أتوجه في البدء إلى أصدقائنا المتدينين الذين يبشرون بسماحة دينهم و استيعابه جميع الضالين لأن الله كائن رحيم، فإذا كان الله رحيم كبير القلب، فعلى المؤمنين به الصبر على جميع المتمردين الباحثين عن التفكير من خلال ذاتهم، و إذا كان هذا الإله القوي القادر على هداية من يشاء فمعنى ذلك ان لديه حكمة في ايجاد أفرادا لا يؤمنون به، فعلى المؤمنين السكوت و الرضوخ لمشيئة الههم العارف في الغيب.
فمما يخشى المؤمنون الساكنون في أحضان الله الواسعة كل ما هو خارج عن اطارهم الديني؟
أعتقد ان ما يثير حقد بعض المتدينين هو امكانية الملحدين بالتجول بحرية واسعة في أطياف الإله، الكون و الحرية معا، فالعبد لا يرغب إلا برؤية الجميع عبيدا، فهو حاسد دائم للحرية و الحياة، ينظر بعين حاقدة إلى كل من يستطيع كسر القيد، فهو يحلم بالحرية إلا انه لا يدركها، فإدراكه عاجز عن تجاوز الكلمات و العبارات المنسوخة في كتابه المقدس، عاجز عن إدراك مشاعره و أحلامه، فالإدراك يتم دائماً من خلال الإحساس الذي بدوره يقوم بعمل ترجمي يحول الطاقة الداخلية إلى اداء.
نجد ان الإدراك بحد ذاته، عبارة عن عملية بناءة و ابداعية، الشيئ الذي يفتقده المؤمنون، فهم لا يملكون المفاتيح لخوض هذه التجربة الابداعية، ليستسلموا إلى عبارات و كلمات سجلت في زمن مضى، لا أعتقد ان المشكلة في الايمان نفسه بل هي في نفوسهم الراضية بكل ما يملى عليهم، فهم يفتقدون إلى ترجمة الأحداث بمنطق علمي سليم.
كثيراً ما نتساءل عن أسباب تشنج أفراد بعض المجتمعات إزاء الأفكار الجديدة، و بالأخص المجتمعات الدينية، لنرى ان وراء هذا التعنت، حالة مرضية مزمنة منبثقة من المعتقد و الإله نفسه الذي يؤمنون به، فهو ذلك الثابت و المطلق للكمال على حد تعبير اخواننا المؤمنين الذين لا ينفكون عن التشدق به ليكيلوا له جميع الفضائل و المدائح.
فهل حقا هو ذلك الإله العظيم الجبار القادر على كل شيئ و القادر على نصرة من يعتقد به؟ دعونا أولا ً، نتمعن به و ننظر له نظرة حيادية، فنراه مصابا بعقد نفسية إنسانية، منها السادية و التشنج و حب العظمة و الغرور…فكما نرى من ضمن أسمائه الحسنى (الله، المهيمن، الجبار، المتكبر، القهار، المذل، المنتقم،المتعالي…)، وإذا أردنا سرد أمراضه فلن ننتهي من عدها لأيام عديدة، و إذا تساءلنا عن أصل اصابته بكل هذه العاهات، نجد ان هذه الأمراض المزمنة المتواجدة لديه، ما هي إلا نتيجة الصراعات البشرية و رغبة جماعة ما في السيطرة على أخرى، والبحث الإنساني عن فكرة الكمال و المعرفة.
من الطبيعي أن يشعر الإنسان السابق بعجزه عن فهم أمور كثيرة لم نعد الآن عاجزين عن فهمها و استيعابها، اذاًَ لماذا نجد هذا التشبث بهذه القيم و الأخلاق التي لم تعد تنفعنا، بل أصبحت هذه القيم قيما متسمة ببشاعة أخلاقياتها القائمة على التمييز الديني و العنصري و الجنسي ولا ننسى أيضاً التمييز النوعي الذي نحن الآن بصدد اضفاء قيم تتجاوز الكائن الإنساني لتشمل الحيوانات و الكائنات الحية جميعها.
