لقد باتت الإكتشافات الأثرية القديمة اليوم تؤكد بشكل مطلق تناقل قصص الأديان في شكل أساطير في ما بين عدة حضارات، و لا نملك أمام هذا المعطى إلا أن نتساءل و بجدية عن مدى صحة ما ورد إلينا في الكتب المقدسة للأديان الإبراهيمية، أحد أعمق هاته الأساطير من ناحية المعنى و التفاصيل هو ما يسمى بقصة الخلق الأولي.
أول ذكر لهاته القصة ورد في ملحمة “الإينوما إليش – Enuma Elish” و هي ملحمة بابلية قديمة و موروثة عن أساطير سومرية أقدم بحيث تعود في أصلها ﻷكثر من 5000 سنة (3000 سنة قبل الميلاد)، وُجدت هذه الملحمة مدونة على أقراص طينية في منطقة نينوى من طرف العالم الأركيولوجي البريطاني Austen Henry Layard في مكتبة الملك آشوربانيبال هو آخر كبار ملوك الإمبراطورية الآشورية في منطقة نينوى شمال العراق (بالقرب من الموصل الحالية)، و الملحمة كتبت في شكل نص شعري مكون من حوالي 1000 سطر بالكتابة المسمارية على سبعة ألواح، لنقرأ معا ما كيف فسرت أقدم الحضارات التي عرفتها البشرية حتى اليوم، مسألة الخلق الأولي للعالم و الكون :
” كان العالم مجرد فوضى تتمثل بغمر مائي و منها انبثقت الآلهة، ثم بدأت هذه الآلهة الجديدة بالدعوة إلى تنظيم العالم فغضبت الفوضى المائية على هذا الإتفاق (الفوضى المائية تمثلها الآلهة “تيامات – Tiamat” أو المياه المالحة بينما يمثل زوجها “أبسو – Apsu” المياه العذبة”)، و بعد صراع أدى لمقتل أبسو بدأت الآلهة تيامات معركة الانتقام لمقتل زوجها، كان التقدم في هاته المعركة للإلهة تيامات حتى جاء الإله “مردوخ – Marduk” حفيد أبسو و تيامات نفسهما و أصبح قائد التمرد بقوته و إمكانياته التي لا تشبه أيا من الآلهة الأخرى، و قام بشق تيامات “المياه المالحة” إلى نصفين، فجعل نصفها السفلي هو الأرض و العلوي هو السماء”
طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة صفحة 453.
لنقرأ الآن ما الذي تقوله التوراة في قصة الخلق :
تروي التوراة قصة الخلق في الإصحاحين الأول و الثاني من سفر التكوين، و تتألف قصة الخلق من ثمانية أوامر إلهية نفذت في ستة أيام و تبعها يوم سابع للراحة، نقرأ فيها ما يلي:
” و كانت الأرض خربة و خالية، و على وجه الغمر ظلمة، و روح الله يرف على وجه المياه، و قال الله : ليكن جلد في وسط المياه، و ليكن فاصلا بين مياه و مياه، فعمل الله الجلد، و فصل بين المياه التي تحت الجلد و التي فوق الجلد، و كان كذلك، و دعا الله الجلد سماء “
ثم لنقرأ الآن ما الذي يقوله النص القرآني في قصة الخلق الأولي :
” و هو الذي خلق السموات و الأرض في ستة أيام و كان عرشه على الماء ” سورة هود، الآية 7
” أو لم ير الذين كفروا أن السماوات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما ” سورة الأنبياء، الآية 30
يقول الطبري في تفسيره : ” عنى بذلك أن السماوات والأرض كانتا ملتصقتين ففصل الله بينهما بالهواء”
هذا فيما يخص الخلق الأولي، لنرى الآن ما الذي تذكره الملحمة في قصة خلق الإنسان:
” قال الإله “إنكي – Enki” و هو إله الحكمة و السحر ﻷمه “نامو – Nammu” :
” إن الكائنات التي إرتأيت خلقها ستوجد و سوف نصنعها على شبه الآلهة، فأغرفي حفنة من طين فوق المياه، و أعطها للحرفيين ليعجنوه و يكثفوه، و بعد ذلك قومي أنت بتشكيل الأعضاء، عندها ستقف جانبك كل ربات الولادة، و تقدرين للمولود الجديد مصيره يا أماه “
” ثم عندما رفع الإله مردوك السماء نثر على صفحتها الكواكب. ثم قسم السنة إلى شهور وجعل لكل شهر ثلاثة كواكب. كما جعل لإله القمر حكم الليل وإضاءته، ومنحه كل شهر يوماً يستريح فيه. وقدر مردوك أن الآلهة كانت في حاجة إلى من يصلي لها ويعبدها، فانحنى مردوك على الأرض وشرع يعجن “التراب” بدمائه ويصنع من “الطين” ناساً تقوم على خدمة الآلهة والصلاة لهم “
المصدر : Sumerian Mythology – Samuel Noah KRAMER.
