ما الذي يجعل كتب الأديان مقدسة، ما الذي يمنحها تلك السلطة الروحية التي تستحوذ على عقول المؤمنين بمحتوياتها العجيبة … ؟؟!!!
هذا التقديس لا يرتكز على أي مفهوم منطقي أو عقلي مؤكد و ثابت، إنه ينبع فقط من حاجتك الشخصية إلى الإعتقاد بقداسة الكتاب و تخيل ما كتب فيه و كأنه شيء إعجازي و خارق للعادة، بينما في حقيقة الأمر هي كتابات أقل من عادية و لا شيء خارق فيها البتة، فلو فكرت فيها بتجرد و عقلانية قد تجدها مضحكة من فرط الخيال الخارق الذي يملؤها و من كثرة الأساطير الغريبة التي تجتمع في سطورها و آياتها.
أن يصدق عقلك مثلا أن حوتا قد إبتلع إنسانا و عاش هذا الأخير في بطنه لثلاثة أيام ثم خرج بعد ذلك حيا و بصحة جيدة، فهو قمة الخبل و العته، لكن منطق الإيمان و الإعتقاد الأعمى بصحة تلك القصة، يقوم بالتعتيم على قدراتك العقلية الطبيعية و يجمدها لكي تستحوذ هذه القصة الغبية على كيانك فتقوم بتصديقها كمعجزة خارقة للعادة حدثت فعلا لشخص ما في غابر الأزمان.
بل سوف تتعدى هاته القداسة كل الحدود لتتدخل في تشكيل بنية الأخلاق نفسها داخل المجتمع، لتجد مثلا مسألة الرق و العبودية و الإتجار بالبشر شيئا مقبولا و مشروعا لدى أتباع الديانات الإبراهيمية، رغم أن العقل و المنطق البشري يرفضها تماما اليوم و يتقزز من مجرد التفكير في وجودها في يوم من الأيام، و بذلك يتحول فعل شرير و مقرف و مرفوض إلى مجرد تصرف طبيعي لا نقاش في مشروعيته، ما دام كتب دينك المقدس لل يعترض عليه، بل في بعض الأحيان يحض عليه و يؤصل له بمفاهيم دينية واضحة، حتى لو كان منافيا لكل المفاهيم الأخلاقية و الإنسلنية التي نتعارف عليها اليوم
ثم هنالك تأثير آخر يدفعك للتصديق و الإيمان بدون جدال أو نقاش، إنها تلك الصلاحية القوية التي تمنحها الأديان لنفسها و تحرص على فرضها على كافة الأتباع بدون إستثناء، و هذه الصلاحية هي المنع التام عن طرح الأسئلة أو التفكير في ما تفرضه عليك من مفاهيم منافية تماما للمنطق السوي و للطبيعة البشرية، فأنت ممنوع من التساؤل حول ما تسميه الأديان عالم الغيب و القدرة الإلهية و المعجزات التي يختص بها بعض البشر دون غيرهم، بل أنت ممنوع حتى من مجرد الشك في كنهها و تفاصيلها، بل لا يكتمل إيمانك إلا بنفي هذا الشك و طرده من عقلك و كيانك تماما، بأن تصدق و تسلم بكل ما تطرحه الأديان و كتبها من أفكار و مفاهيم، مهما بدت غريبة و عجيبة بل و مستحيلة حتى، و هذا ما تلتقي فيه الأديان كلها بدون إستثناء، سواء الإبراهيمية منها أو الوثنية، أو حتى تلك التي لا تدعو لعبادة آلهة.
بالمحصلة النهائية فأنت من يصنع هالة التقديس الخفية التي تحيط بكتب الدين، أنت و لا أحد غيرك، فعندما تجمد عقلك و تمنعه من ممارسة مهمته الرائعة في الشك و التساؤل و البحث عن حقيقة ما يطرح أمامك، تصبح شخصا مسلوب الإرادة و الوجود، و تتحول لمجرد تابع آخر من بين ملايين الأنباع التائهين في ملكوت الإعتقاد بالغيبيات و الخرافات التي لا يقبلها منطق و لا يفسرها عقل، بينما العالم الذي بحيط بك بكل ما يحمله من تطور و معرفة و علم يمتد لكل الميادين و يخترق كل المجالات و لا يتوقف عند أية حدود، لم يكن ليتحقق دون العقل.
و بذلك يبقى تحقق الوعي مستحيلا طالما بقي المجتمع و مكونه الرئيسي (الإنسان) واقعين تحت سلطة عاته القداسة الباطلة و ما تجره على العالم من مآسي و كوارث.
مهدي بوعبيد
27/01/2016
3 تعليقات على ما الذي يجعل كتب الأديان مقدسة ؟؟!
كونك ملحد لا يعطيك الحق في الإنكار على الغير وتسفيه ما يقدسونه ويكفيك اقتناعك فلا تزعج غيرك أما أن تعتقد في نفسك الوصاية وكمال العقل فهذا هو ما تنتقده في وصاية الأديان على المؤمنين وما أراك إلا أنك تناقض نفسك فهون عليك. أما الأصل في الخلاف فهو ما تقدمه انت وما يقدمه التدين فالدين يقدم وصفا لعالم ما بعد الموت عالم لا تصل إليه يد العلم ولا أراك قدمت إلا ظلاما تغرق فيه الناس لأنك لا تملك مصباحا ولا تعترف بوجوده اصلا فهون على نفسك
التنوير في نظري يتمثل في حق حرية التعبير عن القناعة الشخصية لكل انسان من غير الاستهانة بقناعة الغير فيما لا سبيل للبرهنة عليه علميا . العلم و الأخلاق وحدهما المشترك الانساني القابل للتقييم ، و الباقي أمر ذاتي لا أمل في توحيده كعامل مشنرك حاسم في بناء الصرح الثقافي التنويري .
أراك وقد انتقدت القرءان أكثر من انتقادك للكتب الأخرى وهذا ان دل فيدل على
أنك تؤمن به وتعلم انه كلام الله ولا تحريف فيه ويعجزك التشكيك فيه،فهون على نفسك واحتفظ برأيك ولا تفرضه على الأخرين،فليس من حرية الرأى الانتقاص من عقول الغير ولا التقليل من معتقداتهم
فما ذنب الأخرين بأنك لا تؤمن بالغيب الا أن تكون حاقدا عليهم ايمانهم ليس اكثر