كل  حرب وقتال وكل عداوة وبغضاء تحدث بين البشر ناشئة من التعصب الدينى والمذهبى والتعصب الجنسى والوطنى والسياسى ومادام التعصب باقيا فالحرب باقية والبغضاء والعداوة والاذى باق وان اردنا الراحة للعالم الانسانى وجب ان ننبذ جميع هذه التعصبات والا فمن المستحيل ان نجد الراحة ٠وان التخلى عن كل تلك التعصبات يتطلب وعيا راسخا لايتزعزع بوحدة الجنس البشرى واذا ما انتشر هذا المبدا من خلال الانظمة التعليمية ووسائل الاعلام وبزغ هذا الوعى والادراك لدى البشرتجتمع الشعوب حول بلورة اهداف مشتركة ويبدؤا معا فى تحقيقها ويكون بامكانهم البعد عن انماط الصراعات وايقاء البشرية شر النزاعات العرقية والدينية المزمنة ٠ والعدل هو القوة الوحيدة القادرة على ترجمة الوعى بوحدة العالم الانسانى الى ارادة جماعية فالعدل على مستوى الفرد هوتلك الملكة والقدرة للروح الانسانية التي تمكن الفرد من التميز بين الحق والباطل وعلى المستوى الجماعى هو الوسيلة الوحيدة التى تحقق وحدة الفكر والعقل وهوالتعبيرالعملى عن الوعى بان مصالح الفرد والمجتمع مرتبطة ارتباطا وثيقا لايمكن الفصل بينهما والاهتمام بتطبيق العدل-بعيداعن الروح التاديبية التى كثيرا ما تتستر تحت عباءة العدل-يحمى مهمة تعين وتحديد مسار التقدم من الاطماع واهدار مصالح وخير عموم البشر بل والكرة الارضية كلها لصالح قلة ٠والاهتمام بان يتمتع كل فرد فى نشاطه الفكرى بحرية لايعنى اطلاق الحرية الفردية وحب الذات اذا كان للتقدم الفكرى ان يساهم فى التطوير يجب لمراميه الا تظللها غمائم التعصب العرقى والثقافى والجنسى والانتماء الطائفى٠ولا التامين بمصالح المجتمع ككل يستوجب تاليه وتقديس الدولة على انها المصدر لسعادة البشرية مثل هذا الاعتقادات وما ينشأ عنها من ترتيبات تحزبية هى نفسها العدو الرئسى لما ترمى اليه من اهداف ومقاصد٠فالعيوب التى تشكوا منها الانظمة القائمة واضحة فى طرد شبح الحرب وانتشار موجة الارهاب والفوضى كظاهرة التطرف الدينى والتى لاتعدو ان تكون تشنجات الرمق الاخير وتشهد على الافلاس الروحى الذى تمثله لو تجدى القاطرة نفعا فى دفع قمر صناعى الى مداره حول الكرة الارضية لكانت السلطة الدينية التقليدية مناسبة وملائمة مع احتياجات البشرية٠الناس بحاجة ليتعلموا كيف يفرقوا بين الحقاائق والاوهام بل فى واقع الامر كيف يميزوا بين النظر للامور من زاوية ميول واعتبارات شخصية وبين الحقائق الموضوعية المنزهة عن الغاية والهوى والدين لاصلة له بالسياسة وغاياتها فالاعتقاد مختص بعالم الاخلاق وهو امر وجدانى متعلق بالقلوب لا بلأجسام ٠وكذلك الوطنية المتطرفة والتى ترفض فكرة المواطنة العالمية فى الوقت الذى تقلص فيه العالم وتحول الى قرية واحدة بفضل العلم واعتماد الامم بعضها على بعض وخير وسيلة لخدمة الوطن هو خدمة العالم ومصلحة الجزء تكمن فى مصلحة المجموع ٠والكثير من الصراع والعدوان اصبح من خصائص انظمتنا الاجتماعية والاقتصادية والدينية وبلغ حدا قاد العديد من الناس الى الاستسلام للراى القائل بان الانسان انانى محب للعدوان وفطر بطبيعته على السلوك طريق الشر وبالتالى لاسبيل الى ازالة ما فطر عليه هذا الاعتقاد ولد حالة من الشلل فى العلاقات التى تكتنفها الشكوك وفقدان الثقة٠٠ذلك الافتراض يمثل صورة مشوهة للنفس الانسانية ٠ففى الطبيعة