هيجل ، الفيلسوف الألمانى ، أتكلم على نظرية سماها ” وحدة المتناقضات ” ، أو ” وحدة الأضداد ( جمع ضد ) ” … النظرية بكل بساطة بتقول أن كل مجتمع و كل كيان سياسى ، قائم على تحالف و توافق بين أشياء عكس بعضها فى طبيعتها … و علشان كدة بيبقى فية صراع داخلى مستمر جوا المجتمع ( طبقى – دينى – عرقى ) … و المجتمع بيفضل مستقر طول ما الأضداد دول موافقين على أستمرار التوافق دة … و مع الوقت بيحصل تراكم للمتضادات دى ، لحد ما فى وقت معين التراكم بيؤدى لأنهيار النظام ( أجتماعى أو سياسى أو … ) و نشوء نظام جديد أقل تناقضا من جواه ، و دة اللى مع الوقت بيؤدى لتطور التاريخ ( فى الأتجاة اللى بيشوفه الفلاسفة حتمية تاريخية ، حسب مذاهبهم )
أمثلة بسيطة على الموضوع دة
- المثال اللى طرحة فرانسيس فوكوياما عن علاقة السيد بالعبد … السيد و العبد ضدين ، بمعنى أن هما الأتنين مصالحهم ضد بعض ، السيد عايز يستغل العبد ، و العبد عايز يتحرر من سيادة السيد … لكن كونهم متضادين دة مش كفيل بإنهاء علاقة العبودية … طول ما الطرفين راضيين بالعلاقة دة ، يبقى فية وحدة أضداد ، و نظام العبودية هيفضل مستمر … لكن علشان نظام العبودية ينهار ، ضرورى يحصل صراع بين السيد و العبد ، و الصراع دة هينتهى إما بأن العبد هينتصر على السيد و يتحرر من عبوديته ، أو أن السيد هينتصر على العبد و يقتله و تنتهى حاله عبوديتة … فى الحالتين أنتهت حاله العبودية ( بالتحرر أو بالموت ) لأن العبد قرر أن النظام القائم لا يعبر عن مصالحة ، و أن المفروض يتغير … لكن طول ما العبد قانع و راضى بالعلاقة السائدة وقتها ( السيد – العبد ) مستحيل هيحصل لتغيير للنظام الأجتماعى الخاص بالعبودية
- مثال تانى هو النظام السياسى الحالى فى مصر … النظام الحالى قائم على وحدة بين متناقضين رئيسيين ، بين الطبقة الحاكمة ( اللى هيا تحالف بين عسكر و محتكرين و بيروقراطيين و رجال دين ) اللى مصلحتها أستغلال موارد الدولة لصالح ثرائها الشخصى ، و بين عامة الشعب اللى مصالحهم أن يكون ليهم حاكم يقوم بتحسين مستوى معيشتهم ( على المستوى المادى و الأنسانى ) … و النظام السياسى القائم فى مصر هيفضل قائم و مش هيتغير طول ما الطرفين راضيين بالعلاقة الحالية و مش عايزين يغيروها … و الطريق الطبيعى الوحيد لإسقاط النظام الحالى هو أنه يحصل صراع بين الضدين ، بحيث يسقط التحالف و العقد الأجتماعى الحالى ، و يتعمل نظام جديد أقل تناقضا فى مصالح أطرافه
المرأة نموذجا
الأختلاف الأكبر بينى و بين الخطاب النسوى المصرى ، هو ان الخطاب النسوى بيتجاهل رضا المرأة بالعلاقات القائمة فى النظام الباترياركى ( الذكورى ) … النسويات عندهم أصرار أنهم يصوروا المرأة على أنها الكائن المسالم الوديع ، ضحية الذكور الأشرار اللى هما السبب فى الحروب و الأحتلال و الدم و البلا بلا بلا … أنا بشوف أن المرأة شريك أساسى فى قيام و أستمرار المجتمع الذكورى ، لأنها بكل بساطة جزء من وحدة المتناقضات جوا المجتمع دة ، و اللى لو هيا رفضت طبيعة العلاقة القائمة فى المجتمع دة ( رجل – سيدة ، مش مواطن – مواطن ) مكنش النظام الذكورى دة هيستمر
