بمناسبة مرور عامين على أحداث مجلس الوزراء و وقوع مشهد سحل وتعرية  ست البنات أتذكر  أنه   بعد  وقوع تلك الحادثة أن المذيع خالد عبد الله سارع وقتها بلوم الضحية على ما تعرضت  لأنها كانت ترتدي عباية بكباسين ثم طرح سؤاله  العبقري الشهير   ” إيه اللي وداها هناك ؟” .

و رغم  السخرية و  الانتقادات  التي تعرض لها  خالد عبد الله  من الثوار ومن وسائل الإعلام  إلا أن  هناك كثير من الناس وافقوه على رؤيته للحادث   , و  رأوا أن الضحية عرضت نفسها للخطر بتواجدها أمام مجلس الوزراء في ذلك اليوم  وبالتالي فهي تستحق ما جرى لها .

لقد كنت أعتقد  أن لوم الضحية  ظاهرة   تقتصر على المصريين فقط  وأنها تنم عن القسوة  وعدم القدرة على التعاطف مع الآخرين ,  ولكني  بعد أن حصلت على دورة في علم النفس  اكتشفت أن لوم الضحية  ظاهرة منتشرة عالميا وأنها تنتج  عن  افتراض أن  العالم عادل أو  Just-world hypothesis

  هذه الظاهرة  اكتشفها طبيب نفسي أمريكي اسمه مليفين ليرنر  عام 1966 حيث أنه لاحظ من خلال عمله في مستشفيات الأمراض النفسية  أن بعض  زملاءه الأطباء يلومون المرضي على مرضهم و يستخفون بهم  و يسخرون من معاناتهم .

 قرر هذا الطبيب أن يقوم بتجربة علمية     لدراسة سلوك الناس مع الضحايا  فاتفق مع احدي السيدات أن  تتظاهر بأنها تتعرض لصدمات كهربائية وجعل مجموعة من الناس  يشاهدونها  و سألهم عن رأيهم فيما تتعرض له   فوجدهم في البداية يتعاطفون معها ثم  مع ازدياد درجة معاناتها ألقوا  اللوم عليها .

الاعتقاد بأن العالم عادل و أن كل إنسان يستحق ما يحدث   له شائع جدا     فكثير من  الناس    يتهمون العاطلين  والفقراء بالكسل وعدم الرغبة في البحث عن العمل   , ويتهمون ضحايا السرقة بعدم الحرص  ,ويتهمون المرضي بأنهم ارتكبوا ذنوبا كثيرة  يستحقون من أجلها عذاب المرض .

ميل  الناس للاعتقاد أن  الضحايا مسئولين عن ما يجري لهم    ناتج عن اعتقادهم  أن   بإمكانهم إبعاد الشر و الخطر والسوء  عن حياتهم   إذا توخوا الحذر و ابتعدوا عن مصادر المشاكل و مشوا على الطريق المستقيم .

ولكن الواقع يقول أن الحياة لا تمشي دائما  وفقا لقواعد المنطق والعدل .

فكم من أشخاص أخيار و مسالمين تعرضوا لمصائب و لمظالم و كم من أبرياء سٌلبت حقوقهم و لم يتمكنوا من استردادها .  وكم من أشرار ارتكبوا جرائم عظمى  وأفلتوا من العقاب   .

   و مع ذلك  فنحن نفضل التمسك  بالاعتقاد أن  كل شخص يحصل على ما يستحقه  في الحياة لأن هذا الاعتقاد يعطينا شعورا بالأمان وإن كان هذا الأمان  زائف ,  ونصر على نسيان أو تجاهل حقيقة  أن أي شخص  معرض في أي لحظة  لأن يصير ضحية لأي حادث أو جريمة فقط لأنه كان متواجدا    في المكان الخاطئ في اللحظة الخاطئة  .

كلنا نتمنى أن نعيش في عالم يحصل فيه كل إنسان على ما يستحقه ولكن علينا أن ندرك   أن هذا العالم ليس موجودا إلا في مخيلتنا وأننا لا يمكن أن نحمي أنفسنا من  كوارث  العالم الحقيقي عن طريق إلقاء اللوم على ضحايا هذه الكوارث .

 

 

 

مدونة حكاياتي