منذ أن قمت بالانضمام لحركة شباب 6 ابريل وكانت هذه المعلومة بالنسبة لي معلومة سرية لا أحب أن أقولها ولا أريد أن أخبر أحد بها كذلك عندما قمت بالتحدث أكثر من مرة مع الدكتور أيمن نور ومراسلة الدكتور محمد البرادعي كانت أمور لا يجب أن أتحدث فيها لأنني كنت وقتها أعلم أنه سيأتي يوم ونخرج جميعا نقول أننا كلنا هنا كلنا نقف يداً واحدة بلا ضعف أو خوف  بصفتي مصرياً دون انتمائي لأي حزب أو جماعة أو أي حركة علماً أن تنسيقي التام للنزول كان بالمشاركة مع حركة شباب 6 ابريل الأحرار .

كانوا دائما يقولون أننا “حبة عيال” وقبل نزولي يوم 25 يناير 2011 ووقوفي داخل المظاهرة وسط ضرب الرصاص والقنابل ولا أخاف الموت أو الإصابة كنت قد قمت بارتداء  أفضل ملابسي ونظارتي باهظة الثمن وساعة اليد التي أحبها وأفضل حذاء لدي ونزلت من بيتي ومعي أوراق إثبات شخصيتي  مستعداً للموت بأجمل مظهر وأشيك صورة لي هي الصورة التي أذهب عليها لأقابل حبيبتي .

كنت في اليوم الآخر وكل يوم بعد أن يكتب الله ليا الحياة بعد الوقوف في وجه الظلم يوما بعد الأخر وقبل نزولي لأقوم بالسفر مسافة أكثر من 40 كيلو متر للتواجد داخل الأحداث أنطق “أشهد أن لا إله إلا الله …و أشهد أن محمداً رسول الله ” كانت تخرج منى ليس علي سبيل الخوف ولكن علي سبيل أن الخوف قد انتُزع مني وأنني نازل لا محالة من أجل الاستشهاد حتى ولو برصاصة طاغية فأنا مستعد .

هتافات كثيرة كنا كلنا “حبة العيال ” ننطلق بها في شوارع مدينة المنصورة من أجل الحرية والكرامة نبحث عن حقوقنا المسروقة وأموالنا المنهوبة ونريد إعادة أصدقائنا المعتقلين بدون خوف و وقوفا في وجه الظلم وفي وجه أسلحة جهاز الشرطة لسنا خائفين من عِصيهم ولا من قنابلهم ولا حتى من عرباتهم المصفحة التي قتلت وأصابت المئات منا نحن الشباب الحر الذين حققوا  كل ما لم يقم الأجيال السابقة بتحقيقه بسكوتهم في وجه الظلم حتى أصبح ظلمات مظلمة من الظلم يحميها طبقات هائلة من السحاب الأسود ليس بداخلها شعاع واحد من أشعة الشمس ولا يدخله هواء نقى مطلقا والكل يعلم ذلك علي مدى ثلاثون سنة .

في يوم 25 يناير 2011 ها  نحن حبة العيال أو كما أطلق علينا الوزير “السفاح” حبيب العدلي في أكثر من مرة “عيال النت ” قمنا بنزع كل طبقات السحاب الأسود التي كانت تغطي ذلك النظام الفاسد ووقفنا جميعا في وجه رصاص الشرطة الخائنة نحارب من أجل الحرية ومن أجل أن يعيش أبنائنا الحياة التي كنا نحلم بها لأنفسنا في المستقبل… ها نحن هناك في الميدان نطالب بحقوقنا في مظاهرات سلمية و مدسوس بيننا فئة مُخربة وعشرات البلطجية  يقومون بمحاولات التخريب وتدمير الممتلكات حتى تُسوَئ  سمعتنا والإعلام القومي يغطي تغطية فاسدة ويقوم باتهامنا بالتخريب ومع ذلك فالشعب المصري الذي فاق أخيرا صدق أن هذا الإعلام منزوع الشرعية فاقد لكافة معاني الاحترام وأخيرا صدق أنه ظل خمسين عاما يخضعه خمسون عاماً يكذب عليه .

