كانت تركيا وما زالت الشريك الافضل لامريكا في المنطقة وبنفس الوقت الحلم الذي تطمح منطقة الشرق الاوسط بالوصول اليه ، وبوصول رجب طيب اردوغان عام 2003 الى الحكم من خلال حزبه “حزب العدالة والتنمية” تزايد تطور تركيا في المجال الاقتصادي والسياسي والعسكري ، ونستعرض اهم انجازات اردوغان منذ عام 2003 الى الان:
- تسديد ديون تركيا الباغة 23.5 مليار دولار الى صندوق النقد الدولي.
- توقيع عقد لبناء اكبر مطار في العالم بقيمة 22 مليار يورو.
- توقيع عقدي الجسر الثالث على البسفور 2.5 مليار دولار وعقد قناة اسطنبول 10 مليار دولار.
- ارساء مناقصة المفاعل النووي الثاني 22 مليار دولار.
- رفع تصنيف تركيا الائتماني الى بلد يمكن الاستثمار فيه من قبل مؤسسة موديز.
- تخفيض الفوائد الربوية الى ادنى مستوى لها في تاريخ تركيا (4.61%).
- زيادة معدل الفرد السنوي من 3 الاف دولار قبل 10 سنوات الى 11 الف دولار حاليا.
- زيادة ناتج الدخل القومي من 200 مليار قبل 10 سنوات الى 900 مليار حاليا.
- تحول الاقتصاد من اقتصاد زراعي الى اقتصاد صناعي وخدماتي وزراعي.
- زيادة عدد السياح من 4 ملايين قبل 10 سنوات الى 35 مليون سائح حاليا.
- تراجع الجيش التركي الى ثكناته بعد ان كان يتحكم في سياسة تركيا الداخلية والخارجية لمدة 80 سنة.
- دخول تركيا عضوا في نادي الدول الديموقراطية.
- زيادة نسبة التجارة مع الدول العربية من 25% الى 60% حاليا.
- اصبحت تركيا تحتل المركز السابع كاقوى اقتصاد في اوروبا وشريك اقتصادي مهم للصين واوروبا وامريكا والبرازيل.
- زيادة معدل الاستثمار في تركيا الى 100 مليار دولار منذ 2003.
- ارتفاع معدل الصادرات التركية الى 152 مليار دولار (10 اضعاف الصادرات قبل عام 2003).
- ارتفاع معدل الناتج المحلي الى 750 مليار (3 اضعاف الناتج قبل عام 2003).
اضافة الى ما قدمه الى الضيوف السوريين وليس “اللاجئين” كما سماهم اردوغان:
- بطاقات شخصية تشعر الضيف انه انسان له قيمة وكرامة.
- مصروفات شهرية.
- حقوق وامتيازات خاصة لا يتمتع بها المواطنين العرب في بلادهم.
وبعد كل هذا الرقي والاصلاح والتطور والانفتاح على اوروبا والشرق الاوسط ، ومرور تركيا في شهر مايو\ ايار 2013 الذي يعد اكبر انجازات اردوغان في تركيا منذ تسلمه الحكومة عام 2003 وهو خلو شهر مايو من اي عمليات ارهابية بسبب اعلان اردوغان التفاوض مع رئيس حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان- المسجون في جزيرة امرالي في بحر مرمرة- لانهاء الصراع بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني القائم منذ ثمانينيات القرن الماضي اذ اعلن عبدالله اوجلان في بيان نشره اعضاء الحزب على جميع مؤيدي الحزب في عيد النيروز الذي يصادف 21 اذار وقال :”فمن عصر المقاومة المسلحة تفتح الابواب امام مرحلة الحل السياسي الديموقراطي ، لتبدا مرحلة السياسة ، والمجتمع والاقتصاد معا ، ويتقدم مفهوم المساواة ، والحرية والديموقراطية…”.
اما بعد ذلك وهو بقية احداث شهر مايو المؤسفة ، اذ قامت مجموعات صغيرة باقتحام حديقة كيزي بتقسيم في اسطنبول بداعي القلق من احتمال تضرر الاشجار اثناء اعادة تاهيل الحديقة ضمن مشروع لتخصيصها للمشاة فقط ، مع ان المسؤولين صرحوا بان الاشجار لن تتاذى بل سيتم نقلها لمكان اخر ، ولكن الاحتجاجات بقيت مستمرة ، وبعد تدخل قوات الامن لاخلاء المكان بعد وعود البلدية بعدم تعريض البيئة والاشجار للخطر اخذت المظاهرات منحنى اخر واتسع موضوع الاحتجاجات ليشمل الاعتراض على سياسات الحكومة وانضمت مدن اخرى للتظاهر وامتدت الى انقرة وازمير وموغلا وانطاليا وفي 31 مايو استخدمت قوات الامن القوة لتفريق المتظاهرين ، بعد ان عمت المظاهرات العديد من الدول في المانيا وامريكا وبريطانيا وفرنسا وحتى وصل الامر الى قيام جماعة الانونيموس بهجمات على المواقع الالكترونية للحكومة التركية بمساعدة من الجيش السوري الالكتروني.