أعود قليلا إلى مرض الإله المزمن العاشق للدمار و المنافق المنتحل صفة الصدق و العطاء، نرى ان مرضه هو مرض الكتل الجماعية التي تبحث للسيطرة من خلال جميع وسائل القمع الوحشي، فمن خصائص هذا المرض الإلهي_الجماعي هو الاصرار على رؤية واحدة و من زاوية ضيقة، فإدراكه الصغير عاجز عن رؤية أو سماع ما يقوله الآخرون من أفكار و آراء، فهو شديد الغضب و العنف، يحلل دماء كل من يتجرأ على نقضه أو محاولة التفكير خارج اطار ثقافته و دينه، فأين هو من ذلك الرحيم، الرؤوف الوديع، المحب للجميع؟ أو لا ترون معي ان كيانه قائم على تفريغنا من عقولنا و شل قدرتنا العقلية.
و إذا كنت مخطئة في حكمي عليه لجهلي الشديد بمضمونه، أليس بالأحرى على المتدينين، التمثل بإلههم الغفور و عدم شن هجومهم على كل من يخالفهم الرأي للانتقام و الدفاع عن إله، من المفروض انه قادر على حماية نفسه، او ليس عدم اتكالهم عليه، هو التشكيك بمقدرته و عدم الإيمان بعظمته القادرة على تغيير من يريد أو شل كل نفس تجرؤ على التشكيك أو التنكيل به؟
أعتقد ان المؤمنون يعلمون في أعماقهم انهم غير قادرين على الاتكال على إله هش و ضعيف عاجز عن لمس ذبابة صغيرة، فهم في صراع نفسي دائم ما بين العقل و الخرافة، ما بين العلم و الجهل، لكنهم و لرغبتهم بالانتماء إلى وعاء جماعي، يبدؤوا ببناء ذلك الجدار الرباني فيغرسوه في أعماقهم، كي يشكل لديهم هوة عميقة في لاوعيهم فتحدد مسارهم المليء بالتعاسة و الحقد و الخرافة في آن واحد، ها هم عاجزون عن المصالحة مع الرغبات و النزوات الداخلية ليبتروها ظاهريا و يمارسوها خفية بشكل مرضي، لأنهم غير قادرين على السيطرة على كل حاجاتهم البيولوجية)، و كما عبر “فيلهم ريتش” عن آلية التدين التي يعتمد عليها الأفراد و الجماعات كطرق للاستنتاج الناتجة عن عدم معرفتهم و خبرتهم في الحياة، أما ما ينتج عند انهيار هذه الآلية التي تؤدي إلى فتح مسالك متنوعة لاستكشاف الحياة، لأن الحياة و الحرية شيئاً واحداً و لا نستطيع لمسها إلا بعد محاولات عديدة لمحاولة فهمها بطريقة عقلانية و منطقية.
دعونا نتساءل عن آلية برمجة أدمغتنا التي يتبناها رجال الدين و السلطة و الجماعة، فنجد ان مواقعنا و صحفنا (المبجلة) الناشرة و الباحثة في كل شيء عدا الثقافة و الفكر، لا تنفك في غسل عقول قارئيها اما عن طريق بث السموم الدينية السرطانية، أو نشر تفاهاتها المعهودة، و ما يثير السخرية أكثر هو استفسارهم الدائم عن عجز الشعوب العربية بمواكبة التطور و الإبداع، و كأن التطور ناتج عن ثقافة الثابت و الكمال الالهي، لقد أصبحت سياسة الاستبداد الالهي أو السياسي أو الاجتماعي مرتبطين بشكل موثق، و لا يمكننا المطالبة بأية حرية من غير المطالبة بحرية الفرد ان كان فكريا أو ثقافيا، لهذا يجب علينا أن نتوجه نحو الفردية و تحرير الإنسان من كل القيود التي تكبل عطائه الابداعي، علينا الاتجاه نحو الأخلاق النابعة من الذات و الحد من الأخلاق الإجبارية، لأنها تحد من امكانية السفر في كل الأحياء لنستقي أخلاقنا من كل كائن حي.
علينا اليوم أن ننفض غبار الخوف المتجذر في أعماقنا، من خلال رفض أية سلطة تحاول تقييد الفرد للابقاء عليه عبداً و ذليلاً، فلا أخلاق ترتجى من الإنسان الفاقد لإنسانيته و المتقوقع في دائرته الدينية أو العرقية أو الجنسية، وإذا كنا جميعا ملحدون و مؤمنون نسعى إلى درء الاضطهاد، علينا التمرد على كل أنواعه، فلا حرية من غير الاعتماد على التحليل الذاتي و استنتاج الأحكام من خلال الفرد نفسه، علينا أن نؤمن بأنفسنا أولاً و من ثم الغوص في أعماقنا البشرية لنعثر على الأنا الصغيرة المتقمصة بالإله.