مقالى النهاردة ، هو محاولة لشرح نظريتى ، و طرح أمثلة لأشتراك المرأة المصرية فى الأستفادة من المجتمع الذكورى و جنى ثمارة ، كثمن بتحصل عليه مقابل أستمرار المجتمع الذكورى … و الهدف من دة توضيح الثمن اللى على المرأة المصرية دفعه ( أو التخلى عنه بمعنى أدق ) أذا أرادت أسقاط الطبيعة الذكورية للمجتمع ، و أحلاله بمجتمع عادل غير قائم على النوع الجنسى
1- العسكرية
كنت شاركت فى أحد المؤتمرات النسوية الدولية ، فى منتصف شهر ديسمبر الحالى … واحدة من النسويات المشاركات فى المؤتمر كانت بتقول أن الرجالة هما اللى بيقوموا بالحروب و الأحتلال و العنف ، لكنها كناشطة نسوية بتتمسك بأفكار السلامية ( هيا هنا بتربط بين الأنوثة و السلامية ) ، و قالت أن أذا كانت المساواة تعنى أن المرأة تدخل الجيش و تشيل سلاح و تقتل ، فهيا مش عايزة المساواة دى
الظريف أن هو دة بالظبط اللى عايزينة ذكور أى مجتمع ذكورى ، و هيا دى النقطة اللى هما مكانوش بيحطوها فى حساباتهم و هما محتارين فى البحث عن أجابة سؤال ” لية المرأة مش بتقدر توصل لتمثيل سياسى عادل ليها ؟ ” … لأنة بكل بساطة ، السلطة و القوة السياسية فى أى مجتمع بتقوم على أربع حاجات : المناصب السياسية – رجال الأعمال – الجيش – الشرطة … و أنعزال المرأة عن الجيش و الشرطة معناه تخليها طوعيا عن مصدرين من أكبر مصادر القوة فى الواقع السياسى الحالى ( هنا أنا ببص بنظرة وقعية مش من خلال المبادئ و القيم ) … و هو دة السبب الحقيقى اللى بسببة تم اعدام جان دارك ، جان دارك الشابة الفرنسية اللى قامت بدور رئيسى فى تحرير وطنها فرنسا من الاحتلال الانجليزى ، جان دارك تم أعدامها لأنها قامت بعمل عسكرى ، و بالتالى شكلت تهديد على سيطرة الذكور على الجيوش … و هو دة نفس السبب اللى علشانة الخليفة العباسى أعترض على وجود شجرة الدر كملكة لمصر … أقصاء المرأة عن السيطرة العسكرية هو ما يتمناه أى نظام ذكورى
بالتأكيد الكل يعرف عنى أنى سلامى ، و عندكم خلفية عن صراعى مع المؤسسة العسكرية المصرية لصالح حقى كسلامى مصرى فى رفض حمل السلاح أو الأشتراك فى حروب ، و أنا هنا مش بناقض نفسى … أنا بالتأكيد ضد وجود الجيوش و الأسلحة الثقيلة ، و بطالب بالتخلص منهم ، لكن طول ما هما موجودين فهما جزء من الواقع السياسى اللى لازم يتحط فى الأعتبارات فى أى حسابات سياسية
الفكرة أن الربط بين الأنوثة و السلامية هو ربط غير صحيح ، بدليل مظاهرات الأخوات من تنظيم الأخوان المسلمين اللى بتخرج كل كام شهر تطالب بإلغاء معاهدة السلام مع أسرائيل ، و إلقاء أسرائيل فى البحر ، و ” خيبر خيبر يا يهود ، جيش محمد سوف يعود ” … و بدليل السيدات اللى قاموا بعمليات أنتحارية و أرهابية … الفكرة اللى عايز أوصلها أن مش كل الإناث سلاميات ، دى فكرة مغلوطة ، بالعكس السلاميات الإناث أقلية بين الإناث فى المجتمعات الشبيهة بالمجتمع المصرى ( اللى بتسيطر علية قيم العنف و العسكرية و أقصاء الآخر بالقوة )
