كثيرة هي المناقشات التي ندخلها كعرب في مناقشة الوضع العربي والسياسي والديني لعالمنا العربي وخصوصا للشرق الأوسط , وكثيرا ما تنتهي هذه المناقشات بتوتر وارتفاع مستوى الأصوات وتدخل الطيبين من المصلحين ممن يهدؤون النفوس وينهون المناطحة الكلامية بعبارة :أحنا مالنا ومال الكلام في السياسة؟ الحقيقة أن الكلام في السياسة مصطلح كبير علينا ,لاننا لانتكلم في السياسة ولكن نتكلم فيما بيننا حول موضوع سياسي معين ونطرح وجهات نظرنا المحسومة مقدما, مدعومة بخطوط حمراء واضحة وصريحه,فالزعيم الفلاني هو وطني وذو مواقف وطنية لاتعرف الشك, والحزب الفلاني أو الحركة الفلانية هي المدافعه عن العروبة وعن القومية , والدولة الفلانية هي محور الشر والاخرى هي الشيطان الأكبر , وكما يقول أحد اصدقائي عندما نتكلم حول الكورة : قول ماتشاء على برشلونة بس لاتجيب سيرة ريال مدريد بكلمة.. وبالفعل فالكلام في السياسة بين العرب محسوم بطريقة برشلونة وريال مدريد التي يتسخدمها هذا المتعصب الاعمى لريال مدريد,فمن يجرء على طرح وجه نظر تشكك بوطنية الزعيم الديني فلان ؟ ومن يستطيع ان يقول ان الدولة الفلانية تنفذ اجنده فلانيه؟ ومن المستحيل أن نطرح منطق ان تكون بعض مواقف القوى الدولية ربما لصالحنا فنظرية المؤامرة هي العنصر الاول والاخير للطبق السياسي الديني العربي, فالموقع الفلاني هو سلاح للأستخبارت الفلانية والقناة الفلانية عميلة للامبريالية العالمية , من الممكن ان تجد من يطرح بكل بساطة ان الدكتاتور الفلاني كان من اعدل الناس على الارض وان شعبه عيب عليه ان يقول اخ لو سفك دمه, كما ان الدول التي تدين بديانتنا ومذاهبنا وتمول معابدنا وتضخ الاموال في المنطقه لتحولها لساحة شطرنج دولية هي دول من السفالة التشكيك بمواقفها الملتوية لان نصرتها من نصرة الله ونصرة القضية وخطوة نحو تحرير كل أرض محتلة. مواقفنا الحوارية صماء لاتسمع الاخر وكلامنا في السياسة يتفرع للدين وللقبيلة وللجذور الطائفية التي تربينا عليها , ونتهي بترديد عبارات مشتقة من كتب الثقافه الحزبية والدينية التي تضخها القوى المسيطرة على حياتنا , نحن ببغاوات لقنواتنا الفضائية ,نسيس العالم بسياسة البرنامج الذي نتابعه في المساء,نحلل ونحرم كما يريد فلان وفلان بدون ان نفكر او نحلل ,نحن لانتناقش نحن نوضح للاخر لماذا هو مخطىء ولماذا خلقه الله ناقصا عن علمنا؟ والمشكلة جذورها تعود الى اننا لانعرف المناقشة ,فالبيت عبارة عن منظومة هرمية الحاكم بأمر الله رب البيت والمقربين منه ممن يحصلون على كارتات حمراء واستثنائية ونحن في أسفل الهرم, نحن نخاف من التجديد, فنصيح بتعجب لورأينا قصة شعر غريبة عنا أو شخص يلبس ما لايعجبنا , ننبذ كل ما لانعرفه , وحتى في الحب نطبق نفس النظرية ,فهناك دائما قائد يسير العلاقة ,لذا تجدنا نعيش قصص الحب في خصام ومصالحه اكثر من اللازم لاننا دائما