هناك وعلى نطاق العالم طاقات فكرية وروحية هائلة تبحث عن وسيلة للتعبير عن ذاتها ولها من قو ة التاثير الايجابى ما يعادل الاثار السلبية للقلاقل والاضطرابات الحالية .فالصراعات التى كانت فى ظاهرها غير ذى حل
بدأت تستجيب لعمليات التفاوض والتشاور وتستسلم لما يتخذ من قرارات وظهرت الرغبة والميول لمواجهة العدوان العسكرى بالعمل الدولى الموحد .والدلائل ولاشارات تتزايد فى كل مكان على ان شعوب العالم تتوق لوضع حد للنزاعات والصراعات والنمعانات التى لم تعد هناك بقعة فى الارض بمنجى منها .وبالرغم من ان التغير والتبديل والاخذ والرد جارى فى الحديث عن التنمية ليوائم الاختلافات الثقافية والانظمة السياسية وليتجاوب مع الاخطار المحدقة من جراء التدهور البيئ فان معظم التخطيط مبنى على اعتبارات مادية بحتة فى الوقت الراهن .والبرغم من الاقرار بالمشاركة كمبدأ الا ان ماترك من مجال فىاتخاذ القرار لمعظم سكان العالم هو فى احسن الظروف ثانوى محصور فقط فى عدة خيارات صيغت لهم بواسطة هيئات ووكالات لاسبيل لهم اليها وحددت بأهداف تتناقض مع واقعهم .ان مستوى مايطرأ لدى البشر من استجابة تجاه المبادرات التى تقوم بها النظم السائدة الان ليست فقط غير كافية بل وغير ملائمة ولاتتناسب مع الاحداث العالمية .لقد اصبح واضحا بانه مالم تجد تنمية المجتمع هدفا اسمى من مجرد تحسين الاحوال المادية فانها ستفشل حتى فى تحقيق هدف تحسين الاحوال المادية ذاتها .ذلك الهدف الاسمى يجب ان ينشد فى الابعاد الروحية لتستضئ بواعثها ودوافعها بانوار المفهوم الروحانى بان خدمة البشرية هى الهدف السامى فى حياة الفرد والمنظمات الاجتماعية .ان كان صحيحا ان حكومات العالم تبذل جهودها عبر انظمة الامم المتحدة فان تجاوب شعوب الارض مع الاحتياجات الملحة للعصر نجده فى رد فعلها الذى جاء فى شكل ظهور حركات وتنظيمات من اجل التغير الاجتماعى على المستويات المحلية والاقليمية والعالمية فمواضيع مثل حقق الانسان وغيرها تحظى بمناصرة قوية وتجد المساندة من جماهير متزايدة فى كل بقعة من المعمورة .لكى ياخذ سكان العالم على عاتقهم تولى المسؤلية من اجل مصيرهم المشترك لابد ان يكون اساس استرتجيتهم هو الاحساس والاعتقاد الراسخ بوحدة العالم الانسانى . العالم اشبه بجسم الانسان والخلية لاتعيش بمعزل عن الجسم فهى تشارك فى فعاليته وتستمد بقائها من بقائه والغرض من التنمية البيولوجية اسمى من مجرد وجود بقاء الجسم واجزائه .وعند بزوغ الوعى لدى البشر بانهم جنس واحد سيكون بامكانهم البعد عن انماط الصراعات التى سيطرت على النظم الاجتماعية فى الماضى ويبدؤا فن تعلم واستيعاب سبل التعاون والتالف والمودة . العدل هو القوة الوحيدة القادرة على ترجمة الوعى والشعور المتنامى بوحدة العالم الانسانى الى ارادة جماعية تقيم بكل ثقة البيئة اللازمة لحياة مجتمع عالمى .العدل على مستوى الفرد هو تلك الملكة والقدرة للروح الانسانية التى تمكن الفرد من التميز بين الحق والباطل وعلى المستوى الجماعى فان تطبيق العدل والاخذ بمقتضياته يمثل ميزانا لا غنى عنه اتخاذ القرارات الجماعية وان جموع البشر ية والتى على عاتقها يقع التنفيذ لن تلتزم الا بتلك الرامج التنموية التى تشعر بانها عادلة ومنصفة فى اهدافها ومراميها وتلبى احتياجاتها وبالقدر الذى يعير فيه الناس اهتماما للعدل وتطبيقه فى معا ملاتهم يتهيأ المناخ الملائم للتشاور .ولن تجد اوضاع حقوق الانسان التعبير الصحيح والمنطقى لها الا فى اطار من التشاور يكون ممكنا بعد الوعى والشعور بالوحدة العضوية للبشرية .التشاور هو الاداة المعبرة عن العدل فى الشوؤن البشرية والاستراتجية القابلة للبقاء والاستمرار تتوقف وتعتمد على الالتزام ومجهودات الناس فان مشاركتهم لن تكون فعالة ومؤثرة الا اذا ما اتخذت المشورة مبدا اساسيا لتنظيم وتنفيذ اى مشروع .
