تكوين شرق الأوسط من ناحية الأثنية والديموغرافية عبارة عن مجموعة من الشعوب تعيش مع بعضها البعض ومنها تعيش قريبة من أخرى.
وهذا من ناحية الثقافية لها إيجابياتها وغناها من ناحية التبادل الفكري والأجتماعي وكما لديها سلبياتها وتأثيراتها على أثنيات وقوميات متقاربة منه كانت أو داخلها.
وهذه القوميات كثيرة وأبرزها بأستثناء العرب هم “الكرد، الطوارق، السريان، التركمان،….” وكثير من القوميات التي تعيش في بلدان مثل ليبيا والجزائر والمغرب قد لااعرف أسماءهم بدقة وتفاصيل أكثر.
لكن موضوعي اليوم عن أقليم كردستان في العراق بالذات التي هي مشابهة لتكوين الشرق الأوسط لكن بأختلاف أسماء القوميات والتكوين الديموغرافي للبلد.
أقليم كردستان منذ أستقلالها عن الجزء العراق عام 1991، وبحسب تكوينتها الأجتماعية تعيش على أرضها الكرد، التركمان والسريان والأرمن وحتى توجد بعض العوائل العربية التي قطنت الأقليم أكثر من التاريخ المذكور.
وهذه القوميات كما ذكرنا سالفاً لديها إيجابياته وسلبياته و الدولة الحكيمة أو ديمقراطية بمعناه الحرفي قد تستغل وضعية مكوناته و تحولها الى محرك ديناميكي نحو إزدهارها و بنيان الدولة بأتجاهات عدة وتكون نموذجاً يحتذى بها.
والذي حصل في الأقليم منذ عقدين من الزمن لم تستطع الكرد والذي يكونون الأكثرية المطلقة في الأقليم من أستغلال الفسيفساء الموجود على أرضها وبغير قصدٍ كانت أو بقصد أعادت بطريقة أخرى بممارسة الطرق التي قامت بها كثير من البلدان العربية وخاصة العراق بصهر القوميات ىالمختلفة داخل مجتمعها و أصبحوا قوميات ثانوية أو غير مرئية .
صحيح بحسب مشروع مسودة الدستور و بقانون الأنتخابي للبرلمان كردستان لتركمان والسريان الكلدان الأشورية لديها مقاعد كوتا و أربعة مقابل مقاعد للأثنين و مقعد للإيزديية ويكونون 11 مقعداً للأقليات الأثنية و القومية.
لو نظرنا الى قوائم ونواب الدورتين السابقتين نرى الأقليات التي من المفترض تشغلها الأقليات من داخل قومياتهم نرى الأقليات الفائزة هم الذي تمويلهم الأحزاب الرئيسية في الأقليم وخاصة من جانب (الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني رئيس أقليم كردستان والأتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني رئيس الجمهورية السابق).
عبر دراسة بحثية عن واقع الأقليات في الأقليم وتعايشها مع الواقع الكردستاني أستنتجنا إن كثير من الأقليات وخاصة التركمانية مهددة بالأنقراض أو بمعنى آخر أنسحب من الساحة الديموغرافية في الأقليم، وهذا مقارنة بعقد من الآن كانت التركمان متواجدة على الساحة الكردستانية بقوة و كانت لها صوت مسموع أجتماعياً وثقافياً.
تزامناً مع التركمان هناك أثنيات وقوميات أخرى نراه بعد عقدين أو أكثر تختفي من المجتمع الكردستاني إما بأنصهارها مع قوميات متشابهة لها أو تختفي كلياً من الأرض الكردستانية.
وهي الأرمن الذي قطنوا كردستان نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن الماضي، اليوم نراهم أعدادهم تتقلص منها من هاجر نحو بلد الأم ومنها دخلت القومية السريانية وحتى الأخيرة كانت أسمها الكلدان والآشور واليوم تحت دمجهم تحت مسمى موحد وهو السريان.
كردستان أصبحت اليوم مقبرة القوميات الأخرى وهناك مخاوف من إنصهار القوميات داخل المجتمع الكردستاني لصالح القومية الكردية وبذلك الأقليم تفقد الأهمية الأستراتيجية التي تفتخر بها مراراً وتكراراً.
والدراسة التي أجريت ضمن مشاريع معهد غلوبال لتنمية والأبحاث / كردستان، والذي يترأسه الكاتب المقال، منها عن تكوين القوميات من الناحية الأقتصادية والثقافية وتأثيراتها على المجتمعات الأخرى.
