خديجة أبو على : السينما صنعها ثوار لانها سلاح من أسلحة المقاومة و من قاموا عليها أمنوا بها لدرجة النشوة التى أسكرتهم فقدموا أرواحهم فداء لها و هم سلافة جادالله , هانى جوهرية , ابراهيم ناصر و اسمه الحركى “مطيع” , عبدالحافظ الاسمر و اسمه الحركى “عمر المختار”.

 

لنشأة للسينما النضالية روايات و حكايات دقيقة غير مشهورة للعامة و خاصة الشباب العربى الذى يواكب و يصنع الحدث الأن و لهذا نحاول فى هذا المقال تسليط الضوء على إحدى التجارب السينمائية لنضال القضية  الفلسطينية تجربة مليئة بالتفاصيل  لم نعرفها بعد.
فى إحدى فنادق القاهرة الكبرى و بجوار الجامعة الأعرق فى المنطقة العربية جامعة القاهرة كان اللقاء مع السيدة المناضلة خديجة أبو على إحدى مؤسسات السينما الفلسطينية المستقلة مع كتيبة وطنية فدائية كان سلاحهم الكاميرا , السيدة خديجة فى زيارة عملية قصيرة للمحروسة للإشراف على أختيار أفضل الأماكن لترميم الأفلام سواء داخل مصر أو خارج مصر و تساعدها فى ذلك بمبادرة فردية منها الدكتورة منى الصبان أستاذ المونتاج بمعهد السينما المصرية و صديقتها القديمة التى شاركتها فى إخراج اول فيلم لها “أطفال و لكن ” .
السينما الفلسطينية بدأت على أكتاف ثلاثة أبطال جميعهم فى رحاب الله ما عدا المخرجة خديجة اطال الله فى عمرها        و هم :
المصورة سلافة جادالله  فلسطينية نابلسية و أول مصورة سينمائية عربية تخرجت عام 1964 من معهد السينما المصرية و , فعلى الرغم من المناخ الثورى التى كانت تعيشة مصر و الذى نالت النساء على إثرة العديد من الحقوق المدنية و الإجتماعية , أثار إلتحاق سلافة بمعهد السينما إستهجان الأساتذة و تسألوا كيف لإمراة أن تعمل بتلك المهنة و إن عملت كيف ستحمل تلك الكاميرا الثقيلة التى تختلف عن مثيلتها الديجيتال الأن , و لكنها بكل تحد تعهدت سلافة بأن تتحمل المسئولية إن فشلت و هو  ما لم يحدث بل على العكس فقد تقدمت فى الدراسة بتقديرات متقدمة .

سلافة بدات التوثيق الفوتوغرافى للثورة الفلسطينية عن طريق التواصل مع الفدائيين و تصويرها للعمليات العسكرية لحركة فتح لانها كانت الحركة الاولى فى فلسطين التى بدأت بالكفاح المسلح و كان حوالى بين 1966 و 1967.
و مكافأة  لذلك النجاح استكملت بقية حياتها مقعدة بعد أن استهدفها جنود الأحتلال الإسرائيلى أثناء تصويرها لإحدى مجازرهم تجاة الشعب الأعزل الفلسطينى .

المصورهانى جوهرية  فلسطينى مقدسى متخرج عام 1966 من مدرسة السينما بلندن قسم التصوير و هو أول شهيد سينمائى فى العالم العربى عن عمر ال 36, إشترك هانى و سلافة جادالله بتصوير و توثيق أثار هزيمة 1967 فوتوغرافيا خلال نزوح الفلسطينين و الحياة داخل المخيمات و ذلك التوثيق نتج عنه عدد ثلاثة أفلام هم ( فيلم زهرة المدائن) (جسر العودة) ( النزوح) تلك الأفلام لم تتحدث فقط عن الهزيمة العسكرية التى لحقت بالعرب و لكنها تتحدث عن القضية الفلسطينية .
تلك الثلاث الأفلام السابقة  تم إنتاجها بواسطة وزارة الإعلام الأردنية و ذلك لأن المقاومة الفلسطينية لم تكن تمتلك بعد وحدة للإنتاج السينمائى و التى تشكلت فيما بعد.