لا يسعني الآن إلا أن أقول ان شعوبنا العربية ستبقى راضخة للذل و الاستبداد ما دامت لا تملك إلا الإله، فهي تعزي نفسها على انها صاحبة الأديان السماوية و ان الإله خصها تحديداً و اختارها كي تنام بجانبه نومة أبدية.
11 تعليقات على رهاب الإلحاد
تحياتي للمقالة الرائعة!!
دُمتِ مبدعة وحاسمة وباترة!
لماذا ستموتين؟ هناك الموت سياتي لياخذك دون ان يستشيرك حتى ان كنت في كامل صحتك وحينها ستدركين من هو الله؟ الا تمرضين ؟الا تتعبين .؟الا تحسين بالنقص؟ انها طبيعة الانسان المحتاج دوما لله
للاسف منحك الله عقلا لتفطني الى وجوده وقدرته
لكن
لكن
لكن
عقلك لم ينفعك
توقفي عن الكتابة وافرئي وتدبري
من يدري فروجيه غارودي انتقل من الالحاد الى النور
لكم تناقشنا مع أمثالك سيدتي ولكن دائما حينما نصل إلى الحرية (التي تزعمونها) كي نطبقها نحن رأيناكم تمنعونا.
أذكرك بالحرية المزعومة فأين الحرية في ارتداء الحجاب والنقاب في فرنسا أمّ الحرية وهناك الكثير من الأمثلة أظننا جميعا نعرفها.
ثم لا بد من أن تحترمي معتقدات الآخرين فالمسلمون لا يرضون أن يقال عن إلههم الذي يعبدون ويمجدون (فالله رحيم وليس كائن رحيم) .
ثم افعلي أنت ولا تنكري علي فهذا الكون لم يولد صدفة وهذا ما بدأ يقرره علماء الأرض لا الدين فلا دخل لنا إن كنت لا تقرأين إلا ما يعجبك.
ثم أضم صوتي لنسمة اقرأي ولكن بحيادية فلعلك ترين ما نرى وتندمي على ما كتبت اليوم.
لدي بعض الأسئلة وإذا كان لديكي رد عليها فأجيبيني
أتستطيعين الأن تمشي في شوارع فرنسا عارية تماماً ؟ إن كان الجواب لا تستطيعي فلماذا ؟
السؤال الثاني
هل ترين أن القوانين في فرنسا أو أي بلد آخر ترين فيه الحرية تحرمك من شيء في نفسك ؟ إن كان الجواب لا أطلب منك ان ترسمي السيد المسيح كما وصفتي ربه وتنشريها في صحف الفرنسية
السؤال الثالث
إن كنتي ملحدة وتدعين أنك متحررة ومن دعات الحرية لماذا تهاجمين ما يعتقده غيرك وتحسدينه عليه وتتطاولين على إلهه ومعتقداته , لماذا لا تقولين العكس انك حاسدة وحاقدة على من يتلذذون بعبادة الله وتتمنين لو كنت مثلهم ونفسك تمنعك ؟
إن كنتي تستطيعين كتابة مقال فمن المؤكد تستطيعين الرد على التعليقات وعلى أسألتي
لا يضيرنا نبح الكلاب
القافلة تسير والكلاب تنبح
على كل حال لا تعتبري ان لك مكان في الشعب السوري
لان هذا الشعب مؤمن وليس ملحد
واول ما خرج قال الله اكبر . الله اكبر الذي قد كفرتي به
واول مظاهرة لما خرجت من المسجد العمري
في يوم الجمعة يوم يقدسه الله ورسوله
ولما اشتدت المظاهرات قالوا مالنا غيرك يالله
نعم كلامي ليس في الموضوع لكن قد كتبته تذكرة لك
الإنسان الذي لا يناقش نفسه بالأسئلة الكبرى ولا يفكر بها يخرج عن نطاق الآدمية العاقلة، ويبقى ضمن الحظيرة الحيوانية التي تعيش لتشرب وتأكل وتتكاثر.. ويا ليت أن الأمر اقتصر على الأكل والشرب والتكاثر فقط، بل بالتبجح بكسر القيود والحرية المطلقة بالتجوال في أطياف الآلهة!! وهم لا يملكون تفسير القوة التي منحتهم الوجود ووهبتهم الحياة وتعهدت إمدادهم بكل مستلزماتها.. ومن هذه الأسئلة التي ينبغي أن يفكر بها العاقل:
كيف وجدت؟ هل أوجدت نفسي بنفسي؟ وهذا الإدراك الذي أتغنى به هل خلقته أنا لنفسي؟ ولماذا لا تتساوى العقول والمدارك؟ أم أن هناك من تدخل وأعطى لكل واحد من البشر الإدراك والإمكانات الخاصة به؟؟
