المقال التالى كتبته فى صيف عام 2008 ، بعد حادثة مصرع ضابط شرطة مصرى فى احدى الحملات الامنية ، كانت وسائل الاعلام الرسمية قد أقامت مناحة لهذا الضابط ، وتحول الأمر الى دعاية لوزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية سيئة السمعة ، استفزنى الأمر فكتبت هذا المقال اعبر فيه عن سخطى وغضبى على ما يحدث :-
الداخلية تتسول على جثث ضباطها
طوال حياتي لم اشعر بأدنى قدر من الاحترام أو التعاطف تجاه من يعملون في الشرطة المصرية، فمنذ صغري وأنا أكن لهم كراهية عظيمة مقترنة بقدر من الخوف والحذر ، وقد تكون نشأتي بين أسرة متدينة سلفية قد لعبت دورا في غرس هذا الشعور بداخلي وأنا أري أجهزة الأمن تتعامل بعنف بالغ مع الجماعات الإسلامية المتطرفة ومع أتباع الفكر السلفي الذي كان يمثل مرجعا فكريا رئيسيا لمعظم الجماعات المتطرفة التي ظهرت علي الساحة في فترة طفولتي ( نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي ) في محاولة دؤبة لتحجيمها ، ولتجفيف المنابع الفكرية والمادية للإرهاب الديني ، وقد كان الخوف المستوطن في قلوب أفراد أسرتي مما قد يتهددهم نتيجة لما كان يواجهه بعض معارفهم المقربين من مخاطر تراوحت بين الاعتقال لفترات متفاوتة … والحكم بالإعدام علي احد أصدقاء والدي وتنفيذه في القضية التي عرفت وقتها ب ” تنظيم طلائع الفتح ” ، له دور كبير في دفع الطفل الذي يعيش – ولا يزال – بداخلي ليتخذ موقفا معاديا لكل من يعملون في الأجهزة الأمنية المصرية وكل من يتعامل معهم دون تمييز .
استمر هذا الشعور يراودني حتى بدأت أعي بعضا مما يحدث حولي لأري الأمور من منظور أكثر اتساعا ومن زوايا أخري أكثر وضوحا ، وأدرك مدي الخطر الذي تشكله التيارات الدينية المتطرفة وجماعات العنف الإسلامية علي أمن وسلامة المجتمع في الوقت الذي كان والدي يحاول أن يصور لي ولأشقائي أن العمليات الإرهابية المنسوبة إليهم هي محض افتراء للحرب علي الإسلام وتشويه صورة “شباب الصحوة الإسلامية ” علي حد تعبيره وقتها . وبعيدا عن وجهة نظر أسرتي ومواقفها وما كانت تحاول تنشئتي – وأشقائي – عليه فقد بدأت أنظر للأمور بشكل مختلف لأتفهم إلي حد ما طبيعة عمل الأجهزة الأمنية وإدراك أن ممارستها العنيفة تجاه المتطرفين ضرورية للقضاء علي الإرهاب والتطرف وجعل الحياة في بلادنا أكثر أمنا وسلاما .