إذن فحسب الأساطير السومرية و البابلية القديمة (و هي أقدم من الأديان الإبراهيمية بآلاف السنين) فالإنسان قد خلقته الآلهة من طين و جعلته على صورتها، و وضعت فيه الحياة من الماء و قدرت له حياته بالتفصيل و كتبت ذلك على ما يسمى بلوح القدر لدى السومريين.
فماذا يقول القرآن في هذا الباب :
” و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ” سورة المؤمنون، الآية 12
“وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ” سورة الحجر، الآية 26
” و ما من دابة في الأرض إلا و على الله رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين ” سورة هود، الآية 6
و يروي البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين و فيه عن محمد بن عبد الله : ” كان الله و لم يكن شيء غيره، و كان عرشه على الماء، و كتب في الذكر كل شيء، و خلق السماوات والأرض. “
و قال الحافظ بن حجر في تفسيره أن المراد بالذكر هنا : ” هو اللوح المحفوظ”.
و عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ” خلق الله آدم على صورته “.
نرى مما سبق كيف تروي ملحمة “إينوما إليش” البابلية قصة الخلق الأولى, و عندما تقرأ عن حاجة الإله “مردوك” لخلق البشر لخدمة الآلهة و عبادتها و الصلاة إليها, لا تملك إلا تقارن سبب خلق البشر هنا مع سببه في القرآن، حيث جاء في في سورة الذاريات في الآية 56 : ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”.
الشيء المثير في دراسة الأساطير السومرية و البابلية التي سبقت ظهور الديانات السماوية بآلاف السنين, هو أنك تجد نفسك أمام إقتباسات كاملة تم أخذها من هاته الأساطير و إضافتها لمحتويات الكتب المقدسة الثلاث (التوراة, الإنجيل, القرآن)، مع تغيير بسيط في الألفاظ و الكلمات لكن المعنى الرئيسي يبقى ثابتا من نص إلى الآخر.
نستنتج مما سبق إذن أن الأساطير السومرية و البابلية القديمة قد سبقت الأديان الإبراهيمية بآلاف السنين في ذكر تفاصيل مهمة عن كيفية رؤيتها لمسألة الخلق الأولي، صراع و حروب بين الآلهة، انتهى بخلق الأرض و السماء و الإنسان فيما بعد، و ما أتت به الكتب المقدسة فيما بعد من تفسيرات لنفس المسألة، ليس إلا سيرورة متواصلة لما كان متوفراً من معارف بشرية حينها، و فيما يخص الأديان الإبراهيمية فهاته السيرورة قد بدأت مع كتابة أحبار اليهود للتوراة إبان سبيهم في بابل من طرف الملك العظيم نبوخذ نصر، و بالتالي فقصة الخلق التي وضعت في التوراة ليست إلا إعادة لمجموعة من الأساطير البابلية المتناقلة بين كهنة الإله “مردوك” في بابل آنذاك، و بما أن اليهودية تعتبر هي المصدر الرئيسي للديانات الإبراهيمية، فالمسيحية قد أخذت عنها نفس التفسير و السيرورة نفسها قد تواصلت فيما بعد مع الإسلام.