إذن من الذي أوجدني؟ ولماذا اختار لي إحداثيات هذا الزمان والمكان بالذات؟ ولماذا حدد لي البيئة والهيئة والإمكانات التي أتصف بها؟ ثم ماذا بعد الموت؟ وأين الحشود التي تذهب في باطن الأرض؟ لماذا لم يعد منها أحد؟ هل الأمر فقط أرحام تدفع وأرض تبلع أم أن هناك حقيقة أخرى وراء ذلك؟ ما هي مهمتي في الحياة؟ وما هو مكاني بين سائر المخلوقات؟
الله تعالى خلق الإنسان وكرمه على سائر المخلوقات بالعقل وجميع الملكات والإمكانات، وسخر له هذا الكون بفضائه وأرضه ليعيش فيه ضمن أحجية اسمها عالم الغيب، ليختبر استجابتنا لما طلبه منا، وهو عبارة عن ثلاثة أمور:
-أولاً أن نتعرف إليه بدون أن نراه وإنما بالنظر إلى آلائه ونعمه المتجلية في كل ذرة ودقيقة من دقائق الكون حولنا.
-ثانياً أن نعبده وهو المستحق لكل ثناء وتمجيد وتعظيم، فنفعل الأوامر وننتهي عن الزواجر.
-ثالثاً أن نعمر الأرض بأن يشكل كل فرد منا لبنة في صرح الحضارة التي طلب منا إقامتها عليها، وذلك بأن يكون لكل فرد منا علم أو عمل أو تجارة أو ما إلى ذلك، فلا بطالة ولا تواكل..
أما المؤمنون فقد أراحوا بالهم وأصغوا لصوت الرحمن الذي يجدونه في قلوبهم، وآلائه التي يجدونها في كل ذرة من ذرات هذا الكون من حولهم، واطمأنوا أن لهذا الكون خالقاً مبدعاً عظيماً، خلق فسوى، وقدر فهدى، وأن الله سبحانه وتعالى جعل المغيبات في هذه الدنيا ليمتحن بها قلوب عباده، فيصنفهم في الآخرة تبعاً لإيمانهم وأعمالهم في الدنيا. وأما غير المؤمنين ففي لهاث دائم وشتات مستمر، من نظرية إلى أخرى، ومن افتراض لآخر، بحثاً عن أجوبة لأسئلة كثيرة معقدة، دخلوا في متاهاتها فأدخلتهم في عماية، لا يخرجون منها إلى يوم القيامة.
إلى كاتب المقال الذي يحمل عنوان (رهاب الإلحاد)، أود أن أقول لكِ أن هناك حلقة مفقودة في تفكيرك أتمنى – حقيقة – أن تجدها ليكتب لك النجاة؛ وبعيداً عن الردود المفحمة والأجوبة المقنعة التي كُبِتَ بها الملاحدة والدهريون والتي لا أريد أن أكررها هنا، أتوجه إليك ببعض الأسئلة البسيطة لبعض الآيات الواضحة والتي لا تحتاج إلى دليل، والتي أريد منه أن يحاكم عقله فيها قليلاً لا أن يرد عليها:
-أطلب منه أن يتأمل السحب العملاقة الكثيفة بلونها الداكن وهي تحمل الغيث في طياتها، وتسير بسرعة كبيرة إلى وجهة محددة، محملة بآلاف أو ملايين الأطنان من مياه الأمطار، لتلقي بحمولتها حيث قُدّر لها. هل سأل نفسه ولو مرة واحدة: من الذي يحمل كل تلك الأطنان، ويرفعها عالياً نحو السماء؟؟ ولماذا تنزل قطراً ولا تنزل دفعة واحدة؟؟ ثم إذا اخترق تلك السحب والغيوم بطائرة أو غيرها، هل يرى من قطرة ماء؟؟
-هذه الرياح التي تسوق تلك السحب، من الذي يوجهها؟ من الذي يقودها ويقرر مسيرها؟ اليوم صباحاً شرقية شمالية مثلاً، وبعد الظهر جنوبية غربية، وفي الغد شمالية غربية!! ثم كيف تكون لواقح تحمل غبار الطلع والنسمات العليلة، ثم تصبح تارة أخرى ريحاً شديدة، وقد تكون عواصف وأعاصير مدمرة في أزمنة وأمكنة محددة، هل هذه الظاهرة عشوائية أم أن هناك من يوجهها؟
-لينظر إلى السفن العملاقة التي تمخر عباب البحر، والتي تزن آلاف الأطنان من البضائع والأمتعة، يرفعها البحر على سطحه لتتهادى بين أمواجه بدون أن تغرق!! من الذي حمل هذه المدينة العائمة وجعلها تطفو على الماء بينما لا يستطيع مسمار صغير أن يطفو ولو للحظة على سطح الماء؟؟
