الجلابية هو زي شعبي مصري وهو عباره عن قميص رجال طويل ,هو جلابية في مصر ودشداشة في الخليج والعراق , وهو زي يرتديه أهلنا واقاربنا وأحبائنا وكثير منا يملك العديد منه يلبسه في أوقات المناسبات الدينيه أو السفرات الخاصه بالصيد أو لاهالينا في المناطق الريفية أو عند وقت العصريه للجلوس على المقهى لو أحببنا أو للجلوس براحه في البيت
ليس من الخطاء ان نعتز بتراثنا وهويتنا وقد ارتأيت التقديم لمنع سوء الفهم , ولكن المرحلة التي تمر فيها مصر وتونس وباقي الدول العربية التي تعيش تغيرات ربيع العرب تفرض علينا أن نكون أصحاب مقولة ونتدخل بفرض وجهات نظرنا ,لان نجاح ثورة بلد ونجاح انتخاباتهم وبناء مؤسسه دولة تخدم الشعب وتطلعاته تمهد لنجاح التغير في أماكن أخرى ونحن نستمد من تونس ومصر شرعية مطالبنا في التغير وسلميتهم التي أطلقوها تردد صداها في بغداد عندما وقف الشباب وقالوا لقوات الأمن في ساحة التحرير يوم 25 فبراير العراق سلمية سلميه
سأضطر ان اقارن بين التغير اليوم بأستعمال أمثلة التغير العراقي في 2003 وعهد صدام وماتلاه رغم أنني أعاني بعد كل مقال من تهم الصدامية والبعثيه والسنية والتي انا كنت أول ضحاياهم والحمد لله ,ولكن للضرورة أحكام وعسى أن تكون لمصائب قوم في تدارسها لدى قوم اخر فائده ونصيحه
ماحدث أمس في لعبة الزمالك ونزول الرجال أبو جلابيه وأشباهه هو صوره لمحاولة قوى الشعب أن تتسلط لتفرض قانون الرعاع على أبناء الشعب من الاغلبية المتحضره للطبقة الوسطى
وقد حدث بعد 2003 في بغداد أن دخل الامريكان وكان أمامنا حلان لاثالث لهما ,أما أن نقف ضد المكنه الامريكية ونحاول مافشل به جيش متمرس وقيادة كامله رغم معرفتنا بمدى النخر في مؤسستنا الحكومية والعسكريه التي تهشمت في أيام الحرب الأولى أو ان نحاول أستغلال الموقف لانقاذ مايمكن أنقاذه ,وقد اخترنا الأنقاذ وشكلنا نواة ماعرف فيما بعد بالمجتمع المدني العراقي واليوم طلبتنا الذين دربناهم وعلمناهم في مؤسسات المجتمع المدني هم من يقودون الثورة للتغير ضد الامريكان والحكومه والفساد ,يعني أننا أشتغلنا صح بدون أن نساوم على مبادئنا أو مفاهيمنا
هناك من أختار حلول أخرى ,اختار حل القتال والذي رغم ماتهول الاصوات على الانترنيت من أنه سبب خروج الامر يكان لكن المتمرسين في السياسه العراقية ومداخلها ومخارجها يعرفون أن الطائفه العربية والطبقه الوسطى العراقية والاصوات الحره والناشطين والمفكريين وكل القادرين على بناء دولة عراقية مدنيه حقيقه تم تحطيمهم من خلال نشاط من حملوا السلاح مهما كانت نياتهم ومافي قلوبهم ولكن استخدم العنف حرك عجله فتحت باب التطرف والطائفيه واتاحت الفرصه لكل من يريد تخريب العراق ان يدخل ويخرب
ان الله يقول أن من أفضل عباده هم العلماء ,والعادات الاجتماعيه للقبيله العربية التي نشاء فيها الدين الاسلامي هو الرجوع للحكماء من النساء والرجال , وقصص دخول الوفود على الخلفاء وتقديمهم الصغار لفصاحتهم وحكمتهم ,دليل على أن القدره الانسانيه للنهوض تكون بالعودة للمفكرين والعلماء في وقت الشده والحاجه , وقد كان في العراق صوت العاطفه والحكمه ,والعاطفه ونظرية المؤامرة والقومية والماضي والخوف والكرامه كلها محركات تعمي العين فتركت الاشخاص ينقادون وراء صراعات وانتهوا بأيدي مخضبه في الدماء وبلد يعيش حالة انقسام في الهوية واحتقان طائفي وعرقي مرعب , وحتى اصوات التغيير والثورة صارت مخيفه لنا لآننا نعيش في دوامه ماهو البديل ؟
