ليست رساله خياليه بقدر ما هي تخيليه”
كاتبة هذه الرساله طفله يقارب عمرها التانية عشر ، بعثتها لوالدتها التركيه عبر البريد الالكتروني في يوم الهجوم الوحشي علي أسطول الحريه.
إعتادت “فرح” أن تضيف فقره في كل يوم من أيام الابحار .قررت ارسالها في اليوم الأخير عندما تصل السفينه لغزه كي تشعر بمدي إكتمال حلمها .
أمي الحبيبه :
أكتب لك رسالة حريه ،فلو تذكرين عندما سألتك العام الماضي ماذا تعني كلمة حريه؟!
جاءتني إجابتك كمزيج مشبع من الأيس كريم المفضل لدي
“بصي يا فرح الحريه هي إنك تؤمني بقضيه”
وقتها لم أدرك كلماتك بل إزدادت حيرتي ،و قررت التمعن في تفاصيل تلك الخلطه .
الإيمان بقضيه!!
قرأت يومها في عيوني الحيره و التساؤلات لكنك قررت شرح الدرس بشكل عملي ،أخبرتيني في بدايات العام عن تلك الرحله…
“لو عايزه يا فرح تعرفي معني جملة اليمان بقضيه ..حضري نفسك ..هتروحي غزه رحله هتعرفي فيها كتير”
منذ لحظات الإبحار الأولي
إخترت أن أقوم بمسح شامل للسفينه،،بدأت بالتجوال الموسع كي أدرك أبعاد المكان الجديد الذي سأقيم فيه لليالي قد تصل الي أشهر , وقفت لساعات ملتصقه بذلك الصور المعدني المكون من ثلاثة أعمده عرضية تمتد كسياج يحزم كل دور من أدوار السفينه الثلاثه،و إذا برزاز مياه البحر المالحه تتطاير برفق لتلامس وجنتي ، و تتسلل بشئ من الريبه لتمتزج بهواء يملأ رئتي .
مما أثار بصدري شجن و تساؤل:
هل تحمل هذه النسائم رائحة الحريه؟
هل للحريه رائحه؟ هل تتلون بلون البحر و تحمل مذاقه المالح؟
عشية اليوم الأول
لم أتمكن من النوم ، ففي وسط عتمة البحر إفتقدت بشده الضوء و سرت بأضلعي رعشة بروده و حيره،كما إفتقدت قبلة ما قبل النوم و سؤالك المعتاد:
“إتعشيتي يا حبيبتي”
و ما ان مرت بضعة ساعات إلا و ألفت الهدوء ،خصوصا بعد ما تعرفت علي أصدقاء جدد من جنسيات مختلفه ، قضينا الليله الأولي نتحدث و كان جم الحديث منصب علي التساؤل:
“إحنا ليه طالعين الرحله دي”
و أثناء جلستنا الدائريه علي سطح السفينه
تراءي لي ضوء قمر خافت ،لم يزل هلال في بدء التكوين ،فبرغم ضوؤه الهزيل الا انه أضاء في قلبي فكرة “الايمان بقضيه”
فلقد اكتشفت أن كل أصدقائي تقريبا يرددون هذه الجمله بشغف أثار بقلبي بعضا من ثبات، أيقنت وقتها مدي أهمية معرفة معاني الأشياء و المصطلحات من خلال خوض التجارب ، و قررت أن أرسل رسالتي ليس فقط لك بل للعالم بأسره.
و فجأه توقفت عن الكتابه ، وإذغ بأصوات مزعجه تطرق صمت البحر بعنف ، ميكروفونات صاخبه تحمل تهديد ووعيد تتحدث لغة يصعب علي فهمها ،لكن وقعها علي أذني يصيبني بالتوتر ، تركت كل شئ و اتجهت مزعوره الي سطح السفينه، علي مرمي البصر ظهرت تلك الطائرات تحزم سماء كانت تبدو صافيه من لحظات
تقترب ..تزداد إصرارا علي الإقتراب ..
تنزل من فتحاتها أفراد لا تستطيع تمييز ملامحهم يستترون خلف دروع و بنادق آليه ، لا تظهر وجوههم تغطيها خوذ معدنيه و كأنهم كائنات فضائيه لا ينتمون للجنس البشري ..
الآن تبدو الصوره أوضح
و الرساله أقسي
إنتشار همجي..مطاردات في جميع أرجاء السفينه..
صوت طلقات رصاص
مقاومه
سقوط
دماء
إيمان بقضيه
3 تعليقات على رسالة حرية
أهلًا وسهلًا بك عزيزتي نشوى ناجي على شبكة شباب الشرق الأوسط،
أُعجبت كثيرًا بتصوير أزمة الأسطول تصويرًا أدبيًا، ولا أعرف إذا كانت الطفلة التي تحكي القصة لها مدلول، سواء إيجابي أو سلبي للأسطول، وللفكرة في ذاتها.
تحياتي
إذا نظرنا للاحداث الجاريه المؤلم منها و السعيد بعين الأدب لاختلفت زاوية الرؤيه ، أو بمعني أدق اتضحت الرؤيه
لما يحمله السرد الأدبي من مشاعر قد نتناساها وسط صخب نشرات الأخبار
شكرا أحمد علي اتاحة الفرصه للمشاركه
مع خالص تمنياتي بالاستمرار و النجاح لموقع شباب الشرق الاوسط
اتمني لكي الاستمرار والنجاح والتوفيق