منذ زمن طويل وأنا أرقب العلاقة الأردنية القطرية ولا أخفي سرا أني لم أفهم هذه العلاقة جيدا، فتارة أراها في العسل لكني لا أرى العسل إلا طبقة طلاء المساحيق التي تجمل بها النساء وجوههن فإذا غسلتها وأزالتها في اليوم التالي عادت الصورة الأصلية إلى طبيعتها بدون تصنع.

كنت أستغرب أن تنجرّ الحكومة القطرية لتوجيه حكم بالإعدام على صحفي أردني بتهمة التجسس ولم أكن أستوعب ما هو الشيء السري العظيم الذي يستوجب الإعدام ويدفع الأردن لإرسال جواسيسه للحصول على هذا السر بينما لا أسرار في قطر، ولا الأردن من طبعه ومن تاريخه التجسس على الأخوة العرب أينما كانوا بل كان الأردن لهم دائما بلدا ووطنا يحتمون فيه من غدر الرجال وجور الزمان وبطش الأعداء بل ومن تقلبات الطقس والتمتع بجوه الجميل وجباله الساحرة.

كما كنت أستغرب أن تكون قناة الجزيرة الفضائية هي العدو الأول للسلطة التنفيذية الأردنية، وهذا عداء من جهة واحدة فلم يستطع مسؤول أردني مهما كانت درجته وخبرته الصحفية، أن يستوعب الدرجة المهنية العالية التي تحتم على قناة الجزيرة إظهار الحقائق كما هي وأن الجزيرة ليست قناة محلية أو صحفيا محليا قابلا للشراء والتوجيه كالريموت كنترول والأهم من ذلك ألفصل ما بين الجزيرة كقناة تلفزيونية خاصة والحكومة القطرية، فليست الجزيرة هي الناطق الرسمي باسم الحكومة القطرية أو الديوان الأميري القطري.

لا شك أن شخصا واحدا استلم مسؤليات كبيرة في الإعلام الأردني استطاع وحده أن يجيش الحكومة الأردنية ضد كل ما يأتي من قطر واستطاع أن يقلب لهم ظهر المجن فهو خبير بقلب الحقائق ولا شك أنه عندما انتهج هذا النهج واستعدى بلدا شقيقا وقلب حالة دولتين شقيقتين إلى حالة من العداء المعلن وليس المبطن أو المخفي.

جاليتنا في قطر تجاهر على استحياء في الحفاظ على وجودها وميزاتها وسط طوفان الجاليات الأخرى التي لا تفوقها علما ولا أخلاقا ولا حصافة لكن السياسة وحدها التي قلبها مقلّب الأمور وقلاب المصالح جعلت من مهمتهم في الحفاظ على تواجدهم هناك من أصعب الأمور وجعلت من حياتهم معاناة حقيقية وسط خضم المساعدات للجاليات الأخرى.

يجب علينا شعبا وحكومة أن ننتبه إلى أن قطر لم تعد دولة عادية. فبعد أن فازت بشرف تنفيذ كأس العالم 2022 أصبحت الآن وإلى حين، دولة شبه عظمى، ولم تعد تلك الدولة بذات الحجم والمكانة التي كانت لها سابقا. الفيفا وحدها طلبت منها أن تؤمن أكثر من 150 ألف وظيفة ناهيك عن مآت الوظائف الأخرى. قطر ولسنوات عشر قادمة على الأقل ستكون بحاجة لعشرات الآلاف من الأطباء والمهندسين والمحاسبين وفنيي الكمبيوتر وحتى السباكين والكهربائيين وغيرهم الكثيرين.

حكام قطر حكماء بما فيه الكفاية وشعب قطر طيبون. وطالما أن فلانا قلبها وخربها فنحن بحاجة لأحكم حكمائنا لإصلاح الوضع. ما الذي يمنع أن يتم دعوة أمير قطر والسيدة حرمه لزيارتنا بدل المرة عشرا. ندعو له ونوفر له كل الراحة والفخامة، حتى يرى من شعبنا وحكومتنا أننا فعلا قيادة وحكومة وشعبا نحبه ونحترمه ونقدره شخصيا. علينا الاسراع بالتقرب من هذا الأمير الموقر. لا مانع لو ألفنا له القصائد ولحنّاها وغنيناها وأرسلناها له  لتغنى في حفلاتهم وإعلامهم. يجب أن نحرص على رضاه حتى يسمح لعمالتنا أن تستقبل في بلاده أفضل من عمالة أي دولة أخرى. قطر تطوعت لبناء لبنان وكان لها الدور الأهم في ذلك. قطر هي دبي الخليج مستقبلا.

قطر دولة بلا أعداء إلا نحن جزاك الله يا من قلبت الأمور.

سيدي الأشهم والأحكم والأكرم والأعقل….. الأمر بين يديك فأنت تعرف وحدك كيف تعالج ما أفسده المقلّبون.

[email protected]