نبدأ من حيث إنتهت الحرب العالمية الثانية التى جاءت بالخراب فى كل أنحاء ألمانيا وتسببت فى إنقسامها وإحتلالها من أربع دول هم (بريطانيا – فرنسا – أمريكا –الإتحاد السوفيتى).

بعد الحرب العالمية الثانية وانهزام ألمانيا النازية فى هذة الحرب تم تقسيم المانيا إلى (المانيا الشرقية التى كانت تحتلها روسيا و المانيا الغربية التى كانت تابعة للحلفاء)، تم سحب الأراضى التى كسبتها المانيا فى الحرب وذهبت إلى بولندا والإتحاد السوفيتى، وفى ذلك الوقت كان فى سجون الإتحاد السوفيتى حوالى 7 مليون سجين جميعهم كانوا يعملون أعمال سخرة، أغلبهم مات بسبب محاولتهم الهروب من المانيا الشرقية بسبب الظروف القاسية أو عمل حتى الموت، وكان الإتحاد السوفيتى يرغم الألمان على العمل بالسخرة كنوع من التعويض لما تسببوا فيه من حروب ودمار.

كانت هناك حرب باردة بين الألمانيتين (الحلفاء فى الغرب والسوفييت فى الشرق) .. حال الشعب الألمانى فى الغرب كانت أفضل بالمقارنة بالشرق فى ذلك الوقت وكان يطلق على المانيا الغربية (جمهورية المانيا الإتحادية) وكانت نظامها السياسي ديمقراطيا برلمانيا وكان اقتصادها رأسماليا، أما المانيا الشرقية كان يطلق عليها (المانيا الديمقراطية) وكانت ديكتاتورية ستالينية بقيادة شيوعية وكانت تابعة للإتحاد السوفيتى.

فى عام 1950 أصبحت المانيا الغربية من أفضل الدول إقتصاداً فى أوروبا تحت الكونراد هيرمان جوزيف ايدينور (Herrman Josef Adenauer) الذى أعاد بناء المانيا الغربية من جديد كما أعاد العلاقات بين فرنسا وأمريكا وإسرائيل. وانضمت المانيا الغربية إلى حلف شمال الأطلسى فى عام 1955.
أما المانيا الشرقية كانت راكدة إقتصادياوكانت تابعة للإتحاد السوفيتى وكان هناك أمن الدولة الذى كان يدعى شتازى (stasi) (الذى تحول بعد ذلك إلى متحف) والذي كان يفرض سيطرته على كل أنحاء المانيا الشرقية, كما هو الحال الأن فى بعض الدول العربية.

كانت عملية إعادة بناء المانيا طويلة وشاقة بعد الحرب العالمية الثانية، عانى الألمان من الخسائر الجسيمة التى خلفتها الحرب وكان قد قتل حوالى 8 مليون شخص، بعد الحرب عملت قوات الحلفاء على إزالة كل الرموز النازية التى كانت موجودة فى ذلك الوقت.

وفى عام 1957 كانت المانيا الغربية إحدى الدول المؤسسة للمجموعة الاقتصادية الاوروبية نظرا لقوتها الاقتصادية، يعود ذلك ايضا لمساعدة امريكا وفرنسا وبريطانيا لألمانيا الغربية .. اما فى المانيا الشرقية فلايزال الوضع فى كساد اقتصادى وقمع لكل من يعترض على سياسات الاتحاد السوفيتى.

بحلول عام 1980 بدا توحيد المانيا صعبا وقد فقد الكثير ممن طالبوا بتوحيد المانيا الامل في تحقيق مطلبهم نظراً لبقاء الاتحاد السوفيتى مسيطرا على المانيا الديمقراطية او كما عرفت بالمانيا الشرقية ولكن بعد ذلك تغير كل شىء بعد تغير السياسات فى الاتحاد السوفيتى.

 وفى أواخر عام 1989 انطلقت مظاهرات واسعة فى كل انحاء المانيا الشرقية ضد سياسات القمع، الأمر الذى اجبر رئيس المانيا الشرقية إيرك هونكر(Erich Honecker)  على تقديم استقالته فى 18 اكتوبر 1989 وتبعه كل حكومتة بتقديم استقالات جماعية مما سمح للناس فى المانيا الشرقية الذهاب الى الجدار الفاصل وبدءو يطالبون بإسقاط هذا الجدار وإعادة توحيد المانيا، وفى نفس الوقت إنطلقت مظاهرات فى المانيا الغربية إتجهت ناحية الجدار أيضا للمطالبة بهدم الجدار الفاصل بينهم الى أن بدءو بهدم بعض أجزاء منه.