-هذه الطيور التي نراها سابحة في السماء، تبسط أجنحتها وتقبضها لتندفع من جديد وتغير مسارها وحركتها. وتلك الطائرات العملاقة التي تزن عشرات ومئات الأطنان وهي مستقرة في كبد السماء، من الذي حملها وثبتها في مساراتها، وأمسكها من الوقوع والتدهور؟
-ليتأمل الشجرة في فصل الشتاء، وكأنها حطبة عارية، أو خشبة واقفة، ثم ما تلبث أن تبزغ الأوراق الخضراء والبراعم الصغيرة والأزهار المتفتحة بألوان زاهية وحلة أجمل من العروس في فصل الربيع، تثمر بعدها عن أصناف من الفواكه والثمار المختلفة في الطعم واللون والرائحة، والتربة واحدة، وسقاية الماء واحدة، والهواء نفسه، والبيئة نفسها. ثم بعد ذلك يأتي فصل الخريف، لتسقط معه الأوراق، وتعود الأشجار المخضرة إلى كتلة من الحطب العاري، أو جملة من الخشب المنتصب، لتعاد الكرة من جديد. هل الشجرة هي من يفعل ذلك؟ أم أن هناك من يقوم ويحيط بكل تلك الأمور؟؟
-يستيقظ المرء فيستمتع بطلوع الشمس من المشرق، لينكشف النهار بضوئها ودفئها، ثم يرمق غروبها في آخر النهار ليبدأ الليل، ويسطع ضوء القمر في الليل ليبدد حلكة الظلام الدامس. ولكن لماذا يتغير القمر في منازل عدة، هلالاً ثم بدراً ثم محاقاً، ولا تفعل الشمس الشيء ذاته؟ هل هذا من قبيل المصادفة العمياء؟ من الذي أحكم كل هذه الآيات؟
-أثبت العلم الحديث أن هذا الكون (بذراته وأفلاكه ومجراته) له بداية، – قدرها بعضهم بالاعتماد على تقدير عمر الخلايا الكربونية بـحوالي 14 مليار سنة والله أعلم – ، وأنه يدور حول نفسه وحول شموسه وحول مجراته في حركة إهليليجية بعكس عقارب الساعة، ويسير الجميع بسرعة ثابتة متوازنة في مسارب في غاية الدقة والإحكام. فمن الذي أمده بالطاقة اللازمة لكل هذه النشاطات؟ ومن الذي نظم مسارب ملايين ومليارات النجوم والأفلاك في أرجاء هذا الكون الفسيح بدون أن تحدث ولا حادثة واحدة تعكر صفوه أو تقضي عليه؟؟
-أثبت العلم الحديث كذلك أن الشمس تفقد من وزنها يومياً ما يعادل 50 مليون طن لتحوله إلى الطاقة التي تستفيد منها أفراد المجموعة الشمسية، ومنها الأرض لاستمرارية الحياة فيها، وبذلك فإن الشمس ستصل إلى زمن لا تستطيع معه أن توفر تلك الطاقة المطلوبة للحياة، فالحياة ليست أبدية، فكما أن الشمس لها نهاية فكذلك كان لها بداية شأنها في ذلك شأن هذا الكون المخلوق، فمن الذي خلقها؟ وهي في هذا الحجم الضخم إذ تبلغ 1.300.000 مرة أكبر من الأرض ووضعها في هذه المسافة بالذات (150.000.000 كم) بحيث لو اقتربت بضعة أميال لاحترقت الأرض ولو ابتعدت بضعة أميال لتجمدت الحياة عليها؟؟
-هذا الجسم الذي تسكنه الروح، يعج بعشرات الأجهزة ومئات المعامل وآلاف المصانع وملايين الأنسجة ومليارات الخلايا المتنوعة، كل خلية لها مهمة محددة، تعرف عملها وتقوم بمهامها على أكمل وجه، تصدر إشارات من المخ متواترة وبشكل دائم ومنتظم لتنظيم ضربات القلب وانقباضاته، وليقوم الجهاز التنفسي بعمله في تصفية الهواء وإمداد أجهزة الجسم بالأوكسجين اللازم، وتقوم الكلية بتصفية الدم من الشوائب والفضلات والمعدة بهضم الطعام مع السوائل وتحويلها إلى طاقة يحتاجها الجسم للحركة والبقاء، وإذا بحثت في وظيفة الكبد والطحال والكريات الحمراء والبيضاء وشبكية العين والجهاز المناعي وغيره وغيره لرأيت العجب وأكبرت الخالق الصانع، الذي أتقن وأبدع كل شيء..
