بالرغم من كل محاولات ثورة يوليو للوصول إلى أكبر قدر من العدالة الإجتماعية لتحقيق التوازن و الإستقرار للمجتمع حتى و لو كانت منقوصة حسب رأي اليساريين ، إلا أنه مع منتصف السبعينات و مع بدأ تطبيق سياسة الإنفتاح الإقتصادي بدأ التغيير تهب رياحه على السياسة الإقتصادية المصرية و التي أثرت بالتالي على التركيبة الإجتماعية ، فقد حملت تقارير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن السياسات الإقتصادية منذ بداية الثمانينات أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية بالشكل الذي أدي إلي زيادة ارتفاع معدلات الفقر ، و ارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق ، و حذر التقرير من الانحيازات الطبقية الصارخة للنظام للطبقات العليا ، و تضمن أيضا فصل بعنوان الفقر و التهميش في مصر يكشف بوضوح عن واقع الفقر في مصر و حظوظ الشعب المصري منه ، نستطيع معه أن نقول هذه هي مراحل تكوين خريطة الفقر الجديدة في مصر ، كما تعرض التقرير إلي الأرقام الحقيقية لنسب البطالة التي ابتعدت بصورة كبيرة عن الأرقام التي تتداولها الحكومة ، ولكن إنحدار الإقتصاد المصري لم يكن ناتج لسياسات الحكومات في فترة الثمنيانات فقط بل بدأت منذ السبعينات حيث بدأت الحكومة في تطبيق سياسة الإنفتاح الإقتصادي الذي كان له أثر بالغ في إنهيار قيمة الجنيه المصري ، ففي فترة الستينات كان سعره في مقابل الدولار يصل إلى 3 دولار لكل جنيه ثم أنخفض ليصل سعر الدولار لـ 0.75 قرش ، ثم يتواصل الإنخفاض إلى أن يصل إلى 3.5 جنيه في منتصف الثمانينات مع تطبيق سياسة تحرير سعر العملة ، ليرتفع بالتالي معدل التضخم في وقت لم يكن هناك غطاء إنتاجي يستطيع أن يعوض هذا التضخم و يسيطر عليه.
ورقة أكتوبر و بداية الهوة
في يوم عيد العمال 1 مايو 1974 أعلن الرئيس السادات عن ورقة أكتوبر و التي جعلت من سياسة الإنفتاح هي طوق النجاة للإقتصاد المصري ، على اساس أن أعباء الإنفاق العسكري قد هبط بمعدل التنمية في مصر من 6.7% سنويا خلال الفترة ما بين 1956 إلى 1966 ، إلى أقل من 5% ، و رأى السادات أنه لا مفر من الإستعانة بموارد خارجية عن طريق جذب مزيد من الإستثمارات لضخ مزيد من الأموال لإسراع معدل التنمية ، و على هذا صدرت مجموعة من القوانين من أهمها ما يلي : -
القانون رقم 43 لسنة 1974 و تعديلاته : فتح هذا القانون الباب لرأس المال العربي و الأجنبي للأستثمار في جميع المجالات الإقتصادية مع إعطاءه كل الضمانات مثل عدم جواز التأميم أو المصادره ، كذلك منح تلك المشروعات أمتيازات ضريبية لمدة تصل إلى خمس سنوات تصل إلى حد الإعفاء الكامل من الضرائب على الأرباح و حرية تحول الناتج سواء كان بالعملة المحلية أو الحرة للخارج
القانون 118 لسنة 1975 للاستيراد والتصدير : أتاحت نصوص القانون للقطاع الخاص حرية الإستيراد بلا ضوابط مما أدى إلى أستنزاف العملات الأجنبيه من خزينة الدولة و بالتالي زاد معدل الأقتراض لتعويض الناتج من هذا الإنخفاض
قانون النقد الأجنبي رقم 97 لسنة 1976 : حرر هذا القانون التعامل في النقد الأجنبي من القيود المفروضة عليه ، مما أعطى الفرصة للبنوك الأجنبية الحصول على ودائع بالعملات الأجنبية و حرية تحويلها للخارج