فى 18 مارس 1990 جرت أول انتخابات حرة ونزيهة فى المانيا الشرقية أفرزت حكومة كانت تريد التوحيد، وبدأت بالتفاوض على إنهاء الانقسام، وبالفعل نجحت فى ذلك مما أدى الى توحيد المانيا مرة اخرى وقاموا بهدم الجدار فى عام 1990.

أما بالنسبة للخدمة العسكرية فى ألمانيا الشرقية كانت لمدة 18 شهر وكانوا يستخدمون الكلمات التى يستخدمها جميع ديكتاتوريات العالم وهى أن التجنيد الإجبارى هو لحماية الوطن من الأعداء وإنه جيش سلام وليس حرب، فإذا رفض التجنيد  فإن هذا يعنى أنك ضد السلام، فى السنة الأولى من بداية قانون الخدمة العسكرية رفض حوالى 230 شخص التجنيد على الرغم من إنه من الممكن أن يسجنوا أو يعدموا بسبب رفضهم التجنيد إلا انهم اتخذوا هذا القرار الشجاع, تم سجنهم جميعاً إلا أن بسبب الاحتجاجات التى انطلقت فى الشوارع أرغمت الحكومة على توفير بديل للمعترضين الضميرين على الخدمة العسكرية بدل من سجنهم، وبالفعل وفرت لهم بديلا ولكن لم يكن بالبديل الجيد, على سبيل المثال كان البديل أن يعملوا فى المؤسسة العسكرية فى أماكن لا تحتاج لحمل السلاح، وكانوا يعزلونهم عن بقية الجنود حتى لا يختلطوا بهم فتنتشر بذلك أفكارهم السلامية.

وكل من كان يرفض الخدمة العسكرية فى المانيا الشرقية كان يتم التحقيق معه لمعرفة إن كان شخصا سلاميا ام لا، وكانوا يرفضون معظم الرافضين لأسباب ليست لها معنى، إلا ان عدد الرافضين كان يزيد يوماً بعد يوم.

هذا ما جعلنى اذهب إلى المانيا حتى استفيد من خبرتهم فى التحول من الديكتاتورية الى الديمقراطية وكيف ساعد نشطاء السلام الالمان فى هذا التحول وايضا قابلت اشخاص ساعدونى على أن اعرف تاريخ المانيا.

لقد ذهبت لزيارة متحف الهولوكوست وشعرت بكثير من الأسى لما حدث لليهود، وتساءلت لماذا كان يحرق هتلر اليهود؟ وللأسف لم أجد إجابة سوى أنه كان مريض نفسياً.

فى هذا المتحف تجد الصور التى تبرز مدى العنف و القسوة التى كان يستخدمها جنود هتلر تجاه اليهود، أتذكر من ضمن هذه الصور، صورة أطفال موتى كل منهم فوق الأخر كانت من أصعب الصور التى رأيتها، و أحد الاشياء التى تعجبت منها أيضا إنه عندما دخلنا الى متحف الهولوكوست قيل لنا إنه من الغريب أن نرى عربا هنا تريد أن ترى ماحدث لليهود .. قلت لنفسى إذا كانت مشاعر الأسى لدى العرب تفرق بين الأطفال العرب وغيرهم  فهم إذن فقدوا إنسانيتهم.

أخيراً أحب أن أعلن موقفى النهائى تجاه اسرائيل إنه ليس لدى أدنى مشكلة فى التعامل مع أى شخص من إسرائيل ففى اسرائيل حركات سلام كثيرة تريد أن تنهى المعركة الدائرة فى الشرق الأوسط وتريد العيش فى سلام، لذلك أعلن دعمى الكامل لهم وأعلن أننى على استعداد تام للتعايش مع اسرائيل فى سلام.

رسالة أحب ان أوجهها للمعارضة فى مصر اذا كنتم تريدون حقاً الوصول للسلطة أو تريدون حقا الديمقراطية فى مصر، إذن يجب عليكم ان تغيروا خطابكم الذى يحض على الكره تجاه الأخر وتحديداً إسرائيل، إختاروا أن تعيشوا فى سلام مع العالم كله ضعوا السلام فى مقدمة أهدافكم وسوف تصبحون فى السلطة .. مرة إخرى اذا كنتم تريدون حقاً أن تتقدموا مثل كثير من الدول المتقدمة فأعلنوا ان هدفكم الرئيسى هو السلام.

ألمانيا تقدمت عندما قررت أن تتخذ السلام هدفها الرئيسى فى كل شىء، يعلمون الأطفال فى المدارس ثقافة الا عنف وحب الإخر حتى لو كان مختلف فى الرأى فى الفكر فى اللون فى الجنس .. فى مصر سوف أعتبر الثورة نجحت عندما تسقط جميع مناهج التعليم التى تحض على كره الأخر وتغذى العنف داخل أطفالنا، فالنظام ليس رموز بل فكر يجب أن نتخلص منه بتغير مناهج التعليم.