في تطوُّر جديد للجدل الجزائري الفرنسي شكّل مشروع قانون يُجرم الاستعمار في الجزائر بادرة لفّت حولها مختلف الحساسيات السياسية الجزائرية دون سابق إنذار ففي ظرف ايام معدودات وقّع 50 نائبا في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) على هذا المشروع والقائمة مفتوحة حسب المبادرين بالمشروع القانوني وغايتهم الوصول إلى 100 توقيع يحمل بين جنباته مختلف
الحساسيات والتيارات السياسية. وكان حزب جبهة التحرير الوطني مبادرا بمشروع القانون، الذي تكفل النائب موسى عبدي به، ووقع وثيقة مشروع القانون حتى الآن نواب من الافالان والأحرار وأحزاب أخرى في البرلمان. وان لم يكتب النجاح لمشروع حركة الإصلاح، وهو أول مشروع قانون من نوعه، النجاح مباشرة بعد إقرار الجمعية الوطنية الفرنسية قانون 23 فيفري الممجد
للاستعمار سنة 2005، ورفضه رئيس الغرفة السفلى السابق عمار سعداني، فالظاهر أن المشروع الثاني المقترح من الافالان
سيرى النور. و يحتوي المشروع على 15 مادة تتحدث عن الملفات التاريخية بين فرنسا والجزائر، وتحتوي مواد قانونية تطالب
فرنسا الرسمية بتعويض الجزائريين عن الحقبة الاستعمارية والجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري الأعزل ابن الثورة
التحريرية. والمشروع القانون يطالب أيضا بمحاكمة مجرمي الحرب وتعويض ضحايا التجارب النووية في الصحراء.
الجزائر تؤكد ..” على فرنسا الاعتذار”
وطالبت الجزائر اكثر من مرة من فرنسا الاعتراف و الاعتذار من مما بدر منها خلال الحقبة الاستعمارية التي دامت 132 سنة “1830 الى 1962″ واكدت عدة شخصيات سياسية و من المجتمع المدني من بينهم عبدالعزيز بلخادم، وزير الدولة والممثل
الشخصي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، فرنسا ب(الاعتذار والتعويض عن الجرائم الوحشية والإبادة الجماعية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي طيلة 132 سنة في حق الشعب الجزائري). واعتبر بلخادم الذي يتقلد أيضا منصب الأمين العام للهيئة
التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني في كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى ال55 لاندلاع الثورة الجزائرية أن (هذا المطلب يكتسي بُعدا شعبيا، وهو أقوى من أي قرار يتخذه البرلمان الفرنسي لتمجيد الماضي الاستعماري الفرنسي). وقال الوزير إن (الحقبة التدميرية الاستعمارية كانت بالفعل من أبشع وأصعب الحقب التي عاشها شعبنا؛ إذ تمت إبادة قرى كثيرة عن آخرها بمن
فيها، كما تم نفي الآلاف و قتل الملايين وتشريد النساء والأطفال والشيوخ وتعذيب الأحرار)، متسائلا (إن كان في مقدورنا اليوم
طي صفحة الماضي استجابة لبعض المطالب بعدما قاموا هم (الفرنسيون) بإصدار قرار يمجد تلك الحقبة الشنيعة).
وقد أدت المطالب الجزائرية المتكررة من فرنسا بالاعتراف بالجرائم التي نسبت إلى الاستعمار الفرنسي خلال فترة الاستعمار (1830-1962)، إلى فتور في العلاقات الثنائية بين باريس والجزائر، وأجلت الكثير من المشاريع الاستثمارية الفرنسية في الجزائر، كما تتحدث مصادر دبلوماسية عن أن تأجيل زيارة بوتفليقة إلى باريس يأتي في ذات الإطار. وكان الرئيس الفرنسي
نيكولا ساركوزي قد ندد خلال زيارة إلى الجزائر في ديسمبر 2007 بالنظام الاستعماري، ولكنه رفض فكرة الاعتذار.
لماذا لا تفعل فرنسا ما قامت به ايطاليا اتجاه ليبيا ?