نظام الاستيراد بدون تحويل عملة : فتح مجال الإستيراد بالكامل دون الرجوع للجهاز المصرفي مما أستنزف أيضا الأحتياطي النقدي في البنوك من العملات الأجنبية
إنهاء العمل باتفاقات التجارة و الدفع : بهذا القرار ربط مصر بالأسواق العالمية و جعلها فريسة للتقلبات الاقتصادية لاسواق البورصات العالمية ، مما جعل التخطيط الأقتصادي شبه مستحيل ، و بهذا أنتهت جميع الأتفاقات التجارية التي كانت بين مصر و الحكومات الأخرى للتبادل السلعي و التي كانت تحافظ على الأحتياطي النقدي و على مستويات الاسعار و التضخم
تفكيك القطاع العام : بالرغم من إقرار الدستور المصري أن القطاع العام هو اساس التنمية الأقتصادية و أن له السيطرة الأساسية على القطاعات الأستراتيجية بالدولة ، إلا أن رغبة السادات الغير مبررة لدفع البلاد لسياسة الأقتصاد الحر بلا ضمانات حقيقية للحفاظ على القطاع العام جعلته يتسرع في إصدار قوانين مخالفة للقواعد الدستورية و عي القوانين 43 لسنة 1974 و الذي عدل بالقانون 32 لسنة 1977 ، اللذين جعلا القطاع العام يقع فريسة أمام الأستثمار الأجنبي بدون حماية أو تحديث و تطوير له ليسقط القطاع العام سريعا بالرغم أنه كان العماد الأساسي للخطة الخمسية الأولى و التي أعتبرتها العديد من منظمات الأمم المتحدة حينذاك كخطة نموذجية لتطوير الدول النامية.
و من أهم تداعيات سياسة الأنفتاح الأقتصادي هو تحويله إلى قطاعات متنافسة و ليست متكاملة لكل منهم قواعده و آلياته الخاصة مثل قواعد التسعير و الأجور و التمويل مما أدى إلى إنهيار سريع في القطاع العام ، لينخفض نصيبه من الأستثمار من 90% في أوائل السبعينات إلى 77% مع نهاية السبعينات ثم 75% في الخطة الخمسية 1982/1987، كما جرى أستنزاف للخبرات و العمالة المدربة سواء بالهجرة إلى الدول العربية أو أنتقالها إلى الشركات الإستثمارية الجديدة ، اي لتشغيل القوة المنافسة للقطاع العام.
و قد أثبت كل التقارير الرسمية من أجهزة الرقابة المختلفة أن هذا النمو كان نموا هشا ، فهو خدمي في المقام الأول ، لتتراجع القطاعات الإنتاجية و يقل مساهمتها في الناتج القومي ، فالقطاع الخدمي وصل معدل النمو فيه من 12% إلى 14% بينما في المقابل أنخفض معدل نمو الزراعة إلى 2% ، و لم تتعدى معدلات النمو في قطاع الصناعة عن 6% ، فالنمو هنا لا يستند إلى عناصر إنتاجية بل إلى طفرات خاصة مثل إرتفاع سعر البترول ، عائد قناة السويس ، تحويلات المصرييين العاملين في الخارج ، بالإضافة إلى دخول أموال أجنبية للإستثمار الداخلي ، الإقتراض من الخارج ، و بالرغم من أن إحدى اسباب سياسة الإقتصاد هو تقليل الإعتماد على القروض الخارجية حسب ما صرح به السادات في خطابه السابق ذكره ، إلا أن الحقيقة هو زيادة الدين من 2.1 مليار دولار عام 1973 ، وصل إلى نحو 15 مليار عام 1979 ، و أرتفع إلى 20 مليار 1983.
بالطبع مع إرتفاع مستوى الدين الخارجي ، و أنخفاض معدل النمو أن يحدث تضخم فأرتفع معدل التضخم إلى 11% عام 1974 ، ثم إلى 13% عام 1977 ، و في عام 1980 ارتفع إلى 21% ، بينما من قبل لم يتجاوز معدل التضخم حاجز الـ 4% حتى عام 1973 ، و بالطبع تأثر المجتمع المصري بكل هذه التغيرات.