و هنا بيظهر الفرق بين خطابين ، الخطاب اللى بيقول أن المرأة ضرورى أنها تشارك بنفسها فى كل أسباب القوة و التمكين فى المجتمع ( و اللى منها الجيش و الشرطة ) ، و السلاميين ( ذكور و إناث ) ليهم الحق فى عدم الأشتراك فى الجيوش ، و بكدة المرأة السلامية ليها مكانها بين المجتمع السلامى ، و المرأة الغير سلامية حققت مكانها فى الجيش و دة بيصب فى صالح تمكين المرأة أجتماعيا و سياسيا … و بين الخطاب النسوى المصرى التقليدى ، اللى بيبص للجيش على أنة شئ قذر ملهمش دعوة بيه ، و ألف مبروك على الرجالة الأشتراك فى الجيش ، و ميلزمناش أشربوه يا رجاله
نرجع بقى لفكرة هيجل و وحدة الأضداد … المجتمع الذكورى الحالى فيه عقد أجتماعى عسكرى … هو بيبص للدور العسكرى على أنه واجب وطنى ( و كل واجب يقابله حق ، و اعفاء المرأة من الواجب معناه أعفاءها من الحق المترتب عليه ) … و هنا الصفقة فى أعفاء المرأة من الدور دة ، فى مقابل هيمنة الذكور على الواقع السياسى … يعنى مقايضة عدم الأشراك فى الجيش بالتخلى عن الطموح فى المناصب السياسية
و الظريف أن المعادلة دى مهياش جديدة ، لأنها نفس المعادلة اللى قام عليها حزام العفة … حزام العفة بكل بساطة نشأ كرد فعل طبيعى لغياب الذكور لفترات طويلة فى الحرب … فالراجل كان بيروح يحارب و يغامر بحياتة علشان يحمى بلده و أسرتة ، و الست تم أعفائها مع المخاطرة دى و أستفادت أنها تقعد فى بيتها فى أمان بدون أى خطورة على حياتها ، فكان التمن اللى هيا بتدفعة مقابل أمتياز عدم المشاركة فى الحروب هى أنها تلبس حزام العفة ( اللى هو ببساطة نوع من هيمنه الذكر على أرادة الأنثى الجنسية ) … نفس المعادلة دى موجودة لحد النهاردة ، بس بدل ما كانت الأنثى بتدفع الثمن ممثل فى حزام العفة ، بقيت بتدفعة فى مقابل التهميش السياسى … و دة عقد أجتماعى و وحدة أضداد ، هيستمر طول ما الطرفين حابين أنة يستمر ، و مينفعش أن المرأة تكون شريكة فى الأتفاق دة ، و مينفعش أنها تكون بتجنى أمتيازات المجتمع الذكورى ( اللى هو بيحتكر العسكرية علشان يستمر ذكورى ) ، و بعدين تيجى تشتكى أن المجتمع بيهمش المرأة سياسيا … ما أنتى شريكة فى صناعة الوضع القائم ، و بتجنى أرباحة بنفسك !!!!
2- نظام الأسرة الأجتماعى
أنا كتبت قبل كدة مقال بعنوان ” نظام الأسرة الأجتماعى ” ، شرحت فيه أزاى أتكون نظام الأسرة ، و ازاى أنه أستمرار لعلاقة الدعارة ( الجنس مقابل الغذاء ) … و نظام الأسرة بالتأكيد هو نظام ذكورى من البداية ، لأنة بيخلى الأنثى كيان تابع للذكر ، كمان لأن الذكر فيه هو اللى بيمتلك رأس المال ، و اللى بيمتلك رأس المال هو اللى بيمتلك السلطة و القرار و التمثيل السياسى …. علشان كدة كل النظم السياسية فى بدايتها مكنتش بتعترف إلا بالذكور من الناحية السياسية ، بداية من ديموقراطية أثينا اللى كانت بتدى حق التصويت لكل المواطنين إلا العبيد و النساء و الأطفال ، و دة مكنش ظلم للنساء لأن الديموقراطية وقتها أتبنت على فكرة ” لا تمثيل بدون ضرائب No presentation without Taxation ” ، و الستات لا يمتلكوا رأس مال و بالتالى ملهمش تمثيل سياسى … حق النساء فى التصويت ، أو تمثيلهم السياسى ، ظواهر حديثة فى السياسة ، و كلها كانت مرتبطة بخروج المرأة عن نمط نظام الأسرة التقليدى ، و بانفراديتها و قدرتها على دعم نفسها ماديا ، و بالتالى تخليها عن المعادلة الأساسية اللى قام عليها نظام الأسرة ( الجنس مقابل الغذاء )