وكانت مطالب المتظاهرين لايقاف الازمة في تركيا هي:
1-ان يعلن رسميا ايقاف مشروع حديقة كيزي ،والتراجع عن مساعي هدم مركز اتاتورك الثقافي.
2-اقالة المسؤولين في مقدمتهم حكام ومديري الامن في كل من اسطنبول وهتاي وانقرة.
3-اخلاء سبيل المواطنين الموقوفين وعدم فتح تحقيق معهم.
4-الغاء مشاريع الجسر الثالث على البسفور ومشروع المطار الثالث في اسطنبول ومشروع قناة اسطنبول ومشاريع توليد الطاقة من المياه وكافة المشاريع التي تضر بالبيئة.
ومن نتائج هذه المظاهرات وقوع العديد من القتلى واصابة المئات من المدنيين ورجال الامن وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وخسائر مادية تقدر 73.2 مليون دولار.
انا اعتقد انها مكيدة عظيمة كيدت لهذه الامة في اجمل ايامها ،حيث امرت القوى الاجنبية بحصول هذه المظاهرات وبمساعدة من المعارضين لحزب العدالة والتنمية واهمهم “حزب الشعب الجمهوري” الذي عارض سياسة اردوغان وحزبه ، والدليل[1] وجود اعضاء من البرلمان التابعين لحزب الشعب الجمهوري بين المتظاهرين وتحريضهم على التمرد والعصيان وادلاء بتصاريح كاذبة مثل –نية اردوغان بابادة جماعية للمتظاهرين- اضافة لزرع الفتن الطائفية بين المتظاهرين ، وبدعم من منظمات متطرفة من حملة الحجارة والعصي والنبال والمسدسات.
اما عن رجال السياسة الاتراك والديبلوماسيين الاجانب المقيمين في انقرة فاعتبروا ما حدث رسالة امريكية مختبئة بين مشاهد الاحتجاجات والتظاهرات في ميدان تقسيم ، على الرغم من عدم وجود دليل على وقوف جهات اجنبية –امريكية وبريطانية- وراء اندلاع الاحتجاجات كما صرح اردوغان بانه سيكشف الادلة على هذا التورط دون ان يقدم شيء الى الان.
الا ان رجال السياسة اجمعوا على وجود اصبع اجنبي وراء ما حدث او على الاقل رسالة ديبلوماسية مفهومة ، وقبل التعرض لاسباب هذه الرسالة ساتعرض لملاحظتين مهمتين يمكن استنتاجهما مما حصل:
1-ان اردوغان مقتنع تماما ان الضربة الموجهة له هي بتدخل اجنبي –امريكي بريطاني- لانه سبق واعلن ذلك بطريقة ديبلوماسية غير مباشرة بتوجيهه الانتقاد الى قناتي “بي بي سي” البريطانية و “سي ان ان” الامريكية واتهمهم بتاجيج التظاهرات ، والمهم في هذه النقطة ان اردوغان لاول مرة يتهم فيها امريكا وبريطانيا بتوجيه ضربة له بعد ان اعتاد على اتهام سوريا وايران بكل ما يصيب تركيا.
2-ان اردوغان وحكومته مقتنعان بامكانية تحريك الشارع وصناعة الثورات بتدخل اجنبي بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما اثر ويؤثر على نظرة الشارع التركي وصناع القرار الى نظرية “الربيع العربي” التي كانت انقرة مقتنعة ببرائتها وعفويتها وضرورة دعمها وهوامر سينعكس على سياسة تركيا الخارجية وتعاطي الراي العام التركي مع ملف الثورات العربية بشكل عام.
وعودة لاسباب الرسالة الموجهة لاردوغان فهي متعددة ومنها ، تصرفاته في اخر 3 سنوات من وجهة نظر غربية فان اردوغان كشخص وزعيم سياسي بات يشكل تهديدا للنموذج المعتدل لتركيا في الشرق الاوسط ،الذي جمع بنجاح بين تجربة تيار اسلامي سياسي وديموقراطي تحت قبة نظام علماني وكما يقول عمرو موسى :”ان هذا النموذج التركي فتح شهية واشنطن على رفع الحظر في التعامل مع التيار الاسلامي في المنطقة واعطائه فرصة الحكم عله يعيد انتاج تجربة حزب العدالة والتنمية من جديد في مصر وتونس وسورية”.