السبعينات و إعادة تشكيل المجتمع المصري
أدت سياسة الإنفتاح إلى ردة إجتماعية حادة ، فقدت شهدت مصر نموا هائلا في الأنشطة الطفيلية التي أخذت صورا عديدة مثل إستغلال النفوذ السياسي و الإداري ، الرشوة ، التواطؤ مع القطاع الخاص على حساب القطاع العام ، المضاربة في الأراضي و العقارات ، الإستيلاء على اموال الدولة ، كل ذلك أثر سلبيا على القيم التي كانت سائدة في المجتمع المصري ، و كان من أخطر ما شاهدته مصر هو تحكم صندوق النقد و البنك الدولي في التخطيط الإقتصادي للبلاد ، ففرض على الحكومات تنفيذ سياسات أضرت بالمجتمع بل كانت معوق للتنمية.
أعتبر الخبراء الإقتصاديين و الإجتماعيين أن ما حدث في منتصف السبعينات هو إنقلاب لم يحدث في يوم و ليلة ، بل كنا نستيقظ كل يوم على تراجعا جديدا عما فعلته الحكومة في الخمسينات و الستينات ، الإصلاح الزراعي لم يكتف بوقف تقدمه ، بل ألغيت الحماية التي كانت الحكومة تصبغها على مستأجري الأرض إزاء مالكيها و الأسعار جرى تحريرها واحدا تلو الآخر و الدعم تم تخفيضه و المشروعات التي تم تأميمها و إنشائها خضعت لما سمي بسياسة الخصخصة.
كل هذه التحولات أثرت على المجتمع المصري ففي بداية عصر الإنفتاح في الفترة ما بين 1975 إلى 1985 شهدت مصر إرتفاعا ملحوظا في معدل النمو و بالتالي إرتفاع في متوسط الدخل للفرد ، إلا إن هذا التحول الذي حدث في السياسة الإقتصادية المصرية اضرت بتوزيع الدخل و بتوازن الهيكل الإقتصادي .
الطبقة المتوسطة بين فكي الرحى.
كانت أكثر الطبقات تأثرا بسياسة الأنفتاح الإقتصادي هي الطبقة المتوسطة التي وجدت نفسها فجأة في تحديات ، فبسبب طبيعة تكوين تلك الطبقة التي تستثمر بشكل واضح في تعليم أولادها و تحرص على حصولهم على شهادات جامعية ، للحفاظ على الأرث الاسري ، و هذا يوضح لنا أن الغالبية العظمى من تلك الأسر كانت تملك أرثا أجتماعيا أكثر منه ماديا ، مثل المركز القيادي في إحدى المؤساسات ، و كانت تحرص أسر الطبقة المتوسطة على توريث تلك المكانة إلى أولادها ، و ظهر ذلك جليا في مرحلة الستينات التي شهدت تنامي للشرائح البيروقراطية التي تعمل في مؤسسات الدولة ، إلا أنه مع بدأ سياسة الإنفتاح و التوجه نحو الخصخصة ، بدأت تلك الطبقة تفقد مميزاتها السياسية و الإجتماعية ، أمام طبقات أخرى ، فحاولت تلط الطبقة أن تحافظ على وجودها و تميزها و أتجه جزء كبير منها إلى العمل بالخليج خصوصا بعد تنامي الفائض النقدي بها مع ارتفاع أسعار البترول ، إلا أن شريحة أخرى لم تستطع ذلك و حاولت الحفاظ على نفسها و وجدت في شركات توظيف الأموال التي أستغلت التغيرات الإجتماعية السريعة و رغبة الطبقة المتوسطة في الحفاظ على كيانها الإجتماعي