وأنا صغير كنت طفل هاديء جداً، لا بيتنطط ولا بيقوم ولا بيروح ولا بييجى، من البيت

للمسجد، ومن المسجد
للبيت مصحوباً بسيل عارم من التبريكات والدعوات بحفظ المولى ليا، واستمرارى فى الصلوات وعدم الانقطاع عنها، وكان طبيعى طاقتى كلها أفرغها فى حفظ القراءن الكريم ومجالسة الناس المقرئة، واللى غالبيتهم عواجيز، ومعاهم دايماً ازازة صغيرة فيها مسك فواح،بيمسحوا بيها على أيادى المصلين وأنا منهم ويمكن كان نصيبى يبقى أكتر بسبب سنى الصغيرة، ومواظبتى على الالتزام بكل تعليمات المسجد من هدوء وخشوع وصمت تام، عكس أقرانى اللى كانوا عاملين الصلاة فى المسجد حجة للتزويغ، وبيروحوا المسجد يهيصوا ويزيطوا والعرق مالى وشوشهم وضحكاتهم عالية ومسرسعة وعاوزين يصلوا فى الصفوف الأولى ( من كتر أدبى كان بيتعزم عليا اصلى فى الصفوف الأولى)، ومكانش بينفع معاهم ألا الطرد، أو فى أسوء الظروف تهديدهم أنهم هيقولوا لأهاليهم، المهم أنا كنت طفل وديع ومشهود له بالإستقامة التامة. وحسن السير والسلوك، ولأنى بنى آدم عادى وطاقتى لسة فيها شوية مخلصوش، كنت بطلعها برضة فى نفس المنطقة ..التسميع ..

بس المرة دى تسميع أعلانات التلفزيون، تقريباً أنا الشخص الوحيد اللى فى الكون اللى الناس بتوقفه فى الشارع علشان يغنى لها أعلانات التلفزيون…كنت حافظها كلها، وكنت مرتبها فى دماغى وبكتبها كمان على الورق من كتر ما أنا مهوووس بيها، بس اللى لاحظته بعد كدة أن أنا كنت حافظ أغلب أغانى أعلانات الشيكولاتات زي ( شيكو بون..أظن) ( وبستك بستك بستك ناو ..شيكولاتة جيرسى واكلة الجو) بتاع ياسمين عبد العزيز، و ( كوفرتينا على العريس..يبقى هيتجوز ويهيص)…بالتحديد أخر أعلان فضل ملازمنى لحد لدلوقتى ومش قادر اتعامل معاه على أنه أعلان عادى وخلاص…

فى مرة من مرات التسميع فى المسجد، الشيخ وقف التسميع على فجأة، وقالى أنت بتقول إيه؟ وساعتها كنت بدندن أو بقول فى سرى والظاهر هو سمع أو أخد باله من تحريك شفايفى وعدم انتباهى، قلت له مفيش، قال لى قول ومتكذبش، قلت له مفيش،
(كوفرتينا على العريس …يبقى هيتجوز ويهيص)

صريخ ضحك يامعلم من الشيخ العبوس والعيال اللى معايا، ومن تلقائيتى الشديدة، وسرعتى وصوتى المسرسع فى الغنوة، وقال لى أنت بتحب الشيكولاتة ولا الجواز ؟؟ رديت بحب الشيكولاتة طبعاً، قالى لما تيجى تتجوز وتبقى عريس وتروح تتقدم لبنت الحلال هات معاك شيكولاتة كوفرتينا، حقيقى أنا مكنتش فاهم الأعلان غير لما اترجم لى كدة..ومازالت مستمر ومستقر على الترجمة دي …لما أجى اتقدم للبنت وأحب اتجوز لازم أجيب
شيكولاتة كوفرتينا. مهما كانت العقبات أو مهما كانت ظروفى، مش حباً فى الشيخ ولا حباً فى الشيكولاتة، أنا أصلاً ماليش تقل على الحلويات عموماً، بس الموضوع فضل يكبر معايا لحد ما بقي دستور وعهد عليا لا قادر اغيره ولا قادر اطلع مبررات لنسيانه.

يوم لما حبيت بنت اتفاجئت أنها مبتكرهش حاجة فى حياتها قد الشيكولاتة، نعم!

أيوة حضرتك أنا قابلت البنت اللى مبتحبش الشيكولاتة، قسماً برب العزة قابلتها، فى بنت على الكوكب دة مبتأكلش شيكولاتة خالص، لاهى ولا عيلتها، والشيكولاتة بالنسبة لهم
ميه نار.

المهم قعدنا مع بعض فترة وحانت لحظة أن أنا أروح واتقدم لها زي ما هى طلبت.

هتصدقنى لو قلت لك أن أنا صحيت فى اليوم ده متكدر لأن أنا عارف ممنوع أجيب شيكولاتة؟؟

طب والله العظيم تلاتة هو ده اللى حصل
الموضوع مش مجرد واحد بيتقدم لواحدة وخلاص..ده بالنسبة لى رمز ودستور زي ما قلت فوق وعهد بينى وبين نفسى مش هينفع أنسفه،..نتفاوض.

_بصى ياستى أنا ها أجيب لك تورتة كريمة وكل حاجة ممكنة ينفع أبقى عريس بيها..بس لازم أجيب شيكولاتة وكوفرتينا.
_يابنى محدش بيحب الشيكولاتة وهتترمى.حرام عليك
_يابنتى يهديكى يرضيكى
_لأ ..هتترمى وحرام متجيبهاش.

ما أطنش فكرت فى حياتى فى فشل محيق ليا، قد ما فكرت فى إمكانية نجاح علاقتى بيها بعد ما رفضت رفض صارم الشيكولاتة الكوفرتينا. ووأنا رايح لهم البيت كنت بسترجع شريط ذكرياتى مع كل البنات اللى عرفتهم واللى عرفوهم أصحابى، وكل المصاريف اللى اتصرفت فى بند الشيكولاتة بس عليهن، كل فكرة بتيجى فى بالى عن إيه الهبل والعبط اللى أنت بتقوله ده يامحمد؟ كنت بتغاضى عنها..وأفكر أزاى أنا اتلوى دراعى فى يوم أنا منتظره من 20 سنة مثلاً …وبعمل حاجة ممنهاش جدوى…والأريح أن أنا ارجع قبل ما الفشل يكتمل.

دلوقتى بفكر فى صاحبى اللى بعت لحبيبته دولاب شيكولاتات علشان يصالحها، ورفضت برضه ترجع له رغم حبها له.

وبقول أنا كنت صح
لما كنت شايف نهاية الحدوتة وأنا فى الطريق إليها.