يوجد لدينا تصور أننا لو غادرنا العراق لأول مرة فسندخل الى عالم مشابه لما نراه في التلفزيون , نبداء بوضع مقارنات مابين الشوارع والسيارات والمحلات وقوانين المرور والطوابير أمام شباك التذاكر ,ومع تنوع المقارنات بتنوع عقليه الشخص تاتي النتائج أحيانا غير أيجابيه بالنسبه لبلداننا
لكي تستطيع أن تستمتع في السفر لابد ان تتخلى عن نظرية المقارنه ,ستكتشف مع تغير المحطات وتوالي الدول أن لكل بلد نكهة مختلفه تميزه عن الاخر وان وطنك رغم ماتحمله من ملاحظات سلبية عليه قد لايكون بنفس السوء الذي تريد ان تفترضه
طبعا لاتستطيع ان تقول المثل على مواطنيك ,فمع تزايد مسافات الطريق ستكتشف انك لن تجد الكثير من أبناء جلدتك ممن يعول عليهم ليكونوا صحبه طيبه في الطريق ,وستكتسب نوع جديد من التفكير المتطرف نوعا ما أو المتعنصر نوعا ما ,خصوصا لو كنت مجبر ان تلتقي بعد من الناس من الشرق الاوسط والعالم العربي والاسلامي
ستكتشف انك بلا وعي تصنف الناس حسب قومياتهم ودولهم ودياناتهم وألوانهم وقاراتهم , ولن تتفاجاء لو كنت يوما في محل ملابس شهير في احد العواصم الاوربية ان صديقك سينبهك لعدم التكلم باللهجه العراقية لان في المحل عدد من العراقيين ,وربما ستجيب على شخص عربي في مطعم اوربي بالانكليزيه بدلا من العربية ,ستجد نفسك تكتسب خواص وأليات لحماية نفسك بشكل غير أرادي من ناسك
لن تتفاجاء لو جلست مع مجموعه من العراقيين ان تسمع من يشتم البلد وبحقد , وفي أغلب الاحيان سيكون ممن خرجوا من العراق بعد ان استغلوا فتره الحكم السابق والحالي ليحصلوا على اكثر كميه من المنافع ,لن تتفاجاء لو وجدت ان الطائفيه نسبتها أعلى من داخل الوطن ,وان العرب يتطرفون في تعاملهم معك بحسب مواقفك من الامريكان وصدام ,وان الكثير من الجاليات العربية تنغمس في طقوسها الدينيه بشكل مبالغ فيه
ستفاجاء ان الرجل العربي ليس شرقيا جدا في أوربا ,فهو مستعد للتخلي عن مبادئه من اجل الاقامة الاوربية ,وربما لن تستعجب لو وجدته مستعد ان يعيش في كنف امرأة سكيرة أوربية ,ربما لن تتعجب ان تجد احدهم يلف سيكارة حشيش وهو خارج من صلاة الفجر
لاتستطيع ان تقارن في السفر عالمك الجديد بالقديم لن يفيدك ان تحول أسعار البضائع والملابس والمأكولات من الفرنك للدولار الى اليورو الى الدنيار الاردني الى الدينار العراقي والليرة السورية وقد تحس بغصه لو دخل الجنية الاسترليني للمعادله
لن تستطيع ان تقارن مستقبلك في بلدك كطبيب ومثقف بمستقبلك في الغربة , من كان جراحا قد يكون من الافضل له لو عمل سواق تكسي ,وقد تجد صباغا يحمل ماجستير في العلوم السياسية
وطبعا لاتتفاجاء لو وجدت ان العرب والعراقيين في الخارج اكثر تخلفا وجهلا ممن في الداخل بخمسين مرة على الاقل ,لن تجلس بصحبه علماء نواة أو كبار المثقفين ولكن ستجلس بصحبه عتالين وسواقين وتجار مخدرات
الحلم الغربي الجميل الذي نراه في أفلام السينما عندما يدخل الشاب العربي اوربا لترتمي في احضانه الفتيات حلم وهمي للأسف ,سوف تحصل على فتيات ولكن ستحصل على التي تريد علاقة جنسيه حيوانيه مع نوع جديد من الرجال,وكثيرين هم من تراهم يعيشون مع صديقاتهم بدون حتى ان يكون هناك تفاهم لغوي ,في يوم من الايام سترميه في الخارج عند حصولها على حيوان افضل
لا تتفاجاء لو عملت مع عرب وسرقوك,لاتتفاجاء لو ألتقيت بعملاء من ابناء جلدتك للمخابرات الاوربية ولمخابرات دولهم ,ولن تنزعج لو قوبل معروفك بنكران حاد وبشع
عندما تسافر لابد ان تتعلم ان لاتقارن عالمك الجديد بالماضي وان لاتتفاجاء وان تفتح عيناك جيدا وان تعرف ان المال في الغربة وطن ,وان وطنك بعيد جدا وهو جميل جدا وكريم جدا حتى لو خرجت منه هاربا
تقبل هويتك كمشرد أو مغترب وتعايش مع الهويات الجديده وستجد نفسك تتأقلم مع عالمك وتجد ناس مثلك تودهم ويودونك وتساعدهم ويساعدونك من مختلف الجنسيات والملل,ستوحدكم الطيبة والغربة وانكم لم تنسوا هويتكم ولم تفقدوا القدرة على التعايش من خلال المقارنه مابين اليوم والامس
تعليق واحد على في السفر والتشرد 2
رائعة يا دكتور وميض!
أعتقد أن هذه النصائح سوف يقدّرها كل من يقرأها سواء المهاجر أو المواطن… ويختلف نسبة تقبّلها طبقًا لوعي وثقافة القارئ، أو المهاجر بطبيعة الحال.
أرى أنها نصائح واقعية لحد مؤلم! وتصيبني بنفس غصّة المغترب في لندن الذي يقارن عملة بلده بالجنيه الاسترليني.