لكن تلك المواقف لم تكن تعبر سوي عن انفعالات لحظية في مرحلة قصيرة من مراحلي العمرية أثرت في مواقفي التي اتسمت بقدر من التطرف سوء عندما شعرت بالكراهية الشديدة تجاه رجال الأمن في مرحلة الطفولة ، أو عندما تفهمت ضرورة قمعهم للجماعات المتطرفة كما كان حالي في المرحلة التالية ، لكنني استطعت فيما بعد أن أتخذ موقفا متوازنا بعض الشيء أتصل فيه بين الدور الاجتماعي المنوط برجال الأمن وهو حفظ الأمن والتكفل بحماية المواطنين وضمان سلامتهم والعمل علي تطبيق أحكام القانون علي الجميع ، وبين التجاوزات التي تصدر عن الموتورين منهم – وما أكثرهم – أثناء أدائهم لوظائفهم أو في حياتهم العادية باستغلال سلطاتهم ومواقعهم الحساسة في قهر المواطنين والتسلط عليهم وإيذائهم وابتزازهم لتحقيق مطامع شخصية أو إشباع رغبات ساديه ، وكانت هذه مجرد أفكار نظرية لم ترق إلي أي مستوي من مستويات الإدراك الواقعي الملموس لكوني لم أكن قد تعاملت – في ذلك الوقت – بشكل مباشر مع الأجهزة الأمنية ، لكن الأخبار المزعجة والسمعة السيئة كانت صاحبة النصيب الأكبر في كافة المعلومات التي كنت أعرفها عن الجهاز الأمني والعاملين فيه ، فقد كان القهر والتعذيب وإساءة معاملة المواطنين هي أول ما كان يتبادر إلي ذهني – وأذهان الكثيرين غيري – فور ان كانت سيرة الشرطة تنفتح ، وكان للأمر رصيده الكبير من الواقع المروي والذي لمسته عن قرب عندما وضعتني الحياة فيما أنا فيه ألان، ولكن تلك قصة أخري ليس هذا أو أن سردها ، فشكوى الناس لم تنقطع من الظلم والقهر الذي يتعرضون له علي أيدي أفراد الجهاز الأمني الذين يستغلون موقعهم في جباية الأموال وقمع المواطنين وأهانتهم وإهدار كرامتهم وتعذيبهم والتسبب أحيانا في وفاتهم تحت أثر التعذيب البدني البشع داخل السجون وأقسام الشرطة .
في الماضي كان رجل الشرطة يتمتع بالرغم من سمعته السيئة بقدر كبير من الهيبة النابعة من الخوف المتر سخ في قلوب الناس منه ورغبتهم في الابتعاد عن طريقة الملئ بالعثرات ، وبالتالي فإن أخر ما يمكن أن يفكر فيه المواطنين هو التعدي علي رجال الشرطة بدافع الانتقام منهم مهما كانت حجم جرائمهم وتجاوزاتهم في حق مواطنيهم ، حتى اعتي المجرمين كانت حساباتهم الخاصة تحول بينهم وبين مجرد التفكير في إيذاء رجل الشرطة أو الانتقام منه ، فلم يكن هذا الأمر يحدث إلا في أندر الأحوال وربما عن غير قصد .
وكان بعض رجال الشرطة يشعرون بزهو بالغ عندما يشاع عنهم القسوة والسلوك البربري الهمجي ومعاملتهم للمواطنين بأسوأ الطرق الممكنة ، وكانوا يحاولون باستخدام عيونهم وأتباعهم ترسيخ الأمر في أذهان الناس كي يزداد خوفهم وتتعاظم رهبتهم منهم ، وربما يؤيد ما أقوله قيام بعض الضباط بتصوير عمليات تعذيب المواطنين داخل أقسام الشرطة وترويجها علي نطاق واسع حتى يخشاهم المواطنون ويحسبون لهم ألف حساب .