نظام الأسرة هو نوع من وحدة الأضداد برضة … لأن بيجمع طرفين المفروض أنهم متساويين فى القيمة الأنسانية ، لكنة بيدى للذكر السيادة على الأنثى ، و فى المقابل بتتقاضى الأنثى مقابل السيادة دى فى صورة ( الغذاء – الأعفاء من العمل فى الحقل – الأعفاء من المجهود العسكرى ….. ) … و وحدة الأضداد دى هتفضل قايمة طول ما الطرفين موافقين على أستمرار النظام دة ( لاحظوا كمية السيدات اللى بيدافعوا عن نظام الأسرة ) … و كل الظواهر اللى أنا رصدتها فى مقال ” نظام الأسرة الأجتماعى ” على أنها عيوب لنظام الأسرة أو على أنها عوامل شيخوخة و أنهيار نظام الأسرة ، هيا عبارة عن عملية تراكم للمتناقضات … و بسبب تراكم المتناقضات دى ، بينهار نظام الأسرة ، و دة واضع من خلال أنخفاض نسبة المتزوجين بين البالغين فى العالم كلة …. الموضوع دة مش عامل مشكلة فى الغرب نظرا لوجود الحريات الجنسية ، لكنة فى مصر و الدول المثيلة عامل مشاكل كتيرة أهمها ظواهر العنوسة و التحرش الجماعى
و نظام الأسرة علشان كان يقدر يستمر ، كان محتاج حاجتين : تعجيز المرأة علشان تفضل مستمرة فى النظام ده ، و أعطائها ثمن قبولها الأستمرار دة ( العصا و الجزرة )
أ- تعجيز المرأة ببساطة من خلال منعها من الخروج إلا فى أضيق الحدود ( كل واحد ممكن يبص على الإناث اللى يعرفهم حواليه ، و يشوف كام النسبة منهم اللى أهاليهم مبيحطولهمش قيود فى مواعيد الخروج من البيت ) … و منع المرأة من الخروج من البيت ، هو منعها من الأختلاط بالمجتمع ، و بالتالى منعها من تجميع الخبرات الأنسانية ، و دة للمحافظة عليها أقل خبرة من الراجل ( و النتيجة أن المرأة بتبقى فعليا ناقصة عقل و دين ، و شهادتها بنص شهادة الراجل ، لانها معندهاش خبرات أجتماعية ) … و علشان كدة أول ما أبتدت فكرة خروج المرأة للتعليم او العمل ، ثار المحافظين و أعتبروا دة هدم لنظام الأسرة ، و دة حقيقى تماما ، كل ما المرأة أكتسبت حريتها فى الخروج من البيت ، و كل ما أتعلمت و اكتسبت خبرات أجتماعية ، و كل ما تمكنت أقتصاديا ، فكدة بينتهى عامل ” تعجيز المرأة ” اللى هو أحد أهم أدوات أستمرار نظام الأسرة الأجتماعى ( العصا ) … طبعا التعجيز مبيتمش من خلال المنع من الخروج بس … لكن كمان المنع من التعليم المتميز ( لية تدخل جامعة خاصة أو كلية صعبة طالما الست مصيرها بيت جوزها ) ، منعها من السفر للعمل ، منعها من السفر بدون أذن زوجها ، ربطها بأسم زوجها فى البطاقة … الخلاصة أن الأنثى ضرورى تكون عاجزة عن الخروج عن نظام الأسرة الأجتماعى
ب- أعطاء المرأة ثمن قبولها الأستمرار فى نظام الأسرة : و هنا فية أنواع كتيرة من الأثمان المادية و المعنوية اللى بتحصل عليها المرأة مقابل أستمرارها فى نظام الأسرة ( الجزرة )
- منها فكرة الشرف ، اللى بيصور بيها المجتمع الست المتزوجة على أنها أشرف من غير المتزوجة ( عانس – مطلقة – متحررة جنسيا ) ، هنا التمن هو التميز الأخلاقى فى المجتمع ، و دة بالظبط نفس فكرة ” السلطانية ” أنك بتخلق ميزان قيمى وهمى تكافئ بيه الناس و ترشيهم بيه ، رغم أنه شئ وهمى أساسا