الحكمه التي دارت في عقول المتعلمين والمخلصين للوطن كانت ان نسارع للتحرك ونستغل الموقف وان نمنع الاخر من فرض واقع الخوف والسلاح والموت علينا ,ان نتعايش مع المحتل كما فعل قبلنا العصر الملكي ونأسس دولة قويه تنفضه فيما بعد , ولكن هيهات ان تسمع لك اذن ورجال الدين يهولون ويعلون ويخفضون وصارت حلقات الدرس والعظة حلقات توجيه حزبي ,وصرنا نرى ناس متعلمين ومحترمين يطيلون اللحى ويلبسون الدشداشه ويسيرون خلف ناس ولدوا وعاشوا بدشاديشهم لايفقهون من الدين والدنيا الا النزر القليل ,وبدل ان نسير خلف رسل الله في الارض من اهل العلم والحكمه والدرايه تركناهم ومشينا خلف شيخ الطريقه وحجج الله على جهل البشر
في عهد صدام كان هناك طبقه عليا وطبقه وسطى مهمشه بالفقر والخوف والبحث عن موقف جيد للسير بجانب الحائط وطبقه مهمشه من الفقر ومن الهجرة اللاواعيه للنظام الاشتراكي شبه الرأسمالي من الريف للمدينه ,وبخلاف الهجرة المنظمه للحاكم واهله واتباعه من الريف للمدينه ودخولهم مؤسساتها ليكونوا طبقه عليا تحاول قطع جذورها الريفيه من خلال علمانيه الحزب والدوله فصاروا يتشبهون بالطبقه الوسطى ويتفوقون عليها ,جائت هجره غير محسوبة للريف نحو المدن لتستقر في التخوم المحيطه للمدينه التي نشأت في عصر انتهاء الملكيه وبدايه الجمهوريه الشيوعيه في الستينات ,هجره لناس لم تحاول الدولة تمدينهم فبقوا يعيشون بقواعد الريف ولم يتاح لهم فرصه الحاكم لخلع الدشداشه ولبس البدله ولكن بقوا بها وصاروا أكثر تشبث بها واعتناق لها لان عجزهم عن التكيف بالمدينه حولهم الى متمسيكن بياخه الدشداشه كما يقول المثل العامي العراقي
الفقر والجهل والسياسات اللامتوازنه وعدم محاربه جذور الطائفيه والاكتفاء بقطع رؤسها اتاح لمؤسسات التخريب الدولية ان تجد في التطرف والجهل عالم يتغذى ويقوى بضعف الطبقه الوسطى بسبب سياسات الحاكم وطبقته التوسعيه ماليا على حساب التعليم والعلماء
وعندما مضى الحاكم بقت الطبقة الوسطى هي الحاجز بين الانهيار العام للمؤسسات تنظم وتقود وتمنح الاسعاف الفوري للبلد وتسد الثغرات وتنظم المساعدات للمهمشين وتحاول رأب الصدع لاعادة الاغنياء ممن يوجد لهم فرصه للأستمرار في البلد لو نسينا وتسامحنا
لكن ثقافه الاخر والدولة الصديقه والخلايا النائمه في المساجد والمعابد والحارات وقطط الليل وفئرانها صارت تنظم المهمشين وتقودهم فصاروا اكثر قوة بالعدد والقدره على التكيف مع الصعاب ورفضهم للمدنيه ,وعقليتهم التي تريد ان تحول المدينه لقريه وان يتحركوا بثقافه انا ومن بعدي الطوفان ولابد من الاقتصاص الفورب الحالي بدون تأكد أو سبب وان نواجه من يرشنا بالماء بحمام دم ,بينما بقت الوسطى تحاول انقاذ عهدها المدني بتزايد ضعفها من ضربات كل الطبقات والجهات لها مع غياب التميول من احد ,وفجاة لاح البلد كله وهويعيش بثقافه أبو دشدادشه ,حتى الحاكم الجديد حمل قريته معه لمنزل الحكم فلبس مثلهم وتكلم مثلهم وعندما يسافر خارج البلد يرفض ان يأكل أو ان يدخل الحمام اللامثلهم