لكن هذه الهيبة المزيفة سرعان ما بدأت تتهاوي مع انتشار الفضائيات والانترنت والتي قامت برصد بعضا من هذه الفضائح البشعة والفظائع المشينة ، وفضح المتجاوزين من رجال الشرطة ، وتسببت في محاكمة البعض منهم وسجنهم كما حدث مع معاون مباحث قسم شرطة ” بولاق الدكرور ” الذي يقضي حاليا حكما بالسجن لثلاث سنوات لتصويره عملية تعذيب وهتك عرض أحد المواطنين داخل قسم الشرطة ، عندها ظهرت للمواطن العادي صورة أخري لرجل الشرطة الذي يتساوي مع المواطن أمام القانون ولا يتميز بشيء لمجرد وجود بعض الرتب العسكرية في بدلته الرسمية وأصبح معرضا للمحاكمة والسجن إن أخطاء أو تجاوز . هذه الصورة الجديدة المغايرة بدأت تعرف طريقها إلي أذهان الناس ،لكنها في الواقع كانت مناقضة تماما للحقيقة ومغايرة للواقع البالغ المرارة ، والتعذيب لم يتوقف بل أصبح منهجا وعرفا لا يجيد عنه اغلب العاملين بجهاز الشرطة تحت إشراف رؤسائهم ، كما أن إساءة معاملة المواطن والتعالي عليه واحتقاره أصبحت أهم ما يميز جهاز العاملين بجهاز الشرطة ، عندها كان طبيعيا تكرار حدوث ما لم يكن يحدث في السابق إلا نادرا ، وعرفت صفحات الحوادث للمرة الأولي أخبار قتل رجال الشرطة في مواقع أعمالهم بشكل عمدي يعرض من يقومون بذلك لعقوبات قاسية ومضاعفة في حالة ضبطهم في الوقت الذي يمكنهم فيه تفادي ارتكاب هذه الجرائم والهرب ، ولا أجد للأمر تفسيرا واقعيا مقبولا سوي الكراهية المترسخة في نفوس المواطنين تجاه وزارة الداخلية والعاملين بها ورغبتهم الأكيدة في الانتقام من الجهاز الأمني في شخص ضابط الشرطة الذي يعمدون إلي قتله أو إيذائه ، فالانتقام غريزة بشرية لا يمكن اغفال دوافعها وأسبابها وأرجو أن لا يفهم من سياق كلامي أنني أدافع عن المتهمين بقتل هؤلاء الضباط ، بل أنني وبعيدا عن أشكال المزايدات الإعلامية الرخيصة أطالب بسرعة ضبطهم وعرضهم علي قاضيهم الطبيعي لمحاكمتهم محاكمة عادلة كأي متهمين ، وعلي المزايدين من مقدمي البرامج الحوارية المدعومة حكوميا أن يكفوا عن إذاعة حفلات الولولة والنفاق والمزايدة ، فمن الهمجية والرعونة أن يطالب إعلامي كبير بإعدام قتلة هؤلاء الضباط دون محاكمة في ميدان عام للانتقام منهم وردع الآخرين ، فهذا تفكير غوغائي أهوج لا مكان لتطبيقه عمليا سوي في غابات أفريقيا الاستوائية بين أكله لحوم البشر ، فبلادنا لن تتحول إلي غابة بشرية لأصحاب الميول السادية من المنافقين والمزايدين .
من حق وزارة الداخلية أن تكرم أبنائها القتلى وان تخلع عليهم ألقاب “الشهداء” وتخلد ذكراهم وتقيم المناحات والمآتم لأسرهم في وسائل الإعلام المختلفة ، ولكن من يتذكر ضحايا القمع الأمني ومن يخلد ذكري ضحايا نظام فاسد أراد أن يذكره التاريخ في صفحاته السوداء ، ومن يبكي عليهم ومن يواسي أسرهم ؟! ومن يثار لهم من قاتليهم المجرمين المحتميين بظلال سلطة ديكتاتورية فاسدة ؟!من يأخذ بثار المئات من المعتقلين الاسلاميين الذين لقوا حتفهم في السجون المصرية إبان حقبة التسعينات تحت تأثير التعذيب ؟؟!!
