توقفت قليلا في الكتابة لتلك السلسلة و ذلك لاسباب عديدة أهمها هي الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي أبتلينا بها خلال الفترة الأخيرة ، فالأستفتاء أنهى حالة التوحد التي عاشها الشعب المصري خلال الثورة إلى حلبة صراع بين رفقاء الأمس ، لكل منهم رأيه و لكل منهم وجهة نظره ، و هذا ما كان الكثيرين يتخوفون منه …
خلال أيام الثورة كنا في الشارع نتبارى في التعبير عن التلاحم بين المصريين كشعب واحد و هدف واحد ، كانت سعادتي فوق الوصف ولكن لم يدم ذلك سوى شهر و بضعة ايام حتى بدأت تظهر شقوق في لوحة لم تكتمل بعد ، حتى أن وجهة نظري في الكثير من التيارات الدينية كادت أن تتغير و ربما تتبدل برأي آخر مخالف لما أكتسبته من خوف و ريبة منهم و من افكارهم ، لأصحوا فجأة فالأختلاف كبير ، و المسافة بيينا و بينهم أكبر بكثير مما تصورت ، فمن كان يقف بجانبي يحميني و أحميه ، صار اليوم أول من يتهجم علي يتهمني مرة بالعمالة و مرة بالكفر ، لذلك كان لابد من التوقف لاستعادة الأنفاس و الرؤية.
حاولت بقدر الأمكان أن أرجع لكل ما أقتنيته من كتب التاريخ لأعرف هل هذا التيار الديني صنيعة عصر محدد لاسباب أجتماعية و سياسية ام هناك أسباب تاريخية …
البعض يرى أن ظهور التيارات الأسلامية في المجتمع العربي هو نتيجة طبيعية لسقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى ، و تنامي تيار الحداثة فكان لابد من ردة فعل من قبل المؤمنين بوجوب أحياءالدولة الإسلامية ، بالرغم أن العثمانية كانت وصلت من الضعف في السنوات الأخيرة قبل سقوطها مأخذا كبيرا ، لكن من يدرس التاريخ بشكل تفصيلي يرى أن تلك التيارات ليست فقط موجودة في العصر الحديث فهي بدأت منذ تولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة و بدأ في تأسيسه لدولة الخلافة بشكل مغاير للشكل الذي أعتاد عليه من سبقه ، مستعينا بخبراته السابقة التي أكتسبها من اسفاره خلال رحلاته التجارية إلى بلاد الفرس و الروم ، ليضع اساس جديد للدولة الخلافة ، ليظهر بعدها أول تيار مخالف لدولة الخلافة وهم ” الخوراج ” ، اللذين كانت بدايتهم مع نهايات عصر “علي” إلا أنهم نشطوا أكثر في عصر معاوية و وصلوا من القوة أنهم اسسوا دولتهم الخاصة بعيدا عن حكم بني أمية ، كذلك ظهر ” الزبيريين ” بقيادة عبد الله بن الزبير و أستمر ذلك التيار فترة ليست قليلة في التاريخ الإسلامي ، هذا فضلا عن الشيعة و الصفاريين …
سيجد القارىء أن المشكلة بالنسبة للتيارات الدينية هو فصل الدولة عن الدين و هذا ما فعله معاوية منذ بداية حكمه و تأسيس دولة بني أمية ، فكان أول تلك المظاهر هو تغيير مقر الحكم من المدينة إلى دمشق ، و قام بتغيير الكثير من المظاهر الخاصة بمن سبقه ، فلأول مرة منذ نشأة دولة الخلافة تظهر مؤسسات الدولة بشكل مغاير لما أعتاده الكثيرين ، و اصبحت الخلافة بالوراثة عندما أعلنها صراحة بتوريث الحكم لأبنه يزيد على عكس من سبقه ، لتبدأ من هنا الأزمة و تستمر معنا إلى اليوم
تعليق واحد على كيف تهدم شعبًا ؟ ( 3 )
قراءة جديدة ومغايرة لنشأة الحركات الإسلامية، واجتهاد أحييك عليه صديقي عمرو، بالرغم من عدم وجود “الزُبد” التي استمتعنا بها في أول جزأين، على أمل اختراق أقنعة الإخوان في الأجزاء السابقة، كما سبق وفعلت مع مصطفى شكري وصالح سرية.
تحياتي