الأديان الإبراهيمية عامة في رؤيتها للكون و العالم و الإنسان، لا تملك تفسيراً منطقياً أو عقلانيا مقبولاً لمسألة الخلق الأولي، و هي لم تأت بشيء جديد في هاته النقطة رغم الإختلافات الطفيفة فيما بينها، إنما أعادت اجترار نفس الأساطير القديمة كما عرفها و توارثها البشر فيما بينهم في شكل مرويات شفهية و ملاحم أسطورية، أو أناشيد دينية يتناقلها الكهنة في المعابد أو تجتمع حولها القبائل و ترويها فيما بينها تخليدا لتراث غابر يتناقل عبر القرون و الأزمان، و مع كل حضارة جديدة يتم إعادة نظمها و تنميقها و إدخال آلهة و شخوص جديدة عليها، قبل أن يتم إعتمادها كتفسير مقدس للعالم منذ بدء الخليقة، بعد أن أضفت على الآلهة المتعددة (يتجاوز عدد الآلهة في بلد الرافدين حينذاك 4000 إله)، صفة الوحدانية، أي الإله الواحد.
الأديان الإبراهيمية ليست إذن إلا مرحلة واحدة من مراحل تطور الوعي البشري عبر التاريخ، بدءا من عبادة سيد القبيلة ( The Alpha Male في المجتمعات الحيوانية التي تعيش في قطعان تعتمد تراتبية اجتماعية معينة)، ثم مروراً عبر الفترة التي يعبد فيها الطوطم كتمثيل لروح سيد القبيلة بعد موته، إلى مرحلة الخوف من الظواهر الطبيعية الغير مفهومة و التي نتجت عنها عبادة الشمس و القمر و الرياح و البراكين و النار، وصولاً إلى مرحلة تجسد الإله في صفات معينة و مظهر فيزيائي (الأصنام و قصص البطولة و صراع الآلهة فيما بينها)، و انتهاء بمرحلة الغيبيات التي توحدت فيها أساطير الآلهة القديمة في إله واحد له السلطة المطلقة على البشر والكون ككل، لكنه و بكل غرابة، يتشابه في كل الصفات مع الآلهة العديدة التي سبقته ﻵلاف السنين و تسلط كهنتها بنفس المنطق الغيبي و الخرافي على بني البشر، تماماً كما يحدث اليوم.
أعلم تماما ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لأمة يرتكز وجودها اليوم على خرافة الإنتماء العقائدي, قبل الإنتماء الإنساني الذي يبقى أكثر شمولية و ثبوتا من كل المفاهيم التي تفرضها الديانات الإبراهيمية.
مهدي بوعبيد
25/05/2015
6 تعليقات على الخلق الأولي : قصة الخلق البابلية و التناص مع الكتب المقدسة
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد
ديانة التوحيد لم تعرف في عهد الديانات الابراهيمية فقط بل نجد ان التوحيد هو اصل الدين .اما الاساطير التي تحدثت عنها فهي بقايا ما احدثه الناس في دينهم . و لما ظهر الشرك ارسل الله الرسل لينذروا المشركين و يبشروا الموحدين . فقط .
بسم الله الرحمن الرحيم
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ ) أي كانوا كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا فبعث النبيين (انظر تفسر ابن كثير للأية)، ومع قول الله تعالى : (وإن من أمة إلا خلى فيها نذير) أي رسول. فلذلك نجد أن عبادة الخالق الأعلى وجدت في أبعد وأقدم شعوب العالم (أستراليا، إفريقيا، آسيا، أمريكا …حتى أن قدماء الصينيين كانوا موحدين ولو أن التحريف أحدث على تلك الأديان، ومن بين تلك الحكم كان يجدد الله بعثة الرسل.
