قلب أصابه شرخ عظيم وليس جرح غائر .. فقد كان كالحجر في صلادته

المليحة ذات الخمار الأسود

مر بمراحل متعددة في حياته الطويلة شعورا القصيرة أمدا لكنه لم يتوقف لحظة واحدة عن التفكير ..

التفكير في كنهه وماهيته وما يخبئه له المستقبل
المستقبل الذي يؤمن به لأنه يسميه القدر ..

استقال من وظيفته وتعلل بعدم قدرته على تحمل البشر وكان سببا صحيح لكن بمقدار ..

فلم يكن يستقر في مكان إلا ويأنف منه ومن روداه
إلا المقهى .. من المحتمل أنه طاق رواده لأن كل منهم له شأن خاص به ولا يتدخل فيما لا يعنيه

بدأ في مرحلة الرهبنة لأجلها
حبيبة وأم وكل ما له في دنياه هي

صار متبتلا لها لا يأتي في نفسه ذكر سواها من النساء
كان كالهشيم في حضرتها وكالهزيم في حضرة غيرها من الناس
وانزوى في بقعة خصصها لها في حياته لا يفكر إلا فيها ولا يردد لسانه إلا اسمها

هي ذات الخمار الاسود
رآها مرة واحدة ففتن بها وليته رآها وإنما رأي نصف وجهها وشامة على خدها قرب زاوية ثغرها الباسم
وكانت نظرة واحدة فتنته ولم يذكر من صنف النساء إلاها طيلة أعوام مرت من حياته في محرابها
فالرجل يبحث عن أم في حبيبته وحبيبة أيضا
آمن بها إيمانه بربه بلا شرك بل بتوكيد إيمان
فما فعلت به ذات الخمار الأسود جليل
وما غيرته إلا لعظيم الأمر ومقتضاه
لا يرضى إلا بها
ولا يختبئ إلا فيها
وكلما نوى الصلاة توجه شطرها
فتقف بباب مسجده وتتولى قبلته
فلا يرى سواها
فهي الحبيبة والأم
عشقها وذاب عشقا فيها حتى الهيام
ولم يرها إلا في المنام

قل للمليحة ذات الخمار الأسود
ماذا فعلتِ بناسكٍ متعبــــــــد

قد كان شمّر للصلاة ثيابــــــه
حتى وقفت ِ له بباب المسجدِ

ردي عليه صلاته وصيامـــــه
لا تقتليه بحق رب محمـــــــد