عن موفع نقاش.
في ظرف أسبوع واحد فقط، عقد المشرعون العراقيون ثلاث اجتماعات فشلوا فيها في التوصل إلى اتفاق حول قانون الانتخابات، بعد ان اصطدموا بعقبة رئيسية تمثلت في كيفية تنظيم الانتخابات في مدينة كركوك المتنازع عليها بين القوميات الأربع، لكن مصادر قالت لموقع “نقاش” ان الدخان الابيض سييظهر قريبا من على قبة البرلمان.
وعزا رئيس اللجنة القانونية في البرلمان النائب بهاء الاعرجي أسباب تأجيل إقرار القانون لحد اليوم إلى وجود “رغبات ومصالح حزبية طغت على مصلحة البلاد العليا وشعبه”.
وينبع أساس المشكلة، حسب المراقبين، من إصرار نوّاب عن مدينة كركوك من القوميتين العربية والتركمانية على استخدام جداول تصويت انتخابية قديمة تعود إلى العام 2004، أي قبل قدوم أو عودة عشرات الآلاف من الاكراد إلى المدينة، في حين يتمسك الجانب الكردي باستخدام جدوال الناخبين الاخيرة والتي تعكس الحقائق الديمغرافية الجديدة على الأرض، وتظهر اغلبية كردية في المدينة.
ويقول العرب والتركمان ان قائمة التحالف الكردستاني المسيطرة على مجلس محافظة كركوك استقدمت آلاف الأكراد إلى المحافظة، لا ينتمون اصلا إلها، على انهم مرحلين سابقين، وأن عددهم يربو عن 700 ألف شخص على حد زعمهم، لاستخدام أصواتهم في الانتخابات.
وقد قال رئيس الجبهة التركمانية عضو مجلس النواب العراقي سعد الدين اركيج في مؤتمر صحفي عقده أن “التركمان في العراق عامة وكركوك خاصة لن يمنحوا الشرعية لانتخابات معروفة سلفا ولن يسمحوا بالتفريط بكركوك في ظل التغيير الديموغرافي الهائل والواضح والذي يجري وما يزال منذ العاشر من ابريل (نيسان) عام 2003″.
من ناحية أخرى، تسعى كتلة التحالف الكردستاني إلى اعتماد قانون ينص على ان كركوك دائرة انتخابية واحدة اسوة ببقية المحافظات العراقية، في حين يطالب العرب والتركمان بتقسيم المحافظة إلى اربع دوائر انتخابية، الامر الذي يضمن وصول ممثلين عن القوميات الأربع إلى البرلمان ويمنع “تزوير الأكراد للعملية الانتخابية” على حد قولهم.
و كان أعضاء البرلمان قد تداولوا مقترحا تقدمت به بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، ينص على منح الأكراد أغلبية بسيطة من المقاعد مع حصص أقل منها للعرب، والتركمان، والمسيحيين. لكن البرلمانيين الأكراد عارضوا هذا الاقتراح بذريعة انه “إذا تم تأمين حصص من المقاعد للأقليات في كركوك، فلماذا لايتم تأمين حصص أخرى من المقاعد في المحافظات التي توجد بها أقليات كردية”.
وصرح النائب عن التحالف الكردستاني محمد خليل قائلا أن كتلته ستطالب “بإعطاء وضع خاص لكل من بغداد ونينوى وديالى وصلاح الدين إذا ما تم إعطاء كركوك صفة خاصة في الانتخابات”.
كما تم طرح جملة من المقترحات البديلة خلال الاجتماعات التي عقدت على مدار الاسبوع الماضي، منها اقتراح مقّدم من قوى عربية بتأجيل الانتخابات في كركوك، لكن الاقتراح لم يلق قبولا لدى جميع الاطراف.
وفي الأسبوع الماضي، وبعد أخذ ورد، وتعثر اقرار القانون، جرت احالة الملف وفي مقدمته مسألة كركوك إلى المجلس السياسي للأمن الوطني المكون من الرئيس ونائبيه ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء الذين يمثلون أقطابا كبرى في العملية السياسية.