هذا المقال دليل على بطلان الإلحاد، وصحة الأديان السماوية في أصلها، والإسلام خاصة، وسوف أذكر بإذن الله أسباب ذلك فيما يلي:
أما قول صاحب المقال” أن الأديان لم تأتي بجديد” : هل تظن أن يدعوا موسى بإله غير إله عيسى، أم يدعوا عيسى بإله غير إله محمد، أم يأتي كل واحد منهم صلى الله عليهم وسلم بقصة خلق مغايرة لسابقيه ومن بقية الرسل؟. ألا يدل أن عبادة إله واحد في كل هذه الأديان، وما تفرع عنها من إخبار بقصة خلق واحدة (قد تختلف مع تفاوت نقول النصوص الأصلية) على أن هنالك وحي واحد أنزل عليهم، وأن هنالك موحٍ واحد، هو الله .
أما ذكر صاحب المقال لقصة خلق خيالية بصراع آلهة مختلفة وخراب في الأرض …فإين وجد هذا في الإسلام؟ أين وجدت آلهة كثيرة مترفقة خلقت الخلق في الإسلام ؟ حتى في اليهودية والنصرانية لايوجد فيها ذلك؟
أما ما نقل من أن الآلهة تحتاج إلى ما يعبدها، فهاذا أولا بصيغة الجمع، أي آلهة، ولا يوجد آلهة في الإسلام ولا في اليهودية ولا في نصرانية عيسى صلى الله عليه وسلم، فمن أين له هذا القياس؟ ثانيا أين وجد في الإسلام أن الله يحتاج لعبادة الناس؟ فخلقنا لعبادته لا يعني أنه يحتاج إلينا أو لعبادتنا، إنما العبادة ترجع فائدتها لصاحبها فقط، فالله يحصيها ويوفيها لنا، (فلماذا اعتمدتعلى التفاسير وشراح الحديث في الآيات الأخرى ولم تعتمد عليهم في هذه الآية؟ أين وجد كملة “تحتاج” في الآية أو حتى في التفاسير؟ )، أم لم يقرأ قول الله تعالى: ( وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) وقول الله تعالى: ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ). أم لم ينبأ بالحديث القدسي، للنبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله : ( يَا عِبَادِي : لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي : لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا …….يَا عِبَادِي : إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ ) (رواه مسلم).
أما ما نقل صاحب المقال :من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( خلق الله آدم على صورته ). جاء في فتاوى الشيخ بن باز رحمه الله: “والمعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا، متكلما إذا شاء، وهذا هو وصف الله فإنه سميع بصير متكلم إذا شاء، وله وجه جل وعلا. ليس المعنى التشبيه والتمثيل ، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء ومتى شاء ، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا ذا وجه وذا يد وذا قدم ، لكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر ، وليس المتكلم كالمتكلم ، بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته ، وللعبد صفاته التي تليق به ، صفات يعتريها الفناء والنقص ، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء ، ولهذا قال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى / 11 ، وقال سبحانه : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) الإخلاص” (فتاوى شيخ ابن باز)
للأسف كثير من الملاحدة يرون تشابه الأديان كأنه اقتباس، وحقيقة الأمر تدل على عكس ذلك تماما. هل التشابه يدل دائما على الانتقال؟ كلاَّ. التشابه يدل إما على الانتقال (الاقتباس) ، إما أن أصل الأشياء المتشابهة من مشكاة واحدة؟ ولايمكن الترجيح بين الأول أو الثاني إلا بالدليل؟ مثلا: هنالك أهرام في مصرا، وأهرام في أمريكا عند الآزتك، وأهرام في اليابان (تحت الماء)، وتلك الشعوب كانت منفصلة مكانا، وبينها محيطات، فهل يصح أن نقول أن المصريين أخذوا بناء الأهرامات من الآزتك، أو الآزتك أخذوها المصريين أو اليابانيين؟ وهذا مايأباه العقل والعلم – فلم يعلم وجود اختلاط بين تلك الشعوب-
ولما كان الدليل متعذرا في إثبات كون موسى صلى الله عليه وسلم أخذ من السومريين عقيدتهم . أو محمد صلى الله عليه وسلم الأمي الذي لايكتب ولايقرأ أخذ من اليهود أو النصارى – بل كان اليهود ينتظرون نبي من الحجاز-. فيحكم جزما أنه يستحيل ذلك التشابه أن يكون اقتباس، وإنما لايكون مردُّه إلا لمشكاة واحدة اسمها: “الوحي الرابني”، فيستحيل أن يكون هذا التشابه في أصول عقيدة الأديان السماوية الثلاثة وبعض العقائد في الأديان القديمة التي كان فيهم أنبياء وحرفة وبقي فيا بعض بقايا من الحق (الإله أعلى، خلق الإنسان من طين، قصة الطوفان، التعبد والتدين …) منها الديانة هذه الديانة السامرية البابلية – ولاتنسوا أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان يدعوا إلى التوحيد في تلك البلاد -، ، والله يذكر في القرآن الكريم أنه بعث أنبياء في كل الأمم، قال تعالى: (وإن من أمة إلا خلى فيها نذير)، بل هنا لك رسل لا نعرف أسماءهم وقصصهم، قال تعالى: (رسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك)، أرسلهم الله إلى أقوامهم ليدعونهم إلى عبادت الله وحده.