أن سمعة وزارة الداخلية قد باتت في الحضيض لذا فإنها تتسول تعاطف الناس علي جثث قتلاها الضباط فكم من البرامج التليفزيونية التي صدعت بها رؤوسنا باستضافة مقدميها لأهالي هؤلاء الضباط والحديث عما تعرضوا لهم أثناء أدائهم لأعمالهم وكيف تم قتلهم وكأنهم أول أو أخر القتلى في مصر ، واستغلال دموع الأمهات وآهاتهم وتوظيفها بشكل بشع في أغراض غير لائقة لابتزاز عواطف الناس الذين يكرهون كل من يعمل في هذا الجهاز الأمني ذو الصيت السيئ والتأثير عليهم بشكل لا يمت للأخلاق بصلة ، واعتقد أن أمهات الضباط القتلى اللواتي ظهرن في بعض البرامج الحوارية قد ضغط عليهن للقيام بهذا الدور الساذج ، فلا أعتقد أن أما حقيقية تحب أبنها وتحرص علي احترام ذكراه تقبل أن تشارك في هذه المهزلة الإعلامية الرخيصة بشكل لا يخدم سوي النظام الجاثم علي أنفاس المواطنين والذي تسببت سياسته الداخلية الرعناء – بشكل غير مباشر – في مصرع هؤلاء الضباط .
لم تعد وزارة الداخلية المصرية تملك ما يسترها بعد أن سقطت أوراق التوت عن سوءاتها فلجأت إلي التسول علي جثث قتلاها كما يفعل أخس أنواع الشاحذين الذين يتسولون علي عاهاتهم ، ظنا منها أن إعلامها يخاطب شعبا غبيا أبلها “لم ينضج سياسيا” كما عبر عن ذلك رئيس حكومته ، ولا يدرك حقيقة هذه المهازل التي تعرض في أجهزة الإعلام الرسمية ولا يعرف حقيقة من يحكمونه ومن يتحكمون في مصائره . إن الكراهية التي تكنها الغالبية العظمي من مواطني هذا البلد للجهاز الأمني وأفراده هي النتيجة المنطقيه للسياسات القمعية التي أصبحت منهجا يعتمد عليه هذا الجهاز ، فمن الطبيعي أن يكره الضحية جلاده وان يرغب المقتول في الثار من قاتله ومن غير الطبيعي أن يحدث عكس ذلك ، فما يتعرض له المواطنون بشكل دائم علي أيدي رجال الشرطة من قمع وظلم واضطهاد يدفعهم دفع نحو كراهيتهم واحتقارهم والرغبة في الخلاص من ظلمهم ، فمعظمهم همج ساديون يفترض إيداعهم داخل المصحات النفسية لعلاجهم من الإضرابات السلوكية التي يعانونها بدلا من عملهم في مواقع يفترض أن يشغلها أناس أسويا يحترمون أدميته الإنسان ويصونون كرامته . وعلي المستوي الشخصي ومن قلب المأساة التي أعيشها فإنني أمقت من أعماقي هؤلاء الوحوش التي لا يجوز بحال من الأحوال نسبتهم إلي الجنس البشري فهم أحط من السوائم ولا يمكن مقارنتهم بمن هم أبشع منهم فهم حقا أبشع المخلوقات ، ولن أنس أي موقف مؤلم تعرضت له علي أيديهم ، فهم الذين اعتقلوني دون ذنب أو جريدة قبل ثلاثة أعوام لمجرد أنني عبرت عما يجول بخاطري معلقا علي أحداث طائفية بشعة شاهدتها بعين راسي ، وهم الذين تسببوا في إيذائي وفصلي من الجامعة التي كنت ادرس بها ، وهم الذين أهانوني وساهموا في تعذيبي نفسيا وبدنيا وتجريدي من حقوقي المشروعة خلال فترة حبسي ، وهم الذين قاموا بمصادرة بعض خطاباتي الصادرة والواردة لمجرد أن محتوياتها لا تروق لهم ، وهم الذين حاولوا تدميري وتحطيم معنوياتي بمنع احدي اعز صديقاتي من زيارتي في السجن عدة مرات لمجرد أنها تحمل هواية شخصية تشير إلي أنها تنتمي لأصل “قبطي” في تمييز عنصري صارخ لا يمكن تبريره أو الدفاع عنه