أكثر القوميات متقارباً للكرد هم التركمان، من الناحية الأجتماعية والأقتصادية هناك نسبة كبيرة من الكرد والتركمان متزاوجين فيما بينهم و لديهم شراكات أقتصادية و المادية ولي للتركمان مواقع خاصة لتقطينهم داخل الأقليم.
بعض مسؤولي الأقليم ومن مستويات مختلفة رفضت مضمون التقرير وكانت لديها رأي مختلف و كان مبرراتهم بإنهم (المقصود الأقليات الأثنية) لديهم حريات وبعض منها أكثر حتى من الكرد، وخاصة من ناحية السياسية و الأجتماعية.
بحسب مشروع مسودة الدستور أقليم زخاصة في المادة الخامسة تعلن فيها إن ” أقليم كردستان متكونة من الكرد والتركمان والسريان والآشورية و الأرمن وغيرها من القوميات”، وكثير من البنود الدستورية والقانونية كتبت لصالحهم ولكم هناك أزمة أو مشلكة في تطبيقها.
لكن قد يكون هذه المواد وغيرها من بنود الدستور نقطة مهمة وأعتراف صريح بوجودهم داخل حدود الأقليم، في بعض الأحيان طريقة تطبيق البنود الدستورية مجرد كلمات على ورق ولاغير.
على الأٌقليم إن أرادت ان تستمر في الأزدهار وتكون نموذج يحتذى بها في المستقبل وتكون مغايراً لما هي معمول بها في أكثر البلدان الشرق الأوسط، عليه أولاً أن يراجع جميع سياساتها الداخلية وتبدأ بهيكلة المجتمع الكردستاني بصورتها الطبيعية والتقارب أكثر من القوميات المختلفة دينياً وأثنياً وحتى لغوياً.
ومن جهة أخرى على مسؤولي الأقليم فهم جيداً بإن نظرية الأكثرية الديمقراطية كما يصفها (جان جاك روسو) هي أغبى ما يتطرق اليه الحكومات. والتركمان وغيرها لو توحدت كلها ضد الكرد قد لايصلون لربع سكان الأقليم.
كما أمامه كثير من الأمور لو أرادت أن تستقل عن الجسد العراق الآن أو في المستقبل القريب البعيد، تعلم بإن هذه القوميات قد تكون شوكة بخاصرتها كما كانت هي شوكة بخاصرة الجسد العراقي.
وعليه أن يعيد التأريخ بطريقة أو بأخرى و تهدم مابنته خلال العقدين الماضيين، وتتجزأ المجزأ وتقسيم المقسم بين دويلات و إمارات صغيرة وقد تضيع بين يديها أكبر فرصة تاريخية له.
ليس كل ماهي مختلف مضرة للمجتمع مرات عدة وأثبتت التاريخ إن الأختلاف هي سبب التقدم المجتمعات العالمية، وكذلك أختلافات كردستان إنما فرصة لغناه ونقطة تحوله نحو أفضل مكان يقطنها المختلفون والقوميات التي تعاني من الشرعية في أرض أجدادها.
كردستان، امام مفترق الطريق وامامه خيارين لاثالث لهما، إما تعيد النظر في أسلوب طريقة تعامله مع القوميات المختلفة وليس شرط ان تكون مشاركاً في تشكيلات الحكومية او يكون له نواب في البرلمان أو المؤسسات الرسمية.
بل عليه أن تكون مشاركتهم فعلية في تخطيطات الأستراتيجية و المستقبلية و تكون صوتها مسموعاً اكثر و يكون لها رأي في صياغات القانونية و الأجتماعية وحتى الديموغرافية.
أما الطريق الثاني، خلال العقود القادمة ستدخل كردستان في نفق الصراعات الطبقية والأثنية بين قومياتها المختلفة وتبدأ الصراعات الأثنية وحتى الدينية فيما بينهم، وقد نرى تدخلات الأقليمية في شؤون الكردستانية كانت دولة مستقلة أو أقليم ضمن العراق الموحد.
* هذه المقالة هي جزء من تقرير موجز عن الأقليات الأثنية في اقليم كردستان، وأعدت باللغة الكردية ونحن بصدد ترجمتها الى لغات أخرى كـ (العربية، الأنجليزية والتركية والفرنسية وبعض لغات أخرى).
رئيس معهد غلوبال لتنمية والأبحاث / كردستان.
تعليق واحد على كردستان مقبرة القوميات والأثنيات
تحية طيبة
الأخوة الأعزاء هذا المقال انا كتبته خاص لموقعكم الموقر، ولكن لا ارى أسمي في حقل الكاتب، هل ممكن ان يتم تعديله؟
مع أطيب التمنيات
كارزان حميد
رئيس معهد غلوبال لتنمية والأبحاث / كردستان.