-أثبت العلم الحديث كذلك بطلان نظرية التطور لدارون بعد اكتشاف الحمض النووي DNA للكائنات والذي يمتد في سلالته لأول مخلوق على وجه الأرض. فكيف بدأ سر الحياة؟؟ الله سبحانه وتعالى تحدى البشر في خلق ذبابة، فهل استطاع أحد من العباقرة وأصحاب العقول الوافرة على مر السنين والدهور أن يصنع ذبابة ثم يبث فيها الحياة؟؟
لنتصور الآن أن إنساناً ما يُطرق باب شقته كل يوم، وعندما يفتح الباب لا يجد أحداً ولكنه يجد مائدة عليها ألوان الطعام والشراب وما يحتاجه، فإذا به يأخذها ثم يغلق الباب، وذلك كل يوم..
وعلى مدار حياته التي قد تمتد إلى سبعين أو ثمانين عاماً مثلاً، ألا يخطر بباله أن يسأل عن هذا الذي يمده كل يوم بهذا الرزق والأكل الوفير فيكافئه أو يشكره ويجزل له الحمد والثناء؟؟ إنه الجحود بل السفه بعينه!!
فالإنسان الذي يستيقظ كل صباح على نعم رب العالمين عليه التي لا تعد ولا تحصى والمستمرة مع كل ثانية وكل دقيقة وكل ساعة وكل يوم، ألا ينبغي للعاقل أن يستعمل العقل الذي تتكلمين عنه فيتعرف إلى هذا المعطي المانح؟؟ أم أنه يعيش في أحضان نعمائه وإمداده وحلمه وكرمه، ثم يتساءل بعد ذلك: هل الله موجود؟؟
الإنسان من جملة الممكنات، كان يمكن أن تكون بشرته سوداء أو قامته قصيرة أو أو.. ولكن هناك من رتب كل شيء بمعيار ومقدار، قلبه بحاجة إلى إرسال إشارات من الدماغ للانقباض والانبساط في أجزاء من الثانية، من الذي يُعنى بذلك، إذا أراد مناقشة وجود الإله مثلاً، أو كتابة مقال ما أو فعل أي شيء فلابد من إشارات تصدر من المخ إلى جملة من الأعضاء والعضلات والأعصاب والخلايا وغيرها.. للقيام بهذه المهمة ضمن منظومة واحدة متناغمة ومتناسقة، فلا تكتب اليد بدون تناسق مع الدماغ للشيء المراد كتابته، ولا ينطلق اللسان بصوت نشاز بدون تناغم مع الكلام المفهوم المراد إخراجه وهكذا..
إن جسد الإنسان الذي يتحدث البعض عن رغبتهم في أن ينال حريته، كم يضم من الأجهزة والمعامل؟؟ ألا تحتاج إلى صيانة، إلى راحة، عندما ينام لماذا لا يتوقف قلبه عن العمل قليلاً ليرتاح من الكد والضخ المتواصل، والمخ أليس بحاجة إلى التوقف عن إصدار الأوامر والإشعارات؟؟ وكذلك الكبد أو الكلية أو.. أو.. سيجد أن كل ما بداخله من خلايا وأعصاب وشرايين وأوردة وأجهزة و.. تعمل صباح مساء، ليل نهار، بدون توقف ولا لثانية واحدة، وإلا لتوقفت الحياة في الجسم ومات الإنسان..
