إن من جمال الحياة في هذا العصر الحديث أن نستكشف زمن من كان قبلنا ,وما دار بها من جماليات الحياة, ولا نذهب لزمن بعيد عُزِلنا عنه كثيرا بل زمن قريب كيف يعيشون ؟ و ماذا يسمعون ؟

        عزمت ذات يوم ان اعود و اكتشف ما إلى ماذا يستمعون إبان فترة الستينيات فبحث  في الشبكة عن الموسيقى في تلك الفترة فوجدتها ذات شدوٍ يهدئ تارة و يثور تارةً أخرى ,و عند ما بدأت بالإستماع إليها اغلقت كل ما كان يعكر صفو مسامعي وأنصت إليها في هدوء و استقرار , وجدتُ بها لون من الشدو الذي لا أجده ولا أحسبها يتكرر في هذا الزمن الحديث فقتنعت بأن كل ما سمعت من موسيقى في هذا الزمن ما هو إلا إنحطاط ,وكأن جميع الفنون الجميل قد تكتلت في ذاك الزمن الجميل.

و بينما أسمع إلى ترنيماتها العذبة وهي تنهي وصلتها الفنية الأولى لتبدأ الثانيه ! فإذا بالحضور المنتشي طربا يصفق بحماسه لقطع الوصلة الثانية مطالبا بتكرار الاولى , ولو تكرر ما تكرر لن يكتفي الحضور من التكرار ويطلب التكرار .

فعندما اسمع تكل الموسيقى الراقية و الترنيمات الحانية , أمعن النظر في كلماتها المشبعة بروح الرومانسية العربية فتعصف بوجداني , فأفرح من هناء كلماتها و صفاء جوهرها , و في تارةً أخرى تثور في نفسي و تشعل النيران و تلتهب الجراح ولا كنها تتغمد و تهدأ من قولها (كل شيء بقضاء ما بأيدينا خُلقنا تعساء)

إن الموسيقى التي تقدمها ام كلثوم وغيرها من الفنانين و الأدباء في فتره الستنينيات هي أرقى و أجود أنوع الموسيقى العربية ,و أن ما نسمعه في هذا العصر الحديث من موسيقى فماهي إلا
سفول و انحطاط على مستوى الموسيقى العربية فهي الآن تندب حظها في ضل تطور العصر الحديث , فمثل هذه الإنتكاسة ليس لها من العجب الشيء الكثير! فقد انتكس العرب في أمور أهم .