وصار المعروف أن اهل الدشاديش البيضاء والسوداء هم أهل البلد وحدهم وثقافتهم هي الغالبيه في التهميش والتكسير والقفز والصراخ والتنديد ,صرنا نعاني من ناس تندس في مشاريعنا الانسانيه لتفجر قنابل من الغباء والتطرف وهي تنادي بأسماء ضحايا طوائف وتطالب بأصرار بحقوق لناس دون ناس ,وذات مره كنت عضو لجنه لتعديل الدستور من اعضاء المجتعم المدني فوقف بيننا محامي مفوه ببدله أيطاليه وعطر فرنسي وسبحه يد غاليه الثمن وانشد خطبه عصماء في ظلم النساء للرجال وضربهم لأزواجهم وطمعهم في تعديل فقره تتيح للرجل ان يتزوج ويطلق حسب شريعه طائفته لاحسب قانون مدني
ثقافه أبو دشداشه المستمده من دين غير اسلامي ولكن مصنوع ومعلب بعلب دينيه ولها شعار الله وعمر وعلي ويخلوا من روح الدين ومنطقه وسماحته ,ثقافه مصنوعه في دواوين الشيوخ والعمد واثرياء الرعاة ممن يفقهون الهامش الغث من اعراف العرب والعشائر وحكمها وثقافه اهل البلد واخلاقهم وسعه صدرهم
قد تجدوا كلامي ميكافيللي طبقي رأسمالي ,لكني طبيب والطبيب يشخص بقوة وبلا مجامله ,الديمقراطيه صوت الشعب بغض النظر عن اي شيء ,لكن بناء الدول الديمقراطيه يحتاج جو من العلم والأمان والمدنيه ويحتاج لعبيد الله من العلماء أهل الحكمه والعلم والفهم ممن يجلسون بتحضر ويحاربون بتحضر لايقودون غزوة الصناديق ولاغزوة الملاعب
اما ان نتعض ونحارب من اجل مدنيتنا أو نتركها لأبو جلابيه
ابو دشداشه أو جلابيه نزل الملعب وانت يادكتور اهرب أوعاك تلعب أصل اللعب ماعد لعب والملعب ماعد ملعب!
مجموعة “الراجل ابو جلابية اللي نزل الملعب في ماتش الزمالك والافريقي” على موقع فيسبوك.
4 تعليقات على عصر أبو جلابية
مقالة بليغة ورصينة، استمتعت فيها بكل حرفٍ مكتوب. وإذا كان أبو جلابية سوف يلهمك لوضع مثل هذه القطع في المستقبل، سوف أرسل لك صور جلابيات ودشاديش كل يوم على موقع فيسبوك. سوف أنقل هنا بعض المقاطع الرائعة من مقالتك الصادقة بشكل محزن:
أبدعت فكتبت دكتور وميض… أشعر كأنك تتحدث عن مصر وسوريا ولبنان… وليس العراق فقط!
اسمحلي دكتور وميض، ولكني أضفت صورة للجلابية لهذه التدوينة، كي يتخيّل القراء ممن لم يروا غزوة الجلابية لايف على الهواء.
شكرا احمد للاسف التغير يجعلنا نشوف العجب ويخرج الافضل فينا والاسوء , كما قلت لك نحن بحاجه ماسه لنجاح الثورة المصريه والتونسيه ,اصبحت كل رهاناتنا معتمده على نجاح ثورة شباب التحرير ,لان اعدائنا في العراق ببساطه يستغلون كل نقطه لمحاوله اجهاض التغير في العراق ,مسؤوليه عملاقه على اكتاف الشباب ان لايكونوا مسؤولين عن ثورتهم ولكن عن الاخرين
عزيزي وميض لقد استمتعت حقا وانا اقرأ لك هذا المقال,اتفق معك في الكثير مما خطت يداك ولكن تحليلي لحادثة ابو الجلابية هي ان الحدث طبيعي وان الناس بحاجة الى ان تعبر عن مابداخلها واكيد انك تذكر ماحل بالعراق بعد 2003 من نهب وقتل وسرقة واستباحه حرمات كل ذلك تم باسم الحرية والديمقراطية ,لا ازال اتذكر زميلي في الدرسة الذي دخل الى المحاضرة وهو متاخر سالة الاستاذ لماذا متاخر فكان جوابه بكل بساطة ( هي مو ديمقراطية ) ما يمكن استنتاجه من ذلك ان الذي عانى لفترة طويلة من حرمان في حرية التعبير اضف الى ذلك الجهل ينتج مثل هكذا ردات فعل كموقعه ابو الجلابية وغيرها كثير الحل لذلك فان الحل كما اراه يكمن في اتجاهين الاول الاخذ بزمام المبادرة منذ البداية واقصد هنا المثقفين والفئات المتنورة في المجتمع الامر الاخر هو العمل على توعية هذه الشريحة التي ادعي انها تشكل الفئة الكبيرة من وطننا العربي , شكرا لك مره اخرى لطرح هكذا موضوع للنقاش ولا تحرمنا من مثل هكذا كتابات.
تحياتي