هل حقاً هذه سياسات اصلاح ليبرالية ؟
* الدولة وضعت خطة كاملة للإصلاح الاقتصادي بصيغة مُجربة متداولة نهايتها جعل السوق كامل الحرية بالعمل و الدولة كيان معنوي ينظم قانونا العمل دون تدخل بذاتها بحيث يمكن أن تكون رؤس الأموال تملك حرية الحركة التي تخلق فرص العمل في إطار تنافسي طبيعي بعالم الدول فيه تنافسية ، بمعنى آخر إعادة تشكيل الترس الصغير (مصر) يدور مع التروس الاخرى (العالم) في حركة طبيعية قائمة على تنافسية منتجة .
* بالتالي بدأت الدولة بتأسيس منظومة قانونية ، ثم إجراءات على الارض ، ثم تنظيم مالي و الهدف بالنهاية إكمال تشكيل الترس الليبرالي بحيث يمكن لمصر ان تتساوى -مثلا- مع تركيا بشكل عام في منظومات تشجيع السوق الحر (القوانين) و الخصخصة الخ (إجراءات على الارض) و تحرير الاقتصاد مال و إدارة من حضور مُشارك للدولة (تنظيم مالي) .
* لكن الدولة التي تخطط لهذا تعمل على الارض بأسس سياسية منحازة لدعم النظام ذاته في صورة صنعت شذوذ حاد جداً لن يقود إلى تلك الصورة المعهودة للاصلاح الليبرالي ، يمكننا أن نرى نماذج واضحة :
- الدور الاقتصادي للجيش المتصاعد المتعاظم الذي يخلط بين الادارة السياسية (داعم) و القطاع الاقتصادي بالجيش (مستفيد) مما يضر بنشاط القطاع الخاص و رأس المال الأجنبي الذي عملياً سيتعامل جزئياً أو كليةً مع الجيش كممر لدورة رأس المال -كمثال- عقود إصلاح الطرق ، بيع الاراضي ، الانشاءات الخ .
- التنظيم المعيب للمرتبات الخاصة بالعاملين بالدولة و التي نظمت جداول مالية محددة لكن لن تطبق على الجميع بل تستثني فقط المجموعات الداعمة للنظام بذاتها مما جعل الغرض الاساسي (تخفيض المدفوع لموازنة الرواتب) ينتهي الى (تقليص الرواتب للأقل تلقي على الاطلاق و إبقاء الاكثر تلقي كما هو) مما حول الخطوة الاصلاحية إلى لا شئ .
- نتاجاً فإن أهم أجزاء مثلث خفض عجز الموازنة أو ما يقود لها (الرواتب – فارق القيمة / الدعم – التدخل بسعر اصرف) يتآكل خاصة مع الابقاء على الدعم عملياً عبر رفع أرقامه السنوية و التراجع في قرارات و تشريعات تحت الإعداد تخص هذا الباب ، بالتالي فعجز الموازنة سيستمر أو على الأقل لن يصل للمعدلات المطلوبة مما يحجم الآثار الايجابية المطلوبة في إطار جدول زمني يستهدف إعادة تشكيل الترس .
- الاجراءات ذات الصبغة الاشتراكية التي تتم خارج القانون أو بتمرير داخلي وقت اللزوم السياسي -كمثال- الانتخابات فالمسابقات للتعيين الحكومي (المحرم اصلا في ذهنية الاصلاح) تنشط و تصاريح البناء و الاستثمار و التعليمات (بالأمر المباشر) و الاعفاءات تظهر في حالة تضرب أهم فكرة تتعلق بكون الدولة مجرد آلة منظمة لا مُسيرة .
- الكذب الصريح للدولة في التعامل العلني مع الجمهور بخطاب اشتراكي (تعيين – خفض (الدولة) لنسب البطالة – الدعم باق كلية – الدولة تدعم العملة الخ الخ) و الذي يتم تطبيقه كلية أو جزئياً مما يربك المسيرة كلها .
- رضوخ الدولة لضغوط جماعات الابتاز السياسي المُدركين للمسار المتجاهلين له المتاجرين بالاثار القاسية على اقل الفئات تلقي للثروة (اعلاميين ، سياسيين ، مسئولين سابقين الخ) مما يجعلها احيانا تصل لدرجة الغاء قرارات او تأجيلها ، و هذا منطلق سلفاً من كونها تخدع الجمهور بخطاب إشتراكي كما أسلفنا يقابله متربح سياسي كما نرى .
