أعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قدم إلى وزارة الداخلية طلب ترشحه وسحب وثائق جمع التوقيعات للانتخابات الرئاسية المقررة في 17 نيسان/ابريل، بحسب التلفزيون الجزائري الرسمي السبت.
وجاء في شريط أخبار التلفزيون أن رئاسة الجمهورية أكدت أن الرئيس بوتفليقة اودع لدى وزارة الداخلية “رسالة نية الترشح” وسحب وثائق جمع التوقيعات.وكان رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، أعلن أن الرئيس المنتهية ولايته، عبدالعزيز بوتفليقة، سيترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أبريل، ضمن تصريح في وهران (450 كلم غرب الجزائر) على هامش افتتاح “الندوة الإفريقية للاقتصاد الأخضر”.يذكر أن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة (76 عاماً) انتخب لثلاث ولايات متتالية، كان أولها في عام 1999.

وتعيش الجزائر حالة من التخبط السياسى، قبل 6 أشهر من موعد انتخابات الرئاسة المقررة فى إبريل المقبل، لاسيما بعد إعلان حزب جبهة التحرير الوطنى (الحاكم) ترشيح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، العائد من رحلة علاج طويلة فى باريس، لانتخابات عام 2014، مما يضع البلاد على «صفيح ساخن» فى انتظار رد فعل القوى والأحزاب السياسية فى البلاد لبقاء الرئيس فى السلطة لأجل غير مسمى، وخاصة مع تدهور حالته الصحية، مما يشل مؤسسات الدولة.ورفضت الكثير من الأحزاب السياسية المعارضة ترشح «بوتفليقة»، المسيطر على السلطة لمدة 15 عاما، لولاية رابعة، ومنها حزب العدالة والتنمية، وحركة السلم الاجتماعى، المحسوبة على تيار الإخوان، كما طالبت هذه الأحزاب بمقاطعة الانتخابات الرئاسية «فى حال لم تقدم السلطة ضمانات كافية لنزاهة وشفافية الاستحقاقات الرئاسية المقبلة».وليست جبهة التحرير الجهة الوحيدة التى تدعو «بوتفليقة» للترشح لعهدة رابعة حيث ذهب حزب التجمع الوطنى الديمقراطى، ثانى قوة سياسية فى الجزائر، هو الآخر إلى الإعلان أيضا عن مساندته للرئيس الجزائرى، وكذلك حزب تجمع أمل الجزائر – تاج.

ومهد «بوتفليقة» لخوض سباق الرئاسة مجددا، منذ عودته من فرنسا يوليو الماضى، فعلى الرغم من الجدل بشأن حالته الصحية وبقائه فى السلطة، لكنه عزز من تمسكه بمقاليد الحكم، بإجراء تعديل حكومى كبير فى بعض الوزارات السيادية والمجلس الدستورى، فضلا عن التغييرات التى أجراها على هيكل المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات، فى سبتمبر الماضى، أعطت انطباعا بأنه يعزز نفوذه السياسى، ويمهد الطريق لولاية رابعة، رغم أنه لم يعلن ذلك رسميا.

ويتزامن غموض المشهد السياسى فى البلاد مع التكتم الرسمى حول موعد تعديل الدستور، الذى قال رئيس الوزراء عبدالمالك سلال مؤخرا، إن مشروعه التمهيدى الذى أعدته لجنة خبراء قانونيين جاهز وينتظر موافقة الرئيس للإعلان عن مضمونه.ولم يقدم «سلال» تفاصيل عن التعديل الجديد، إلا تسريبات تفيد بأنه سيتم استحداث منصب نائب للرئيس، وتمديد الولاية الرئاسية إلى 7 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة بدلا من 5 سنوات، يعنى استمرار بوتفليقة فى الحكم إلى عام 2021 على أن يتولى نائبه جانبا من سلطاته التنفيذية.وفى حال تطبيق التعديل الدستورى قبل الانتخابات الرئاسية، فإنه يزيد من حظوظ «بوتفليقة» للترشح لولاية رابعة، وهو ما ترفضه المعارضة، التى تطالب بتعديل المادة 74 من الدستور الحالى، لتحديد عدد الولايات الرئاسية بفترتين فقط، خلافاً لما تنص عليه الماده ذاتها بعد التعديل الدستورى الذى أقره بوتفليقة عام 2008، والذى لا يقيد عدد الولايات الرئاسية ويتركها مفتوحة.وتتهم المعارضة الجزائرية أحزاب السلطة وحلفاءها بالسعى لاحتكار اللعبة السياسية على مستوى البرلمان، بعد الإعلان عن تشكيل تحالف برلمانى جديد من أحزاب جبهة التحرير الوطنى الحاكم، وحزب «تجمل أمل الجزائر» برئاسة وزير النقل عمار جول، وحزب الحركة الشعبية الجزائرية، فضلا عن مجموعة الأحرار، لتمرير التعديلات الدستورية قبيل انتخابات 2014 للسماح لـ«بوتفليقة» بخوض السباق.

