تعيش مصرنا الغالية أصعب لحظات العمر المريرة  فى تاريخها ، فقد باتت الأرواح فيها رخيصة ،لا تُراعى فيها حرمة لدم أو لعرض ، وأصبحت الفاجعة الكبرى تُحيط بها فى كل مكان ، وقد قُربت المؤمرات الخارجية على النجاح ، فقد تمكن الحقد والغل من بعض المصريين ، وإستحلوا دماء بعضهم البعض ، متناسين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ” إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار ” .

مفجعة هى الحوادث المروعة والأليمة التى تُصيب الوطن فى الآونة الأخيرة والتي تحدث في جميع المحافظات من قتل وترويع للآمنين وإرتكاب لتلك الأفعال الشنيعة والتي يروح ضحيتها العديد من شباب ورجال مصر الذين هم بنيان الرب وعضد الدولة .

لم يكن يتصور أحد أن تُستباح دماء المصريين  بحجج واهيةٍ وشبهٍ باطلة وبمنطق لا يقبله شرع ولا عقل البتّة ، ألم يعلم هؤلاء القتلة  ومن يقف وراءهم من الفئة الضالة والشرذمة القليلون الذين لا يتقون الله في مؤمن إلّاً ولا ذمّة ولا يراعون الحرمات ولا دماء المسلمين، أن المسلم معصوم الدم والمال، لا تُرفعُ عنه هذه العصمة إلاّ بإحدى ثلاث ؛ إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا يَحلُّ دمُ امرىءٍ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث : كَفَرَ بعدَ إسلامهِ ، أو زَنَى بعد إحصانهِ ، أو قَتَلَ نفساً بغير نفس ) ، وما عدا ذلك ، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة ، بل من الدنيا أجمع . وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا )

ألم يتدبر العقلاء قوله تعالى: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) ، فأيُّ خطر هذا ، وأي مهلكة يقدم عليها المرء ويجازف بها، عندما يستبيح دم المسلم دون حق وإنما بالغي والباطل والهوى والجهل .

وأيا كان المبرر لذلك الفعل فالأمر لا يجوز أن يصل لهذا الأمر ولا أقل منه، والشرع الحنيف علمنا الطرق الشرعية لمنع الظالم عن ظلمه ولرد المظالم لأهلها ولدفع الظلم، وعلّمنا كيفية التعامل مع ولي الأمر إن أرتكب من الخطايا والذنوب ما ارتكب، ونبّهنا إلى أن المسلم العاقل لا تجره العواطف الخداعة والحماس الزائف إلى التعدي والظلم والبغي والعدوان، وأمرنا بالرجوع لأهل العلم ممن يثق في علمهم وفتاواهم حتى نسلم في ديننا ودنيانا.

ومما لا بد من علمه للمسلم  أن الله عز وجل لم يجعلْ عقوبةً بعد عقوبةِ الشرك بالله أشدَّ من عقوبة قتل المؤمن عمداً حيث يقول : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً

فأيُّ خطر هذا ، وأي مهلكة يقدم عليها المرء ويجازف بها ، حياةٌ لا ممات فيهاوخلودٌ في مستقر لا تَقَرُّ به عينٌ ولا تُرفعُ به عقيرةٌ فخراً وزهواً ، وغَضَبٌ من الله وعذابٌ عظيم وخزي في الدنيا والآخرة مع مكث ولبث طويلين لا يعلم أمدهما إلاّ الله جل في علاه نسأل الله السلامة لنا ولمن اتعظ واتّبع . ثم تبصّرْ أخي المسلم الكريم الحديث جيداً لتنظر كيف أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قد قرن بين قتلالمؤمن والشرك بالله تعالى ، وجعلهما مشتركين في استبعاد الغفران

 ليعلم الجميع أنَّ أول ما يُقضَى يوم القيامة بين العباد في الدماء ففي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ  وما ذلك إلا لعظم خطرها يوم القيامة فاستعد للموقف العظيم ، والسؤال الصعب الذي ما بعده إلا جنة أو نار . وكل الذنوب يُرجَى معها العفو والصفح إلاّ الشرك ، ومظالم العباد . ولا رَيبَ أنَّ سَفْكَ دماء المسلمين وهَتْكَ حرماتهم لَمِنْ أعظم المظالم في حق العباد ، ويقول الرسول الأعظم: أبغض الناس إلى الله ثلاث : مُلْحِدٌ في الحَرَم ، ومُبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دم امرىء بغير حق ليريق دمه  . وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً.

أنَّ ما أوردناه غيض من فيض وقليل من كثير فهو إشارات لكثير من العبارات التي وردت في الكتاب والسنة ، تحث المسلمين على الورع والكف عن دماء إخوانهم ، فإنَّ الله تبارك وتعالى قد نهى عن قتل النفس بغير الحق في كتابه الكريم ، وأثنى عز وجل على الذين يجتنبون هذه الجريمة العظيمة ، وقد توعّد سبحانه من يفعلها باللعنة والغضب والعذاب العظيم والخلود في نار جهنم فقال تعالى : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِوَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )

على كل مصرى أن يحذر  كل الحذر فى أن يقع في دم حرام ،فيقتل مسلماً أو مصريا من أجل سلطة أو من أجل كيان أو تيار او حزب  ، فهؤلاء لن ينفعوا أحداً  شيئاً عند الله ، ولن يدفعوا عن أحداً  شيئاً من عذاب الله .ولا تنسى أيها المصرى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  ”إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت يا رسول الله: هذا القاتل فما بال المقتول، قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه”.

أيها المصرى … لا تنسى كلام رسولك الكريم .. فقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول: سيروا بإسم الله والله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، لا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا إمرأة، ولا تقطعوا شجراً إلا أن تضطروا إليها، وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله، فإن تبعكم فأخوكم في الدين، وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله عليه.