في مسألة الإخوان وثقل الظل..تقول كلاسيكيات الكتب التي تناولت شرح عملية الكوميديا والإضحاك، أن الأشخاص الأكثر قدرة على الإضحاك واقتناص المفارقة أو الإفيه..هم الأعلى في سلم الذكاء البشري وهم الأكثر حساسية وإدراكا للكون من حولهم. فهم يستطيعون إيجاد علاقات بين كل شيء حولهم في إطار ضاحك سواء عن طريق التقارب أو المفارقة..
وتذهب هذه الدراسات إلى أن الإضحاك عادة ما ينبع من نفس عانت طويلا، وعلى نحو خاص في محيطها العائلي وعاينت عن قرب مشاكل أسرية عميقة، دفعتها للتمرد على كل هذا بالإضحاك..بل أحيانا كان كبار الكوميديين يحاولون ابتكار النكات في طفولتهم لإضحاك أمهم التي ضربها أبوهم..أو العكس..
أما في مسألة الإخوان وثقل ظلهم العابر للقارات، فإن الأمر يمكن تفسيره في إطار معاناة التنظيم بأكمله تقريبا لما يسمى ال ( Lack of common sense ) وهو نقص الإدراك العام أو عدم الحصافة في تقدير الظرف ومقتضياته..فمثلا في أفراح الجماعة، التي كانت تدعى أفراحا إسلامية، كانوا يغنون ( تدلت الحبال..لتشنق الرجال)! تخيل أن هذه أغنية يمكن أن تغنى في مناسبة سعيدة، وأن شابا سيتزوج وأن فتاة في فرحة عمرها..ينبغي أن تسمع أحاديث الموت والشنق قبيل الدخلة بلحظات! هذا ما يدعى سوء التقدير الذوقي وهو ناجم عن سوء الإدراك عموما..
أتذكر أن محمد بديع أثناء تنصيبه مرشدا واثناء قراءة بيانه أمام وسائل الإعلام، قال مزحة ثقيلة الظل لم يفهمها أحد، فابتسم في خجل ثم أكمل قراءة البيان هادرا..
المصريون عموما دقيقو الملاحظة ويمكنهم مقارنة الأشخاص والظواهر ببعضها البعض، ومن ثم يستخلصون النكتة أسرع من سواهم..
أما الإخوان كتنظيم أحادي الرؤية الإنسانية، لا يمكنه إدراك أي ألوان طيفية مغايرة ومن ثم لا يمكنه اقتناص روح الدعابة الكامنة في الأشياء..
أتذكر ذات مرة حين شاهدت مسرحية “كوميدية” من مسرح الإخوان..كان الإفيه الطاغي فيها، قول أحد الممثلين لزميله الذي يقوم بدور مخرج في المسرحية: “قتلتني يا مخرج؟!” في إطار محاكاة الجملة الشهيرة : قتلتني يا مجرم؟
أنت حين تطالب إخوانيا أن يكون ظريفا، فالأمر أشبه بدعوة شخص مصاب بعمى ألوان لرسم قوس قزح.