وتأتى حالة عدم الاستقرار السياسى فى الجزائر، فى توقيت حساس، لبعض دول الربيع العربى، التى لاتزال تعيش حالة من الاضطرابات بعد الاحتجاجات الشعبية التى أطاحت بزعمائها.

اجتاح هوس الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية في الجزائر مواطنين بسطاء، وتجار وحرفيين، كما هو حال بائع متجول، وأيضا مديري صحف، ورؤساء أحزاب فتية وغير معروفة، يزاحمون الشخصيات السياسية ورؤساء حكومات، وأعلنوا أو يستعدون لإعلان ترشحهم للرئاسة.حيث استهوت لعبة الترشح للرئاسة في شكل فلكلوري هؤلاء، وغالبيتهم يطمع في مقالات صحافية يأتي فيها ذكر ترشحه، وفي هذا السياق، أعلن عياش حفايفة، وهو حرفي متواضع بدأ مشواره بائعا متجولا، قبل أن يؤسس جمعية محلية لحماية المستهلك، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وسبق له أن أعلن ترشحه في مناسبتين سابقتين في عام 2004 و2009 .

وأعلن مدير جريدة يومية “الديار” جمال سعدي، ترشحه للانتخابات الرئاسة المقبلة، وقال سعدي إنه “يحمل مشروعاً لتنمية البلاد، إلى جانب إصلاح سياسي واقتصادي شامل يعتمد على الشباب والكفاءات “.

وقال إمام سابق في مسجد في العاصمة الجزائرية، عبدالفتاح حمداش زراوي، إنه ينوي الترشح لانتخابات الرئاسة.
ويسعى زراوي لتأسيس حزب سلفي، لكن السلطات لا تسمح له بالنشاط لصلته بالجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة .
أحزاب صغيرة
وأعلن رئيس حزب جبهة الشباب الديمقراطي أحمد قوراية ترشحه للانتخابات الرئاسية، قبل أن يتراجع عن الفكرة، ويقرر سحب ترشحه .
وذكر الأمين العام لحزب النور الجزائري المؤسس حديثا، بدر الدين بلباز، أنه قرر الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وزعم أنه ترشح بطلب من كوادر حزبه الذي قال إن “لديه مستقبلا واعدا بالنظر إلى برنامجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
وترشح رئيس حزب الوسطيين (غير معروف)، مهدي علالو، للانتخابات الرئاسية “لإنقاذ البلاد من المخاطر التي تتهددها”.

وقدم عبدالعزيز بلعيد، رئيس حزب سياسي تأسس حديثا “المستقبل”، ترشحه لرئاسيات أبريل المقبل .

مرشحون من الخارج

وشملت حمى الترشح لانتخابات الرئاسة عددا من الجزائريين المهاجرين المقيمين في الخارج .
وأعلن رجل الأعمال المقيم في باريس رشيد نكاز قبل أسابيع ترشحه للرئاسة، ويعرف عن نكاز، الذي كان يحمل أيضا الجنسية الفرنسية وتخلى عنها، دفاعه عن المنقبات في فرنسا .
وقدم الخبير المالي المقيم في سويسرا منذ 27 سنة علي بن نواري ترشحه للرئاسة.
وقال بن نواري، الذي يحوز الجنسية السويسرية أيضا، إنه “يطمح لأن يكون رئيسا سويسريا للجزائر”.
ويعتزم الكاتب والروائي الجزائري المقيم في باريس، ياسمينة خضرا، واسمه الحقيقي محمد مولسهول، الترشح للرئاسيات المقبلة .
وقدم كمال بن كوسة، وهو خبير مالي يقيم في لندن، ترشحه للرئاسيات، وصمم موقعا لعرض برنامجه الانتخابي .
ترشيحات غير جادة
ويصف مراقبون هؤلاء المرشحين بـ”الفلكلور السياسي”، وقال الباحث لخضر سفير لـ”العربية.نت” إن “هذه الترشيحات غير جدية، وهؤلاء المرشحون لا يمكنهم جمع التوقيعات المطلوبة دستوريا، والمقدرة بـ75 ألف توقيع من المواطنين”.
وفي مقابل هذا الهوس بالترشح لأكثر المناصب حساسية في البلاد، ما زالت قائمة المرشحين الجدين مقتصرة على أربع شخصيات سياسية أعلنت ترشحها، هي رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، ورئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، ورئيس حزب “جيل جديد” المعارض جيلالي سفيان، ورئيس حزب عهد 54، علي فوزي رباعين .
ولم يحسم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مسألة ترشحه لعهدة رئاسية رابعة، بالنظر إلى وضعه الصحي الحرج، برغم مناشدة أربعة أحزاب تشارك في الحكومة له بالترشح، وهي جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب تجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية .