منذ بضعة أيام شاءت الصدفة أن تجمع اثنين من مرشحى مجلس الشعب في قرية واحدة، في سَاعة واحدة قرر كل واحد من الإثنين القيام بجولة ميدانية ومؤتمر جماهير مع شعبه من الناخبين. كلا المرشحين لم يكن في الحزب الوطنى وإن حاولا الدخول لكن لم ينجحا. أحدهما مقدم شرطة سابق، والآخر مهندس سابق وكلاهما تحول إلى وحش تجارة أراضي وميكرورجل أعمال.
في القرية أخذ كلا المرشحين يستعرض قوته، نشبت بعض المشادات انتهت بوفاة أحد مؤيدى المرشحين، وبالطبع لم يكن الميت من جماعة مقدم الشرطة السابق.
الميت حصل عن جدارة على لقب أول شهيد في انتخابات مجلس الشعب لعام 2010. أهله بالتأكيد فخورين بهذا اللقب، وربما منحهم المرشح شهادة تقدير على تضحيتهم الغالية. الدورة الماضية غيب الموت 14 شهيداً خلال انتخابات مجلس الشعب. هذه الدورة أثق تماماً أن الرقم سيتضاعف على الأقل ثلاث مرات.
الحزب الوطنى وضع الإستراتيجية منذ فترة طويلة، مرشحى الحزب هم المرشحين الفائزين، ولكى تفوز يجب أن تكون الأقوى، وهكذا تبدأ معارك استعراض القوى، بلطجة في * في بلطجة، والقادم أسوء ولا مفر.
يطرح بعض المثقفين العواجيز، والصحفين الذين يتظاهرون بالقلق على استقرار مصر ومستويات الأمن والأمان داخل المجتمع المصري، رؤية مفادها أنه للحفاظ على ما سبق لا حل إلا جمال مبارك. ونحن نعلم، أنك تعلم أننا نعلم أن جمال ربما يأتى إذا تحققت النبوءة وانطفت الشمس وسقطت النجوم ورحل مبارك الأب.
لكن لو أتى جمال هل يضمن هذا الأمن والأمان في ربوع مصر؟ الواضح خصوصاً بعد فرقعة بوسترات عمرو سليمان، أن مجيء جمال مبارك لن يتحقق إلا بتحالف جميع مراكز القوى على الساحة المصرية، يجب أن يكون مجيء جمال موثقاً بموافقة المؤسسة العسكرية بكل طوائفها وطبقاتها، الحزب الوطنى بكوادره العليا والسفلي، أجهزة الأمن والداخلية، الإخوان والقليل من الأحزاب الهامشية، رجال الأعمال وأًصحاب التكتلات الإقتصادية الكبري في البلد، ممثلي الشرعية الدولة من أمريكان وأوروبيين ومن جاورهم بإحسان إلى يوم الدين، المزيد من رجال الأعمال، كلاب السكك، دبابير الترع والمستنقعات، تجار المخدرات البيضاء، مهربي السلاح، نجوم الكرة الصلع والبلطجية، ممثلين متوسطى الموهبة، ممثلات حسنوات، كل هؤلاء يجب أن يوافقوا ويرضوا ويتحالفوا من أجل جمال.
وبعد ذلك يجب أن يتقاسموا الكعكة مع جمال، ما بعد جمال سوف تظهر الكثير من مراكز القوى التى ستتعاظم قوتها، ومن دخل أرض “نيو جيزة” فهو آمن، ومنشارك الجمال في أى مشروع هو أمن. أما من دون ذلك فيجب أن يحارب من أجل مساحة بسيطة لكى يقف على الأرض إن كان له عليها ما يستحق الحياة.
في مرحلة ما بعد جمال، لن تكون مراكز القوى مثل الآن، كلاب السكك الآن في عصر جمال مبارك سوف يصبحون ديناصورات متوحشة لا يستطيع أحد إيقافهم. والأهم أن رقبة وروح جمال سوف تكون في يد كل هؤلاء جميعاً. يدهم سوف تكون أعلى وأطول من يد جمال، وصراعهم سوف يكون صراعاً دامياً سيسقط فيه عشرات الشهداء وبدون شهادات تقدير.
منذ زمن وقد جرت العادة حينما تصل مشكلة أو أزمة لمرحلة مغلقة، أن يتدخل الرئيس نفسه لحلها، تصعد له المناشدات والطلبات “سيادة الرئيس، بقلبك الكبير.. نتمى عليك أن تمنى علينا بنعمتك وفضلك وإحسانك” وبالطبع يسقط الغيث والمطر فرحمة الرئيس فوق كل رحمة. لكن هذه العادة الجميلة سوف تنتهى مع عصر جمال، سوف تختفي الرحمة، ولن يكون هناك سوى القسوة والعنف والبلطجة وكلاب السكك في كل مكان. ببساطة لأن رقبة وروح جمال سوف تكون في يد كلاب السكك، ويدهم سوف تكون أعلى وأطول من يده.
هنا عند هذه النقطة المفصلية القاتلة في حياتى الخاصة، وفي حياتك أيضاً أيها الأخوة والشركاء في هذا الوطن، يُطرح السؤال الخطر والمقلق.. ما الحل؟ ما العمل؟
والإجابة التى توصلت لها بعد بحث وتفكير عميق ومعمق مع استشارة الكثير من الأصدقاء والزملاء والأساتذة الأجلاء منكل الأجيال، أن أحنا لازم نلاقي طريقة بأسرع وقت ونسيب هذا البلد المعفن. لا بد أن نترك هذه الجثة النتنة في أسرع وقت، لا حل معها إلا أن ندعها تتحلل بفعل الطبيعة وتذوب، ربما بعض عقود أخري مع السنوات حينما تنتهى كل الكعكة ولا يعد هناك ما يمكن سرقته، يمكن أن يأتى أجيال جديدة قد يفعلون شيئاً أو لا يفعلون. في كلا الحالتين لن يصنع الأمر فرقاً… أنا لازم أسيب البلد دى فعلاً.

صورة الفوتوغرافيا من أعمال: Pavel Kaplun. الصورة الأخيرة الصفحة الأولى من قصة مصورة (كومكس) بعنوان ماذا إذا لم يأتى البرابرة. تأليف أحمد ناجى، رسوم مجدى الشافعى
تعليق واحد على والقادم أسوء وأسوء
كلنا يا نوجة هنهرب معاك… مش انت بس!
اسم القصة معلّق معايا من أول مرة شفته عالفيسبوك!