كما أنهم عطلوا نشر هذا المقال بعد كتابته وارسالة بمصادرة الخطاب الذي أرسلته فيه لمجرد أن ما كتبته لا يروق لهم نشرة مما اضطرني لإعادة نقله من الأصل المحفوظ لدي والتفكير في وسيلة أمنه أضمن من خلالها خروجه خارج أسوار هذا المكان اللعين ونشرة في أي وسيلة نشر متاحة ، فلن ادع أحدا يقيد حريتي أو يكمم فمي ويحاصرني بل سأقاوم بالوسائل التي أمتلكها حتى أخر أنفاسي . كراهيتي لهؤلاء المجرمين يصاحبها أملي في التخلص من شرورهم في مستقبل الأيام ، هذا الأمل الذي يعطيني قوة تجعلني أتحمل كل أشكال الظلم التي تعرضت لها ، لدي أمل وحلم في أن ينهار النظام الذي يعتمدون عليه ويعتمد عليهم ، عندها سيدهسهم الشعب بالنعال ولم يبكي عليهم احد أو ينوح ، فأبواق النظام الذي يحتمون به ستكون قد تحطمت بنهايته البشعة المرتقبة
كريم عامر
سجن برج العرب الاحتياطي
عنبر 22 غرفة 1
15 يوليو 2008
5 تعليقات على مقالات من داخل السجن … اعادة نشر 3
جرائم جهاز الشرطة كثيرة في بلد عسكروبوليسية مثل مصر، وليس أدهى مما حدث معك دليلًا. أمّا تعامل النظام مع الجماعات الإرهابية والتنظيمات الإسلامية الأصولية، فأنا أعتقد أنه سديدًا جدًا، وأنا أدعم مثل هذه المواقف تمامًا، وآخر هذه الإجراءات منع الإخوان المسلمين بشتّى الطرق من بلوغ البرلمان.
بالطبع اختلف معك يا أحمد فى طرحك الأخير المتعلق بالتعامل الأمنى مع الإخوان المسلمين ومنعهم بشتى الطرق من الوصول للبرلمان ، والسبب يرجع الى ايمانى الشديد بالحرية ، ودعمى لممارسة ديمقراطية سليمة تضمن وصول من يختاره الشعب الى السلطة بعض النظر عن توجهه السياسى او ارائه الدينية .
يجب علينا عندما نطالب بالديمقراطية ان لا نطلبها على مقاسات خاصة بنا نحن ، الديمقراطية تعطى الحق لممثلى جميع التيارات للترشح فى الإنتخابات ، وعلى الشعب ان يختار ، فإن اساء الشعب الاختيار فعليه تحمل النتائج القاسية وليتعلم من الدرس مستقبلا ، ومن يتعامل مع الشعب المصرى على انه غير مؤهل سياسيا كرئيس الحكومة المصرية الحالى الذى صدر عنه تصريح غريب يحمل ذات المعنى ذات يوم فعليه ان يبحث عن مكان اخر وشعب اخر لينتمى اليه .
اننى رغم اختلافى التام مع جماعة الإخوان المسلمين ورغم اننى ارى ان وصول هذه الجماعة الدموية الى السلطة فى مصر سوف يكون وبالا على الجميع ، الا اننى لا املك الا ان ادعم حقهم فى الممارسة السياسية ومحاولاتهم السلمية للوصول الى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع ، ومن يعتقد ان الحكومة تتصدى لجماعة الاخوان المسلمين لمجرد انهم اصحاب فكر متطرف هدام فهو ساذج ومغفل ، النظام يتعامل مع جماعة الاخوان باعتبارها اكبر الجماعات السياسية المعارضة الموجودة على الساحة ، وهى حقيقة واقعة لا مفر من الاعتراف بها ، ولذا فانه يرى ان هذه الجماعة تمثل التهديد الحقيقى لاستمرار النظام الحالى فى السلطة ، وهذا هو السبب الحقيقى وراء الضربات القاصمة التى يوجهها النظام واجهزته الامنية لقيادات واعضاء الجماعة من وقت لآخر وهو ايضا السبب الحقيقى لتزوير الانتخابات بشكل سافر فى دوائرهم لمنعهم من الوصول للبرلمان .