الجميع من أهل بيتي كانوا لا يريدون نزولي إلى الشارع مع علمهم أنني علي حق لخوفهم الشديد عليّ الذي قد قاموا بزراعته داخل أنفسهم ولكني واجهت وصمدت وأثبتت أنني قد قتلت الخوف بسبب كثرة ما واجهت من ظلم وفساد  . ها أنا مصاب في رأسي بطلقة مطاطية والتي يشعر جسدي بألمها  ولكن روحي لا تشعر بها أبداً كنت قد أصبت بها أمام مديرية أمن المنصورة ومع رؤيتي للدم الذي تساقط من رأسي فإنني بدون أن أدري قمت بكتمه بمنديل ورقى وعاودت طريقي داخل المظاهرة مرةً أخرى ولكن لست أنا وحدي فجميع الشباب قاموا ولن يقعدوا وقفوا ولن يجلسوا قتلوا الخوف ولن يعود يريدون الموت فداءاً للحرية .

في عدة مرات قمت بالتناقش  مع الطبقة السلبية في المجتمع المصري ألا وهي السلبية السلفية فهم كانوا ينتظرون جيش صلاح الدين وينتظرون طريق للحق والتطهير التام لما يريدون تطهيره من فساد وظلم وقمع للحريات وحقوق الإنسان التي ننادى بها كمسلمين  ولكن بلى جدوى فقد قامت الثورة وهم في بيوتهم يقولون أن الباطل لن ينتهي بالباطل فهذه الثورة في وجهة نظر السلفيين الآن باطلة لماذا ؟ لأننا مازلنا تحت خط النار وأن الطريق الصعب ما زال مفروضاً ولا يجب أن يوجه هذا إلا الشجعان وهم اعتادوا أن لا يكونوا هكذا ولكن بعد أن تنتهي الثورة ونحقق نحن الشباب الحر كافة أهدافنا ونطالب بكافة حقوقنا فسنجد كافة شيوخ السلبية السلفية يخرجون ويشكرون الشباب ويؤيدون الثورة وسيظلون ينتظرون أن يأتي من يقمعهم فيسكتوا ومن يهددهم فيهربوا بحثا عن ماذا؟ لا أعلم خوفا من ماذا؟ لا أعلم فكلنا مسلمون نعمل أننا كلنا سنموت وكلنا أجمع يعلم أنه لا يجب أن نخاف إلا من المولى عز وجل .

في بداية هذه الثورة شارك حركة شباب 6 إبريل وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغير وكافة الأحزاب المعارضة من الغد والوفد والتجمع والكرامة وغيرها من أحزاب و مسلمين ومسيحيين وقلة قليلة من شباب الإخوان في بعض المدن ولكن بعد أن وجد الجميع أنها لم تكن احتجاجات وستنتهي وبعد مرور يوماً أخر علينا نطالب ونصمد ونُضرب بالرصاص المطاطي والغازات السامة والقنابل المسلة للدموع  ركبت معنا جماعة الإخوان بكافة المساعدة معترفةً بأنها لم تكن النواة وأن المطالب ليست سياسية فقط  لكن المطالب  اجتماعية اقتصادية سياسية لكل الشعب المصري بكافة طبقاته .

الشعب يريد تغيير النظام . في بداية الاحتجاجات في السنوات الأخيرة كانت تطالب بإلغاء الطوارئ وتخفيض الأسعار وبعد حين والأخر تقوم بالمطالبة بالإصلاح السياسي وبعد مدة الحد الأدنى للأجور … لكن بعد أن قام الشعب التونسي بالثورة الشعبية العظيمة في 14 يناير 2011 التي حفزت الشعب المصري علي القيام وانتزاع حقوقه من فم الظلم تحولت المطالب بعد ذلك إلى تغير النظام ورحيل الرئيس مبارك الذي مازال حتى اليوم يتحاور أو بمعنى أخر ” بيلف وبيدور ” مع أن الشعب المصري كله أثبت أنه يكرهه وهو يساوم علي أروح الشباب ودماءنا التي نزفت بغزارة في الأيام الأخيرة فهو الآن يريد أن يشتبك الشعب مع الجيش بكافة الطرق بعد ان قام بتعيين عمر سليمان نائباً له .