وقد أثبت علماء آثار ألمان أن أصلها الديانة السومرية توحيدية ( بمعنى يعتقدون بإله أعلى )، وأنّ كثير من تلك الأصنام التي كانت تعبد في السومرية البابلية ما هي إلى صفات لإله أعلى واحد ( انظر المراجع في الأسفل بإذن الله ) (1)، ويقول عالم الآثار و الآشوريات ستفان لانغدون [ [Stephen Langdon : ” بعد دراسة طويلة للمصادر السامية و السومرية ، أنا مقتنع بأن الطوطمية و الروحية ليس لهما أي علاقة مع أصول الأديان السومرية أو السامية ، و لا يمكن إثبات ذلك ، بل إنهما مظاهر فرعية من تلك الأديان ، ربما لا استطيع الاقناع بنتيجتي التي توصلت إليها و المتمثلة في أن ( التوحيد في سومر والأديان السامية قد سبق الشرك (الوثنية) و الاعتقاد بالأرواح الطيبة و الشريرة) .” (2)
هذا وقد برهن علماء غربيين أن أصل أديان البشرية هو التوحيد، مثل لانج lang الإنجليزي الذي كان يعتقد بنظرية عبادة الأسلاف والأرواح في نشأة الدين، ولما تبين له أن أصل أديان البشر هو التوحيد، أنكر تلك النظرية الإلحادية جملة واحد، حيث وجد أن أقدم القبائل البشرية التي حافظت على عادات أسلافهم كانوا يعبدون إله أعلى واحد، مثل قبل أستراليا الشرقية البدائية ، ووجدوا عندهم أن الإله خلق البشر من الطين!
، ووجزء كثير من قبائل إفريقيا ماتحت الصحراء يصدقون بخالق آعلى واحد، وكذلك شعب جزر أندمان البدائي حيث وجد عندهم حتي قصة الخلق آدم وحواء وهبوطهم من الجنة وقصة الطوفان، (3) برغم من أنهم كانوا معزولين عن العالم للآف السنن، فمن علمهم ؟ ، وكذلك وجد الاعتقاد بالله الأعلى في قبائل كثيرة من الهنود في أمريكا عند اكتشافها، في فرجينا ونيومكسيكو ونبراسكا وعند قبائل السايوكس وقبائل الأقدام السود وغيرهم، والعجيب أنه وجدوا عندهم أن الإله خلق أول زوج بشري (آدم وحواء؟) من الطين (4)، فهل هؤلاء الأمريكيين الذي يقول الغربين أنفسهم أن قارتهم اكتشفت رسميا واستعمرت إلا حديثا بعد القرن الخامس عشر، أتوا بهذه العقائد من مخيلاتهم؟ أم هؤلاء الهنود أتوا من أمريكا واجتمعوا في مكان واحد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم لحق بهم الأستراليون بعدما قطعوا آلاف الأميال البحرية ثم التحق بهم السومريون والنصارى واليهود ومعهم موسى وعيسى صلى الله عليهما وسلم وأجمعوا بينهم على الإيمان بإله واحد، ثم هذا الخالق خلق أول إنسان من طين، وعلى أن هنالك طوفان أو طوفانات في القديم أخذ الله بها الظالمين؟ أم كل هذا صدف، كما قالوا أن أول خلية نشأة من الصدفة ؟ أم كل هذا لايمكن أن يكون صدفة إلا أن يكون من رسل منتشرين في أنحاء البشرية أوحى الله إليهم بدوة الناس لتوحيده، وأخبرهم بأخبار لا يمكن إدراكها بالعقل مثل أن الله خلق أول إنسان من الطين.