والآن بعد أن ذكرت بعض الآيات الباهرات التي لا يختلف عليها اثنان، أظن أنه سيتبين للمنصف أن مدعي العقول العلمية السليمة التي تبحث عن الحقيقة ووجدت أن: (لا إله)!! هم في الحقيقة لم يغلقوا عقولهم فحسب، بل تعاموا عن كل الآيات الناصعة التي أرسلها الخالق لتشهد على ألوهيته ووحدانيته في كل ذرة من ذرات هذا الكون البديع. حتى أن النخبة من فلاسفة اليونان والإغريق (أفلاطون وأرسطو) توصلوا بفلسفتهم إلى ضرورة وجود خالق مبدع لهذا الكون العظيم، لأن القول بأن هذا الكون وجد مصادفة ومن العدم ضرب من الخبل والبلاهة..
هذا الإنسان الذي لا يعرف كنه نفسه ولا ماهية الآلية التي يشرب بها الماء، فإذا بجسمه يأخذ ما يحتاج منه للطاقة والحياة ثم يخرج ما بقي من الشوائب والسموم عن طريق البول والتعرق والمخاط وغير ذلك، هذا المخلوق الضعيف يريد أن يتمعن في خالقه العظيم وينظر له نظرة حيادية فإذا به يكتشف أن الإله مصاب بعقد نفسية مزمنة؟؟
أي هراء هذا، وأي هرطقة غبية تلك التي استولت على خيال البعض فتراه يطلق العنان في سرد الهذيان والجنون ليشتهر بذلك بمخالفته للعقلاء والفضلاء بعد أن كان مغموراً في طي النسيان مع التافهين، فيصف المؤمنين (الذين ينعمون بالتقرب لربهم) بأنهم غير قادرين على السيطرة على كل حاجاتهم البيولوجية!! فنقول لمن يدعي الإلحاد: وهل أنت قادر على التحكم بكل حاجاتك البيولوجية؟؟ بل إن إمساك سموم البول في جسمك قليلاً كفيل بتلقينك درساً لن تنساه حتى تموت وتكتشف باقي الحقائق.. لا شك بأن الذي يعاني من صراع نفسي بين العقل والخرافة وبين العلم والجهل هو الملحد المارق وليس المؤمن الموحد.
ذكرت في المقال كلمة ” الحرية ” أكثر من مرة، ولكن لم يفصح عن ماهيتها، فهل نعني بالحرية التفلت من قيود الأخلاق التي تنظم العلاقات بين الأفراد والجماعات في المجتمع، أو أنها تعني التفلت من قيود العقل التي تضع الضوابط والأطر لينطلق العقل من خلالها ضمن إمكاناته لتمنعه بذلك من الشطط والوقوع في مزالق الأوهام والخرافات، أم أن الحرية التي يريد تعني التفلت من قيود الدين التي تمنع الفرد من ارتكاب الشرور والآثام والوقوع في العنت والرهق..
الحرية ذُكرت على أنها تمثل الإيمان بالنفس! والأخلاق التي ينبغي أن تسود هي التي تنبع من الذات!! فليت شعري أي حرية أو أخلاق سنتفق عليها وهي تنطلق من الذات البشرية، مع تمايز البشر واختلاف أمزجتهم وطبائعهم وأهوائهم!! فالحرية عند اللص والتي تنبع من ذاته وتؤمن بها نفسه هي السرقة، والحرية عند العاهرة والتي تنبع من ذاتها المنحرفة وتؤمن بها نفسها الخبيثة هي بالتنقل بين أوكار الرذيلة ومراتع الدعارة، والحرية عند المجرم التي تنبع من ذاته وتؤمن بها نفسه هي القتل والإجرام والإرهاب، وهكذا عند باقي الأنفس. فما هو معيار النفس التي تنبثق عنها الحرية والأخلاق، والكل يؤمن بنفسه ويعتقد بها؟؟
ثم أين هي تلك الحرية المطلقة؟ فحرية الفرد تنتهي مع بداية حرية الآخرين، فحرمة الأعراض والأنفس والأموال والمعتقدات مصانة في جميع الديانات والشرائع، فالطفل نمنعه من تناول الدسم حفاظاً على صحته لا حجزاً لحريته، والرجل نمنعه من الاعتداء على أعراض الآخرين حفاظاً على عرضه وأعراض الآخرين، ونمنعه من الاستيلاء على أموال الناس بغير حق حفاظاً على ماله وأموال الآخرين، وهكذا في بقية الأمور..
