وتدمير البقيه ممن يشاركوهم نفس الفضاء في الداخل والخارج ,الحل في مصالحه وتقبل الاخر ووضع الوطن والمواطنه كقيمه عليا واعاده نظر في مفهومنا لانفسنا وهوياتنا , المستبد هو جزء من المشكله ولكن الحقيقه الكامنه ان هناك من يكره الاخر لدرجه رفض كل مايخرج منه وعلينا ان نعترف بالكره ونعالجه او نفرقه وننهي الوضع , تحياتي لكم وارجو ان تتقبولوا رؤيتي للموضع
بالطبع نتقبلها يا دكتور وميض، وهي رؤية جدّ واقعية، لأنك أحد المغتربين.
بالنسبة للمقالة الأخرى، هل يمكن أن تتنازل وتعلق عليها، لأني أريد أن أعرف وجهة نظرك بخصوص هذا الموضوع تحديدًا. أعرف أنه شائك وهو سجال بين العراقيين، كل على حسب موقفه، أو موقف عشيرته، أو طائفته للأسف.
إذا كنت لا تريد أن تردّ عليه مباشرةً، أتمنى أن ترد عليه هنا على الأقل!
تحياتي لكما
شكرا احمد تعليقي اعلاه لاينفي نظريتي ان السلبين في الداخل والخرج هم قله مسيطره ضد اغلبيه ايجابيه لاتملك القدره للتعبير او لاتعرف
الموضوع ليس تنازل للتعليق ولكن بأعتباري تعرضت للاضطهاد خلال عهد صدام ثم تلاه احداث سلبيه بعد سقوط حكمه تجعل رأي غير حيادي , انا شخصيا اكتفي ان اعتبر 2003 حربا و شكل من اشكال التغير وحتميه حدوثه كانت واقعه بتدخل امريك او بدونه , لكني متحفظ حول مواضيع التحرير والاحتلال لان الموافقه على احدهما تعني ان اؤيد ضمنا مواقف كثيره ومصطلحات فرضتها المرحله وأنا أحمل مسببي تلك المواقف بنوايه الطيبه والسيئه مسؤوليه ماوصلنا له اليوم وماسيحدث في مستقبل العراق فمهما كان نوع التدخل الخارجي المباشر وغير المباشر للدعم أو للتخريب هناك البعد الوطني للشخص وعلى اساسه يقيم الموقف لا على اساس الرؤيا الشخصيه او الحزبيه او الطائفيه او العرقيه ,مرحله صدام اقيمها دوما بدون ان انظر للاشهر التي استضافني فيها في معتقلاته او لمن فقدت من احبائي ,ومرحله مابعده اقيمها بغض النظر عن محاولات التغيب والقتل والتشريد , وعليه ارى ان الجميع يجب ان يتعامل هكذا لتقيم مصلحه الوطن ,ومن وجهه نظري لو ادخلنا العامل الشخصي في التقييم لتوجب على بعض الرموز التي تزعجنا اليوم بتصريحاتها عن المقاومه والسياده والتظاهر وتجيش الجيوش وتضع الاستراتيجيه ان يبنوا تمثال للسيد بوش ويصلوا له كمخلصهم لانهم لولاه لما كان سيكون لهم مكان او صوت وخصوصا لو جاء التغير من خلال حركه داخليه كما يحدث اليوم في ليبيا واليمن وسوريا , كما يوجد الكثيرين ممن يكييلون الشتائم لصدام كنت اراهم في عصره وارى امثالهم واتعجب من نكران الذات , لحد اليوم لم يجد العراقيين صوتا يعبر عن يوم 9 نيسان وعليه اتحفظ على مايحدث فيه من مراسم احتفاليه او عزائيه رغم احترامي لرؤيا الاشخاص وتقيماتهم للوضع النابع من تجارب ومعاناه واحتكاك موضوعي
والله انا متفائل ان الأفضل لمصر لأن إحنا عانينا 30 سنة اعتقد ان ربنا بيدينا فرصة المرة دى و إن شاء الله نستغلها صح