و المادي ، فاستطاعت تلك الشركات جذب الجانب الأكبر من المدخرات النقدية لتلك الفئة إلا أن هذا المنفذ سقط بسبب عدم وجود الرؤية الأقتصادية الحقيقية له و أعتمد فقط على رغبة الأفراد في الخروج السريع في مأزقهم ، ليبدأ مسلسل سقوط الطبقة المتوسطة ، و في نفس الوقت شجعت الدولة نمو البرجوزايات الصغيرة التي تقوم على المشروعات الخاصة ، فدفعت خريجي الجامعات للعمل في إمتهان أعمال بسيطة مثل بيع الخضروات و الألبان و أنابيب البوتجاز ليحدث تحول في بنيات تلك الطبقة ، حتى التقسيمات الطبقية للمناطق السكانية بدأ من ثمنينات القرن الماضي تغيرت ، فكان من قبل معروف أن مناطق كالزمالك و جاردن سيتي يوجد بهما الطبقة الثرية ، و أن الطبقة الوسطى توجد في مناطق الزيتون و ساري القبة و غيرها من المناطق المشابهة ، أما الآن فنجد شرائح من الطبقة الوسطى و الدنيا تسكن بولاق الدكرور و ابو العلا ، نتج عن كل ذلك جيل جديد منفصل ثقافيا عن الجيل الأقدم ، فهو فقد الإحساس بالإنتماء بعد أن تخلت عنه الدولة في بداية طريقه للحياة و تركته وحيدا و سط صراعات و إحباطات كبيرة أقوى من قدراته و تغيرت المفاهيم و اصبحت الفهلوة هي الأساس و القدرة على النفاق و الكذب جزء من التركيبة الشخصية الناجحة ، و تاكد له ذلك بوجود نماذج أستطاعت أن تجد لنفسها مكانا مميزا بالمجتمع و هي لا تمتلك المقومات الحقيقية لذلك ، و لكنها تمتلك قدرات أخرى تناسب المفاهيم السائدة ، و أصبح من لا يمتلكها غارقا في التيه ما بين قناعات داخله و حقيقة يتعامل معها …
و يتحدث دكتور جلال أمين في كتابه “ماذا حدث للمصريين” عن هذا الصراع الذي حدث نتيجية لأختلاف السياسات الاقتصادية و الإجتماعية بين الحقب الزمنية المختلفة التي مرت على مصـر فيقول ” نستمع دائما لشكاوى الأقتصاديين من شدة الإعتماد على إستيراد الغذاء و إختلال توزيع الدخل و أنصراف الإستهلاك إلى السلع الترفيهية على حساب إشباع الحاجات الأساسية ، كذلك الشكوى من شيوع الفساد و إزدياد حوادث العنف ، و تفكك الأسرة و إنتشار قيم مادية تعلي من قيمة المكسب السريع على حساب العمل المنتج و إزدياد تغريب الحياة ، سواء كانت في شكل أنماط سلوكية يومية أو في اللغة المتداولة ، و إنتشار تقديس كل ما هو أجنبي و تحقير كل ما هو وطني ، وشكا المعلقون السياسيين من ضعف روح الإنتماء الوطني ، و إنتشار اللامبالاة بالقضايا القومية الكبرى ، مقابل الإنشغال بقضايا الحياة اليومية المعيشية كلقمة العيش ؛ و كذلك شكوى المهتمون بالقضايا الثقافية من شيوع ثقافة هابطة تهتم بالجنس و المادة ، و من شيوع اللا عقلانية في التفكير الديني و تدهور مستوى التعليم و إنحطاط حال الجامعة … ألخ.”