مصطفى أبو على ولد الفنان مصطفى أبو على بقرية المالحة المتواجدة على ضفاف مدينة القدس و التى تم إحتلالها عام 1948 ,أهلة هاجروا إلى الأردن و درس مصطفى أبوعلى حتى حصل على الثانوية بتقدير مرتفع أتاح له الحصول على منحة تسمى ( أوائل المملكة ) و كانت أول بعثة له الى الجامعة الأمريكية ببيروت و التى تخطاها بنفس التقديرات العالية مما دعمة للحصول على منحة دراسية لإحدى الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الهندسة المعمارية لكنه لم يستكملها لانه شعر أن الهندسة ليست ميدانة الذى خلق له و عاد للإردن لدراسة الموسيقى و لكنه فشل فى الحصول على منحة لدراسة الموسيقى لاسباب تتعلق بالمرحلة العمرية على الرغم من عدم تجاوزة ال 22 من عمرة , لكنه بعدها نجح أبو على بالالتحاق بمنحة مقدمة من وزارة الإعلام الأردنية برعاية المركز الثقافى البريطانى بعمان و كانت المنحة للدراسة بمدرسة السينما بلندن و من هنا كانت نقطة الالتقاء بين هانى جوهرية و مصطفى ابو على فى انجلترا .

المقاومة ما بين عمان و بيروت
خلال الحرب الأهلية اللبنانية و أجتياح القوات الإسرائيلية الجنوب اللبنانى و محاصرة القوات الإسرائيلية بيروت لمدة 84 يوما تقريبا أدى ذلك إلى خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان. كان الأرشيف الخاص بأحداث الثورة الفلسطينية منذ بدايتها حتى وقت الأجتياح ( 1968 – 1982 ) يحتوى على وثائق تغطى جميع الأحداث الفلسطينية تقريبا منذ بداية الثورة الفلسطينية بالإضافة إلى المكتبة السينمائية أو كما يطلق عليها ( السينماتك) كانت تحتوى على حوالى 90 فيلم من الأفلام النضالية الفلسطينية و تجارب الشعوب النضالية العالمية مثل (كوبا , الصين , فيتنام , روسيا) و ادى ذلك الأجتياح الإسرائيلى إلى الصعوبة فى نقل ذلك الأرشيف و مكتبة السينما لضخامتة  مما أدى بالوثائق و الأفلام إلى الضياع , التلف و الإخفاء  خلال عام 1985 قبل إمكانية نقلها من بيروت . و الخروج الثانى من دولة حاضنة للمقاومة فقبل خروج المقاومة و معها السينما المناضلة من لبنان عام 1982 كان هناك الخروج الأول من الأردن بعد أحداث أيلول الأسود عام 1970 فبعد أن دعى جمال عبد الناصر لقمة عربية طارئة بالقاهرة لوقف المجازر التى نتجت عن الأشتباك بين الجيش الأردنى و المقاومة الفلسطينية أستطاع الجانب  الفلسطينى أن تثبت خلال القمة العربية أن ما حدث كان تصرف وحشى من جانب الطرف الأردنى و كان دليل المقاومة هو فيلم قامت به وحدة أفلام فلسطين من تصويرة و عرضه ياسر عرفات خلال القمة و كان الفيلم بأسم (بالروح بالدم) و الذى سنذكرة بعد قليل.
دعونا نشير أيضا ألى أن تلك الوثائق و الأفلام التى تم عملها و جمعها ما بين العام 1968 إلى العام 1976 كانت دون أرشفة و غير مرتبة فكان لابد أن يتم  تنظيمة و أرشفتة و تصنيفة بحيث يمكن إخراج المواد الفيلمية و الوثائق بسهولة من خلال الترتيب المعنون على أساس ( الموضوع , الأشخاص , التاريخ ) مع العلم أن كل تلك الوثائق تم ترجمتها إلى أرشيف فى أقل من 6 أشهر أنتهت أواخر عام 1976 على يد المخرجة خديجة أبو على زوجة المخرج الراحل مصطفى أبو على سالف الذكر , و هى من تقوم الأن بإحياء السينما الفلسطينة من جديد عن طريق المشروع الذى سنتحدث عنه لاحقا فى سطور ليست بالعديدة .

