لا يوجد هناك شيء إسمه الكتاب المقدس أو الإنجيل المنزل من السماء على عيسى المسيح، تماما مثل المسيح نفسه كشخصية لا يوجد دليل تاريخي واحد يؤكد وجوده فعليا.

الأناجيل ليست كتبا مقدسة نزلت بها الملائكة على عيسى المسيح ثم حرفت فيما بعد كما يخيل للمسلمين اليوم؛ بل هي في مجملها قصة حياة عيسى و كلامه و عظاته و خطبه و أسفاره كما كتبها رفاقه و حواريوه و رهبان كثر من بعدهم و فيها تفاصيل عديدة متناقضة و غير مترابطة أو متشابهة بين إنجيل و آخر، و إلى جانب الأناجيل الأربعة الرسمية التي إعترف بها مجمع نيقية المسكوني عام 325 للميلاد، هناك عشرات الأناجيل الأبوكريفية الأخرى التي تم منعها و إحراقها و تحريم تداولها بين الناس و ذلك بأمر من الإمبراطور الروماني قسطنطين بعد أن أكد قرار المجمع المسكوني.

من مخطوطات وادي قمران وتشمل سفر أشعياء 17/57 إلى 9/59.

من مخطوطات وادي قمران وتشمل سفر أشعياء 17/57 إلى 9/59.

الأناجيل الأربعة الرسمية المضمونة في الكتاب المقدس اليوم و المعترف بها من الطنيسة الكاثوليكية هي :

إنجيل متى، إنجيل مرقس، إنجيل لوقا، إنجيل يوحنا.

الأناجيل الأخرى أو المسماة بالمنتحلة أي الغير المعترف بها في الكتاب المقدس هي :

إنجيل توما، إنجيل الحق، إنجيل فيلبس، إنجيل مريم المجدلية، إنجيل يهوذا، إنجيل الطفولة العربي، إنجيل مني، إنجيل مرسيون، إنجيل السبعين، إنجيل الإثنى عشر، إنجيل العوالم الأربعة السماوية، إنجيل الحسن، إنجيل حواء، إنجيل الناصريين، إنجيل رادوسلاف، إنجيل برنابا، إنجيل برثولوماوس، إنجيل برلين المجهول، أناجيل البهناسة، إنجيل إقرتون، إنجيل الإبيونيين، إنجيل العبرانيين، إنجيل المصريين القبطي، إنجيل المصريين اليوناني، إنجيل مرقس السري، إنجيل يعقوب، إنجيل متياس، إنجيل بطرس، إنجيل برلين المجهول، الإنجيل الرباعي.

و بعض هذه الأناجيل كتب في القرن التاسع و العاشر الميلادي، أي أكثر من 1000 سنة بعد تاريخ وفاة المسيح المفترض، و عدد منها تم إكتشافه بعد العثور على مخطوطات البحر الميت (مخطوطات قمران) و مخطوطات نجع حمادي في النصف الأول من القرن العشرين. و منها ما هو مكتوب بالعبرية و القبطية و الآرامية و اليونامية القديمة، و كلها تجمع تفاصيل متناقضة و مختلفة فيما بينها حول نفس الشخصيلات و الأحداث، بل هناك نسخ مختلفة و متناقضة من نفس الكتاب.

صورة لأحد صفحات مخطوطات نجع حمادي 1

صورة لأحد صفحات مخطوطات نجع حمادي

النقطة الأهم الآن هي أنك عندما تحاول إقناعي بأن الإنجيل قد تنبأ بمجيء النبي محمد و رسالته النهائية كخاتمة لرسائل النبوة الإلهية و ذلك عبر ذكر إسمه، فأنت تهذي بهراء غير منطقي و لا أساس له من الصحة، فلا يوجد هناك إنجيل واحد محدد بل أناجيل عديدة و هي كلها كنب غير منزلة من السماء بل كتبها أشخاص محددون من بينهم رهبان و كهنة ينتمون لمختلف المذاهب النصرانية و المسيحية التي عرفها التاريخ، و مرة أخرى لولا رغبة الإمبراطور في إتخاذ دين جديد يوحد به سلطة إمبراطوريته الضخمة لما وجدت هناك ديانة مسيحية و لا أناجيل، بل لكانت اليوم مجرد كتب تاريخية تتم دراستها مثل الملاحم السومرية و البابلية و الهندية (جلجامش و إينوما إليش، و المهابهاراتا و البهاجافادجيتا) أو مثل كتب الموتى المصري القديم الذي وجدت بردياته و تمت دراستها و ترجمتها.

إنجيل توما إكتشف بشكل شبه كامل في مخطوطة بردي مع مخطوطات نجع حمادي عام 1945

إنجيل توما إكتشف بشكل شبه كامل في مخطوطة بردي مع مخطوطات نجع حمادي عام 1945

الجميل في دراسة التاريخ هو أنه علم مجرد و موضوعي لدرجة القسوة المطلقة، و في ما يتعلق بالأديان بالخصوص فهو لا يعترف بالقداسة لأي شيء، بل يخضع للمنطق و للأدلة الموثوقة فقط لا غير.

مهدي بوعبيد

11/07/2016