أثناء تصفحى للقائمة جذبنى نوعاً من الشيكولاته المخلوطة بالعديد من النكهات ، حين أمسكت بالكأس ، ذاب خيالى فى التفكير فى أم الدنيا ، وجدتنى أضغط بيدى على الكأس حتى تخفف قطرات الثلج حرارة يدى ، حين ذاقت شفتاى طعم ال شيكولاته ، أحسست أنها بأربعة نكهات ، نكهة الشيكولاته العادية ، ونكهة الفانيليا، والكرامل ، و”الريتش ” أو القهوة التركية وهو طعم القهوة السادة .
رأيت فى الكأس مصر مشكلة بأربعة نكهات ، فأخذت جرعة من النكهة الأولى ” الشيكولاته العادية “فتخيلت السواد الحالك وهى قضايا الصعيد والتهميش الذى ذاقه طيلة القرون الماضية ، ولما أخذت الجرعة الثانية ” الشيكولاته بنكهة الفانيليا” ، تخيلت قضايا الوجه البحرى والفلاحين والعمال والحرافية ، والسائقين، مقابل رفاهية للفئة القاهرية ولما شربت الجرعة الثالثة ذقت طعم الكرامل ، وتخيلت سيناء وتهميشها والنظر إلى أهلها على أنهم أقليات متهمة بالإرهاب والعنف ، وفى نهاية الكأس تجرعت طعم ” الريتش “فتحملقت عيناى ورأيت مصر وكأنها تذوب وسط تلك النكهات ، فلا أحد يعلم من مع من ، ولا أحد يعلم من ضد من ، والكل تائه وفى حيرة من أمره ، وعلى وجه السرعة تخيلت المزجانجية ووجدتنى أتخيل سيمفونية غير مكتملة الأركان ، فيها صبية ساكنة جوه فى قلبى ، ماليه نور عنية ، ساكنه وجدانى ، أحب فيها ريحة الحيطان والبهارات والشوارع والحارات ، وجيرانى رجالة ويا ستات ، خليط سيشارك فى السمفونية ، وفريق كورالى بدون مايسترو ومكون من شتى الثقافات ووسط الكورال صوت مميز يصرخ فى ثبات ، يخرج ويسكت أصوات كل الجبناء .
أول ما حكى المايسترو حكى “قصة أسد” وحولها لسيمفونية موسيقية غنائية ، وببساطة شديدة حكى أن الأسد كان حاكماً على الغابة بحكم القوة والديكتاتورية والقسوة ، يضرب ، ويقتل ويحاسب ويعاقب ، وفى أحد أيامه مر من أمامه فأر وهو متكئ على أريكته الملكية ، فأوقف الفأر ، وأمره بدفع ما عليه من إتاوات ، فرفض الفأر ، فتوعده الأسد بالقتل والتعليق على الشجرة إن لم يدفع، فنظراليه الفأر بسخرية قائلاً :” لن أدفع وبكره هقتلك ” وذهب ، فراح الأسد يفكر كثيراً فى كيف لهذا الضعيف أن يقتلنى ، وكيف سيقتلى ، وهل سيكون قادراً فعلاً ، وكيف جائته الجراءة على فعل ذلك ، وظل يكظم فى غيظة حتى مات من الغيظ والتفكير والخوف من القتل .
هكذا حال الإخوان ، أذاقوا الشعب المصرى المرار ، بعد تجرعهم له سنوات طوال ، ولكن سيخرج لهؤلاء الإخوة ذلك المايسترو، بأيدى وبدفعة مصرية وستكتمل على يديه السيمفونية ، وينجح الكورال فى رسم الصورة الحقيقة لكل أفراده ، ويحقق كل منهم أماله ويستريح من ألامه، ويهنأ بحياته ، ولكن هل سيظل الخوف يدُب فى قلب الشعب الذى ظل يقع تحت وطأة الطاغية، وهل سيهنأ الطاغية بطعم الشيكولاته ذات النكهات الأربع .
فقد ظلوا الإخوان طيلة الثمانين عاماً الماضية يضيعون على أنفسهم العديد من الفرص وتصحيح الصورة لدى الشعب ، ظلوا صامدين أمام فكرهم طوال السنين الماضية رغم ما لاقوا من المصاعب والمتاعب من كل من تولى حكم مصر ، إنهم مازالو يضيعون على أنفسهم حتى الإستمتاع بطعم الشيكولاته البارده بعد أن قدمها لهم كل البسطاء بسذاجة عفوية ، ولم يستطيعوا حتى الإمسكاك بالكأس فى ثبات ولكن أيديهم ” مهتزة “
تعليق واحد على سيمفونية ..الشيكولاته ذات النكهات الأربع
مقاربة “لذيذة” يا علي!
لم أفكر في حال مصر, خاصة في الفترة الأخيرة, من منظور مشروب الشوكولاتة أبدا ولم أكن لأفعل…فالمشروب الغني هذا مرتبط عندي شرطيا بأحاسيس مرحة ودافئة, والشأن العام في مصر مؤخرا لم يعد مرتبطا عندي إلا بالإجهاد واللهاث وراء أشياء تبدو لي مبهمة في كثير من الأحيان!
تحياتي