نبذة عن السينما النضالية الفلسطينية
كان عام 1969 بداية التوثيق السينمائى و كانت المهمة هى صناعة فيلم يصل بقضية فلسطين للعالم لتعبئة الشعوب للمناصرة و لدعم القضية النضالية للشعب الفلسطينى عن طريق تعريف النضال من وجه نظر فلسطينية .فى وقت كانت حركات التحرر العالمية فى أوج شعلتها .
كان فيلم (لا للحل السلمى) هو أول تجربة فيلمية لوحدة أفلام فلسطين التى أسسها ( مصطفى أبو على , الشهيد هانى جوهرية , سلافة جادالله ) و التى كانت تابعة بشكل أساسى للمقاومة الفلسطينية و كان إنتاج جماعى من جانب الوحدة و القائمين عليها لكن فعليا كان فيلم ( بالروح بالدم) أول تجربة ناضجة لوحدة أفلام فلسطين كما أشارت المخرجة خديجة و كان يتناول أحداث ايلول الأسود و هو الفيلم الذى عرضتة المقاومة الفلسطينية خلال قمة 1970 كما ذكرنا من قبل و هو نفس الفيلم الذى حصد جائزة ( مهرجان دمشق الدولى للشباب)و من هنا أتضح للعيان تجربة سينمائية جديدة تتمخض عن النضال الوطنى للقضية الفلسطينية  , و بناءا عليه عمل مصطفى أبو على إلى تطوير وحدة أفلام فلسطين عن طريق تدريب العديد من الشباب و تكوين كوادر سينمائية كاملة فى الصوت , الإضاءة , الإخراج , المونتاج و التصوير و كان ذلك فى 1974 و التى أنضم اليها الشهيدان ابراهيم ناصر و اسمه الحركى “مطيع” , عبدالحافظ الاسمر و اسمه الحركى “عمر المختار”.
المشروع التى تقوم عليه المخرجه خديجة أبو على الأن ؟
تقول المخرجة المناضلة عن المشروع هو البحث عن أفلام سينما الثورة الفلسطينية التى فقدت بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان لأسباب ذكرناها سلفا , و فى أعتقادى أن القضية الفلسطينية يتم تصفيتها بشكل متعمد او غير متعمد لحساب قضايا إقليمية عربية جديدة تفاقمت بعد الثورات العربية و الأبرز منها قضية سوريا و الحرب الأهلية و الغير أهلية الدائرة هناك , مصر و عدم إستقرار الحكم بالإضافة إلى الأرهاب الداخلى , السودان و تقسيمها و ما نتج من حروب بعد التقسيم , ليبيا و سقوط معنى الدولة الذى يطمح أى شعب أن يقيمة بعد الثورات و شبح التقسيم و دعنى أشير إلى أنه لم يكن هناك دولة وقت القذافى لتزول , لبنان و النزاع الطائفى , و بسبب كل تلك القضايا العربية كان يجب أن نبحث عن وسيلة جديدة لإحياء القضية الفلسطينية فى الذهن العربى و هنا أشارت المخرجة خديجة أبو على أن الشعوب العربية متضامنة مع القضية الفلسطينية بشكل كبير و على إستعداد أن تبذل الغالى و النفيس فى سبيلها لكن ما يحدث فى المنطقة العربية هو العائق .
يبحث المشروع الذى بدأ فى عام 2006 عن نسخ من الأفلام التى فقدت أصولها لمحاولة جمعها , صيانتها , ترميمها من جديد و تحويلها على أشرطة رقمية المعروفة بأسم DVD  ليكون بين أيدى الأجيال الجديدة .
بعد مرور 3 سنوات على على بداية المشروع جاءت وفاة المخرج الكبير مصطفى أبو على عام 2009  لكن  المشروع أستمر و حتى اواخر العام 2013 استطاع المشروع ان يصل إلى 80% من الأفلام المفقودة .
تمويل للمشروع
لا يوجد تمويل خارجى للمشروع و تعمل السيدة خديجة على المشروع تطوعيا لأنها ترى انها تستكمل ما بدأتة من نضال منذ أمد طويل للقضية الفلسطينية , الصندوق القومى الفلسطينى هو الجهة التى قطعت شوط مع السيدة خديجة لإنجاح المشروع لكن فى نفس الوقت لم يستطيع الصندوق أن يتحمل أعباء مادية ثقيلة فى المشروع فعلى سبيل المثال كان الصندوق يتكلف مصاريف شحن المواد الفيلمية من دولة الى دولة  و هو فى مقدار استطاعتة .
صعوبات أمام المشروع
لا يوجد أله 17 ملى متاحة فى الأسواق و الأفلام المستهدفة تعمل على هذا المقاس من الألات التصويرية بالإضافة إلى أن تحويل المواد الفيلمية القديمة إلى مواد رقمية بالإضافة إلى ترميمها يصاحبة تكلفة عالية.
ماذا بعد
أخبرتنى السيدة خديجة أنها بصدد العودة مرة أخرى الى مصر فى القريب العاجل لأستكمال المشروع لانها تخطط لعمل فيلم عن تلك المجموعة البطولية التى قامت بزرع بذرة جديدة من اشكال المقاومة و هى السينما بالإضافة إلى انها تعمل على كتاب يتناول تلك التجربة .
من هى خديجة أبو على
مناضلة و مخرجة أردنية تزوجت من مصطفى أبو على  تخرجت من كلية أداب قسم علم النفس جامعة عين شمس , عاصرت هزيمة 1967 و أثرت فى مسار حياتها مثلها مثل العديد من ابناء جيلها فما انفكت من الدراسة فى القاهرة حتى عادت للاردن للانضمام للعمل الفدائى , اول فيلم لها كان عام 1979 بأسم ( أطفال و لكن) , صاحبة مشروع الأرشفة للوثائق و الأفلام فى مدة قياسية حوالى ال6 أشهر فى عام 1976