- الثمن برضة بيكون مادى ، ممثل فى الأمتيازات المادية اللى بتاخدها الأنثى مقابل الزواج ، مش بس الشبكة و الهدايا ، لكن أعفائها من الدور الأقتصادى اللازم لبناء أسرة ، يعنى البنت تبقى لسة فى أولى كلية و يجيلها عريس يتجوزها و يصرف عليها ، هيا هنا تم أعفائها من أنها تبذل مجهود و تنجح أو تشتغل أو تبتكر أو تخوض صراع الحياة ، بينما الذكر هو اللى مطلوب أنة يتخرج و يدخل الجيش و بعدكدة يكون نفسة و يشترى شقة و أثاث و عربية ، و تيجى الأنثى ( كائن طفيلى – فى الحالة دى ) تتعايش على دة كلة ، دة أمتياز مادى بتجنى المرأة ثمارة مقابل رضائها بنظام الأسرة … و هنا المرأة بتتخلى عن طموحها الفردى و أستقلاليتها و كينونتها و نجاحها و قيمتها الفردانية فى الحياة ، مقابل الأمتيازات المادية دى
- التمن الأهم هو غياب قيمة المنافسة … بمعنى أنه زمان لما كان العريس مبيشوفش عروستة قبل الجواز ، و كان الجواز بيتم من خلال الأهل فى سن صغير ، هل كان فية منافسة بين البشر ؟ بالتأكيد لأ … الفكرة أن المنافسة و البقاء للأصلح قيمة تطورية بحته ، و التخلص منها شئ ثمين جدا مش سهل حد يلاقية ( بالظبط تخيل حد هيجيبلك وظيفة لمدى الحياة ، من غير ما الجهه اللى هتوظفك دى تعملك أنترفيو أصلا ) … غياب المنافسة هو اللى بيسمح لواحدة مش جميلة ، أو جاهلة جنسيا ، أو غبية ، او غير مثقفة ، أن يكون ليها حياة أجتماعية طبيعية من غير ما تبذل مجهود فى تطوير نفسها ، و دة السبب فى الشعور المتواصل فى تميز الفتاة الغربية عموما عن الفتاة المصرية ( راجع مقالى : لماذا الجنس ثالث المحرمات ؟ ) … أنا بتابع أحيانا المواقع المهتمة بمناقشة الموضوعات العاطفية زى موقع الزميلة ” مروة رخا ” ، مروة بتستقبل رسايل كتير من بنات عن مشاكلهم العاطفية ، و بتساعدهم على حلها … من أكتر الكلمات اللى البنات المصريات بيستخدموها فى وصف نفسهم ” بنت عادية ” ، بمعنى أن كل بنت شايفة أنها بنت عادية مافيهاش حاجة تميزها عن باقى البنات … و دى أكبر ميزة بيقدمها نظام الأسرة الأجتماعى ، أن أى بنت عادية مالهاش لون ولا طعم ولا ريحة ، تقدر يبقى عندها حياه أجتماعية طبيعية ، من غير ما تتعب نفسها و تقرا كتابين ، و من غير ما تبذل أى مجهود علشان تبقى بنت متميزة مختلفة مبدعة … كل ما عليها أنها توقع أى راجل فى الفخ ، و تمضية على العقد الأبدى ، و شنبو وقع فى المصيدة ، و كل عام و أنتم بخير
الظريف بقى أن نظام الأسرة ، على الرغم من أنة نظام ذكورى باترياركى ، و على الرغم أنة قايم على سلطة الذكر ، و على الرغم من أنة بيقوم على أضعاف و تعجيز الأنثى ، و على الرغم من أنة بيتم فى منظومة قانونية منحازة للذكر بطريقة شبة مطلقة ، إلا أن الغريب و المضحك أن اللى بيحافظ على أستمراره الإناث مش الذكور … نظام الأسرة بينتهى – شئنا أم أبينا – الأرقام بتقول كدة ، و بيحل محلة نظم كتيرة اهمها نظام العلاقات … و لأن المجتمع ذكورى بطبيعته ، فالمجتمع بيغفر للذكر دخولة علاقة ، و دة بيخلى الذكور معندهمش مشكلة مع نظام العلاقات … و لأن العذرية عند الذكور لا يمكن أكتشافها ( لأن مفيش غشاء بكارة ) … ولان أرتباط مفهوم الشرف بالعضو الأنثوى ( كبقايا لعبادة الأنثى ) … كل العوامل دى بتخلى قبول الذكور لفكرة علاقات خارج منظمة الأسرة شئ عادى ( بغض النظر عن الشيزوفرينيا وقت الجواز من خلال البحث عن عذراء ، لأن العذراء هتبقى خانعة ) … فالنتيجة الطبيعية أن اللى بيقوم بدور رئيسى فى الحفاظ على أستمرارية نظام الأسرة هما الإناث مش الذكور ، و دة يرجعنا لفكرة جنى ثمار النظام ( رغم انه ذكورى ) ، و يرجعنا لفكرة تعجيز المرأة ( و قبولها للوضع دة ، و عدم محاولتها تمكين نفسها ) ، و يرجعنا لفكرة هيجل أن النظام القائم حاليا هو مبنى على رضى و قبول الطرفين ، و أنة مش هينتهى إلا لو أحد الطرفين قرر أن يلغى العقد الأجتماعى دة و يدخل فى مفاوضات علشان عقد أجتماعى جديد و عادل
هضطر أنى اكتفى بالمثالين دول ، لمراعاه حجم المقال … بس فكرة أستفادة المرأة من أمتيازات المجتمعات الذكورية مش مقصورة بس على المثالين دول … الموضوع موجود فى معظم المجالات ، و لية أمثلة كبيرة … منها على سبيل المثال نتوفير مناخ أقل تنافسية سياسيا من خلال نظام الكوتا و التمييز الأيجابى ( و اللى بيسمح لسيدات غير مؤهلات أنهم يوصلوا لمناسب سياسية ميقدروش يوصلولها من خلال منافسة حقيقية حتى لو فى مجتمع مفيهوش تمييز على أساس الجنس ) … و منها مبادئ الأتيكيت و الجنتلة من نوعية ” Ladies First ” ، و أن الراجل يقف فى المترو علشان الست تقعد ، أو يسحبلها الكرسى فى المطعم علشان تقعد ، و باقى المنظومة القيمية اللى بتحتقر الراجل اللى بيتعامل مع المرأة بندية فى المواقف الحياتية ، الفكرة الكلاسيكية للراجل الجنتلمان هيا فكرة ذكورية بحتة لأنها بتنظر للمراة على أنها كيان ضعيف محتاج معاملة خاصة
الخلاصة
الخلاصة أن إلقاء اللائمة على الذكور وحدهم فى أستمرار الوضع الذكورى الحالى هو عمل سخيف ، لأن الوضع الحالى قائم على تراضى و قبول الإناث عليه ( فكرة هيجل ) … و أنا حاولت قدر الإمكان أنى أختار أمثلة بيتورط فيها نسبة غير قليلة من الناشطات النسويات … حبيت أوضح أمثلة لجنى المرأة لأمتيازات المجتمع الذكورى ، و دة كان ضرورى يكون واضح علشان الإناث يكونوا فاهمين أية الأمتيازات اللى هيخسروها فى حاله سقوط الوضع الذكورى الحالى ، و دى الأمتيازات اللى عليهم أنهم يتخلوا عنها أراديا دلوقتى علشان يوقعوا النظام الحالى ، لأنة من السخافة أنك تكونى منتفعة من نظام و تطالبى بأسقاطة ، كدة مبقاش فية مصداقية أصلا
بالتأكيد مقالى دة ميمثلش اى نوع من الدفاع عن أى ممارسات ذكورية ، و مش بحاول فيه أنى أنفى أى تهمة عن محاولة الطبقة الحاكمة من أستغلال للجنس كوسيلة للتمييز على أسس كتيرة للبقاء فى السلطة ( بيستبعدوا المرأة بسبب الجنس ، و بيستبعدونى بسبب الدين أو القومية ) … أرجو أعتبار مقالى دة ورقة نقد داخلى من جوا المعسكر النسوى ، و أتمنى أنة تحصل عليها مناقشات تساعدنا أننا نعيد تقييم الحراك اللى حصل فى الماضى علشان منكررش نفس الأخطاء تانى
http://www.maikelnabil.com/2010/12/blog-post_29.html
موضوعات ذات صلة
صور : الجنس اللطيف
تعليق واحد على المرأة والاستفادة من مزايا المجتمع الذكورى
أشكرك يا مايكل لنشرك هذه المقالة الهامة جدًا على الموقع، أتفق مع معظم ما جاء بهذه المقالة، وفعلًا مُعجب بها جدًا، وتحليلك لكل شيء حدث في المؤتمر الذي حضرناه سويًا.