طالعتنا الحكومة في الايام الماضية بنيتها في اصدار قانون للتظاهر و بمجرد ظهورمسودة القانون ثارت حالة واسعة من الجدل ما بين مؤيد ومعارض وهو امر جيد و صحي. ورغم رفض العديد لنص القانون المقترح ل تقييده لعدة حريات كحرية التعبير والتجمع و غيرهم ،لكني فوجئت بالكثيرين يخرجو ليبرروا ضرورة اقرار و تطبيق هذا القانون وتنوعت الحجج مابين الحاجة للاستقرار انتهاءا بالحرب على الارهاب.

الا ان الافت للنظر مطالبة البعض باقرار هذا القانون تحت دعوى حماية الاقتصاد المتهاوي و الذي تم اساءة ادارته منذ يناير ٢٠١١ وحتى اليوم.  ففي زعم البعض ان قانون التظاهر سيكون اداة هامة للتحسن الاقتصادي و كانه حل سحري لتعافي الاقتصاد وليس اهمال الحكومة للمشاكل الحقيقة و السياسات الفاشلة هي التي ادت بنا للوضع شديد السوء الذي نلمسه اليوم,

فكأن المظاهرات هي سبب عجز الموازنة الذي بلغ ١٤٪ و ليس الانفاق الحكومي الغير رشيد حيث احتلت مصر المرتبة ١٣٥ من ١٤٨ في اهدار الانفاق الحكومي في تقرير التنافسية العالمية الصادر مؤخرا ولربما هي المرة الاولى في التاريخ التي نجد فيها حكومة انتقالية تعمل في وسط ازمة اقتصادية تتكون من ٣٦ وزير، فربما فسر القائمون على الحكومة ان سياسات التوسع المالي التي ينصح البعض بها في حالات الازمات على انها توسع في عدد الوزارات و اعمار الوزراء فاخرجت لنا الوزارة الحالية.

ولم تكن المظاهرات هي السبب في وصول نسبة التضخم لقرابة ١٠٪ و ارتفاع اسعار الغذاء الجنوني بل كان نتيجة سياسات الحكومةا التدخلية و محاولة فرضها زراعة اصناف معينة من الاغذية على حساب انواع اخرى مما ادى لما نحن فيه الان و كأن الحكومة لم تتعلم الدرس فهاهي تسارع للتلويح بتطبيق التسعيرة الجبرية لتخلق سوق سوداء للاغذية و باب خلفي للفساد الحكومي وتستمر في السياسات الشعبوية فتعلن عن تطبيق حد ادنى للاجور ليس بناء على دراسة اقتصادية بل بناء على توصية في حكم قضائي مما سيزيد من ارتفاع التضخم و تسعى كذلك الحكومة لتطبيق حد اقصى فتساهم في هجرة الكفاءات الحكومية وتوسيع دوائر الفساد الحكومي،
ذلك الفساد الذي يقدر بانه يحمل ميزانية الدولةاكثر من ٢٤ مليار جنيه سنويا و يؤثر سلبا على الاستثمارات الاجنبية بصورة مباشرة فمصر تحتل المرتبة ٩٠ من ١٤٨ في الشفافية فيما يتعلق بالحكومة و ٨٢ في استقلال القضاء.
طبعا امور كهذه لا تهم المستثمر على الاطلاق لكن ما يهم هو الحد من التظاهرات و التجمعات و لا يعني المستثمر كذلك على الاطلاق عدم حماية الدولة لحقوق الملكية و التي حصلت فيها مصر على المركز ١٠١
و بطبيعة الحال المستثمر المحلي و الاجنبي لن يعنيه على الاطلاق فرض الضرائب التصاعدية في الدستورو لا ان الضرائب الكلية التي يدفعها في مصرتعد ضعف ما يدفعه في اماكن كالامارات و المملكة العربية السعودية ولن يهتم لفرض الحدين الادنى و الاقصى في الدستور و محاولة الحكومة اجبار القطاع الخاص على تطبيقه فالمهم وقف المظاهرات باي شكل تلك هي الاولوية
كل هذا لا يهم على الاطلاق المهم وقف المظاهرات لاستعادة الاقتصاد فالمظاهرات في نظر الحكومة و داعميها هي السبب في عدم عودة السياحة لمعادلاتها و ليس الهجمات الارهابية التي تستهدف قوات الامن و المدنين ليس في سيناء وحسب لكن في كل مصر و كان السائح الذي يقراء ان مصر تحت حظر التجول و قانون الطوارئ لن يثنيه هذا عن زيارة مصر لكن المظاهرات حتما ستؤثر على قرار
ايها المدافعين عن قانون التظاهر بحجة تعافي الاقتصاد لا تحملوا الاقتصاد خطايكم ففشل الحكومة في القيام بدورها في تعزيز الشفافية و التنافسية و اعادة النظر في الهيكل التشريعي المهترئ و اعادة هيكلة الجهاز الحكومي المترهل ومحاربة الفساد المستشري داخله هو ما يعطل الاقتصاد ،. ان الاقتصاد لن ينمو او يعود لمعادلاته الطبيعية في ظل قوانين استثنائة مقيدة للحريات كحريات التنقل و التعبير و التجمع ,الاقتصاد لن يتعافى ابدا في وسط حالة من التقصير الامني المشين.
في النهاية على الحكومة ان تعي الدرس جيدا فالقمع وتقييد الحريات هو ما يخلق الفوضى فالحكومة تلك اتت بعد اكبر موجة مظاهرات شهدها العالم ردا على قمع الاخوان وخرج قبلها الملايين ردا على قمع مبارك لم يمنعهم قانون او قوة لذا فعلى تلك الحكومة ان تتحلى بالشجاعة لتقوم بدورها الحقيقي بحسم وفعالية دون اللجوء لسياسات شعبوية او ليرحلوا.