وكانت ايطاليا اعتذرت لليبيا على ما اقترفه ضد المسلمين الليبيين و تجاوزت عقدة الفاشي ” موسيليني” و أخذ الاعتذار
صورة بدت غير واضحة، لأن الصحف الإيطالية انذاك ناقضت الاعتذار عندما تكلمت أن حدود الاعتذار للعرب لا يجب أن يتعدى كلمة” معذرة” .و قدم رئيس وزراء إيطاليا سلفيو برلسكوني اعتذار بلاده عن استعمار ليبيا اواخر شهر آب أغسطس
2008 معترفا بالضرر الذي ألحقته تلك الحقبة بهذا البلد.وأضاف أن إيطاليا تعتذر في هذه الوثيقة التاريخية عن القتل والدمار
والظلم ضد الليبيين أثناء الحكم الاستعماري.ووفق نص نشره موقع الحكومة الإيطالية على الإنترنت، قال برلسكوني “أشعر بواجب
الاعتذار والإعراب عن الألم لما حدث منذ سنوات عديدة مضت والذي أثر على الكثير من أسركم”.وأوضح برلسكوني أن إيطاليا
ستستثمر مائتي مليون دولار سنويا في الجماهيرية الليبية على مدى 25 عاما.وذكر مسؤولون إيطاليون أن حجم التعويضات
سيبلغ خمسة مليارات دولار في شكل استثمارات تشمل شق طريق سريع عبر ليبيا من الحدود التونسية إلى مصر، ومشروعا
لإزالة ألغام ترجع إلى عهد الاستعمار الإيطالي لليبيا.
6 تعليقات على حملة برلمانية في الجزائر لإدانة فرنسا الاستعمارية
أولًا، أهلًا بك مهدي ايدار، فأنت أول محرر جزائري على موقع شباب الشرق الأوسط العربي، نهنئك، ونتمنى لك قضاء وقتًا مفيدًا ومثمرًا وسط زملائك على الموقع من كل دول المنطقة.
ثانيًا، أنا أعلم بما ذكرته عن اعتذار برلسكوني لإيطاليا، ولكن ما الفائة إن اعتذر ساركوزي أو ما العئد الذي اكتسبته ليبيا من اعتذار برلسكوني؟؟ كلها شكليات لا أتفق معك بصددها. ففترة الاحتلال، وإن مجدها الفرنسيون لإحساسهم بأنهم محل للفخر، واجب الجزائريين، أو أي دولة استُعمرت في الماضي، أن تعلم أجيالها الجديدة أن هذه الفترة كانت الأكثر سوءًا ودموية في تاريخ الجزائر، وها هي فرنسا تحتفي بذكرى الدماء والقتل والنهب. الاعتذار لا طائل منه، والتاريخ قد كتب ولن يتغير سواء اعتذروا أو لا، الاعتذار لا فائدة فيه، ولكن عدم الاعتذار لا يعطل العلاقات الجزائرية الفرنسية أو الليبية الإيطالية بأي شكل من الأشكال. فالجزائر كليبيا هما شريكتان وحليفتان فرنسا وإيطاليا في المنطقة على التوالي. والاعتذار من عدمه ما هو إلا إجراء دبلوماسي يجب ألا نجري وراءه كسراب، نحن المتعقلون الذين نحسبها بموضوعية خارج سياق القطيع الجارف.
ثالثًا، مبروك صعود الجزائر لكأس العالم جنوب أفريقيا 2010، وسواء كنت من مشجعي الكرة أو لا، أطلب منك أن تتطلع على جزئي مقالتي التي نشرتها عن بعد أحداث العنف التي صاحبت وأعقبت المباراتين، لأني وإن كتبتها من وجهة نظر فرد يعيش في مصر، فإنها تظل تفتقد لنظرة ونقد جزائري بنّاء، وها أنت معنا الآن، ولك أن تطلّع عليها في أقرب وقت، وأتشرف إن تناقشنا حول ما جاء فيها.
الجزء الأول:
http://www.mideastyouth.com/ar/?p=700
الجزء الثاني:
http://www.mideastyouth.com/ar/?p=708
تحياتي ومودتي
أحمد زيدان
تحية عطرة لاخي وصديقي احمد زيدان
لقد اطلعت على ما كتبته حول المقابلة التي جمعت الجزائر و مصر واريد ان اوضح شىء مهم وهو حول ارسال الجزائر لقوات عسكرية فهذا لا يتقبله العقل و يجب ان تعلم اخى الفاضل ان الخطوط الجوية الجزائرية تلقت مليون طلب للسفر الى السودان من مواطنين بسطاء ليست لهم اي علاقة بالجيش تم نقلهم في طائرات عسكرية لان الطائرات المدنية لا يمكن ان تغير برنامج طيرانها الذي يحدد لمدة 6 اشهر كما هو معمول به في كل انحاء العالم فلم يكن للجزائر من وسيلة الا الطائرات العسكرية لنقل المناصرين الى السودان الشقيق.