- الابقاء على منظومة تعليمية لا تضم تنظيم يتناسب مع حرية رأس المال بل يقود لانتاج موظفين ، -كمثال- التعليم الفني كله موجة بنفس طريقة التوجية التقليدية بالسبعينيات و المجانية المفرطة في التعليم هدفها الاصلي هو التعيين تحت اشراف الدولة و الإدارة الرسمية للجامعات المنصبة على انتاج اكبر عدد من الخريجيين الخ ، كلها بعقل إشتراكي منتهي الوجود لا يربط التعليم بالسوق و مستمر بنجاح تام في اخراج عاطلين .
- الاصرار على المراوغة في طرح أساس واضح لمنظومات المالية (ضرائب الخ) في أنها بخلاف التزامها بالتدرج إلا انها عملياً فلسفتها قائمة على جذب رأس المال و إقناع رأس المال المحلي بالبقاء مما يجعل مسائل التخفيض/الإعفاء/المميزات قاعدة أخرى بحد ذاتها ، في ارتباط مع الرضوخ للأصوات المزايدة &الاشتراكية و التي تقود بالنهاية لإنسحاب رأس المال لصالح أسواق اكثر وضوحاً و ضماناً (تونس – تركيا .. ) .
- إبقاء نهج الدعاية التجهيلية للفرد (المواطن) بحيث يتم فصله عن المسار المالي للدولة و حقائق المنظومة مما يجعله -عملياً- يحيا في نظام غير موجود ، -كمثال- ارتفاع اسعار السلع المحكوم بإدارة السوق يتم توجيه الدعوة للدولة (للتحكم و الضبط للأسعار) فيما يعد من الأمور الخاضعة للعملية الطبيعية للعرض و الطلب و ليست من واجبات الدولة بإستثناء الارتفاع المتعلق بالاحتكار -و هو أمر مختلف- المُفترض سلفاً ان يكون التطوير القانوني قد عالجه ، أي ان التجهيل المستمر للفرد يقود بالنهاية لرفض المنظومة كلها باعتبارها (فساد) لأن المنظومة البديلة المُتخيلة تم إحلالها بعيداً عن حقائق الأمر .
..
الاصلاح الذي انتهجته تركيا كمثال شمل خلال 10 سنوات تمثل في :
- خصخصة شاملة كاملة تعطي سنوياً ما لا يقل عن 10 مليار دولار (13.4 -كمثال في 2013) دون التفات لأي معارضة نتيجة انهم صارحوا الكل منذ البداية .
- بيع شامل للمصانع الحكومية و الشركات الكبرى و الصغرى و تأجير المواني و المطارات و تحرير كامل للإقتصاد حتى وصلت الى بيع قطاعات يومية للمواطن -كمثال- (بيعت شركة بوجازيكي إيداس، والتي تقوم بتوزيع الكهرباء لـ4.2 مليون مشترك في الجزء الأوروبي من مدينة اسطنبول أكبر مدن تركيا بمبلغ 1.96 مليار دولار، لثلاث شركات (جنكيز- كولين- جمعية ليماك) مختصة في توليد الطاقة) .
- هرمونية العمل و تناسقه -فمثلا- الخصخصة انتجت اموال و تم ضخ معظم الارباح الى البنك المركزي لرفع الاحتياطي (احتياطات المصرف المركزي من العملة الصعبة ارتفعت إلى حوالي 122مليار دولار مقابل 27.5 مليار دولار عام 2002) مما أعطى دفعه للاقتصاد -سمعة مالية مؤقتة- دفعت استثمارات اجنبية (وجدت قواعد مالية سريعة و محايدة) لتعمل على الارض (متعاملة مع فساد لوبي رجال اعمال الحزب -رجال اعمال- لتربح و تُربح) الخ .
* الفساد بتركيا على الرغم من تعاظمه و خلطه السياسية بالاقتصاد بالمصالح الشخصية الا انه بجوار ما تم انجازه من اقتصاد كان مقبولا ، بمعنى آخر يمكنك قبول درجات متفاوتة من الفساد بشرط أن تكون جاداً في الاصلاح .
..
دولتنا ليست دولة تمارس سياسة و تصلح .
دولتنا دولة منافقة للجمهور اشتراكية الهوى ليبرالية العلم منزوعة الدسم .
للتواصل مع الكاتب : https://www.facebook.com/mahmoud.arafat.7503