كما فسرها د.جلال أمين أن من الأسباب المهمة التي زادت الصراع الطبقي هو هوس الهجرة الذي بدء من منتصف السبعينات لدول النفط طمعا في الوصول إلى مستوى مادي أفضل ، مما أدى إلى تأصيل عادات لم تكن متعارف عليها في المجتمع المصري ، فالهجرة لم تغير فقط الشكل المادي بل أنتقل للمحتوى الثقافي للمصريين اللذين تأثروا بثقافات مختلفة و التي سوف تكون لنا وقفة معها ، فطبيعة المجتمع المصري لم تكن طبيعة إستهلاكية على مر العصور ، و بهذا أعلن السادات فعليا بدأ من عام 1974 نهاية حقبة يوليو بشكل فعلي فمبادئها أنتهت مع إطلاق ورقة أكتوبر و بدأ عصر جديد مختلف تماما الإختلاف عنها ، و لم يعد هناك اي رابط يذكر بين فترةالسادات و ما بعدها و فترة الشرعية الثورية كما يحب أن يطلق عليها الناصريون …
6 تعليقات على إلى أين نحن ذاهبون ؟ ( 6 )
أهلًا أستاذ عمرو،
أولًا، القطاع العام ليس هو المعيار للحكم على الأداء الاقتصادي في أي دولة على كوكب الأرض، بل أن القطاع العام يهوى كاملًا، لأن ليس من مهام الدولة إنتاج السكر والزيت، بل الحفاظ على الأمن والعدالة، وبما أن هذه النقطة الأخيرة ضائعة في مصر أساسًا، فمن غير المنطقي، ولا غير المقبول، أن تطالب سيادتك في عالم يتجه إلى اليمين الاقتصادي بالرجوع للخلف. أعتقد أن سياسات السادات الانفتاحية تمت في توقيت موالي تمامًا لتقدم ونهوض الاقتصاد المصري، ولكن ماذا تقول في دولة ضاع قضاؤها وأمنها؟ بالتأكيد سوف يهوى الاقتصاد. مقارنات سيادتك في غير محلها، لأن الظروف ليست مؤاتية من الأساس لنجاح هذه القرارات، لأن العالم ليس مثاليًا، وأكثر من عامل يتحكم في النظرية، وليس العامل اقتصاديًا بحتًا. فهذا لا يجوز إلا في كتب الاقتصاد.
نقدك الماركسي قد أكل عليه الزمن وشرب. اعذرني سيدي، فهذه هي الحقيقة. وإن كنا دولة نامية اقتصاديًا حاليًا، فسوف نتردّى إلى ما هو أسوء إن تم تطبيق ما تدعو إليه من سياسات ضارة مضادة للسوق الحرة من الحفاظ الوطني على المنتجات
Protectionism
والدعوة لزيادة دور القطاع العام الروتيني المملّ المليء بالفساد وانعدام الجودة والكفاءة والمحاسبة.
سيادتك ذكرت:
أعتقد أن السبب واضح أنه ليس اقتصاديًا بقدر ما هو اجتماعيًا وسياسيًا، في ظل انخفاض مستوى التعليم، بسبب التعليم الحكومي، والشمولية العسكرية، التي اختلطت بالبوليصية في هذا العصر.
ملحوظة: أنت لم تقم بالرد على تعليقاتي في أيّ من أجزائك السابقة، والتي أحترم رأيك بشأنها ولكني أختلف كليةً مع مضمونها، ولهذا كتبت تعليقي هذا، ومدرك 100% أنك لن تردّ أيضًا.
أستاذ أحمــد
بعتذر ليك على عدم ردي على تعليقاتك في المرات السابقة لكني و أعتقد أنك لاحظت ذلك أني كنت بعيد خلال الشهرين الأخيرين لأنشغالي الشديد …
أما بالنسبة لما ذكرته في ردك أن “القطاع العام ليس هو المعيار للحكم على الأداء الأقتصادي في أي دولة على كوكب
الأرض”
أنا لم أقل ذلك و لكني أسرد تجربة خاصة بمصر من الممكن أن تفشل في بلاد أخرى و من الممكن أن تنجح ، أما عن التجربة المصرية فأغلب التقارير التي قرأتها إذا لم تكن كلها أثنت على تجربة القطاع العام ، و هذه التقارير صادرة من داخل نفس عباءة النظام الذي هدمها فهي صادرة إما عن الجهاز المركيز للمحاسبات أو من خلال مركز لاأهرام للدراسات الأستراتيجية و يمكنك الإطلاع عليها من خلال أرشيف الأهرام …
أنا لا أطالب بالرجوع للخلف و لن أطالب بذلك ، و لم اسمع أن العالم يتجه للأمام من خلال الرأسمالية إلا فقط على اللسنة الرأسماليين ، تذكر يا صديقي أنتفاضة عمال المحلة و البطالة المتفشية في العالم حاليا لتتعرف على ماذا قدمت لنا الرأسمالية …
أم إن العالم يتجه نحو اليمين الرأسمالي ، أسمح لي أنت مازلت منخدع بالآالة الإعلامية الغربية الضخمة فأغلب المنظرين الأقتصاديين حاليا يراجعون نظرتهم للمبادىء الرأسمالية بعد الأزمات الأجتماعية و الأقتصادية الحادة التي تسببت فيها ، من زيادة معدلات البطالة و الفوارق الطبقية ، و تفشي الاحتكاارات الراسمالية من قبل الشركات العالمية ..