النتيجة بإذن الله :
- علم تاريخ ومقارنة الأديان وأنثروبولوجيا أثبتوا علميا أن أصل أديان البشر هو التوحيد، ومن أبرز علماء الغرب الذيت أثبتوا ذلك : أندرو لانج andrew lang الإنجليزي و جيوم شميد wilheme schimdT الألماني وغيرهم ، وهذا مايلتقي مع القرآن الكريم في إثبات أن أصل الأديان هو عبادة الله وحده، قال الله تعالى
– أن بعض التشابه الموجود في الأديان يدل على الأصل الصحيح لتلك العقائد، فلا يمكن أن تجتمع أقوام متباعدة زمانا ومكانا على تفاصيل عقدية لا يمكن إدراكها بالعقل، بالتالي لا يمكن تفسير ذلك إلى أنه وحي من مصدر واحد، هو الله رب العالمين.
- لم توجد أي حضارة أو شعب قبل العصر الحديث بلا دين، وهذا يدل أن الإنسان مفطور على التدين وعلى الإيمان بخالق، وأن الإلحاد ما هو إلا شذوذ لم تشهد البشرية في قدم تاريخها مثله، كما قال المؤرخ الإغريقي بلوتارك ” لقد وجدتُ في التاريخ مدنًا بلا حصون، ومدنًا بلا قصور، ومدنًا بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدًا مدن بلا معابد!”. قال الله تعالى:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )(30) والفطرة هنا هي ” معرفة الله وتوحيده .”(انظر: تفسير ابن كثير للآية)، وهنالك دراسات علمية غربية أثبتت ذلك، بعضها قارب ميزانيتها أو جاوز المليون جنيه إسترليني، وهذه بعض الروابط منها:
http://integral-options.blogspot.com.au/2009/02/new-scientist-born-believers-how-your.html
http://religion.blogs.cnn.com/2011/05/12/religious-belief-is-human-nature-huge-new-study-claims/
https://www.sciencedaily.com/releases/2011/07/110714103828.htm
- الأديان الوثنية أصلها أديان سماوية قبل تحريفها، فالهندوسية مثلا التي تعد من أكبر الأديان الوثنية يقو لفيها المؤرخ ويل ديورانت الأمريكي: ” ومن المؤرخين الغربيين الدين ذهبوا إلى إثبات التوحيد في الهند المؤرخ الأمريكي الشهير وول ديورنت إذ يقول في كتابه قصة الحضارة :” إنه يوجد في الهند قريبا من أربعة آلاف من الآلهة وهذا لا مثيل له في العالم ومع ذلك ينظر لهذه الكثرة الكاثرة من الآلهة أنها صور وتجسيدات للكائن الواحد الأعلى، وهذا ما ذكره التقرير المرفوع الي الحكومة البريطانية في الهند وفيه أن :النتيجة العامة التي انتهت إليها اللجنة من البحث هي أن كثرة الهنود الغالبية تعتقد عقيدة راسخة في كائن واحد اعلى.” (5) فلم يكتفي ديورنت بذك الاعتقاد القائم في هده الكثرة أنها صورة لإله واحد ، بل ذكر تقرير الباحثين الذي حمل الى الحكومة البريطانية إذ ذلك ،اولذي يحتوي نفس النتيجة، وهذا ما جعل عقيدة الإله الاعلى في الديانة الهندية حقيقة علميه تاريخية بالرغم من التباسها وامتزاجها مع أنواع الشرك والأوثان .
