كنت أنتظره كل مساء قبل الحادية عشرة بقليل.. أتأمله يتناول عشاءه القليل من الجبن والخيار المقشر والزيتون، كان لا يأكل “قلب الفينو” فيمسحه فى الجبن والزيتون ويلقى به بعد العشاء من الشباك إلى قطط تصطف تحته فى انتظار اللحظة التى يتأكدن منها، ينتظرنه كل ليلة مثلى تماما ويوقن أنه هناك.. يبدأ الجرنال بصفحة الحوادث التى تليها نشرة أخبار الثانية عشرة والتى أبدأ أنا معها بالاستياء وبالسؤال المتكرر :هننام امتى بقى؟” لكى  ينام هو وأنعم أنا بفيلم السهرة… كان ينادينى بالـ “زعيمة” لأننى ما حللت مكانًا إلا وسحبت معى كل أطفال العائلة وما ارتكبنا مصيبة إلا وكنت المحرضة عليها أو المدافعة عن مرتكبيها، كنتُ رفيقة سمره فى الشتاء ورفيقة زياراته إلى مساجد آل البيت فى الصيف.. كنتُ آخر من تلمسه قبل نومه وآخر من تقبله وآخر من تقول له “دقنك بتشوكنى يا جدو” كنتُ الأخيرة التى سألها من وراء حجاب غيبوبته “هتيجى تزورينى؟”

 

ثلاثة عشر عامًا مرت الآن ولا يلقى أحد نظرة إلى القطط تحت شباكك، ولم أسمع كلمة زعيمة ولم يتشكك خدىّ ولم أساوم لأجل فيلم السهرة.. ثلاثة عشر عامًا مرت على آخر لقاء

 

لا أخفيكَ سرًا لقد زرتنى أنت هذه الليلة، كنت أرتدى بلوفرك التريكو الأخضر وأتدثر فيك، كنا معًا نتدلى من شباك كبير كأننا لم نفترق بعد، استيقظت على صوت قطة تموء تحت شباكى وتأكل قلب فينو، أدركت أنك هناك، أنت دائمًا هناك.