من المعروف أن الصورة اكتشاف خارق رسمه الانسان في افق الابتعاد عن المألوف،وبالاخص اذا تعلق الامر بالصورة المتحركة فهو امتحان غير مسبوق للعقل البشري منذ أن ظهر،دعونا لا نذهب بعيدا عن تاريخنا البشري ونقر على أن الفن بمعناه التشكيلي اذا تأملته تجده حي يتحرك،ولنا أن نذهب محاولة الى المغارات لنجد أنفسنا أمام حبكة تحرك فيه الشخصيات نفسها نحو فهم ظاهرة معينة بالرسم،ووضعها داخل قالب فني يبدأ بحدث وينتهي بنهايته.إن الفن كمخاض للهوية الإنسانية في علاقتها بالوجود،هو جواب على معنى علائقي يجمع بين الانسان كمكون متحرك في فضاء معين،وبين الكون الذي هو ذاك المجال القابل والمنفتح على امكانات تسمح للانسان كحركة باختراقه،فالفن الحركي هو فن مخلوق كمعنى روحي للحياة الثابتة،الفن هو الشفيرة المحلولة من ابعاد الكون الرمزية التي لاتسمح بنفسها للانسان.
بسطت كلامي هذا دعوة الى فهم وتفهيم سياق ،تجهله سرابات من الناس ،والمحصورة داخل خندق اسمه التمثلات والتصورات المبنية على التناقض داخل العقلية.وسياقنا هنا هو ما يروج مؤخرا حول الحقل الفني المعروف بالسينما.او بالبسيط حول مادار عن فيلم “الزين اللي فيك”لمخرجه نبيل عيوش.
أولا قبل ان نخوض في غمار الدعوى التي يحملها الفيلم والتي لم تعجب الكثير و اعجبت البعض،دعون نعرف بمن هو عيوش،يذكرني ما يفعله نبيل عيوش بما يسمى الانتحار الطبقي،هذا المخرج موقعه الاجتماعي حقيقة يدعو الى الريبة لان التيمات التي يعالجها لا تعكس بالمطلق انتماءه الطبقي كونه انسان بورجوازي،لذلك يدعون هذا الى التساؤل .ما غاية نبيل عيوش في معالجته لهذا النوع من التيمات؟هل فعلا له غاية اصلاحية،أم انه يستعرض قواه السينمائية والمغامراتية نحو استعاضة للمقدورات الاشكالية للمجتمع؟وهل لنبيل عيوش موقف حول هذه القضاايا،مع العلم أن هذه الاشكالات التي يعالجها طبقته الاجتماعية هي من يساهم فيها؟.بالتالي فافلام عيوش افلام تكرر الواقع لكنه تكرير استعراضي وفلكلوري.فيجيبنا مجيب ويقول هذه هي مدرسة نبيل عيوش،وهي دعوة الى من يرى فيها درس مهم ومفيد.
نشكره على صراحته واختراقه للمألوف وقضائه على الطابوهات ،لكنه قسر من ابداعات الانسان العميقة،نحو ابداع مبتدل.
لكن كي لا أكون اكثر اجحافا امام ابداعه كسنما اي كتحقيق للصورة بمعناها القيمي للصورة،نجدنا نقارب هذا الفيلم برؤية مجتمعية اكثر تنويرا،حيث نقول ؛إن “الزين اللي فيك”،هو فيلم سينمائي بمقومات سينمائية عالية وعالمية،فيلم أ كثر مايمكن ان يقال عنه إنه فيلم سينمائي ليس (باجتماعي)لكنه مجتمعي،فيلم بمقومات العلاج النفاقي للمجتمع،فيلم نبيل عيوش هو رسالة غير مشفرة،متجهة وربما وصلت قبل ان ترسل -لان الانتقادات التي قدمت عن الفيلم انتقادات مبنية عن جهل للفيلم،لانه لم يعرض بعد في المغرب-هو فيلم قلنا عنه رسالة ،لكونه يستهدف فقط هؤلاء النائمين باكرا،هؤلاء الذين ما فتئو ينتقدون حياة الليل،وهم في حانة التصور والتخيل وسقي المعلومة الجاهزة.
“الزين اللي فيك”هو اعادة الاعتبار للعاهرة-الانسانة.اعادة الاعتبار للذكاء المجتمعي بالاحرى للازدواجية الحياتية للانسانة-العاهرة.فيلم هو دعوى لهؤلاء النائمين بعد صلاة العشاء وهم مدركين يام ادراك ان الليل ساكن في حين انه يحيى في حياة ترسمها اايادي سوداء.فيلم لهؤلاء النائمين الذين فقط يسمعون عن الاستغلال الخليجي السعودي للمغربيات في وسائل الاعلام المبتدل.هو تصوير تقريبي لهؤلاء الذين دائما في تعب خيالي عن كيف هي الحانة ،وما يقع فيها؟،فيلم ليقرب لكنه على ما اعتقد اقترب الى درجة الضبابية،فالصدمة لا تليق بالعقلية المغربية،رغم انني اقول انها ضرورية نحو زعزعة الكيان العقلي الجارف في الاحكام والمسبقات،نحو القضاء على “بادئ الرأي “فينا ،وخلق اسس نقدية حقييقية لواقعنا.
أقول أخيرا؛لقد نجحت ايها المنتحر في زعزعة المسبقات التي هي معوق نقيضك،فاحذر اذن انك ناجح ،أنا من أشد معجبي الافلام الواقعية لكل من نورالدين لخماري وعيوش و زينون …،لانهم يدرسون كيف ننتقد حركية تفكيرنا،فتفكيرنا يتعلم بصدمات هذه الافلام،يتعلم ويتربى كيف يحمل شعار لا للنفاق الاجتماعي،ونعم للتغيير والقضاء على مشوهات ومشوشات مجتمعنا،الذي نرغب فيه التفكير السليم المبني على مسح الطاولة ،الذي نرغب فيه مجتمعا فكريا وفنيا وثقافيا،تحركه انسانيته وليس أشياء كما توصف بالثوابت ،وانما نحو حركة تنويرية لمجتمع لازال يعاني من مقدسه ومدنسه،من دينه وسياته وطبيعته الجنسية الانسانية.