تبخر مليون وثلاثة مئة ألفاً من الشرطة في وقت غير معلوم والذي جعل الشوارع تتحول في المدن إلى فوضى عارمة تجعل الملايين غير أمنون بعد أن نزلت أعداد كبيرة من البلطيجية يسرقون المنازل ويغتصبون النساء في الشوارع ويسرقون هنا وينهبون هناك والذي يجعل الجميع داخل مصر وخارجها يحلل تبخر رجال الشرطة جميعاً من الدولة ونزول أعدادا متماثلة من البلطجية في كافة المدن المصرية في ظل وجود قرار رئاسي بحظر التجول يجعلنا نقول أن المستفيد الأول والأخير هو النظام المصري بعد أن قاموا بوضع رقم للطوارئ حتى يقوم الشعب بالاتصال ليثت مبارك أمام العالم والرأي العام أن هناك من يريد النظام وأن الشعب علي شقين أحدهما يريده والأخر يريد رحيله فيستطيع أن يقنع كافة الأنظمة بأن شرعيته ما زالت تعمل كرئيساً للجمهورية .

بعد أن قاموا بإغلاق موقع تويتر وجريدة الدستور والفيسبوك وموقع بامبوزر وجريدة البديل توقعوا أن هذا لن يزيد من عدد المتظاهرين ولكن عكس ما تمنوه فالحشد أصبح كبيرا في كافة المدن بعدها قاموا بإغلاق الاتصال بالإنترنت انقطاعا كليا سواء من الهواتف المحمولة أو من أجهزة الحاسب الآلي وقاموا أيضا بإغلاق شبكات الهواتف المحمولة في المدن وإغلاق خدمات الرسائل القصيرة في كافة المحافظات أملاً في أن لا نقوم بالنزول  ونتظاهر ونطالب بحقوقنا فهم قد قطعوا كل طرق الاتصالات ولكن الحشود تزداد والشعب أصبح يتشجع علي أن يطالب بحقه فازدادت الأعداد وكثرت الفئات من كافة المدن يطالبون برحيل النظام كله ويرفضون التوريث أو التمديد ولو ليوم واحد .

سلامي المحمل بكل روائح الحرية والعدل والمساواة لكل شباب السويس والقاهرة والإسكندرية والمنصورة والإسماعيلية والعريش وبدو سيناء الحبيبة  وكفر الشيخ والمنيا ودمياط وبور سعيد وأسيوط … وكل المحافظات والمدن التي شارك شبابها في ثورة 25 يناير 2011 والتي كانت أقوى انتفاضة مصرية علي مر التاريخ المصري تطالب بمطالب شعبية بطريقة سلمية بعيدا عن العنف وعن التخريب  . ورسالة إلى كل  المواطنين المصريين الذين شاركوا في الثورة والذين لم يشاركوا  من قام بتخريب الأماكن والممتلكات العامة والخاصة هم نفسهم من امتصوا دمائكم حقبة ثلاثون عاما من الظلم والفقر والتعذيب والاعتقال والكبت وقمع الحريات فعلى الجميع أن يعلم أننا كافة من شارك في الثورة قد نزلنا بطريقةً سلمية محترمة نطالب بحقوقنا بأفضل ما لدينا حيث أن الثورة بدأت من الفئة المثقفة من المدونين والثوريين الأطباء والمهندسين والمحامين والصحفيين الأحرار وكل النشطاء الذين قاموا بالتضحية من أجل اندلاع يوم الغضب يوم 25 يناير لهم منا شعب مصر كافة الاحترام والمحبة

الآن مصر في حالة ضعيفة وستقوى برحيل الفاسد الظالم الذي انتهك كل الشرعيات وكافة الحقوق الآدمية فهو الآن يساوم علي أرواح الشعب يريد أن تزيد أعداد الموتى فهو غير متضرر تماما لأنه قد هَرم من كثرة السرقة والنهب والظلم ولن يحتاج أكثر مما سرقه وهو وعائلته .

وفي نهاية كلامي انتفض رافعا أصابعي السبابة والوسطى وأبارك للشعب المصري علي ما حدث متمنيا من الله عز وجل أن تتم علي خير وأمان وأن يُحاكم كل من ظلمنا ونهب أموالنا وتعدى علي كرامتنا وأن نرسم خارطة سياسية للجمهورية مبنية علي الديمقراطية الحقيقية والحرية المبنية علي العدالة الاجتماعية وشفافية النظام الحكام وعدم التوجه مرة أخرى أبدا لحكم العسكر مهما حدث وأن تتحول الدولة إلى مدنية تامة .

دوّن بواسطة حامد اسماعيل ضمن دوايـــة حـــبــر في يناير 31, 2011 وتم نقله من مدونة حمودة