ويا اخي الفاضل يجب ان يعلم كل جزائري و مصري ان تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين تمتد لالاف السنين وخير دليل هو زواج ابنت الملكة الفرعونية كليوباترا ” كليوباترا سيليني ” من الملك الجزائري الامازيغي يوبا الثاني وهي مدفونة حاليا بمدينة تيبارة الواقعة على بعد تقريبا 40 كلم غرب الجزائر العاصمة .وتعززت مع مرور الوقت….
ايعلق ان تكون مقابلة في كرة القدم سببا في نشوب ازمة بين البلدين !
ومن ينكر وقفة الزعيم القومي العربي جمال عبد الناصر مع الجزائر ومساندة الراحل هواري بومدين في الحرب ضد اسرائيل وهذه الاخيرة اصبحت تنصحنا بالتهدئة!!
وسيكون هذا الكلام هو الاخير الذي اكتبه حول المقابلة التي جمعت بين الجزائر و مصر لان المقابلات تمضى و العلاقات بيننا تبقى قائمة و متينة …
وما يخطط له في السياسة نتركه لاهل السياسة لاننا لا نعلم ما يدور بها وكل ما نقوله وما يقال لتا حو السياسة فهذا الكلام كالاساطير يمكننا ان نصدقه و في المقابل بامكاننا تكذيبه.
و في الاخير اخي الفاضل اتمنى ان يكون هذا الموقع للعقول النيرة اناس لهم طموح هدفه العدالة و المساوات و الاخوة بين الشعوب باختلاف دياناتهم و انتمائهم الطائفي فالعلاقات القوية بين الافراد تبقى و لا تتاثر و لا تتغير بتغير الزمان او المكان وان تغيرت فيكون الى الافضل و ليس العكس….
الف تحية لك استاذي احمد زيدان ولكل الزملاء في الموقع و القراء الكرام و بالتوفيق لنهظة مشرقة
عزيزي مهدي،
لقد فطنت لما تقول بخصوص سفر المدنيين على متن الطائرات الحربية، وأدركته تمامًا الآن. أشكرك شكرًا جزيلًا على الإيضاح. كما قلت في البداية يجب أن يكون معنا جزائري حتى لا تكون رؤيتنا أحادية الجانب، ولكني حافظت على الموضوعية بلا تعصب على قدر ما استطعت.
هذه هي مزية التواصل والحوار في سلام وود، بلا عصبية خرقاء لدين أو جنس أو وطن أو عرق…
ما تقول عنه يا سيدي الفاضل من علاقات بين البلدين أعرفها تمامًا، وقد كتبت قبل ذاك محررتنا وأختنا العزيزة داليا كامل مقالة عن ذلك، أرجو أن يتيح لك وقتك بالإطلاع عليها هنا:
http://www.mideastyouth.com/ar/?p=659
أرجو أن تأخذ مقالة داليا على محمل الحب، لأنها في الأساس كانت تحاول التهدئة بالرجوع للتاريخ، كما فعلت سيادتك بالضبط، ولا تنس أنها جاءت في وقت حرج للغاية بعد الأحداث والتهييج الإعلامي مباشرة، بخلاف مقالتي، التي اضطررت فيها لأخذ بعض الوقت حتى أحكم على الأشياء بأكثر اتزانًا وموضوعية.
وتقبل اعتذاري عما ذكرته في الجزء الأول من مقالتي بخصوص سفر المجندين أو المساجين على الطائرات الحربية، معذرة أخي، هذا ما صوره لنا الإعلام هنا…
هذا هو هدف شباب الشرق الأوسط الرئيسي، التقارب في وجهات النظر بين شباب المنطقة…
تقبل خالص تحياتي ومودتي
القاهرة،
أحمد زيدان
شكرا أحمد
Pingback: شباب الشرق الأوسط » أرشيف المدونة » صوّت الآن على مقالة ديسمبر المختارة
السلام عليكم ها قد مرت سنتان عن تلك الأحداث المؤلمة ونسيا الشعبان كل شيء وكأن شيئا لم يكن وعاد الود والتقارب وها هي مصر العظيمة تعيش نشوة ثورة شبابها الكبار وتعطي مثالا للعالم عن ارادة الشعب في التغيير بطريقة حضارية جدا وما نتمناه هو ان يحسن هذا الشباب الطموح المحافظة على مكاسب الثورة من طمع المتطفلين والمندسين والمتأمرين.ودامت الأخوة الجزائرية المصرية الى الأبد.والسلام عليكم