بدت مدينة الرباط صبيحة يومه السبت 8 فبراير2014في حالة غير عادية، بعدما عرفت مجموع شوارعها حالة استنفار أمني غير مسبوق. الشيء الذي جعل المواطنين في حالة إندهاش، ذكرتهم بأيام البصري، خاصة بعد عمليات التفتيش والاستنطاق التي خضعا لها كل المواطنين المارين بشوارع المحاذية بمبنى وزارة العدل. ويتساءلون عن أسباب النزول القوي والكثيف لمختلف الأجهزة الأمنية التي تواجدت بكثرة في منافذ شوارع المحيطة بذات الوزارة.
ويأتي هذا الاستنفار الأمني، استعدادا للتدخل في الوقفة التي دعا إليها “نادي قضاة المغرب” ببذلتهم الرسمية احتجاجا على وزير العدل السيد مصطفي الرميد، وهي الوقفة التي كانت مقررة تنظيمها صبيحة اليوم أمام مبنى الوزارة، قبل أن يصدر في حقها قرار المنع من طرف وزارة الداخلية في شخص باشا مقاطعة حسان، بناءا على طلب قدمه السيد مصطفي الرميد يطالب فيه منع الوقفة التي اعتبرها مخالفة للقانون الجاري به العمل.
نادي القضاة المغرب من جهته، استنكر هذا القرار، الذي اعتبره تراجعا خطيرا في مجال حقوق الإنسان ومنافيا لمقتضيات الدستورية التي تخول حق التظاهر لكل الفئات بما فيها القضاة ، كما دعا كل القوى الحية في البلاد إلى التضامن معهم في محنتهم هاته.
وجدير بالذكر أن نادي القضاة المغرب نقل الشكل النضالي إلى مبنى المركب الاجتماعي بحي الرياض، الذي حضره مجموعة القضاة من مختلف ربوع المملكة، وبمؤازرة بعض الشخصيات الحقوقية المغربية. وقد أكد مصدر مطلع لموقع “شباب الشرق الاوسط” أن أوامر صارمة أعطيت لمختلف التشكيلات الأمنية التي كانت حاضرة بكثافة صباح اليوم السبت بشارع محمد الخامس بالرباط وبكل الأزقة والمداخل المؤدية لمقر وزارة العدل والحريات لاستعمال الهراوات في حالة إصرار نادي قضاة المغرب على تنظيم الوقفة التي كان يعتزم تنظيمها صباح السبت أمام مقر مكتب الرميد .ويطرح هذا المعطى أكثر من علامة استفهام بعد أن لم يتسنى لموقع “شباب الشرق الاوسط” أخذ تصريح رسمي بخصوصه، حول عودة أساليب الماضي بقوة في التعامل مع الاحتجاجات السلمية، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بقضاة البلد، حيث أضاف ذات المصدر أن الجملة التي قيلت لمسؤول أمني كبير ” ليس هناك لا قضاة ولا هم غيرهم أعطوهم الهراوة ومن الان فصاعدا انتهينا من التساهلات ” .وقد قامت السلطات المغربية السبت بمنع مئات القضاة في مدينة الرباط من التظاهر في الشارع للاحتجاج على ما دعوه “عدم استقلالية القضاء في المملكة”. والاحتجاج في الرباط للتعبير عن رفضهم لما اسموه بعدم استقلالية القضاء في المملكة. وهذه هي المحاولة الثانية للقضاة لتنظيم وقفة احتجاجية بعد احتجاج في أكتوبرلسنة 2012.وأرسلت السلطات قرار المنع إلى وسائل الإعلام أمس الجمعة غير أن رئيس نادي القضاة بالمغرب أكد أن نص القرار لم يصل القضاة إلا صباح اليوم السبت.ويطالب حقوقيون ببدء فصل السلطة القضائية عن التنفيذية والتشريعية في البلاد وجاء دستور 2011 ليضمن عددا من الحريات لكن المعارضة ترى أنه بقي تحت هيمنة النظام الحاكم ولم يتم ترجمة هذه النصوص على أرض الواقع.وقرر القضاة اليوم النزول إلى الشارع بزيهم الرسمي لكن السلطات أعلنت قرار المنع أمس الجمعة وأرسلته لوسائل الإعلام إلا أن ياسين مخلي رئيس نادي القضاة بالمغرب قال إن القرار لم يصل إليهم مكتوبا إلا صباح اليوم السبت. فيما قال وزير العدل مصطفى الرميد بعد إعلان القضاة عن عزمهم النزول إلى الشارع بزيهم إن هذا يمثل خرقا للقانون وحذرهم من مغبة ذلك.وأغلقت قوات الأمن عددا من الشوارع في العاصمة لمنع القضاة من الاحتجاج أمام مقر وزارة العدل في وسط الرباط واحتج القضاة داخل ناديهم وقالوا إن عددا من زملائهم لم يتمكنوا من الانضمام إليهم بسبب المنع.وقال مخلي في كلمته “قررنا التظاهر ببدلنا الرسمية حتى لا يتم تسييس الوقفة. هذه الوقفة ليست ضد تيار سياسي لمناصرة تيار آخر.. أو وقفة من أجل تحسين مداخيل القضاة هذا خطاب كاذب تم الترويج له.. نريد استقلال القضاء وعدم مصادرة حقوقنا الدستورية.”وكانت الحكومة المغربية أعلنت في سبتمبر الماضي عن انطلاق “الحوار الوطني من أجل إصلاح منظومة العدالة” وأهم ما أوصى به الحوار “توطيد استقلال السلطة القضائية وتعزيز حماية القضاء والحريات والارتقاء بنجاعة القضاء”.وقال مخلي “الحوار الوطني لم يتم فيه اعتماد التشاركية الحقيقية وهو ما أثر على خلاصات الحوار الوطني فضلا عن أن مهمة الحوار لم تسهم في إشراك جميع الفاعلين”. وأضاف “الحوار الوطني لم يكن وطنيا لأنه قرر إقصاء عدد من المكونين للجسم القضائي.”وتابع قائلا إن ما يقصده القضاة باستقلال السلطة القضائية “هو إقرار نصوص تنظيمية تضمن استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية والتشريعية ومجموعة الضغط الاجتماعية والسياسية والإدارة القضائية ووضع جميع الإجراءات لضمانها”. وقال محمد عنبر نائب رئيس نادي القضاة “استقلال القضاء لن يمنحه لنا أحد.. سنأخذه بأنفسنا.”كما انتقد القضاة وزير العدل المغربي الذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي وقالوا اليوم إن “وزير العدل هو من يمس بهيبة القضاة” عن طريق عدد من الممارسات. وقال مخلي موجها حديثه إلى وزير العدل “اليوم حاولت إجهاض حق القضاة في الاحتجاج لكن إرادة القضاة فوق الجميع وسننتصر”.وكان حزب “العدالة والتنمية” قد تعهد قبل تشكيل الحكومة بمحاربة الفساد وتكريس مزيد من الممارسات الديمقراطية والحرية