في شارعي، وأمام المقهى قابلت غريبا لم أعد أتذكر ملامحه ..
كان على علم برغبتي في اللعب؛ فطلب مني الضغط بإصبعي على نقطة في الأسفلت بين قدميّ ..
نزل أفيش ( ليالي الحلمية ) إثر الضغطة من حافة سطح الفرن على بعد خطوات قليلة ليغطي جزءا كبيرا من واجهته ..
أشار الغريب نحو الأفيش كي أنزعه وأحتفظ به ..
صعدت على سلم غير مرئي وبدأت في خلعه لكنني فوجئت بأساور وسلاسل بدوية تُرمى على ظهري فالتفت لأجد ( شاهين ) يدير رأسه فورا نحو الجهة الأخرى مدعيا أنه ليس من رماها ..
نزلت له، وأمسكت به ثم بدأت أضربه بقوة وهو يترنح ويقسم منكرا التهمة ..
أدركت من صوته وملامحه أنه تحت تأثير المخدرات فقررت التوقف عن ضربه لكنه فاجأني بالارتماء على الأرض مغميا عليه ..
لم تكن أرض الشارع وإنما أرض بيت أسرتي في الثمانينيات حيث اقترن فزعي من إغماءه بإدراكي أن أبي وأمي وإخوتي ذهبوا إلى مشوار بعيد ..
كيف يتركون طفلا صغيرا وحده خاصة في المساء؟ ..
أرحت رأس ( شاهين ) فوق وسادة وغطيته بملاءة بيضاء وهو لا يزال على الأرض مغمض العينين، غارقا في غيبوبة عميقة ..
خرج عم ( بدوي ) مسرعا من الحمام يصرخ ويبكي، لا يعرف كيف يتصرف؛ فالتفت إليه أسطى ( زكريا ) وكان جالسا يشاهد التليفزيون المطفأ وقال أنه يجب علينا الاتصال بالاسعاف .. لا نعرف رقم الاسعاف .. سمعت زوجتي من حجرة الصالون تبلغنا بالرقم .. فتحت الباب ونظرت إليها .. ما الذي جاء بها الآن، وكيف دخلت .. كان وجودها مبكرا جدا، وغير منطقي لكنني عرفت أن أسرتي ستتأخر في مشوارها أو ربما لن تعود منه أبدا.