ظهرت راوية 1919 في توقيت غريب شيئما بالنسبة لي فلم أتوقع أن يُبادر الكاتب براوية جديدة و مازالت روايته السابقة على أرفُف المكتبات تُمارس هواية جني الأرباح – إلا إنه فعلها ليُضيف إلى نفسه و إلى الأدب الذي يُقدمه رواية جديدة حققت و ستُحقق نجاحا لا بأس به تحدث الأخ محمود عرفات هُنا عن ضعف التأصيل التاريخي للراوية و وجود بعض الأحداث الخيالية التي لا علاقة لها بتاريخ ثورة 1919 و هذا حقيقي إلى حد بعيد و أتفق معه بشدة و لكن و ليس كُل ما يأتي بعد و لكن ينسف ما قبلها أشار الأخ محمود إلى أننا يُمكننا أن نتعامل مع هذه الراوية على أنها عمل أدبي خيالي مُستقل بذاته لا أكثر و لا أقل و هذا أفضل للجميع للقاريء حتى يستمتع و للكاتب حتى لا نُحمله مالا طاقة له به و هذا رابط المقالة الجيدة لمزيد من الإطلاع:
http://ar.mideastyouth.com/?p=42721
أحمد مُراد تعرفت عليه ككاتب في روايته تُراب الماس – وقتها خرجت بتقييم واحد فقط و بنتيجة واحدة فقط نحن نحتاج إلى هذا النوع الذي يُقدمه أحمد مُراد قد يندهش بعض القُراء المُخضرمين من تلك الكلمات فهذا النوع من القُراء لديه مرض النهم و الشراهة للكُتب الدسمة و القراءات العميقة هذا النوع من القُراء أصبح عُملة نادرة للغاية فهو لا يذهب إلى مكتبات الشروق أو ألف أو ديوان هو يعلم للغاية ماذا يُريد لذا هو غالباً يستقل مترو الأنفاق و يصل إلى محطة العتبة و منها إلى منجم الثراء و العُمق سور الأزبكية هذا النوع من القُراء الذي سيلتهم الحرب و السلام و الاخوة كارامازوف و قد يُضيف إليهما دكتور زيفاجو ثُم يجلس في حالة من التناغُم و الإنسجام الزائد عن الحد – بالطبع سيرى روايات أحمد مُراد كتحديث لحكايات أدهم صبري و المكتب رقم 19.
لماذا نحتاج إلى هذا النوع من الأدب الذي يُقدمه أحمد مراد؟
لأننا في العصر الذي لا يحتاج إلى العُمق – قد تجد الرد عجيب يا صديقي و لكنه للأسف حقيقي إلى حد بعيد أذهب إلى مكان بعيد عن مُجتمعك الثقافي الذي تتناقش فيه مع الصديقة الجالسة بجوارك عن البناء الدرامي و روعة العبارات في الكوميديا الآلهية لدانتي أنسحب قليلاً من عشقك للألياذة و الأوديسا من إعجابك بألف ليلة و ليلة النسخة الأصلية من هيامك بماركيز من إهتمامك بمُقدمة إبن خلدون و أنظُر حولك ماذا سترى سترى جيل مُختلف تماماً و مُجتمع غريب إلى حد بعيد عن مُجتمعك, هذا المُجتمع القارئ أيضاً لا يبحث عن العُمق لا يبحث عن إكتساب مفاهيم جديدة يقرأ ليُطلق العنان لخياله و يُبحر في مياه الأدب السطحية الهادئة يتذوق ما تتحمله معدته من أصناف خفيفة ظريفة تُشعره بالبهجة و السرور.
حينما قرأت لأحمد مُراد في بداية الأمر تُراب الماس قررت أن أقرأ له كُل ما أصدره حتى لا يكون حُكمي على عمل واحد له و حينما أنتهيت من كافة أعماله بما فيها 1919 الأخيرة وجدت أن الشعور الذي أنتباني لم يختلف :نحن أمام كاتب سينمائي بالدرجة الأولى لا أكير و لا أقل لا يبحث عن التعقيد بقدر ما يبحث عن التشويق لا يبحث عن الفكرة و المضمون بقدر ما يستطيع عرضه من أفكار و مفاهيم حتى إسقاطاته السياسية أو الإجتماعية بسيطة واضحة صريحة تراها و أنت تقرأ.
أحمد مُراد يجذب القارئ المُبتدئ إلى المكتبة هذا القارئ الباحث عن مُتعة الخيال و الإبحار الهادئ و لكن من قال إن البحار الهادئة تصنع بحاراً ماهراً – هو فقط ذهب للإبحار أنتظر حتى يذهب إلى المُحيطات الواسعة وقتها سيكون هُناك خيارين إما أن يتوقف عن الإبحار أو يستمر فيتكون لدينا مُثقف جديد من النُخبة.
تبقى أن أقول إنني أحد من تربوا على الأيادي البيضاء لنبيل فاروق و حينما ألقاني أبي في مُحيط مكتبته و روائع كتابي و سلسلة إقرأ كُنت على الأقل على دراية بأبسط قواعد الإبحار.