حضرتك أقتبست فقرة من المقال ولكنه أقتباس منقوص لأنها مرتبطة بما سبقها و هي
” بالطبع مع إرتفاع مستوى الدين الخارجي ، أنخفاض معدل النمو أن يحدث تضخم فأرتفع معدل التضخم إلى 11% عام 1974 ، ثم إلى 13% عام 1977 ، و في عام 1980 ارتفع إلى 21% ، بينما من قبل لم يتجاوز معدل التضخم حاجز الـ 4% حتى عام 1973 ، و بالطبع تأثر المجتمع المصري بكل هذه التغيرات.” ، فأرتفاع مستوى الدخل لم يكن على اسس حقيقية بل هي عبارة عن طفرة خادعة من زيادة المعروض من النقد في الأسواق بدون غطاء إنتاجي يحافظ على مستوى التضخم ، فحدث بالتالي أرتفاع غير عادي في معدلات التضخم ليصل إلى 24% ، طبعا ده ناتج عن السياسة الرأسمالية اللي تبناها السادات و أمثاله …
أما عن الفساد في القطاع العام أسمح لي أذكر لي أمثلة للفساد حقيقية ليس كلمات رنانة بلا أدلة بل أمثلة موثقة نستطيع أن نتناقش عليها ، أذكر لي قضية فساد واحدة كبيرة اثري فيها شخص و اصبح من اصحاب الملايين كما حدث في فترة السبعينات مع إنطلاقة سياسة الانفتاح ، أعذرني لن تجد ، أقصى ما كان يمكن ان يحدث من فساد هي أشياء لا تؤثر على الكيان العام و هذا ليس كلامي ولكنه أيضا موثق و بالأدلة و انتظر ردك في تلك النقطة ، هسهلها عليك أذكر لي ما هو حجم القروض الخارجية على مصر بعد نهاية حرب 73 و التي من المفترض أنها ستكون قاسية ، و حجم القروض الخارجية على مصر مع تطبيق السياسات الرأسمالية
معلش أنا قلت ليك من البداية أنا ما بتكلمش عن الشمولية العسكرية و الديمقراطية و الكلام الكبير بتاع النخبة … يا عم انا إنسان بسيط من اصحاب الياقات الزرقاء اللي بيعرقوا طول اليوم علشان لقمة العيش
رجل اشارع العادي مالوش دعوة بكل الكلام الكبير ده رجل الشارع مش عايز غير أنه يحس بالأمان ، لو الرأسمالية هتدي الناس الأمان هقف معاك على طول الخط بس أثبت ده .. و أعتقد أنه صعب و يمكن أقرب للمستحيل
عايزك تدور على النت على فيلم مايكل مور الأخير
Capitalism A Love Story
ممكن تنزله تورنت من هنا
http://thepiratebay.org/torrent/5377950/Capitalism.A.Love.Story.DOCU.DVDRip.XviD-SAPHiRE
برده لو عايز ترجمته موجودة لأني ترجمته بنفسي
كمان في سلسلة أفلام من ثلاث حلقات أنتجتهم قناة البي بي سي عن الأزمة الأقتصادية الأخيرة أسمهم
The Love of Money
الرابط ده فيه معلومات عن كيفية تحميل الفيلم بأكثر من طريقة ، ولو عايز الترجمة العربية الخاصة بيهم موجودة عندي
راجع موقع
http://docuwiki.net/index.php?title=The_Love_of_Money
هتعرف من خلالهم حاجات كثير قوي … دي أفلام تسجيلية طبعا مش روائية
ما هو يا سيد عمرو، حضرتك بتديني رابط لفيلم لمايكل مور،
Limo Socialist
أو الاشتراكي اللي راكب ليموزين، وعايزني أصدقه.
أنا ممكن أدّي لسيادتك روابط لميلتون فريدمان، فريدريش هايك، أو فون ميسس.