صديقى العزيز احمد ….. لا اريد ان افهم من كلامك انك تدعم التزوير الفاضح الذى قام به النظام فى الانتخابات الماضية لمنع القوى المعارضة وعلى راسها جماعة الاخوان من دخول البرلمان ، انا ضد ممارسات الأجهزة الامنية العنيفة حتى ضد الارهابيين الذين يمارسون العنف انفسهم هناك قانون ينبغى ان يطبق ويحترم وان يتحرك رجل الشرطه فى اطاره ولا يخرج عنه ……
محاربتى للتطرف وللمتطرفين لا يعنى ان اعطى دعمى للمارسات السادية لأفرد الأجهزة الامنية ضد العناصر المتطرفة ، هناك فرق بين ان اتصدى للتطرف والارهاب واحاربه بكل ما اوتيت من قوة وأن ادعم الممارسات الشاذة والعنف اللا ادمى ضد هؤلاء البشر الذين هم ضحايا للمجتمع وللنظام الفاسد الذى يلعب على كل الحبال .
فلنختلف يا كريم بلا أن تحجر على رأيي، أو تصفني بالسذاجة أو الغفلة… ولماذا لا تريد أن تفهم من كلامي أني كنت مع التزوير لدعم فكرة عدم وصول الإخوان للبرلمان؟؟! هذا ما علّقت به أنا على مقالتك. لا حرية لأعداء الحرية، ممن سوف يركبوها لدعم أفكارهم الرجعية. هذا تمامًا ما عنيته، ولك أن تختلف معي، فهذه ليست مقاسات على حسابي، ولكن تقبل الآخر واحترامه والدولة العلمانية ليست قيم على مقاسي، بل على مقاس أي شخص مستعد للتعايش مع الآخر، وهو أمر غير مستعدة له الجماعات الإسلامية، وأولهم الإخوانجية.
صديقى احمد …
انا لم احجر على رأيك ، ولم أصفك ” أنت ” بالسذاجة أو الغفلة ، هذا الوصف عائد على من يتصورون ان الحكومة تتصدى لجماعة الاخوان المسلمين لمجرد انهم يحملون افكارا متطرفة ، ولا اظنك حسن الظن بالحكومة الى هذا الحد حتى ينطبق عليك وصف الغفلة والسذاجة ! .
وبالطبع لم اكن أريد أن أفهم من كلامك انك تؤيد تزوير الانتخابات ضد الإخوان لأنك فى هذه الحالة ستكون متناقضا جدا مع نفسك ومع مبادئك المعلنة ومع انسانيتك ايضا ….. التزوير حتى وان كان ضد الشيطان نفسه لا يمكننا ان نطلق عليه اى مسمى اخر ولا يحق لنا ان نسوق له المبررات والحجج ، ولا اعتقد ان تزوير الانتخابات لمنع الاخوان من الوصول الى البرلمان سيضعفهم فى الشارع ، بل ان الحكومة الغبية بذالك تضاعف من قوة التعاطف الشعبى معهم ، الناس دائما تتعاطف مع المظلوم المقموع حتى وان كان خطابه سطحيا مدمرا ، وتنفر من القوى الظالم حتى وان خطابه منطقيا عقلانيا جدير بحل مشكلاتهم واصلاح احوالهم .
وبالطبع من حقك ان تختلف معى وانا احترم هذا الاختلاف واقدر دوافعه لاننى كنت متفق مع هذه الفكرة يوما ما قبل ان اكتشف ان محاربة اى فكر متطرف لا يجب ان تكون بهذا العنف الذى لن يؤدى الى شىء مما نهدف اليه بل سيؤدى الى عواقب وخيمة ونتائج لا نرجو تحققها .
