راقبنا و شاهد القليلون منا احتفالات أمانة العاصمة بمئويتها و قد تشاركت مع غالبية من تواصلت معهم بالإحساس بأنها احتفالات تجري إما في دولة أخرى أو كوكب آخر! لا نعلم أين؟ لكننا جميعا لم نشعر بتفاعل مع هذه الإحتفالية و كأنها لا تخصنا و لا تعنينا. هل السبب هو طبيعة ما جرى في الإحتفال أم ما كرسته فينا أمانة عمان بعدم الإنتماء و الإحساس بالولاء لعاصمتنا الأغلى و الأعز.
لا يكاد يمضي يوم دون أن نسمع و نقرأ عن حكايا الفساد في دوائر الأمانة من تعيينات مشبوهة إلى رواتب خيالية تصل إلى عشرات الآلاف شهريا لمستشارين يمتازون بأنهم ( أجانب ) إلى مديونيات ضخمة تصل إلى الملايين مع أنها كانت منذ سنوات قليلة دائنة و ليست مدينة، إلى مشاريع غير مدروسة أدت لدعاوي خسرتها الأمانة أو وصلت إلى تسويات عليها بالملايين نتيجة لأخطاء إدارية و قرارات غير مدروسة. كل هذا و الأمانة غير معنية بالإجابة أو التوضيح فلا هي أنكرت الرواتب الخيالية للمستشارين ولا رفع بدلات و مكافآت أعضاء مجلس الأمانة و مدرائها و محسوبي أمينها إلى أرقام فلكية في وقت وجب فيه التقشف في الإنفاق. و لا أنكرت تعيينات المحاسيب و الأقرباء أيضا برواتب خيالية دون إلزامهم حتى بساعات عمل رسمية. كل ما كان يلزم الأمانة أن توضح فتنفي أو تبرر للناس ما يجري لكنها انتهجت سياسة الإهمال لصوت المجتمع و تعاملت بفوقية مع جميع القضايا و جاءت احتفالاتها لتعكس بل لتؤكد أنها احتفالات لفئة معينة من الناس، للنخبة فقط و ليست للمواطنين العاديين.
شعرت و الكثيرون أنها احتفالات تخص نخبة من المسؤولين و المهمين و لا تعني المسحوقين و المهمشين مثلي و غيري برغم من مظاهر النفاق في هذه الإحتفالية و التي بدأت بتسميتها بالكرنفال أسوة بما نسمعه من كرنفالات ريودي جانيرو و غيرها و شتان ما بين الأصل و الصورة المسخ.
كرنفال امتد على مسافة قصيرة لا تتجاوز الكيلومترين و النصف و انتهت بمنصة مكيفة تتوفر على كل وسائل الراحة للمسؤولين و علية القوم الذين سرعان ما اختلفوا في ما بينهم على أول المقاعد و انسحب بعضهم احتجاجا ليس لداعي الإنفاق غير المبرر و لكن لأنهم لم يجلسوا في مقدمة الصفوف لتتمكن كاميرات التلفزيون من استعراض وجوههم و هم يدخنون السيجار الفاخر و يلبسون البذلات الفخمة. استعرض في الكرنفال مظاهر من البرجوازية الإستعلائية كانت كافية لنشر الإحباط لدى الجمهور بدلا من الفرح فلم تجد الأمانة سوى التكسي المميز لتبرز إنجازاتها و موسيقات القوات المسلحة التي لا تمت لها بصلة و سيارات متحف السيارات الملكي و مشاهد عديدة لم أفهم الرابط بينها و بين أمانة عمان و إحتفالها بإنجازاتها. سار في الكرنفال نموذج لعربات باعة الخضار عليها بضع صناديق من الباذنجان لكن المنظمين نسوا أن يلحقوا بهم بسيارات الأمانة و هي ترمي بخضارهم في سياراتها و تحمل عرباتهم و تصادرها و كأنها تقول لهم أن البيع الحلال ممنوع، اذهبوا و اسرقوا أو مارسوا البلطجة أو التسول على الأقل أما البيع الحلال فممنوع عليكم. لم أفهم كيف يمكن جعل فئة محاربة بشكل يومي و دائم جزءا من الإحتفال و كأنه إنجاز للأمانة. سار في الكرنفال نخبة من رجال المرور الذين نحترمهم و نجلهم و نقدر جهودهم بالإجمال لكن المنظمين أهملوا الطلب منهم الإمساك بدفاتر المخالفات و مخالفة السائقين عن جنب و طرف بذنب و بلا ذنب سواء أدى ذلك لقطع الأرزاق و مضايقة الزائرين و المشترين، المهم هو فقط جمع أكبر مبلغ من الأموال للإنفاق على مستشاري معالي الأمين و مظاهر الترف و الإنفاق الخيالي في أمانة عمان. سار نخبة من عمال الوطن المسحوقين ليلا و نهارا في حر الصيف و برد الشتاء برواتب لا تكاد تسد جوع أطفالهم و لا تصل في مجموع مئات منها لرواتب مستشار واحد من النخبة ( الأجنبية )
و أخيرا.. هذا مقال و ليس كتابا و أنا مضطر للإختصار حتى تتمكنون من قراءته دون الشعور بالملل أو الإستنكاف عن قراءته لطوله لكنني أختم فأقول أنني أتمنى لو توفرت لدى أمانة عمان الشفافية لتعلن مقدار المبالغ التي أنفقت على هذه الإحتفالية أو الكرنفال الساذج.
كما كنت أتمنى لو احتفلت أمانة عمان في هذه المناسبة بالإعلان عن مشروع يفيد فقراء و مسحوقي ساكني منطقتها على اتساعها. مشروع واحد حقيقي هدفه الإنسان و ليس المسؤولين و الوجهاء من علية القوم.
تعليق واحد على مئوية عمان لكبار علية القوم و ليس لصغارها
ما تقوله صديقي وليد هو مؤلم حقًا… البذخ الحكومي من أموال الفقراء والترف يصيب المواطنين بالإحساس بالظلم…
ودائمًا أخذ قضية حزب العمال
Labour Party MPs Expenses
كمثال يحتذى به في الإعلام الصادق والشعب الواعي… فالشعب كله قد وقف وقفة قوية ضد من يستغلون منصبهم في مجلس العموم للصرف على متعلقاتهم الشخصية، وقد تدنت في إثر ذلك شعبير حزب العمال لأقل معدلاتها منذ عشرين عامًا…
تحياتي أخي وليد