ولا أدري من القائل بعجز الشعوب العربية عن مواكبة التطور و الإبداع، والمؤكد أنه بمعزل عن العلم والتاريخ ولا يعرف شيئاً عن حضارة الإسلام وما بلغت بها العرب شأواً من الحضارة والتقدم والرقي، فيكفي أن نشير إليه بقراءة كتاب: ” شمس العرب تسطع على الغرب ” لمؤلفته زيغرد هونكة ليعرف بالضبط صدق المقولة السابقة من خطئها.
وعندما يتجرأ الإنسان على الخالق بألفاظ نابية ويخلع عليه الأمراض المزمنة ويصف إدراك الإله بالإدراك الصغير مقارنة بإدراكه الواعي المستنير، جهلاً بقدر رب العالمين ومقامه العظيم، ومتحدياً بأن الله لم يعاقبه على تطاوله عليه، ومستشهداً بأن الإله لا يستطيع أن يحرك ذبابة، فما ذاك إلا دليل واضح على حلم الخالق العظيم على المغضوب عليهم والضالين، ولو شاء الله لأهلك من في الأرض جميعاً، ولكن حكمته تعالى تقضي بتأخير العقاب ليوم تشخص فيه الأبصار، فلا ننخدع بحلمه ولا نحسبن الله غافلاً عما يعمل ويقول الظالمون، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كتبه د. بشار محمد
يا كاتب المقال فكر في غبائك , اذا كنت ربك لا تعرف من هو فما اشد غبائك
عندما تعرف من هو ربك ساعترف ان لك قدرة على معرفة ما في عقول المسلمين, انت معاق فكريا لانك لا تعرف ربك
قال الله تعالى في سورة الانعام
بسم الله الرحمن الرحيم
وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ{75} فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ{76} فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ{77} فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{78} إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{79} وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ{80}
صدق الله العظيم
الجهل آفة كثير من الناس، ولكن عندما يجتمع الجهل مع الجرأة فإن البون يكون شاسعاً بين صاحبه وبين فئة الآدمية العاقلة. أتمنى من الجميع أن يكون الرد لديهم علمياً مدعماً بالحجج والبراهين وأن يبتعد عن ترهات السفهاء وسفسطة الجهلاء، ليرقى إلى مستوى مقبول من المنطق ليكون مؤهلاً للرد عليه.
انا رح كون معك انسان سياسي مبدئيا وئلك في حال قررتي الدخول على سوريا بعد نجاح الثورة المباركة سوف نقوم برفع دعاوي قضائية بسبب تطاولك على الذات الالهية وعلى افكارنا ومعتقداتنا الدينية والاخلاقية هاد من الناحية السياسية طبعا بس في احتمال كبير انو اذا حاولتي الدخول الى سوريا سوف يتم الانتقام منكي بشتى الوسائل من شباب الثورة ذاتهم واتصور بقائك في فرنسا فرصة لكي للحياة هاد مو تهديد بس هاد واقع رح تشوفي قريبا ان شاء الله
انسانة منحرفة أعماها هواها . بسم الله الرحمن الرحيم “وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ” . ثم إذا كنت متحررة لماذا تعيبين على الآخرين حرية إعتقادهم لا بل وتتطاولين على الذات الإلهية . لايمكن لعقلك القاصر أن يستوعب معاني أسماء الله الحسنى فهي صفات لإله سبحانه وتعالى ليس لبشر ولا أنه سبحانه حليم لكنت الآن مشلولة مثلا أو حسب مشيئة الله معاقبة شر عقاب أريدك فقط أن تتخيلي أنك في سفينة توشك على الغرق وسنرى لمن ستلجأين لإنقاذك !!!!!
لو لم يكن الله سبحانه رحيما حليما يسبق حلمه غضبه لعاقبكي لحظة كتابة هذه الترهات ولو لم يكن الرزاق لما أطعمكي وسقاكي ولو لم يكن كريما سبحانه لما أعطاكي من النعم ماتعجزين عن إحصائه . فقط تخيلي لو أنكي مرضتي (وساعة واحدة من الألم تكفي وتزيد) فماذا سيفعل الطبيب لكي؟ ولو كان يستطيع فعل شيء لما وجدنا طبيبا ميتا ! ! ! ثم من أنت أمام مليارات البشر على وجه الأرض وببطنها ؟! أنت وحدك تفهمين ؟! أنت لاشيء لا شيء ،وإن استطعتي أن تكوني من الخالدين في الدنيا فلا تقصري !