أرضى الخطاب طموح الإسلاميين للوصول إلى السلطة وتم انتخاب الشاذلى بن جديد لفترة رئاسية جديدة، على وعد بتعديل الدستور, وفى شهر فبراير 1989 م تم إقرار الدستور الجديد الذى يسمح بالتعددية الحزبية وبناء عليه ظهرت العديد من الأحزاب الإسلامية المؤسسة على أساس دينى، وبالطبع كما فى مصر كان الشارع قد أراد التغيير ولن ينتخب الرموز والشخصيات القديمة.. إلا أنه داخل صرح النظام كانت الإرادة تتجه إلى تغيير الوجوه والرموز وليس الاقتراب من معادلة السلطة.
لم يكن على الساحة الجزائرية حركة سياسية منظمة سوى التيار الإسلامى ممثلاً فى أهم تنظيماته فى الجزائر وهوحزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ, وهنا نتوقف قليلاً عن السرد لمعرفة خريطة التيار الإسلامى حينئذ فى الجزائر فى نقاط موجزة:
- أهم الإسهامات التى أدت إلى ظهور التيار الإسلامى فى الجزائر تعود إلى الرئيس أحمد بن بلة الذى استقدم شيوخاً من الأزهر لتعليم الجزائريين فى فترة كان فيها عبد الناصر يطارد الإخوان المسلمين فلجأ الكثيرون منهم للسفر للجزائر كمدرسين, فحملوا فكر الإسلام السياسى للجزائر
وتأسس لأول مرة مسجد للطلبة فى الجامعة, ووجود الجامع (المؤسسه الدينية) داخل الجامعة (المؤسسه العلميه) كان الخطوة الأهم والخطوة المؤسسة لكل الدماء التى دفعها المجتمع الجزائرى
- كانت رابطة الدعوة الإسلامية هى التنظيم الأهم والتنظيم الأم الذى ستخرج من تحت عباءته كل القيادات الإسلامية ويمكن اعتباره مفرخة الزعامات الإسلامية التى تواجدت على الساحة الجزائرية لسنوات ولا زالت.
كان هذا التنظيم برئاسة الشيخ أحمد سحنون ومن أهم أعضائه محفوظ نحناح وعبد الله جاب الله وعباس مدنى وعلى بلحاج
- انفرط عقد الرابطة بعد انتفاضة أكتوبر وإتاحة التعددية الحزبية إلى 3 تنظيمات مهمة تقودها ثلاث مجموعات من الزعامات الإسلامية التاريخي:
1- أسس الشيخ محفوظ نحناح ( عضوالتنظيم الدولى للإخوان المسلمين ) جمعية الإرشاد والإصلاح وهى فرع الإخوان المسلمين فى الجزائر, وانبثق عنها حزب ” حركة مجتمع السلم ” وكان برفقته الشيخ محمد بوسليمانى
2- كان يتنازع زعامة الإخوان المسلمين فى الجزائر شخصية أخرى هى الشيخ عبد الله جاب الله ولكن التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وقع اختياره على ” محفوظ نحناح ” لقيادة الإخوان المسلمين فى الجزائر, فإعتبر الشيخ عبد الله جاب الله نفسه أنه زعيم الإخوان المحليين
- أسس الشيخ عبد الله جاب الله جمعية النهضة الخيرية ثم حولها إلى حزب ” حركة النهضة” ثم اختلف مؤخراً فى العام 1999 مع رفاقه فانشق وأسس حزب ” حركة الإصلاح الوطنى ” ثم بعد أزمه داخل الحركة سنة 2007 أسس حزب ” جبهة العدالة والتنمية ” سنة 2011
3- أسس الشيخ عباسى مدنى ورفيقه على بلحاج التنظيم الأهم, وهو حزب ” الجبهة الإسلامية للإنقاذ ” وبينما كان على بلحاج شخصية جهادية ترى الديمقراطية حرام شرعاً ويدعو لحمل السلاح جهاراً, لم يتحصل من العلم الكثير واتجه للدراسات الدينية .. كان عباسى مدنى حاصلاً على ليسانس الفلسفة وأكمل الدراسات العيا إلى أن حصل على الدكتوراه فى التربية من بريطانيا وكان يُدرس للطلبة الجامعيين علم النفس التربوى فى جامعة الجزائر
نعود للسرد التاريخى فبعد إقرار الدستور والدعوة للانتخابات البلدية (هى ما يقابل فى مصر ” المحليات “) قررت الجبهة الإسلامية للانقاذ التنافس على جميع البلديات على الرغم من اعتراض زملائهم فى باقى التنظيمات الإسلامية, وفازت الجبهة الإسلامية للانقاذ بأغلبية تفوق 60% من المجالس.
بعد انتخابات البلديات تعمد التيار الإسلامى بزعامة الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى فرض حالة من التشنج فى الشارع والدعوة إلى تظاهرات واعتصامات حتى يضع الحكومة تحت ضغط دائم لتسليم السلطة لهم تماماً كما فعل التيار الإسلامى مع المجلس العسكرى المصرى بقيادة المشير طنطاوى عقب فوزهم فى انتخابات مجلس الشعب المصرى .
ويبدو حتى هذه اللحظة أن التيار الإسلامى يكرر نفس نجاحاته والعسكر والقوى السياسية فى البلدين على الناحية الأخرى يكررون نفس الفشل فى التعامل مع الأزمة.