يجب ان تهدف استرتجية التنمية اساسا لان يكون بامكان كل سكان العالم ممارسة حقهم الطبيعى فى التعامل مع العلم والتكنولوجية على قدم المساواة وللوصول والحصول على المعرفة على هذه المستويات سيكون التعليم العالمى عاملا لاغنى عنه فى عملية بناء القدرة .
لقد اعتمدا لوعى البشرى وعلى مدى التاريخ على نظامين اساسين للمعرفة وعبر من خلالهما وباطراد عن قدرته الا وهما العلم والدين .عن طريق التعاليم الدينية فان جموع غفيرة من الناس فى كل العصور والبلدان استطاعت ان تنمى موهبة وملكة المحبة وان تكبح جماح النفس والشهوات وتمارس العفو والغفران وتقوم بتضحيات عظيمة من اجل الصالح العام يجب للافكار الثاقبة والمهارات الحاذقة الناتجة عن الانجاز العلمى ان تاخذ فى الاعتبار القوى المستمدة من الالتزام الروحى والقواعد الاخلاقية لتامين التطابق الملائم لها .
فليس بين السلوك القويم وبين التشدد والتزمت فى الدين من قاسم مشترك التفانى المخلص فى اداء الواجب يجلب الشعور للنفس بالجدارة والاقتدار وليس مرعاة للتباهى .لكى يتشبع الجنس البشرى بالطاقة والقوة التى تمكنه من حمل الامانة التاريخية الملقاة على عاتقه لابد له من الاقدام على مفهوم علمى وروحانى بمعنى الكلمة .وللترغيب على العمل العالم فى حاج عاجلة الى ميثاق شرف يضع فهما افضل لمعنى العمل .ولان الاكتشاف والتقدم العلمى والتكنولوجى موظفة لخدمة مجموعة من الاولويات لاتمت للاحتياجات الفعلية للغالبية العظمى من الشر الا بقدر ضئيل من الصلة لم تستطع ان ترفع عبئ الفقر عن هاكل العالم يلازم القصور ايضا المعالجات للمواضيع الاقتصادية التى تكون قنوات اتخاذ القرار فيها غير مستوعبة للتعامل مع حقيقة وواقع ان معظم التحديات الرئسية عالمية اكثر منها محلية ذات طبيعة خاصة .ولا يفوت على اى مراقب حصيف ان مبدأ المساواة بين الجنسين اساسى لاى تفكير واقعى وسيكون الالتزام بالمساواة الكاملة بين الرجال والنساء فى كل دوائر الحياة وعلى كل المستويات الاجتماعية محورا اساسيا لنجاح الجهود ولصياغة وتنفيذ استراتجية تنموية عالمية .والمفهوو القديم للسلطة –بانها ميزة يتمتع بها افراد وجماعات وهى ملازمة للرجال وليست للنساء-هى المسوؤلة عما اصاب الشرية من انتكاساتهدامة اضرت بمصالحها .لابد لاى سلطة فعالة ومؤثرة من ان يكون على رأس اولوياتها بناء وتاسيس الوحدة والحفاظ عليها بين اعضاء المجتمع واعضاء المؤسسات الادارية بالاضافة الى توخى العدل والانصاف فى كل الامور ومن الواضح ان مثل هذه المبادئل لا يمكن ان تنفذ الا فى بيئة ديمقراطية قلبا وقالبا .عندما تتاح للناس فرص الحصول على التعليم ويقتنعون بان اهتماماتهم التنموية الفعلية تباشر وفق برامج مقترحة تقدم لهم سيكون باستطاعتهم تبنى اساليب انتخابية يكون من شانها اصلاح وتنقية الشوائب تدريجيا من عملية اختيار هيئاتهم المنوط بها اتخاذ القرار .
