ظننتُ لفترة طويلة أنني إنسان عاقل, مَنْ منا كان يشك يوما أن عقله سليم بدرجة كافية؟
قابلتها اليوم في الجامعة كالمعتاد, نظرتْ لي وهى تحاول أن تتبين ما وراء ملامحي الجامدة, هذا القناع الذي يعرف الجميع أنني شديد التمسك به.إنه قناع حياتي كلها.. لم أدع أنني طالب مثالي أو إنسان يفوق الوصف, بل أنا ممل إلى درجة مدهشة.. ملل لا يتصوره عقلكم مهما جاد العلم بداخلها.كنت أريد أن اعترف لأي إنسان, أعترف بماذا ؟ بأي شيء.. مَنْ منا ليس لديه شيء خفي يريد الاعتراف به ؟..مَنْ منا يفهم طبيعة نفسه البشرية؟!.. لا أحد على ما أظن, لم يولد بعد الإنسان الذي يدعى أنه يفهم نفسه.
أقول لك دعك من الملل وما به, دعك من الحماقة, التي كنت أعيشها، وافترض أنى مثل الجميع يجب أن أعيشها بهذه الصورة.. دعك من كل ما أقوله من هراء يكفى أن تعرف أنى مجنون بنفسي إلى درجة رهيبة, مجنون إلى أقصى حد، وأبعد مدى, لذا كانت هي مثل الآخرين لا تفهمني, أو أستطيع أن أقول إنها لم تفهمني بالدرجة الكافية.. أمس سألتني ماذا يدور خلف عقلك هذا ؟ ماذا تخفى من مشاعر؟
يجب أن أقول لك أيضا إنها تربية يدي.. استقبلتها منذ أول يوم في الجامعة استقبالاً يليق بجمالها المدهش.. استغربتني كالجميع, لا أزعم أنني كنت مكروهاً وسط الطلبة, بل كنت شخصاً يلتف حوله المحبون, لدى من الأسرار ما يفوق الحد, بل لدى خبرة بالحياة لا يعلمها أيًّ منهم, ولن يستطيعوا أن يفهموني بالطبع, لذلك كنتُ دائما ما أختار أن أكون بطلا لحلقات النقاش.. ولكنني فوجئتُ بها بيضاء تماما ليس بلون بشرتها فقط , بل عقلها كان أبيض, كان عقلاً فارغاً لا يعرف عن الدنيا شيئاً، لذلك دخلتُ في تحد رهيب مع هذه المخلوقة الجميلة أنثاي الخاصة . دخلت لعبة سوف تستمر لسنوات الجامعة.. تحداني رشدي وقتها قال لي لن تستطيع أن تخلق منها شيئاً.. أتظن أنها قصة من قصصك ؟ أنها بشر لحم ودم, الطبع يغلب التطبع يا صديق..
قبلتٌ تحدى رشدي, قلتُ له أعطني نصف سنة بعدها اسألني عنها وأتحداك أن تجاريها وقتها, لك هذا منى, مرت شهور عديدة.. نسى رشدي فيها التحدي, ولم أنس.. ظللت أمارس معها كل ضغوط النفس البشرية..كل لحظات الحب, والعذاب.قلتُ لها يوما لو لي قلب أعدك وقتها أن أحبك, ولكن عندما يظهر لي أن لي قلباً.
جنتْ كيف بعد أن ذابتْ حباً في أقول لها هذا؟، بل كيف أستطيع أن أقول إنني لا أحبها.. مجنون أنا؟! لا الأمر ليس بهذه الصورة صدقني, فوجئتُ فعلا أنى لا أملك قلباً, بل لا أملك أي إحساس بالحب..
قال لي رشدي أنت إنسان ميت, مَنْ بلا قلب مثلك إنسان ميت بالتأكيد..
لا أعلم ولكن الحقيقة كانت أكبر من علمي أكبر من فرويد ونيتشه أكبر من كل فلاسفة العالم..
وقفتْ أمامي الآن تحاول جاهدة أن تجعلني أنطق أن أقول أي شيء, ولم أكن أملك شيئاً لأقوله, صمتُ مدة, بدتْ لها كأن جسراً من الموت قد قطع الطريق بيننا, جسر لن تستطيع عبوره مهما حاولتْ, أو بذلتْ من جهد.. الآن نظرتْ لي نظرة وحيدة, وهى تحاول أن تلفت نظري لشكلها الجديد.. منذ أيام قالتْ لي ماذا تريد في أنثاك الخاصة؟ ماذا تبغي منها, وجدت نفسي أقول مازحاً أريدها أرضاً بكراً, لم يطأها بشر, أريدها امرأة كاملة, أنثى خاصة، أريد فيها بكارتها الأولى, وأريدها فتاة ليل “نطقتُ الكلمة بالإنجليزية”، شهقتْ لم تتصور مدى جنوني.. قلتُ لها لا احترام بين الرجل وزوجته في غرفة النوم..جنتْ ..قالتْ: أنت شاذ.. نعم تفكيرك شاذ، وتدعى أنك العالم بكل شيء ولا تعلم شيئاً.
قلتٌ: أريدها جميلة, وذات دلال, أريدها نجلاء فتحي في أنوثتها المتفجرة..
بعد أيام وجدتُ إحدى الفتيات قد عقصتْ شعرها بطريقة معينة بدتْ غريبة على وجهها، ولكن عندما اقتربتْ منى وقالتْ: طارق ألا ترى شبهاً بيني وبين نجلاء فتحي ارتفع حاجباي وقتها في ذهول إذن هي لم تع كل ما علمته لها. قالتْ لصاحباتها على تفاصيل أنثاي الخاصة، تريد اليوم أن تفهم لماذا أقابلها بهذا البرود..ولماذا أبدو قاسياً في التعامل معها؟!!
إنها لم تفهم منذ البداية, أنها لم تكن أنثاي الخاصة قط، تركتني وذهبتْ، بل تركتني بلا أي وداع..
اليوم أجد رشدي يربت على كتفي, بل يحتضنني ويقول: إني صنعتُ منها أنثى جميلة, فتاة لأحلام أي شاب, وأنه خسر رهانه معي وأن خطبتهما غداً..
كلاّ..مستحيل!! مستحيل صدقوني الآن, وأنا أنزف خوفاً ورغبة, صارخاً في الوجوه, كلاّ أريد أنثاي الخاصة أريدها إنها من صنع يدي، أفكاري حياتي، خبرتي، أرضى البكر, مضيتُ في الحياة, وأنا أكاد أجن, بل تستطيع أن تقول إن الجنون أصبح أحد صفاتي, وما زلتُ أبحث عن أنثاي الخاصة
مايو 2003
2 تعليقات على أنثاي الخاصة
كلنا يبحث عن أنثاه الخاصة المدللة!
(سؤال فرعي، هل كتبت هذه القصة في أول سنة كلية لك؟)
بالنسبة للسؤال الفرعي لا يا ابو حميد القصة مكتوبة 2003

اول سنة دراسية في الكلية 1993
والقصة بالطبع قديمة ولكن لا تمت للمؤلف بصلة والحمد لله
تحياتي يا جميل