نجد شيء خطاء قام به الاخر او فكرة لم ينفذها كما نريد. وأبسط مثال هو ان تفتح موقع اي جريدة عربية وتقرأء تعليقات القراء تجدها تبداء بشتم الكاتب وتنتهي بأربع أيات قرأنية وتبادل شتائم, وحتى لو لم يكتب المعلق أسمه أو اسم بلده ستعرف من أي دولة هو وماهي ديانته ومن أي طائفه هو أما مواقع الجات العربية فمقسمه لنشر عبارة بذيئة لسبب ما تحقق النجاح في جذب الجنس الاخر من العرب فقط طبعا, وعبارة التشاتم بين الاديان أو الدول, نحن نعاني من نقص حاد في مادة الحوار ولو تخصص كل قناة فضائية برنامج تعليم كيف نسمع ونتحاور مقابل كل 10 برامج حوارية وتوك شو من نوع رمي البانزين على النار,لو نخصص صلاة جمعة من صلاواتنا الشهرية لنذكر نماذج من حوارات الأنبياء مع من يخالفهم الريء وكيفيه تحملهم وتقبلهم ومسيارتهم والجهود المبذوله لأيصال الفكرة واحترام الريء الاخر,لو حاولنا أن نسمع قليلا ولا نستنكر ونشجب وننقرف ونحول كل تعليق نعلقه لعملية وطنية أنتحارية ضد كل أعدائنا ربما سنتمكن من ان نفكر قليلا ونشجع برشلونه كما نشجع ريال مدريد ولا تنهار علاقاتنا الدبلوماسية بلعبة كورة, ربما يومها نستطيع الكلام في السياسة
18
نوفمبر
2009
ثقافة الحوار
هذه التدوينة ادرجت ضمن تصنيف التعايش السلمي, القضايا الاجتماعية, حرية الرأي والتعبير, سياسة, طائفية, عقلانية, عنصرية, قومية.
3 تعليقات على ثقافة الحوار
إن نجاح الحوار يعتمد على مدى قدره الفرد على الاقناع والتأثير .
وإن من أهم وسائل الإقناع التاثير في الحوار :
أن تكون صادقاً ، نزيهاً ، هادئاً حليماً رحب الصد
ر ، متواضعاً ، واثقاً من نفسك من دون غرور ، كما تكون مستمعاً جيداً ، ومتحدثاً صريحاً واضح الكلام نبيل الهدف ، ومتمكناً من موضوعك ، مقتنعاً بأفكارك ومواقفك، مثيراً لإعجاب غيرك ، ساعياً إلى كسب احترامه ووده .
لكن هل هذه معانى سهله الفهم والأستيعاب لشعب لا تخلو صوره من ورقه اوما شابه على الرصيف و الشوارع ؟
أتفق معك يا وميض تمامًا، فالقبائليّة والعشائريّة والمناطقيّة والطائفيّة تسيطر بشكل بغيض على التحاور في منطقة الشّرق الأوسط، ولهذا السّبب الأسمى، كان ولايزال موقع شباب الشّرق الأوسط قائمًا، للحوار السّلميّ بين شباب الشّرق الأوسط، وإن فرّق بينهم وطن وتربية خاطئة ونقص حاد في آداب الحوار البنّاء، فشباب الشّرق الأوسط يجمعهم.
هذا، ولا بد أن تقرأ ما كتبه صفاء البارحة عن العقلانيّة: أسس ومرتكزات،
http://www.mideastyouth.com/ar/?p=617
شكرا داليا الغريب ان من الصفات التي أشرت عليها هي نفسها الصفات التي نتفاخر اننا نتصف بها مقرونا بخلفياتنا التربوية المجتمعية أي ان صفات التعصب والتفرد واللاأصغاء هي صفات دخيله
احمد مقال صفاء مميز وقد اطلعت عليه قبل أن اكتب مقالي وقمت بنشره على صفحتي في الفيس بوك , و نشكر الشرق الاوسط لاتاحه الفرصه لنا لتعبير وتبادل الاراء