نزاع على البقاء فالحيوانات يتجاوز بعضها على البعض الاخر بحكم انها اسيرة الطبيعة والافتراس من طبيعتها والحال اننا لسنا اسرى الطبيعة بالتربية وموهبة العقل واكتساب العلم نتحرر من مقتضيات الطبيعة فنتغلب مثلا على الغضب مالم ناسر انفسنا ونتحرك بمقتضى الطبيعة وليس من شيم الانسان ان يسلك مسلك وحوش الغاب وما تبنته هيئة الامم المتحدة-رغم تقصيرها فى بعض المجالات-يؤكد سيادة الانسان على الطبيعة وولد شعورجديد بالحياة- ان الاعلان العام لحقوق الانسان وميثاق منع جرائم الابادة العنصرية والاجراءات المتعلقة على كل انواع التفرقة العرقية او الجنسية او الدينية والدفاع عن حقوق المراة والطفولة وحماية كل فرد من التعرض للتعذيب ومحاولة القضاء على المجاعة وسوء التغذية واستخدام التقدم العلمى والتقنى لصالح السلام وفائدة الانسان ٠٠والحقوق المتضمنة للاعلان كالحق فى التعليم وحرية الراى والتعبير وفى الحصول والوصول الى المعلومات واتاحة الفرصة للمشاركة فى الحياة السياسية ٠٠كلها تتطلب ضمانا صريحا وواضحا من المجتمع العالمى والشيء نفسه ينطبق على حرية العقيدة والفكر كل هذه الاجراءات فى حالة تنفيذها وتوسيع نطاقها بشجاعة لابد ان تعجل مجيء ذلك اليوم الذى يفقد فيه شبح الحرب نفوذه فى السيطرة على العلاقات الدولية٠ ان انهاء الحروب والقضاء عليها ليس مجرد ابرام معاهدات او توقيع اتفاقيات بل تستوجب السمو باطار التعامل الى مستوى التقيد بالمبادئ والمثل بشكل يتميز عن اسلوب الاذعان للامر الواقع٠ ينبنى معظم التخطيط التنموى على اعتبارات مادية بحتة وهذا المفهوم لم يعد قادرا على الايفاء باحتياجات البشرية وقد تلاشت التنبؤات المتفائلة بحدوث تغيرات ايجابية امام الهوة السحيقة والمتزائدة اتساع بين مستويات المعيشة لقلة مترفة وغالبية عظمى من سكان الكرة الارضية تعانى من الفقر ومالم تجد هدفا اسمى من حسين الاحوال المادية فانها تفشل حتى فى تحقيق تحسين الاحوال المادية ذاتها ذلك الهدف الاسمى يجب ان ينشد في الابعاد الروحية للحياة وفى الباعث المنزه من المتغيرات الاقتصادية المستمرة وعن التقسيم المصطنع للمجتمعات البشرية الى متقدمة ونامية وفقيرة هم ملتقى اعانة وتعليمات محصورة فى عدة خيارات صيغت لهم بواسطة هيئات ووكالات لا سبيل لهم اليها حددت اهداف تتناقض مع واقعهم ٠ لابد ان يكون اساس الاستراتجية هو الاحساس والايمان والاعتقاد الراسخ بوحدة العالم الانسانى رغم ان هذا المفهوم يبدو بسيطا الانه يشكل تحديا اساسيا للطريقة التى تدير بها معظم مؤسسات المجتمع المعاصر شؤنها٠ ان القبول بهذا المبدا مطلب اساسى للتخلى عن التعصبات بكل انواعها عرقية كانت اوطبقية او دينية او وطنية او متصلة باللون او الجنس او بمستوى الرقى المادى وبكل ما قد يوحى الى فئة من البشر بانها افضل شانا او اسمى مرتبة من سواها٠ وهذا المبدا ضرورى لاى محاولة ناجحة والاعتراف به يستلزم من وجهة النظر البهائية – اقل ما يمكن اعادة بناء العالم المتمدن باسره ونزع سلاحه ليصبح عالما متحدا اتحادا عضويا فى كل نواحى حياته الاساسية فيتوحد جهازه السياسى وتتوحد مطامحه الروحية وتتوحد فيه عوالم التجارة والمال ويتوحد فى اللغة والخط على ان يبقى فى ذات الوقت عالما لا حدود فيه لتنوع الخصائص الوطنية التى يمثلها اعضاء هذا الاتحاد