حينما تغيب عنا الرغبة الجدية في مواصلة الطريق و حينما نواجه الكثير مما نكره , حينها نتمنى جيداً لو أننا فارقنا الحياة بصمت .

لكن هي ذاتها اللحظة التي ينبعث فيها أملٌ جديد ليعلمنا أننا أخطأنا في أننا لم نعش الحياة بمنطقة اليومية و أن اللحظة القائمة قد تكون الأخيرة ,و أننا لم نعلم يوماً أن القدير سيرسل لنا من الإشارات ما يعلمنا أنها مازال أمامنا الكثير لنتعلمه في مدرسة الحياة و أنه مازال هناك ما لم نره و ما لم نعمله و أن حياتنا كأفراد ليست بمنأى عن التحولات العجيبة الفريدة التي تواجهها الدول و الحكومات , كما تتغير حياة الدول , تتجدد حياتنا نحن , و لا شيء محزن سيبقى كما لم يبقى المفرح لكن مع الفارق أنه سيأتي مفرحٌ جديد في قمة بؤسنا لنستشعر لذة الفرح من جديد و أن هذا الواقع المر سيمضي و هذه الوجوه الكالحة لن تصادفها نظرات أعيننا يوماً ما , لعل هذا اليوم يطول أو يقصر لكنه حتماً سيأتي و لكنه لن يأتي إلا لحظة نرغب في الحياة و نعيشها و كأنها لحظةٌ واحدة ..
لحظة واحدة لأحيا أو أموت .. لأشكر أو أكفر …
لحظةٌ واحدة لأفعل أو يفعل بي .
لحظةٌ واحدة لأعيش حلمي أو يقتلني واقعي .
لحظةٌ واحدة و هي لحظةٌ بالعمر إما تحفظها شجاعتي و إما يقتلها خوفي ..
هي لحظةٌ واحدة و لكنها كل العمر ..
العمر الذي مر منه منتصفه و لم يعد هناك متسع لحلول الأنصاف فليس هناك متسع لتجربتها أو تذوق مرارتها , هي لحظةٌ سرمدية أما أن تعيشها أو ليقبل الموت بشغف , فهو حتماً سيطلبك بشغف حينما تحيا الحياة بجنونها المطلق , حينما تفرط في تأمل الأشياء , حينما تتجاهل أصوات من تبغضهم , حينما تتنسم عبير من تحب مهما ابتعدت و ابتعد , هي لحظةٌ واحدة سيطلبك الموت حينما تتطلبها لكنها لحظة الولادة و المخاض ليزال عنك حبلاً سرياً يخرجك مرةً أخرى طفلاً ضاحكاً دون أدنى عذاب فقد بكيت في لحظتك بعمق المكره أيضاً…