وفي زيارة اردوغان الاولى لمصر في ايلول\سبتمبر 2011 التي اعتبرت اول خطوة لاختبار تاثير نموذجه التركي على ساحة الثورات العربية –استقبل اردوغان من الاخوان المسلمين استقبال الفاتحين السلاطين- لكن ما صرح به اردوغان بنصيحة الاخوان المسلمين بالا تخاف من التجربة العلمانية وان يساوي الرئيس القادم مهما كانت هويته بين فئات الشعب وهو ما اعتبره الاخوان المسلمين “بدعة علمانية” ، وهنا عرف اردوغان بعد نصائح من مستشاريه ان هذه الكلمة اعتاد عليها الشعب التركي لمدة 8 عقود لا تزال غريبة عن الشرق الاوسط ومذمومة ، وانتبه اردوغان ان شخصيته كعراب او قائد او بطل قد تنهار اذا بقي مصرا على اعطاء دروس في الديموقراطية واحترام التعددية والراي الاخر والتبادل السلمي للسلطة ، لذا بدا بتغيير سياسته بالتقرب من الاحزاب الاسلامية في المنطقة حتى يحافظ على مكانته وهو ما اثر على سياسته الداخلية في تركيا وسياسات تركيا تجاه دول المنطقة وسياسة “تصفير المشاكل”.
وبدات سياسة اردوغان باتخاذ منحنى طائفي بعد ان كانت حكومته تنبذ الطائفية ، حتى يعطي الاحزاب الاسلامية دورا مهما في قضايا المنطقة واستوفي ذلك في مثال صغير – باعلان اردوغان ان جميع القتلى في تفجبرات الريحانية بالقرب من الحدود السورية هم من السنة الاتراك ، وهو تصريح خطير اذ انها المرة الاولى الذي يتحدث فيها مسؤول تركي في هذا المنصب مفرقا بين ابناء الشعب التركي على اساس طائفي – ليتبع ذلك خطاب طويل في انقرة عن “محجباتنا” و “مساجدنا” التي دنسها المتظاهرين في احداث تقسيم ، وهذا ما وضع تركيا في اطار حرب سياسية بين “مؤمنين” و “علمانيين مشكوك في اسلامهم”.
على الصعيد الداخل التركي فان هذا التغيير الواضح في شخصية اردوغان وكانه عاد ليستلم سياسات استاذه “نجم الدين اربكان” عراب الاسلام السياسي وذلك بسبب قيام اردوغان بعدة تغييرات تسعى لاسلمة تركيا ومنها (قانون تنظيم بيع الخمور ، النظام التعليمي الجديد ،منع الاجهاض….)
ونستنتج ان انحراف اردوغان عن سياسته المعتادة يظهر تخوف من ظهور انشقاقات داخل حزبه ، ومن الحلول المقترحة للتخفيف من الازمة هي استقالة اردوغان او قبوله بمنصب رئيس فخري للبلاد ويسلم زمام الحزب والحكومة لرفيق دربه القديم “عبدالله غل” ليقوم بحركة تصحيحية.
في ملاحظة التناقد في المقالة من حيث تدخل القوى الاجنبية في تركيا بسبب الاصلاحات وتدخلها مرة اخرى لاصلاح النظام “التجربة التركية الاسلامية الديموقراطية” ، هي خطة الشرق الاوسط الكبير باعطاء الشعوب حكومات تلبي رغباتهم ؛ اسلامية مثلا وتظهر كانهم انتخبوها ولكن لا تسمح لهذه الحكومات بالتطور كما حدث في النموذج التركي.
محمد عصام الناطور
2 تعليقات على المؤامرة الكبرى على تركيا
عزيزي الناطور, شكرا على جهدك التوثيقي الدؤوب وأدعو صديق الموقع محمود عرفات للتفاعل مع موضوعك لأن له عددا من الكتابات في الشأن التركي كما أن له رأيا مخالفا لما توصلت إليه…
وقد ناقشنا بالفعل “احلالة الأردوغانية” عدة مرات على الموقع ما بين مؤيد ومعارض ومهاجم متحمس ومتعاطف متعصب, ولا يبدو لي برغم تطورات الوضع الأخيرة على الساحة العربية خاصة فيما يتعلق بوضع القوى الظغسلامية, أن الحالة التركية ستنتهي قريبا…مودتي وفي انتظار جديدك باستمرار على موقعنا
شكرا سلمى ,,, وانا اكيد جاهز دائما لمناقشة اي موضوع ….. مع اني اعتقد ان كلامك صحيح بان الحالة التركية قريبة من النهاية