سيكون من باب السخرية لو أن أحدا ما قال لي إن موريتانيا احتضنت يوم الثلاثاء الماضي 20/1/2015 مؤتمرا إقليميا حول الشفافية والتنمية الأفريقية، سأضحك كثيرا ملأ فمي ، والحقيقة أنني ضحكت بالفعل حتى نفدت طاقتي، فعندما يقول جنرال موريتانيا في افتتاحه للمؤتمر
<< أن موريتانيا ستطلق مبادرة للشفافية في مجال الصيد البحري >>
يتبادر إلى ذهني في نفس الوقت الوقاحة التي أطلقها الجنرال السابق الشيخ ولد باية ذات مرة ، فقبل مدة قصيرة أعلن أحد أهم أذرع الجنرال محمد ولد عبد العزيز في مجال الصيد أنه ربح المليارات في فترة توليه مهمة الإشراف على قطاع الصيد ومفاوضات موريتانيا مع الاتحاد الأروبي، هذا التناقض يثبت أن النظام الموريتاني يأخذ الإجراءات والقوانين التي يعلن عنها بشكل هزلي وباستخفاف واضح.
ثم إنه وفي فترة قريبة جدا أيضا شهدت موريتانيا الكشف عن أكبر عملية فساد عرفتها موريتانيا تورط فيها مسئولين كبارا وموظفين في الخزانة العامة ووزارة المالية الشيء الذي أدى إلى إقالة وزير المالية حتى يتجنب الجنرال الغضب المتزايد من استمرار عمليات الفساد هذه.
وكانت موريتانيا قد حلت في الترتيب 124 على العالم من حيث سلم الفساد حسب منظمة الشفافية الدولية الصادر في ديسمبر الماضي 2014 ، كإحدى أكثر دول العالم الثالث فسادا وهو ما يشهد عليه الواقع المعاش يوميا من تكشف لعمليات فساد مخيفة جدا.
من ناحية أخرى كنت قد شاركت قبل شهر تقريبا في برنامج وثائقي يبث قريبا على إحدى القنوات المحلية عن معضلة البطالة في موريتانيا ، هذه المعضلة الكبيرة التي يعاني منها أغلب الشباب الموريتاني والتي نفى وزير الإقتصاد الموريتاني أن تكون عند مستوى 30% ، حيث رأى أنها فقط بحدود 10% فقط ، إلا منظمة العمل الدولية وفي تقريرها الصادر الثلاثاء 20/1/2015 جاءت لتكذب هذا الوزير، حيث أعلنت أن موريتانيا ستتصدر دول العالم خلال العام الحالي (2015) بأكبر معدل للبطالة متجاوزة حاجز 30 في المائة، ومسجلة نسبة أعلى من دول كفلسطين والبوسنة واليونان واسبانيا.
ولا يبدو أن المستقبل يحمل أنباءا سارة للأسف الشديد في الوقت الذي يتم فيه تعيين مدير الخزانة العامة كوزير للمالية بعد أن تم اكتاف عمليات نهب واسعة عرفتها الخزينة نفسها، إذا ما دام جزاء المفسد هو التعيين في منصب أعلى وأهم من منصبه فإن آمال الشباب الموريتاني ستتجطم دون شك على صخرة الفساد والمحسوبية والزبونية الصفاة المميزة لنظام الجنرال عزيز.
3 تعليقات على الفساد والبطالة حيث تتحطم أمال الشباب الموريتاني
تمعن جيدا فبما أسميه الطاعون السياسي الذي لا يموت أبدا يطبق على كل الدول التي خضعت للحقبة الإستعمارية، أولا لم يقم المستعمر بنقل العلم إلينا بل فرضوا على الحكومات التي تنوي وترغب في تسيير شؤون بلدها بتدريس لغتهم والسهر على حماية مصالحهم ، وإذا لم تثبت كفاءتها فسيتم آستبدالها بأحسن منها وهو هين على المستعمر ، هناك دول صارت تخاف من إنقلاب تقوم به عناصر عميلة للمستعمر تتحرك من الداخل ، أقصد أن المستعمر لا يزال يستعمل جهاز التحكم عن بعد نوع وشكل من أساليب الإستعمار ، يحس المواطن أنه ينعم بحريته هذا جيد لكن ماذا عن الرشوة و القمع والظلم لا تزال حية موجودة ولا أحد يستطيع إستأصالها ، والمحسوبية هناك من يحميها ويدافع عنها بكل الطرق والوسائل يبقى على المستضعفين أن يصنعوا لأنفسهم حيلة يعيشون بها، بصراحة قلة من الناس يعيشون في رغد ونعيم على حساب الأغلبية. على من نلقي اللوم على المستعمر أم على إخواننا الذين ينوبون عن المستعمر، هذا هو الطاعون السياسي الذي لا يموت أبدا ولا علاج له لكن لا بأس أن نشبهه بالأخطبوط الذي يلتوي على العالم العربي منذ زمن بعيد والكلام طويل لا أريد الغوص في عالم الأنظمة الحاكمة لأنها تود دائما أن تبقى مثل الصابون العطر.
قد لا أوافقك صديقي في كون كل ما يحدث هو ناتج عن المستعمر، أتفق معك جزئيا أن المستعمر يتحكم غن بعد وبآليات مختلفة ، لكنني على الأقل لن أقبل أنه هو من يسير العمليات اليومية للمواطنين مثلا، صحيح هو يبارك وجود حكام معينين حتى لا اقول يعينهم لكن على الأقل يجب أن يكون هناك نوع من المسئولية تجاه الدولة وهنا أتحدث حصرا عن موريتانيا بدلي.
لقد عرفنا الكثير من الإنقلابات ولم يحدث أن كانت فرنسا بريئة منها، لكن هؤلاء الحكام المتعاقبين لم يشيدوا نصف ما شيد في السنغال التي تعتبر أكثر دولة إفريقية محكومة بالتدخل الفرنسي في الغرب الإفريقي، مسائل كثيرة جدا يصعب الخوض فيها الآن ليس للمستعمر دخل فيها بل هو الفشل والفساد الذي تتوارثه الأحكام العسكرية التي ابتلينا بها وهنا أعني الوطن العربي والإفريقي ككل .
أستاذ الحسين … أرغب في اجراء حوار معك خاص بمجلة الميدان الشبابيه حول أوضاع الشباب الموريتاني والصادره عن كلية الاعلام جامعة القاهرة. أرجو الرد . شكرا جزيلا