حضرتك بتقول فين الفساد في القطاع العام وبتقوللي هات أمثلة. أنا دفعت رشاوى لأمناء الشرطة وموظفي الدولة فقط عشان ورقي يمشي في مواقف كثيرة جدًا. وهذا ما يحدث كثيرًا.
حرتك بتقول إن الفساد في القطاع العام مش بيأثر على القطاع كله. إزاي الكلام ده؟ والمال العام، الضرايب والذي منه، مرتبط ارتباط وثيق بالقطاع العام، يعني أي فساد هيأثر مش بس على شركات وأفراد لا علاقة لهم بالفساد مباشرةً، بل سيؤثر عليك وعليّ.
عفوًا يا سيد عمرو، حضرتك بتقول ماليش في الكلام الكبير والمفردات الضخمة، مع حضرتك كاتب 6 أجزاء صعب الناس اللي انت عايز تساندهم يفهموها. ولو حضرتك بتحب الناس الغلبانة وعايز تساعدها، فحضرتك شعبوي مش اشتراكي حتى، والشعبوية ولا بتحلّ ولا بتربط، لأن الارتباط بالفقراء لن يضير لو كان عاطفي فقط، لكن لو عايز تغيّر النظام كله، وتشدّ الاقتصاد تجاههم، فطبعًا الاقتصاد سوف يتهاوى.
الاقتصاد العادل لا يفرّق بين الغني والفقير إلا بالعمل، اقتصاد رأسمالي ليس شعبويًا ولا نخبويًا.
اسمحلي أعطي لسيادتك رابط تقرأه، وهي مقالتي أنا على هذا الموقع:
http://www.mideastyouth.com/ar/?p=5789
استاذ أحمد و الا أقولك أحمــد بيه بما أنك رأسمالي قحط
في البداية ما يهمنيش مايكل مور بيركب أيه أو عايش إزاي … رغم أني كنت سعيد الحظ بمقابلته في دبي السنة الماضية و تحدثت معاه لمدة ساعة كاملة ، و يا سيدي حاجة تانية أيه المانع أنك تديني روابط لكتب فريدمان أو هايك ده شىء يسعدني
أنا لما ذكرت فيلم “الرأسمالية قصة حب” كان لتوضيح وجهة نظري مش أكتر … لأن الفيلم وضح حاجات كثير قوي تفضح المؤسسات الراسمالية الضخمة اللي حضرتك مبهور بيها حسب ما ذكرته في مقالك ” الرأسمالية تاج فوق رؤوس الأذكياء” ، رغـم أنه عنوان مستفز ، كأن باقي البشر أغبياء لا يستحقون الحياة … نظرة متعالية غير عادية ، و بما أنك من المثقفين القارئين ، فبالتأكيد تعرف أن مستويات الذكاء بيتحكم فيها عدة أمور منها البيئة و الجينات و مابيكونش الإنسان السبب فيها ، فمش عارف أنت ليه بتحتقر الناس لأسباب هما مش السبب فيها …
أما عن القطاع العام أنا بتكلم عن قضايا فساد كبيرة و مؤثرة ، مش قضية رشوة صغيرة لموظف صغير طماع ، و لو عايز فعلا نتكلم عن الفساد في القطاع العام تعالى نشوف الرأسمالية عملت معانا أيه في قضايا فساد كبيرة و هناخد مثال صغير ، الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات ( بيبسي كولا ) … الشركة دي قبل طرحها للبيع كانت مكونة من 8 مصانع فيهم 18 خط إنتاج ، بالأضافة إلى أسطول ضخم من السيارات حوالي 33 سيارة نقل ، 16 أتوبيس لنقل العاملين ، بالأضافة إلى السيارات الخاصة و هم حوالي 14 سيارة ، ده غير العديد من قطع الأراضي المملوكة للشركة منها قطعة ارض كبيرة في واحدة من أغلى مناطق القاهرة و هي الهرم قيمت تلك الأرض فقط بأكثر من 155 مليون جنيه ، الشركة كانت بتحقق مكاسب عالية جدا و كانت بتورد سنويا لخزينة الدولة ما يقرب من 62 مليون جنيه … ده غير الأرباح اللي كانت بتوزع على العاملين …
تم بيع كل ده للسيد محمد نصير و معاه شريك سعودي بمبلغ 157 مليون جنيه فقــط … معلش بقى تحول رأسمالي ؛
نيجي للمهم … ما مرش على الموضوع ده غير ثلاث سنوات و باع السيد محمد نصير نصيبه بمبلغ 400 مليون دولار .. ياريت تحسب الفارق و تحاول تعرف هو راح في جيب مين !!
