ظهرت في تركيا في الربع اﻷخير من القرن التاسع عشر أولي بوادر ثوره ” تركيــــــا الفتاه ” التي بدورها ادت إلي ظهور تركيا الحديثه ، وكان لليهود الشباب وجودا في التنظيمات السرية للثوره التي انتشرت في جميع المدن التركيه ، وتمركزت خصوصا في القسطنطينيه و سالونيكا ، وكانوا هؤﻷ اليهود من الشباب المستنير الذي تعلم في مدارس ” اﻹليانس ” “ مدارس اﻹليانس هي مدارس قام بتأسيسها المواطنين اليهود في بلدانهم وكانت في معظم الدول العربيه من بينها مصر والعراق وسوريا وتركيا ” وقد اَثار وجود اليهود في التنظيمات السريه ردود أفعال بائسه من بعض الدبلوماسيين اﻷوروبيين واﻷتراك اليمينيين إلي تشويه صوره اليهود عبر اتهامهم بالفساد وتحميلهم مسؤوليه انهيار النظام السلطاني ، وليس هذا فقط بل وتم اتهامهم أن هذه الثوره ماهي إلا مؤامره يهوديه لإخراج بريطانيا من تركيا ، وكما المعروف أن العرب من قديم الزمن يعيشون في وهم المؤامره فتناولت الصحف العربيه هذه الثوره علي أنها مؤامره يهوديه واستغلوا شخصيه المحامي اليهودي عمانويل كاراسو إلي الثوره لإثبات أن اليهود هم أساس الثوره وفي بعض اﻷحيان لم يعتبروها ثوره واعتبروها حركه تاَمر ضد البريطانيين.
وقد ذكر أحد الدبلوماسيين البريطانيين في ذلك الحين : “ تقلد اليهود منذ نشوب ثوره 1908 مكان الصداره في الحياه السياسيه بتركيا ، ويشغلون الاَن أيضا مكانه مهمه في أوساط الدوائر التركيه الحاكمه ” .
وقد رأت أعداد كبيره من اليهود أن الثوره ستؤدي إلي تحسين أوضاعهم فنشر العديد منهم مقالات وكتابات في اوساط الصحف التركيه يؤيدون فيها الثوره.
وفي أعقاب تزايد الصراع التركي اليوناني أعلن اليهود تأييدهم الكامل ودعم تركيا.
وكانت موقف ثوره ” تركيا الفتاه ” تجاه اﻷقليات يتسم بالتناقض حتي الي السنوات الاولي في بدايه القرن العشرين شوهد تدهورا ملحوظا في اوضاع الاجانب والرعايا الذين كانوا يعيشون فيها.
نتجه إلي إتفاقيه ” لوزان 1923 “ التي اعترفت بموجبها اوروبا بحدود تركيا الحديثه وتناولت بشكل خاص وضع اﻷقليات وخاصه اﻷقليات الغير مسلمه في تركيا ،فمنحت البنود الخاصه المساواه الكامله للأقليات الغير المسلمه ، ومع هذا تنازل اليهود اﻷتراك في عام 1926 عن حقهم في العيش كأقليه اَمنه وفضلوا العيش كمواكنين أتراك ، اﻷمر الذي جعل السلطات التركيه تتبني موقفا أفضل تجاه اليهود بالمقارنهه بموقفها من الطوائف المسيحيه ، ومع هذا لم تسمح السلطات التركيه لليهود بإنشاء مدارس خاصه بهم أو حتي تدريس اللغه العبريه،ومن هنا ظهر جيل جديد من يهود تركيا لا يعرف شيئاً عن الثقافه العبريه.
وفي الوقت مابين الحرب العالميه اﻷولي والثانيه تزايدت صراعات الأتجاهات القوميه مابين اليونان وتركيا ، حتي وقوه سالونيكا التركيه تحت يد اليونانيين 1913 وانضمت سالونيكا بشكل كامل تحت سيطره اليونان في 1922 وقد عاشت طوائف اليهود تحت حكم انظمه مختلفه حتي وصل الحال الي ظهور جانب اخر في الصحافه التركيه يندد ويكتب مقالات عديده معاديه لليهود ومعاديه لوجودهم في تركيا ، وظهرت في عام 1927 رابطه معاديه لليهود نظمت حملات مقاطعه للسلع اليهوديه وأستمر هذا الوضع بأختلاف أشكاله إلي أن جاء اﻹحتلال اﻷلماني وسقوط سالونيكا تحت القيضه اﻷلمانيه 1941
هذه كانت نبذه لتوضيح أن اليهود لم يكونوا أعداءاً لتركيا الحديثه ولكنهم كانوا أساسها.
4 تعليقات على اليهود وثورة تركيا الفتاة
رائعة يا صديقي جابر!
معلومات قيّمة جدًا. أشكرك شكرًا جزيلًا!
من مقالات الموقع المُختارة بالتأكيد!
معلومات حلوة جدا عن تركيا وعن اصولها وعن يهود تركيا
ان شاء الله للاحسن
جيد جداً..
هناك حالة من الالتباس حول فهم دور اليهود و الصهاينة فنحن نخلط تماماً بين الوجود اليهودي التابع للسلطنة العثمانية كرعايا و بين الصهيونية..
كذلك لوجود علاقات بين أرياء يهود و بعض المنظمات الصهيونية و بين الاتحاد و الترقي قبل انقلاب 1908 يتصور البعض صهيونية التنظيم..
إن الاتحاديين كانوا خليط من الرعايا العثمانيين و لم يكونوا تنظيماً يهودياً او صهيونياً بل تركياً مخلصاً.
بالمناسبة فكل الأقليات كانوا مع الاتحاد و الترقي و على رأسهم الأرمن..
مسألة التخوين أشبه باتهام منظمة مجتمع مدني تتلقى دعم أوروبي بالعمالة لصالح الخارج..
العثمانيين كانوا قد فشلوا في كل شئ و كانت الثورة هي الحل..