وانا اعرف جيدا ان الاخوان وغيرهم من تيارات الاسلام السياسى يستخدمون الديمقراطية كقنطرة لبلوغ اهدافهم المدمرة على كل الاصعدة وانا اكثر منك تخوفا من هذا اليوم الذى قد يمسكون فيه بزمام السلطة وصرحت فى اكثر من موضع اننى اتمنى ان اموت قبل ان ارى هذا اليوم العصيب ، ولكن ” ما هكذا تورد الإبل ” ، وليس العنف وحده كفيل بحل هذه المشكلة ، لماذا لا نفكر مثل الاخوان وننزل الى الشارع مثلهم لنكتسب انصارا لافكارنا وداعمين لما نراه اصلح للتطبيق ؟؟؟ .
لماذا لا نسعى لمحو امية الشعب المصرى وايقاظه من سباته العميق ودفعه للتصويت لمن يرى انهم الاصلح ؟؟؟
ولماذا ننسى دائما ان الشعب المصرى كان يدعم فى اربعينيات القرن الماضى حزب الوفد ذو التوجه الليبرالى العلمانى ولم يكن لجماعة الاخوان المجرمين وقتها اى دعم شعبى بل كانت مكروهة على كل المستويات رغم خطابها الدينى الذى كانت تلعب به على المشاعر ؟؟؟.
لماذا لا نقترب اكثر من الناس ونطلعهم على حقيقة هذه الجماعة الدموية دون ان نحجر على اختيارهم ، وصدقنى اننا ان فعلنا ذالك فسنضمن فشل الجماعة مستقبلا فى اى انتخابات ” حرة ونزيهة ” تجرى فى مناخ ديمقراطى .
ارجو ان لا يفسد خلافنا فى الرأى اى ود بيننا ، ومن جهتى فاننى اعتز جدا بصداقتك واشعر انها اضافة كبيرة لى ولا اريد لاى خلاف ان يحدث اى تعكير لصفوها .
أتفق مع تعليقك الأخير 100% أنه يجب أن نصل للشارع ونبادر نحن، ولكن حتى أن يحدث ذلك يا كريم، لماذا تدعم شيء، حق الإخوان في الوصول للبرلمان، وأنت تدرك تمامًا وتؤكد أن هذا وبالًا، وسوف يكون يومًا عصيبًا، بل وتصفهم بالمجرمين، وهم أكثر، هم إرهابيون… كيف تقول كل هذا؟ ثم تدعم حق جماعة إرهابية، لا تختلف عن حماس وحزب الله وعصابة الثورة الإسلامية الإيرانية في شيء؟! كيف نحفظ حق الترشح للبرلمان لمجرمين وإرهابيين؟ ثم تقول أنني أناقض نفسي، عفوًا يا كريم، الحرية لا تتجزأ، وأنا بالتأكيد ضد تزوير رغبة الناس، ولكن ضد منع الإخوان بشتّى السبل للوصول للبرلمان، ولكني بالتأكيد لست مع التزوير ضد أي شخص آخر.
ماذا تقول يا عزيزي حول صداقتنا؟! أنا الذي أعتز بها أكثر وأكثر مما تتصور! وبالتأكيد شراستي في الدفاع عن رأيي ليست تشبثًا، فأنا أتقبل الرأي الآخر تمامًا، وأحترمه تمامًا. وعند ردي على مقالتك، أنحّي جانبًا صداقتنا العزيزة! بالطبع، الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية! ولكن هذا السجال مطلوبًا، إلا وكيف أن كل منا صاحب رأي وفكر يتغير ويتمحور ويتقلّب. وأنت نفسك قلت أنك يومًا اتخذت نفس موقفي، ومن يدري يمكن ترجع في يوم من الأيام! ؛)
لا تقلق يا عزيزي، فأنا أختلف مع الجميع في ود! يبقى انت كده لسه معرفتنيش كويس بقى!
تحياتي يا كيم وترجع القاهرة بألف سلامة!