ان وضع استراتجية عالمية للتنمية يخلق تحديا بان يجعل من الضرورى اعادة صياغة وهيكلة المؤسسات الاجتماعية بصور جوهرية والذين يعنيهم هذا التحدى هم سكان الكر الارضية قاطبة والتعامل مع هذا التحدى يجب ان ينبنى على الاعتراف والاقرار بوحدة العالم الانسانى والالتزام باقامة العدل كاساس ومبدأ للتنظيم الاجتماعى والتصميم على الاستغلال الامثل لما يتيحه الحوار المنظم بين نوابغ العلم والدين المعاصرين من امكانات لبناء الطاقات والقدرات البشرية .بالرغم من صعوبة استيعاب وتنفيذ الشعوب البائسة المعاندة المتنازعة ما يتطلبه الشأن هنا من مجهود ضخم فان مسر التطور والتدرج الاجتماعى قد وصل الى احدى نقاط التحول الحاسمة
وان الله قد افاض على البشرية اليوم من الطاقات الروحية والامكانيات العلمية مايجعلها قادرة تماما على مواجهة هذا التحدى . “هذا يوم نزل فيه فضل الله على العالمين . يوم فاضت فيه رحمته على الخلائق اجمعين “
12
نوفمبر
2009
4 تعليقات على ميلاد هذا اليوم 12 \11 ونتائجه على الارض
من أهم الحواجز بيني وبين الفكر الذي يقدمه الدين البهائي، الذي ينتمي له الزميل عمر، هو الاعتقاد بالمساواة المطلقة بين البشر، انطلاقاً من نظرية الفيض التي يقدمها الأفلاطونيون الجدد في الإسلام ــ مثل ابن عربي وعبدالرزاق الكاشي، الذين أثروا بقوة في تشكيل فلسفة ’الحكمة المتعالية‘ التي شاد أركانها محمد بن إبراهيم الشيرازي، المعروف ’بالملا صدرا‘.
وبغض النظر عن الترابط بين المعتقدات البهائية وبين فلسفة الملا صدرا، فما أود الإشارة إليه هو التناقض بين معتقد ’تساوي جميع البشر‘ وبين البديهية الإحصائية التي تقول أنهم خاضعون – في جميع الصفات – لنمط التوزيع الطبيعي، والذي ينصّ على أن المستوى العادي (المتوسط) في الصفات هو الأكثر شيوعاً، وكلما ابتعد المستوى عن المتوسط، بزيادة أو نقصان، قلت نسبته إلى المجموع، حتى نصل للممتازين جداً والضعفاء جداً ــ وهؤلاء هم الأندر.
والتفاوت بين الناس يفترض أن يكون ملاحظة بديهية، من خلال الاختلاف بين مستويات الطلاب في المدرسة، والموظفين في المؤسسة، والذي لا يعتمد على الصفات الأساسية وحدها، بل تضاف إليه حصيلة الخبرة الحياتية.
ولكن الروحانية والبحث عن الجمال، قد تحول بين الإنسان وبين الوصول إلى الحقيقة، مهما كانت بديهية.
أنا أتفق تمامًا مع صديقي حيدر.
هذا التساوي المطلق بين البشر شاذ عن القاعدة، كما تفضلت وذكرت. وأيّ فلسفة، أو دين، تبشّر من هذا المنطلق هي يوتوبيّة، بل واهمة.
لأن البشر غير متساوين المهارات العقليّة والجسمانيّة، فالقدرات هي التي تحدد مستوى الفرد، قدرته على الإبداع، أو في المعرفة، أو العلم، أو حتى قدرته الجسمانيّة.
تحيّاتي لعمرٍ وحيدر!
هذا اليوم هوو ميلاد بهاء الله 12-11-1817
خلال هذه الحقبة لم يبلغ الدين البهائى اقصى بقاع الارض فحسب بل وبعث من شعوبها واجناسها ومللها المتباينة
خلقاجديدا يقدمون باتحادهم خير شاهد للقوى الموحدة التى سرت فى اوصال العالم .
يضاف الى هذا الشاهد دليل اخر ينبسق من الفاعلية المنطلقة من هذه القوى ذاتها يتجلى فى التطور المنعدم
النظير الذى شمل الجوانب المختلفة لشؤون العالم على النحو الذى سبق وانبأ به حضرة بهاء الله برؤية صادقة والهام حق .وم يمليه منطق ادراك للحقيقة التى لا محيص عنها اليوم تتمثل فى اتحاد من على الارض والنظر الى المصالح الحيوية
للبشرية كاسرة مترابطة . والقدرة على مواجهة المشاكل الكأداء التى تواجه كافة الامم والسعى لتحقيق سعادة البشر
وامنهم اصبحا رهنا بتضافر جهود الشعوب المختلفة وتوحيد الرؤى على نطاق عالمى…
(التساوى المطلق فى المهارات والقدرات الفردية مستحيل حتى فى التواءم الخرجين من رحم واحد رغم هذا يعيشون
متحدين فى بيت واحد )
تحياتى للاصدقاء وشكرا على التعليق الصريح والصادق
أشكرك عمر على تعليقك المهذب.
تحياتنا، وكل عام أنت وكل البهائيين بخير وصحة وسلام…
أحمد زيدان