قبل الانتخابات التشريعية أعلن الجيش الجزائرى صراحة أنه لن يسلم حكم البلاد إلى أشخاص قد يعملون إلى إعادة الجزائر للعصور الوسطى, أعلن ذلك فى مجلة ناطقة باسمه, إلا أن الرئيس الشاذلى بن جديد ورئيس وزرائه ” مولود حمروش” عقدوا العزم على إكمال المسار الإنتخابى وظنوا أن الحزب الحاكم سيحقق أغلبية مدعومين فى ذلك بتقارير مخباراتية تؤكد حصول الجبهة الإسلامية للإنقاذ على نتائج تتراوح من 23 – 30 %.
بدأت الانتخابات التشريعية وفى المرحلة الأولى منها حقق التيار الإسلامى المفاجأة للسلطة وفاز بأكثر من 47 % ودخلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ الإعادة على أغلبية المقاعد, وبالتالى كانت الحسابات توضح بما لا يدع مجالاً لأى شك أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ ستفوز بأغلبية ساحقة تفوق الـ 75 -80 % من المقاعد.
وصلت المشكلة إلى أقصى درجات التعقيد فلا يوجد أى طريق قانونى لإيقاف العملية الانتخابية التى تم إعلان نتائج مرحلتها الأولى ويتبقى عدة أيام على بداية مرحلتها الثانية وفى هذه اللحظات العصيبة بدأت السلطة تدرك أنه توجب عليها أن تسلم الدولة الجزائرية إلى الإسلاميين.
4 تعليقات على خالد نزار و السيسى.. مصر و الجزائر (2)
يبدو لي أن المنطقة بأسرها في هذا الصراع نفسه يا جوزيف… وكأن على شعوبها أن تحسم خياراتها التاريخية…إما الآن…أو تصمت للأبد! تحياتي
أوافقك الرأى و أعتقد أن المنطقه تشهد أقوى صراع منذ نهاية الإحتلال العثمانى لها .. صراع سيؤدى إلى توازنات جديده سياسيه و إجتماعيه
تحياتى و تقديرى يا سلمى
أنت لست محايد وغير منصف ياجوزيف، وكلامك مليء بالأخطاء والمغالطات ، الإسلام السياسي دخل الجزائر عام 1920 عن طريق الشيخ الطيب العقبي وهو أحد رموز جمعية العلماء المسلمين السلفية الجزائرية التي أسسها رفيقه الشيخ عبد الحميد بن باديس عام 1931 إبان الفترة الإستعمارية ، وهي حركة إصلاحية ودعوية بالدرجة الأولى ، تعتبرالجبهة الإسلامية للإنقاذ إمتدادا للجمعية وهي تحمل نفس الفكر السلفي أو مايسمى بالسلفية الحركية …عكس الحركة الإخوانية التي نشأت متاخرة في نهاية السبعينات وتأثيرها محدود جدا وخسرت إنتخابات 91 ولم تنل مقعد واحد سواءا حركة حماس أوحركة النهضة…الإعتصامات والمسيرات المليونية التي نظمتها الجبهة الإسلامية للإنقاذ في ساحات المدن واضرابها السياسي الذي دام أسبوعين جاء بسبب إقرارحكومة حمروش لقانون الإنتخابات وتقسيم الدوائر الإنتخابية الذي جاء على مقاس الحزب الحاكم وهو مارفضه “الفيس”..أما الشيخ علي بلحاج فقد كان معتقلا في السجن رفقة الدكتور عباسي مدني وعدد من قيادات الجبهة بعد الإشتباكات بين المعتصمين وقوات الأمن والدرك والجيش، والإنقلاب تم في فترة قيادة الشيخ عبد القادر حشاني الجبهة للنصر الإنتخابي الساحق.
يا اخ ابراهيم توقف عن استهبال واستحمار الناس كيف تقول ان الفيس امتداد لجمعية العلماء المسلمين اولا جمعية العلماء المسلمين لم تكن يوما سلفية فقد كانت امتدادا لفكر جمال الدين الافغاني كما ان الكثير من اعضائها كانو صوفيين عكس السلفية التي تحارب الصوفية في السر والعلن ثانيا لم تكن جمعية العلماء المسلمين سياسية بل كانت اصلاحية توعي الناس ضد فرنسا وتحارب البدع والخرافات
وكيف تدعي ان الفيس نضم مسيرات مليونية وسكان الجزائر لم يكن يتجاوز 29 مليون اناذاك اي نقصي الشيوخ ثم الاطفال ثم النساء ليبقى لنا الشباب وبعض الكهول نقصي منهم الذين يدينون بالولاء لجبهة التحرير ثم نقصي سكان الارياف ثم سكان الجنوب لصعوبة تجميعهم بسبب شساعة المساعة ثم نقصي منطقة القبائل لان القبائل صوفيين بطبعهم زيادة على ان الجبهة الاسلامية كانت تتحدث عن الاسلام المعرب وهذا يخالف فكر القبائل الذين يدافعون بشدة عن ثقافتهم الامازيغية والدليل لم تفز الجبهة بالاغلبية في منطقة القبائل .. اي بمعنى يبقى بضعة الاف و بطبع المسيرات لم تكن في كل الولايات .الكبرى منها فقط اي على الاكثر مسيرة 3000 شخص ان جمعناهم كلهم
ثم ان هذه المسيرات التي تتحدث عنها اتت بعد احداث اكتوبر وكانت الدولة مطبقة اقانون L’état de siège اي ان كل تلك المسيرات خرق للقانون وتهديد للامن العام لان هذا القانون يمنع التجمعات والمسيرات والتظاهرات وماتنساش ان هذه المسيرات كانت سبب في موت الكثيرين عندما قامو بمسيرة في الساحة العامة قرب مركز الدرك الوطني وبدؤو بالتهديد الى اخره وبسبب نقص خبرة جهاز الدرك اناذاك حدث خطا ولم يعرف من اطلق النار اولا مما ادى لايقاع ضحايا