و تقولي رأسمالية … ماشي هنعديها
نيجي للنقطة الثانية أتهامك الغريب ليا بالشعبوية … الظاهر أنها بقت تهمة ، بس الأول لازم نعرف يعني أيه شعبوية علشان نقدر نقيم بشكل كويس …
الشعبوية أو الـ Populism هي حسب القاموس لا تعني سوى الغناء أو المغني لشعبي ، و في نفس الوقت بتتعرف على أنها التعبير عن حياة الشعوب بواقعية ، لكن أحيانا بعض المثقفين بيستخدموها للنيل من الآخرين كأنها تهمة ، لكن هتماشى معاك .. التاريخ بيذكر لينا واحد من أكبر الشعبويين و هو خوان بيرون ، و الجميل أنه مازال شخصية اسطورية لها شعبيتها لغاية النهاردة زي ناصر عندنا بالظبط ، الشعبوية جزء من عملية العمل السياسي لما تكون هناك أزمة ديمقراطية أو ازمة تواصل بين النخبة و الشارع ، يبقى مافيش حل غير الشعبوية ، و ده بيستخدمها حاليا الأخوان و الجماعات الدينية بأسخدام شعارات دينية براقة.
و أنا ما استخدمتش شعارات ، و هرجع تاني اقول أنا بعمل رصد للتاريخ مش أكثر و بشكل محايد ، علشان كده سألتك هاتلي حالة واحدة في الفترة ما بين 1961 حتى 1977 يكون فيها أستخدام موارد القطاع العام للأثراء بشكل كبير زي ما حصل في فترة الانفتاح و مرحلة الخصخصة و انا أوعدك أني هبحث و أدور لغاية لما أوصل للحقيقة فيها و أنشرها في كل حتة فيك يا بلد .. عن نفسي دورت كثير جدا مالقيتش ، لو تقدر تساعدني أكون شاكر ليك ، لكن ارشيف الصحف المصرية ما فيش فيه حالات فعلا تكون مؤثرة اقتصاديا كمثال شركة البيبسي كولا …
نيجي للنقطة الأخيرة ، حضرتك بتقول أني كاتب 6 أجزاء يصعب على البسطاء أنهم يفهموها أنا مش عارف هي فين الأجزاء الستة ، ياريت توضح ليا علشان أكتب ببساطة أكثر و اوصل لأكبر عدد ممكن من الناس
أما جملتك الأقتصاد العادل لا يفرّق بين الغني والفقير إلا بالعمل ، اقتصاد رأسمالي ليس شعبويًا ولا نخبويًا.
ماشي النص الثاني مش هرد عليه لأني رديت عليه في الفقرة اللي فاتت
أما الجزء الأول أنا متفق معاك و قبل كده في رد ليا سابق وضحت ليك أن الاشتراكية مش معناها الكسل أو التواكل ، لكن معناها العمل لرقي المجتمع و بالتالي الفرد ، أنا مش عارف الفهم الغريب للإشتراكية أنها للكسالى وصل ليك منين
قبل ما أنسى الأقتصاد الصيني حاليا يعتبر أقوى أقتصاد عالمي و لم يتأثر بالأزمة الأقتصادية العالمية ، عارف ليه … لأن القطاع العام الصيني بيتحكم في 75% من الأقتصاد.
على العموم الطريق لسه ما أنتهاش و فيه لسه جزئين كمان تقريبا أو على الأكثر ثلاثة هنتعرف مع بعض على حاجات كثير قوي
طب كويس، نقرا ونتناقش مش قضية.
Then, about 45-minutes before landing, they passed a sweet pastry with a choice of a
hot beverage, juice, or soft drinks. The UAE government literature emphasized that the government will not let anny major firm fail.
The seldction of the colour red as the principal colour of the Arsenal shirt has an interesting
history.