تنتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى دعوات لتعدد الزوجات لمقاومة “العنوسة”، و أذهلنى أن رأيت منها ملصقات فى الشوارع أيضا مما ذكرنى بملصقات الدعوة للحجاب و التى نتج عنها تحول نسبة كبيرة من نساء مصر لمجرد “عورات مغطاة”؛ و حتى لا تتكرر الفاجعة و نجد نفس الاستجابة لحملات الحجاب، أسأل سؤالا:
بجد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لنبحث الأمر سويا..
الصورة المرفقة هى للهرم الديمجرافى لمصر فى العام 2015
و هذا الهرم يعرض نسب السكان حسب المرحلة العمرية – كل خمسة سنوات لها خط عرضى التقسيم، و طوليا الهرم مقسم لقسمين على حسب النوع، الجانب الأيمن (وردى اللون طبعا) للإناث، و الجانب الأيسر (أزرق – كالعادة) للذكور؛
النظرة المبدئية إلى الهرم – بدون الاحتياج للتخصص فى المجال – توضح أن نسب تعداد الإناث فى سن التزاوج هى نفس نسب تعداد الذكور، بل يزيد عدد الذكور قليلا فى نفس المراحل العمرية المتوسطة و الشبابية، و يزيد بدرجة أكبر لأن سن الزواج عند الذكور يمتد إلى منتصف الأربعينيات بينما يتوقف غالبا عند الإناث عند بدايات الثلاثينيات.
فكيف يمكن و عدد الذكور أكثر من عدد الإناث أن يجمع رجل واحد بأكثر من زوجة؟
هذا سيعنى مباشرة أن عدد العزاب الذكور سيزيد زيادة درامية جدا قد تصل إلى ثلاثة أضعاف عدد المتزوجين لو أن كل رجل قادر تزوج بأربعة..
أى أن المطلوب ليس تعدد الزوجات، بل و بكل تأكيد الاكتفاء بواحدة حتى لا نجد مشكلة “عنوسة” بين الرجال.
العلم يدحض تماما الدعوة لتعدد الزوجات – و سأقتصر هنا على الجانب العلمى بدون الخوض فى الجانب المجتمعى و الجانب الإنسانى و اللذان بكل تأكيد يمحقان الدعوة لتعدد الزوجات و يحقرانها بكل المقاييس.
تعدد الزوجات كان يُعمل به فى مجتمع بدوى لا يعرف نشاطا انتاجيا و لا اقتصاديا حقيقيا غير السلب و النهب و الإغارة على مضارب القبائل الأخرى، و لن أسمى هذا حربا فحتى الحرب أشرف من هذه الأنشطة؛
هذه الأنشطة كان يقوم بها الرجال، و ما يقع بينهم من إصابات و قتلى كان يترك نسبة الفتيات أعلى فتقتضى الضرورة للحفاظ على النوع الزواج بأكثر من واحدة؛
أضف إلى ذلك همجية مجتمعهم البدوى و تسلط الأفراد الأقوياء فيه على غيرهم، فكان للقوى أن يعدد زوجاته بينما كان للضعيف صاحبات الرايات الحمر، أو ما انتقل إلى مجتمعات شبه الجزيرة الحالية من اللواط و اشتهاء الغلمان.
مجتمعنا أرقى من ذلك بكثير، من قبل و الآن؛ و قد تخطى النمو الحضارى مرحلة البربرية البدوية و لم نعد بحال فى احتياج لتعدد الزوجات، كما بالضبط انتفت الحاجة للمؤتلفة قلوبهم مع تطور الدولة الإسلامية.
هل كان من الضرورى أن تسبقنا تونس إلى منع تعدد الزوجات؟
إن لم تستطيعوا فرض منع التعدد بالقانون، فعلى الأقل لا يمكن السماح لهم بالتمتع بالمزايا المجتمعية التى يتمتع بها غيرهم من مجانية التعليم و الدعم و غيره.