- الأديان السماوية طبعت الوثنية، فبالرغم من وجود تحريف ظاهر في الأديان الوثنية إلا أن كثير منها يحتوي على أشياء وقصص أصلها صحيح، وإنما زيد عليها وأنقص، فبعد وجود عقيدة الخالق الواحد، نجد أمور أخرى أصلها صحيح مثل خلق الإيمان بالجنة، الإيمان بالنار، إثبات الأنبياء ولو مع غلوا فيهم، الإيمان بالروح، الإيمان بالشياطين، الإيمان بخلق الإنسان من طين.
- قال الله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) .
- قال الله تعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
——————–المراجع——-
انظر : wisemnas, new dis coveries in babylonia about genesis,p22.
stephen en langdon, the myThology of all races, pxviii
انظر: Guillaume schmiT, L’ORIGINE DE L’IDÉE DE DIEU , p78 a p101
انظر: Guillaume schmiT, L’ORIGINE DE L’IDÉE DE DIEU , p101-102-102
– ول ديورانت، قصة الحضارة، مجلد 3 ص 209
بسم الله الرحمن الرحيم
- تلك الصورة أمام قوله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ —-خطأ نسخي.
استدراك حول أرقام الإحالات: لم تظهر الأرقام في النسخ الأول
(1) انظر : wisemnas, new dis coveries in babylonia about genesis,p22.
stephen en langdon, the myThology of all races, pxviii (2)
(3) انظر: Guillaume schmiT, L’ORIGINE DE L’IDÉE DE DIEU , p78 a p101
(4) انظر: Guillaume schmiT, L’ORIGINE DE L’IDÉE DE DIEU , p101-102-102
(5) ول ديورانت، قصة الحضارة، مجلد 3 ص 209
لا يوجد دليل على أن هذه الاساطير خلقت قبل الأديان الابراهيمية أي التوحيد، و صاحب المقال يعتبر أن التوحيد بدأ مع ابراهيم، و هذا خطأ،،فالدين بدأ مع مجيء الانسان الى الأرض، و قصة الخلق في الأديان المسماة ابراهيمية تبين كيف كان المخلوق الاول آدم موحدا و أيضا الأمة الاولى كانت أمة موحدة،،ثم اختلف الناس فكان بعث الرسل من الله رحمة بالناس ليعبدوا الخالق حق العبادة فتتحقق سعادتهم في هذا العالم الدنيوي و في العالم الاخروي. اذن فهذه الأساطير هي انحراف في التوحيد و ليست أصلا له
و قالوا أساطير الاولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة و أصيلا، قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات و الارض، إنه كان غفورا رحيما.
هذا الادعاء قديم قدم الانحراف عن التوحيد، و قد ووجه به الرسل الذين جاءوا لتصحيح المسار، و الحقيقة أن بعثهم هو رحمة بالبشر كي يسعدوا بنعمة التكليف في الارض بعد نعمة الايجاد و الامداد. أنصحك بقراءة القرآن بحيادية و بدون أحكام مسبقة فهو يخاطب عقلك، و ستستمتع بهذه القراءة
بفضل الله وعونه تسنى لي وضع نظرية علمية جديدة متكاملة حول قصة خلق الكون وخلق الأرض والحياة أطلقت عليها اسم ” نظرية الأقطاب ” وهي تتطابق كليا مع ما جاء به القرآن لكنها تختلف عن النظريات العلمية السائدة في حقائقها ونتائجها كما تختلف عن الفكرة الرائجة لدى المسلمين عن الخلق وقد تمكنت بفضل الله وعونه من تحويل الجزء الخاص من النظرية بخلق الأرض والحياة إلى شريط فيديو أدعوكم إلى مشاهدته
الشريط يحتوي على حقائق جديدة ومفاجآت غير منتظرة
الشريط لم أضع فيه الآيات القرآنية الداعمة لأفكاره ولطرح أي تساؤل حول أية فكرة من أفكاره يكفيكم الضغط على زر المشاركة في قناتي ” جسر المعرفة ” ووضع تعليقاتكم وتساؤلاتكم وسوف أقوم بتوضيح الأمر لكم
وهذا هو رابط الشريط على قناتي ” جسر المعرفة ”
https://www.youtube.com/watch?v=2kzIkQJLH8c