واعرب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب فؤاد معصوم عن تفاؤله بنجاح الكتل السياسية في “ايجاد صيغ توافقية لحل القضايا العالقة في قانون الانتخابات، خاصة ما يتعلق بقضية كركوك”. وقال معصوم ان “الكتل الكبيرة ممثلة في هذا المجلس واذا تم الاتفاق بينها فبالتأكيد سيتم التصويت عليه وبشكل مريح”.
وتشير الأنباء والواردة مؤخرا إلى أن تفاؤل معصوم كان في محلّه، ففي الليلة الماضية 27 تشرين اول/ اوكتوبر عقدت الرئاسات العراقية الثلاث للجمهورية والحكومة ومجلس النواب اجتماعا أعلنوا بعده أنهم توصلوا الى إتفاقات لحل مشكلة كركوك دون إعلان التفاصيل حتى هذه اللحظة.
لكن مصادر مطلّعة اشارت إلى أن القيادات الثلاث اتفقت على تدقيق سجلات الناخبين في كركوك وأي مدينة اخرى يشك بوجود زيادات غير طبيعية للسكان فيها وعلى اجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد في السادس عشر من كانون الثاني/ يناير المقبل، واعتماد القائمة الانتخابية المفتوحة خلال التصويت.
ويخشى مراقبون أن يؤدي نشوب خلاف جديد بين القيادات إلى تأجيل موعد الانتخابات، أو الاعتماد على القانون القديم الذي طُبق في انتخابات عام 2005 والذي يعتمد على القائمة المغلقة، الأمر الذي لا تحبذه معظم الأحزاب العراقية رسميا.
ويقول رئيس البرلمان العرقي اياد السامرائي عضو المجلس السياسي للأمن الوطني في هذا الصدد أن ” التأخير في الاتفاق حول قانون الانتخابات، يعني خسارة للجميع”. لكن يعود ويؤكد على أن “ذلك لن يؤثرعلى الموعد المحدد لإجراء الانتخابات”.
ويحذّر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة آد ملكيرت من “أن عامل الوقت هو في غاية الأهمية وأن أي تأخير إضافي في المصادقة على التعديلات والإطارالقانوني سيؤثر سلباً على الجدول الزمني الحالي للانتخابات ومصداقية العملية الانتخابية”.
وأكد ملكيرت الحاجة الملحة لتبني قانون الانتخابات “بغية السماح بإصدار قرارات حاسمة وعلى وجه السرعة بشأن تنفيذ الجوانب الانتخابية الفنية الرئيسية في الوقت المناسب”.
وقالت مصادر برلمانية أكدت لـ “نقاش” بان “ممارسة الضغوط تتواصل من قبل جهات مختلفة على المشرعين العراقيين من اجل سن قانون جديد للانتخابات في البلاد، سيما من جانب الامم المتحدة والسفارة الأمريكية”.
وأوضحت تلك المصادر، بان الدبلوماسي الهولندي آد ملكيرت، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في البلاد “طلب من المرجع الشيعي علي السيستاني التدخل لحض والضغط على القوى السياسية الممثلة في البرلمان لتشريع قانون الانتخابات باسرع وقت ممكن”.
واضطرت الحكومة العراقية إلى تأجيل موعد الانتخابات، التي كان من المقررإجراؤها في وقت سابق من العام الجاري، إلى 16 يناير/ كانون الثاني القادم، مما أثار مخاوف من تأجيلها مرة أخرى، وهو ما قد يؤثر على التقدم النسبي المتحقق على صعيد الامن.
تعليق واحد على القطار الانتخابي عالق في محطة كركوك
أتمنى أن تنتهي قريبًا هذه الأزمة بسلام، أخ وميض.
أنا لست مع اقتراح الأكراد، بضمان الأغلبية لهم، أو تقسيم المدينة لأربعة أرباع. ولكن في نفس الوقت، أخاف من التزوير.
رأيي أن تتم تأجيل الانتخابات كما حدث، حتى يشرف عليها دوليون لمراعاة عدم التزوير، ومن ثمّ التمثيل حسب الاقتراع.
تحياتي